وقع رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ القانون الرقم 143 المتعلق بنشر ال​موازنة​ عن سنة 2019 وانجاز قطوعات الحسابات وتأمين الموارد اللازمة لديوان ​المحاسبة​، كما وقع القانون الرقم 144 المتضمن ​الموازنة العامة​ والموازنات الملحقة للعام 2019.

ومن ناحية مضمون هذه الموازنة، ينقسم خبراء الإقتصاد في ​لبنان​ الى قسمين: منهم من اعتبرها خطوة ايجابية في بلد يعاني مالياً واقتصادياً منذ سنوات، على الرغم من افتقارها للقرارات الجذرية التي تتطلبها إعادة بناء هيكلية الإقتصاد، ومنهم من يرى أنها موازنة ترتكز على فرضيات تدل على إفراط في التفاؤل.

ولمعرفة المزيد حول أثر هذه الموازنة وما تضمنته من أرقام، بالإضافة الى عدد من المواضيع الأخرى، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي، د. غازي وزني: 

- بدايةً، هل تعتقد أن إقرار الموازنة فعلاً يعتبر أمر إيجابي بغياب محفّزات الإنتاج؟

أولاً، يجب أن نلفت الإنتباه الى أن الموازنة جاءت متأخرة سبعة أشهر، لكن الأمر الإيجابي في الموضوع هو أنها تؤمن العودة للإنتظام المالي ما يسمح للدولة بتحصيل الإيرادات وإنفاق الإعتمادات الجديدة والمستحدثة التي تتعلّق بالإستثمار وبرامج المشاريع من طرقات وصرف صحي وإتصالات والى ما هنالك...أي أنها عامل يحرّك النمو الإقتصادي في البلد "بشكل بسيط"، مع الأخذ بعين الإعتبار ان النفقات الإستثمارية محدودة جدًّا في لبنان، حيث تشكل أقل من 7% من إجمالي ​الإنفاق العام​ وما نسبته أقل من 1.6% من ​الناتج المحلي​. 

 من هنا، يمكن القول أن إقرار الموازنة أمر إيجابي...بالمبدأ.

- أصدرت وزارة المالية الأرقام المتعلّقة بالاربعة أشهر الأولى من عام 2019 والتي أظهرت إيجابية من ناحية العجز، هل ترى أن هناك إمكانية لخفض العجز الى النسبة التي تعهّدت بها الحكومة (7.6%)؟

برأيي، توقعات الحكومة بخصوص العجز متفائلة جدًّا، بالنسبة للتقديرات الواقعية التي تشير الى 9% من الناتج المحلي. وأرقام وزارة المالية عن الأشهر الأربعة الأولى من العام لا يمكن أن يعوَّل عليها بشكل كبير وذلك لأنها : 1- لا تتضمّن المتأخرات من النفقات.

2- الوزارة تقول أن حجم النفقات المتعلّقة بخدمة الدين في العام 2019 سيكون نفسه في العام 2018.

3- تقديرات الإيرادات في العام 2019 أعلى بنسبة 15% عن تلك المقدّرة في العام 2018.

وهذه كلها أرقام قابلة للتغيّر في الأشهر القادمة، لذلك لا يمكن الإعتماد عليها.

- بدأ خبراء "​فيتش​" هذا الأسبوع جولة على المسؤولين اللبنانيين، هل ترى أنه بهكذا موازنة سيكون تقرير وكالة التصنيف إيجابياً، مع العلم أن عدداً من المسؤولين كان قد تمنى على الوكالات الإنتظار حتّى إقرار موازنة 2020 لإصدار تقاريرها؟

تماماً، نحن ننتظر موازنة العام 2020 التي من المفترض أن تتضمّن إصلاحات فعلية وحقيقية وبتقدير عجز فعلي.

بالنظر الى موازنة 2019، "​صندوق النقد​" توقع عجز يبلغ 9.75% من الناتج المحلي، و"​ستاندرد آند بورز​" توقعت 9%. لذلك، نأمل أن تركز الوكالات فيما يتعلّق بالأوضاع النقدية والمالية على أرقام موازنة العام 2020، التي أعدّتها الحكومة وسترسلها الى مجلس الوزراء في نهاية شهر آب.

وهنا يجب الإشارة الى ضرورة أن تظهر الإصلاحات المتعلّقة بخطة ​الكهرباء​ قريباً، لنرسل بذلك إشارات إيجابية للوكالات. في هذا الملف، ليس من الضروري أن ننتظر حتى العام 2020.

كما من المفترض بالحكومة اليوم أن تضع حدًّا لهذا التعطيل وأن تنعقد لبحث الملفات الإقتصادية والمالية الحيوية وخاصّةً خطة "​ماكنزي​"، لأن هذا يشكّل عاملاً رئيسياً من عوامل الإستقرار السياسي.  

- قرّر ​الاحتياطي الفيدرالي​ الأميركي خفض ​سعر الفائدة الرئيسي​ ربع نقطة مئوية، ليضعها في حدود 2% إلى 2.25%، للمرة الأولى منذ العام 2008، كيف سيؤثر هذا القرار على الإقتصادات الناشئة بشكل عام ولبنان بشكل خاص؟

عادةّ، خفض أسعار الفائدة بهذا المعدّل البسيط ليس له تأثيراً كبيراً بشكل عام، ولكن اليوم أهمية هذا القرار تكمن في بداية تغيير المنحى. 

البنك المركزي في ​الولايات المتحدة الأميركية​ اليوم اتخذ القرار باتخاذ المنحى التراجعي بخصوص الفائدة في المرحلة القادمة. ما حصل يؤشر الى أن ​الإحتياطي الفيدرالي​ سيخفّض سعر الفائدة من مرتين الى ثلاثة مرات في العام 2020، ما سينعكس إيجاباً على الإقتصادات الناشئة ومنها لبنان في الأشهر القادمة.