ما من إنسان عاش هذه الحياة، إلا وتذوق طعم النجاح والفشل... ورجل الأعمال اللبناني ​نضال أبوزكي​ يؤمن بأن النجاح يولد من رحم الفشل، والسقوط يشكّل الخطوة الأولى نحو النجاح، وليس نهاية الطريق بل بدايتها!

فالإنسان بطبعه توّاق إلى الإنجاز في حياته الشخصية والعملية على حد سواء، في حين أن النجاح الدائم هو حلم صعب المنال، ولا يأتي بسهولة. وبالتالي، عندما يتعلم هذا الإنسان من تجاربه وتجارب غيره، سيكتشف حتما أن الممكن أكثر من المستحيل، وسيبحث حينها عن النجاح في نفسه... وسيكتشف في داخله مصدر القدرات والطاقة... وسيجد في ذاته منبع القوة والنشاط... وسيرى الشيء الرائع الذي بإمكانه أن يقدمه لنفسه بالدرجة الأولى، ولمجتمعه ومحيطه في المرحلة الثانية؛ فالانسان قادر غلى الإضافة لوجوده، في كل لحظة ودقيقة من حياته!

يعد نضال أبوزكي أحد رواد الأعمال والشخصيات البارزة في ميدان الاستشارات الإعلامية في المنطقة العربية، مدعوماً بخبرة مهنية طويلة تفوق 23 عاماً في تطوير خطط الاتصال المؤسسي وحملات التسويق الاستراتيجي وتقديم الخدمات الاستشارية للإدارات التنفيذية العليا في المؤسسات العامة وكبرى الشركات من مختلف القطاعات الحيوية حول الاتصالات المؤسسية وتطوير الاستراتيجيات.

فلنتعرف أكثر الى مؤسس مجموعة "Orient Planet"، نضال أبوزكي في هذه المقابلة الحصرية مع "الاقتصاد":

من هو نضال أبوزكي؟

حصلت على إجازة في إدارة الأعمال والتسويق من "الجامعة اللبنانية الأميركية"، "LAU"، وقررت بعدها أن أخوض تجربة العمل في الخليج العربي باعتباره من أكثر أسواق العمل الواعدة في حينها في منطقة الشرق الأوسط. فبدأت مسيرتي المهنية كمحرر اقتصادي في مجلة "الاقتصاد والأعمال"، ومن ثمّ استلمت منصب مدير إدارة التسويق والاتصالات التجارية في "مركز دبي التجاري العالمي"، إلى أن اتخذت القرار الأهم في حياتي، وهو تأسيس شركة "أورينت بلانيت" في العام 2001.

ما هي أهم المحطات التي مررت بها وصولاً إلى ما أنت عليه اليوم؟

لا شك في أن أحد أكثر المحطات التي أعتبرها مفصلية في تاريخي المهني هو قرار تأسيس شركة "أورينت بلانيت" لخدمات العلاقات العامة والاتصالات التسويقية في الإمارات، والذي جاء نتيجة عملية تفكير طويلة.

لقد كان هذا الحلم يرافقني دائماً، ولطالما كنت شغوفاً بتحقيقه. ومن ثمّ توسع حلمي مع تحويل الشركة إلى مجموعة متكاملة تحمل اسم مجموعة "أورينت بلانيت". ولا زلت أطمح إلى مواصلة دفع مسيرة النمو والازدهار للمجموعة في المستقبل.

برأيك، ما هي مقومات الرجل الناجح في مجال الأعمال؟ وما هي الصفات الشخصية التي ساعدتك على الوصول الى أهدافك المهنية؟

هناك العديد من المقومات التي تجعل رجل الأعمال ناجحاً، أهمها الثقة بالنفس، والمثابرة في العمل، والذكاء، وسرعة البديهة، والتخطيط، وإدارة الوقت.

ويواجه رجل الأعمال دائماً صعوبات عدة، ويتعرض إلى الكثير من الأزمات التي قد تحول دون تحقيق أهدافه وطموحاته. ولكن الرجل الناجح هو من يستطيع الصمود وتحمل المسؤولية وتجاوز جميع العقبات.

وأرى نفسي، بعد 18 عاماً من تأسيس عملي الخاص، أنني أتخطى الصعوبات وأواجه التحديات بالعزيمة والإصرار، وأعتبر أن الخبرة أحد أهم مقومات النجاح. فالخبرة المتراكمة تصقل الشخصية وتدعمها وتساعد على رؤية الأمور من منظور مختلف. كما أشعر دائماً أن المنافسة الشريفة هي ما تحفزني على البحث عن كل ما هو جديد، وتدفعني إلى مواكبة التطورات المتلاحقة في جميع المجالات، لتبني أفكار غير تقليدية وتحقيق إنجازات أفضل في المستقبل.

