"هي الفوضى والضياع". كلمتان تختصران حقيقة ما يجري اليوم في ​القطاع المصرفي​ اللبناني تحت عنوان" شح ​الدولار​".

يشهد القطاع المصرفي اللبناني، منذ مطلع شهر حزيران الماضي ولتاريخه، أزمة حقيقة ولدت مشاكل وتداعيات سلبية على ​المصارف​ وعلى زبائنها في آنٍ معاً. اسباب الأزمة هي عدم توفر ​السيولة​ بالدولار الاميركي، بالشكل وبالنسبة التي اعتاد عليها القطاع المصرفي منذ سنوات طويلة، فمعظم هذه السيولة، بات اليوم في عهدة ​مصرف لبنان​، الذي يرى أن في هذا الأمر حمايةً لليرة اللبنانية المهددة بالسقوط، نتيجة تأخر السلطات اللبنانية في تنفيذ عمليات الاصلاح المطلوبة من ​المجتمع الدولي​، لتوفير وتأمين ​الدعم المالي​ والاقتصادي للبنان.

صورة الفوضى، السائدة في القطاع المصرفي، يمكن تلمسها من خلال الاجراءات والتدابير، التي تعتمدها المصارف في التعامل مع أزمة "شح الدولار"، وهي تدابير ومعايير ينفرد كل مصرف او مجموعة في سلوكها، بحسب ما يراه مناسباً للحفاظ أولاً على علاقة جيدة مع الزبائن وثانياً للإلتزام في قرارات وتوجيهات البنك المركزي، التي تدعو المصارف الى ممارسة سياسة "التقنين"، على مستوى اخراج الدولار من خزائنها.

صباح اليوم، ترددت معلومات او بالأحرى شائعات، عن قيام مصرف كبير، بتجميد حسابات الزبائن والـ "أونلاين" بالدولار، لأسباب متعلقة بتحويل العملة حتى لو كانت مبالغ ضئيلة أو مبررة.

وبإنتظار صدور توضيح من هذا المصرف، عما تم تداوله اليوم بخصوصه، تستمر المصارف في تحديد سقوف قصوى، لسحب الدولار من قبل زبائنها، معظم المصارف حددت السقف الأقصى للسحب، او للتحويل من الليرة إلى الدولار بـ 10 الاف دولار يومياً، مصارف اخرى سارعت الى رفع الفوائد على الودائع بالليرة للحد من الطلب على الدولا، سحباً او تحويلاً.

ازاء كل المشهد، الذي تقدم ذكره، نشطت السوق الثانوية، المتمثلة بمؤسسات الصيرفة، وبلغ سعر الدولار ازاء الليرة، اكثر من 1570 ليرة للدولار الواحد، في حين ان السعر الرسمي من الورقة الخضراء هو 1507 ليرات.

جدير ذكره، أن "شح الدولار" من السوق، قد ولد أزمة اقتصادية واستشفائية ومعيشية، من خلال عدم توافر اعتمادات بالدولار لإستيراد ​القمح​ والحروقات والدواء، وقد دفع هذا الأمر بحاكم مصرف، رياض سلامة إلى الإعلان عن تعميم جديد سيصدر يوم الثلاثاء المقبل، يلحظ تنظيم عملية ​استيراد​ ​المحروقات​ والقمح و​الأدوية​، وذلك في خطوة تهدف إلى كسر الجمود القائم بالأسواق بالنقد الأجنبي.