ما هو سر نجاحك؟

أعتقد أننا نعيش في عالم متسارع يفرض العديد من الصعوبات التي تعترض طريق النجاح. وأرى أن أحد أكثر الأشياء التي ساعدتني في تحقيق الإنجازات المهنية هو إيماني بالقدرة على النجاح وتحقيق الطموحات، والثقة المطلقة بالإمكانات والقدرات التي أمتلكها، إضافة إلى قدرتي على التواصل مع الآخرين بشكل فعّال لإيصال الأفكار التي أريدها.

كما أؤمن، من خلال الخبرة التي اكتسبتها في حياتي المهنية، بأن التخطيط والتنظيم وروح المبادرة من العوامل الرئيسية في تحقيق النجاح. فالشخص الناجح هو من يرسم خططاً صحيحة للعمل ولا يترك مجالاً للصدفة. ولا يمكن أن أغفل أيضاً عن مساهمات وجهود فريق العمل الذي عمل معي لسنوات عدة في مجموعة "أورينت بلانيت"، والذي كان عوناً لي في تحقيق هذا النجاح.

وكلُّ ذلك، ولّد في نفسي الرغبة للسير قدماً نحو تحقيق مستويات أعلى من النجاح.

ما هو الإنجاز الأكبر الذي حققته حتى هذا اليوم؟

لا شك في أنّ تأسيس مجموعة "أورينت بلانيت" يمثل الإنجاز الأكبر في حياتي المهنية حتى الآن. اذ أصبحت تضم مجموعة متكاملة من الشركات المتخصصة وهي: "أورينت بلانيت للأبحاث"، و"أكاديمية أورينت بلانيت"، و"أورينت بلانيت سوشال"، و"أورينت بلانيت رصد"، إلى جانب شركة "أورينت بلانيت" التي تعد إحدى أسرع الشركات نمواً في مجال العلاقات العامة والاتصالات التسويقية والاستشارات المؤسسية في منطقة الشرق الأوسط، مدعومةً بشبكة واسعة من المكاتب المنتشرة في منطقة الخليج العربي ودول المشرق العربي وشمال إفريقيا، والتي نجحت من خلالها في تحقيق مراكز متقدمة على صعيد الشركات الصغيرة والمتوسطة وحصدت العديد من الجوائز المرموقة في عالم الأعمال.

من قدم لك الدعم الأكبر في مسيرتك المهنية؟

في كل مرحلة من مراحل حياتي صادفت أشخاص عدة، قدّموا لي الدعم، سواء عبر النصيحة والمشورة، أو من خلال الدعم المادي والمعنوي. ولكنني أعتبر خالي، رئيس "مجموعة الاقتصاد والأعمال"، رؤوف أبوزكي، هو الأكثر تأثيراً في بداية مسيرتي المهنية، حيث تعلمت الكثير من نصائحه ومشورته، وفتح أمامي فرصاً ساعدتني في مسيرتي، وأسهمت بشكل كبير في انطلاقتي القوية ضمن عالم الأعمال وتحقيق النجاحات التي وصلتُ إليها اليوم.

ما هي العوامل الأبرز التي تميز شركتك عن غيرها، وتجعلها قادرة على المنافسة؟

بإمكاني القول أنّ التميز والمثابرة من أبرز العوامل الاستثنائية. فقد درست في تخصص إدارة الجودة الشاملة بعد دراستي الجامعية، وتعلّمت أن التميز هو أحد أهم أسرار التفوق في العمل، وحاولت تطبيق سياسة الجودة لتطوير العمل وإنجازه بالشكل الصحيح في الوقت المناسب من أول مرة وفي كل مرة، إلى جانب البقاء بشكل مستمر على اطلاع على أفضل الممارسات العالمية وتوظيفها بالشكل الأمثل في خدمة مسيرة نمو وتطوير الأعمال. وأعتقد أيضاً أن التعلم من الأخطاء هو ركيزة هامة من ركائز النجاح، فلا يوجد شخص لا يخطئ، ولكن يوجد أشخاص يخطؤون ويتعلمون من أخطائهم ليصححوا مساراتهم.

فليس من المعيب أن تخطئ ولكن المعيب أن تغطي أخطاءك ولا تعترف بها. فالشخص الناجح يعرف جيداً كيف يتقبل الخطأ ويتعلم منه لتحقيق النجاح والإنجاز.

ما هي أبرز العوائق والصعوبات التي شهدتها وكيف عملت على تخطّيها؟

تواجه شركات الأعمال في جميع أنحاء العالم مشاكل وصعوبات عدة لتحقيق النمو والتطور. وأعتبر أن أصعب التحديات والعوائق التي عشتها كانت في أول خطوة قمت بها باتجاه إنشاء شركة "أورينت بلانيت". فقد شعرت للمرة الأولى أنني أصبحت مسؤولاً بالكامل عن جميع القرارات التي أتخذها، فأي قرار كنت أتخذه، كان قراراً مصيرياً ويجب عليّ تحمّل النتائج.

وأعتقد أنها كانت مرحلة مليئة بالتحدي والحماس والشغف، ولا زلت إلى هذا اليوم أواجه تحدياً عند اتخاذ أي قرار، ولكن بتأثير أقل على اعتبار أنني الآن أكثر خبرة ونضجاً في عالم إدارة الأعمال.

كما كان تأمين الكوادر البشرية الكفوءة والتعاون مع عملاء جدد وتوفير موارد مالية كافية للتوسع في أنشطة الأعمال من العوائق التي استطعت تخطيها بنجاح.

وأعتقد اليوم أنه لا يمكن تحقيق النجاح الحقيقي دون وجود إرادة صلبة لمواجهة التحديات والعوائق.

يُقال أن ضريبة النجاح هي التقصير تجاه جانب ما من جوانب الحياة، هل شعرت يوماً بالتقصير تجاه حياتك الخاصة والاجتماعية بسبب انشغالك بالأعمال؟

بالتأكيد لكل شيء في هذه الحياة ضريبة، وتحقيق النجاح يحتاج منا مزيداً التضحية. ولم يعد اختصار الوقت المخصص للحياة الاجتماعية والعائلية من الأمور السهلة، خاصة لمن يمتلك مشروعه الخاص الذي يتطلب منه الحضور الدائم والإشراف المتواصل.

ولكنني بقدر المستطاع أحاول الموازنة بين الاهتمامات العائلية والالتزامات الوظيفية، وأعمل على مبدأ أن ساعات العمل هي للعمل، وساعات المنزل هي للعائلة. فعندما أكون في البيت أتفرّغ تماماً لعائلتي وأولادي وأعطيهم الوقت الكافي لقضاء لحظات ممتعة معهم.

ما هي طموحاتك ومشاريعك المستقبلية على الصعيد المهني؟

أطمح إلى تعزيز السمعة المرموقة التي وصلت إليها مجموعة "أورينت بلانيت"، مع التركيز على تحقيق المزيد من النمو والتوسع عبر إطلاق مبادرات جديدة وفريدة من نوعها.

وأتطلع قدماً إلى المحافظة على فريق عمل منسجم ومبدع يسهم في تحقيق نجاحات أكبر للمجموعة في المستقبل. وأحرص من جانبي على توفير السبل الضامنة لجعل مجموعة "أورينت بلانيت" في صدارة المؤسسات المنافسة، فطموحنا لا يقف عند حدود معينة.

هل تعتبر أن الحظ كان حليفك في مسيرتك المهنية؟

لا أعتقد أن الحظ يلعب دوراً هاماً في تحقيق النجاح، بل إن المثابرة والتعلم من الأخطاء وتصحيح المسارات والتحفيز الذاتي كلها عناصر أساسية أسهمت في تطوير مسيرتي المهنية وتحقيق النجاحات التي وصلتُ إليها.

فالوصول إلى النجاح ليس بالأمر السهل، ولو كان كذلك لأصبح جميع الناس ناجحين، وهذا غير موجود على أرض الواقع.

ما هو الشعار الذي تتبعه في رحلتك؟

"عالج أخطاءك ولا تغفلها"، فعند القيام بأي خطوة يجب الحرص على تنفيذها بالشكل الصحيح، ولو حصلت بعض الأخطاء، علينا معالجتها في حينها لأن تراكم الأخطاء سيؤدي إلى الانهيار في نهاية المطاف.

فمن الضروري ممارسة كل الأعمال التي نقوم بها بحب وشغف، مع التركيز على تجنب الإهمال ومراكمة الأخطاء.

استناداً إلى مسيرتك المهنية الطويلة والغنية بالأحداث والنجاحات، ما هي النصيحة التي تقدمها للشباب اللبناني؟

ضعوا نصب أعينكم أهدافاً للمستقبل، واعملوا بجد وتفان من أجل تحقيقها، فطريق النجاح ليس سهلاً، ولكنه في الوقت ذاته، ليس مستحيلاً مع العزيمة والإصرار والعمل الجاد.

اعملوا على معالجة أخطائكم وتعلموا منها لتفادي الوقوع فيها مستقبلاً، وتذكروا أن الإنسان لا يصل إلى النجاح دون المرور بمحطات من الفشل واليأس، والناجح هو من لا يطيل الوقوف فيها. فالمرء لا يغرق لأنه سقط في النهر، بل إذا بقي مغموراً تحت سطح الماء.