لم ينسَ ال​لبنان​يون بعد ​أزمة النفايات​ التي حلت بهم قبل سنوات، وانتشارها في شوارع العاصمة والمناطق، وما جرّته من حراك شعبي، حتى جاءتهم تهديدات بعودتها من جديد!

إذ يتجه لبنان نحو أزمة نفايات جديدة شبيهة بتلك التي شهدها في صيف عام 2015، حيث من المتوقع أن يبلغ مطمر برج حمود (شمال بيروت) قدرته الاستيعابية القصوى في شهر تموز المقبل، وأن تشهد بعض المناطق تكدّس نفايات في شوارعها. كما يختلف المعنيون بمتابعة ملف النفايات حول المدة الزمنية التي يحتاج إليها مطمر "كوستابرافا" (الجنوب بيروت) لبلوغ قدرته الاستيعابية.

ورغم ذلك تبقى الحلول المطروحة من قبل السلطة، بعيدة كل البعد عن الحل الجذري والفعّال، الذي يجب أن يستند إلى ثقافة الفرز من المصدر، وإعادة تدوير المواد غير العضوية، بدلا من الذهاب نحو حلول مضرّة بالبيئة كالمحارق والمطامر.

إلا أن المبادرات الفردية في هذا الملف تختلف تماماً عن توجهات السلطة، حيث أطلق الشاب عباس حمود مبادرة فريدة تحمل إسم "Cash For Cans"، يشتري من خلالها عبوات ​المشروبات الغازية​ الفارغة المصنوعة من ​الألومنيوم​، من المطاعم والمواطنين وعمال النظافة، مقابل مبلغ مادي، وذلك لتشجيع الناس على فكرة الفرز، وإستغلال هذه "الثروة" – إذا صح التعبير – بالشكل الصحيح.

وللحديث أكثر عن هذه المبادرة، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء الخاص مع عباس.

أخبرنا قليلا عن عن مبادرة "Cash For Cans" .. كيف بدات وما الذي دفعك لإطلاقها ؟

"Cash For Cans" هي مبادرة تهدف لتشجيع المواطنين على تجميع عبوات ​المشروبات الغازية​ الفارغة المصنوعة من الألومنيوم، والحصول على مبلغ مالي مقابل ذلك بدلا من رميها في سلة المهملات. حيث نسعى من خلال ذلك إلى نشر ثقافة الفرز من المصدر، لأنها أساس في وضع حل مستدام لازمة النفايات.

بدأت الفكرة بشكل فردي ومن خلال رغبة شخصية في المساعدة لمعالجة أزمة النفايات، حيث أن الكثير من إقتصادات الدول تستفيد من عملية إعادة التدوير وتخلق الكثير من فرص العمل لمواطنيها، وبالتالي لا شيء يمنع من القيام بهذه التجربة في لبنان.

لذلك قمت بدراسة الجدوى الإقتصادية للمشروع، وتواصلت مع بعض المصانع والمعامل التي يهمها شراء مادة الالومنيوم، وبدأت بالعمل على الفكرة، حتى أصبحنا اليوم فريق عمل من خمس أشخاص.

خلال أزمة النفايات التي مر بها لبنان سابقاً شهدنا على العديد من المبادرات والأفكار الخلاقة التي لم تتمكن من الإستمرار او التأثير .. ما الذي سيساهم في إستمرارية "Cash For Cans" برأيك ؟

الكثير من الجمعيات قامت بالعديد من حملات التوعية للمواطنين لتشجعيهم على الفرز من المصدر، كما ان العديد من المبادرات الفردية تحاول تغيير عقلية المواطنين، إلا أن نسبة الإستجابة معها كانت ضئيلة، لذلك تتعاطى مبادرة "Cash For Cans" مع هذا الموضوع بمنظور مختلف، حيث أن هذا المشروع يقوم على الجمع بين العاملين البيئي والإستثماري، وله نتائج إيجابيّة على ​البيئة​، كما انه يجعل من المواطن شريكاً في هذا المشروع مما يشكل حافزاً له للفرز من المصدر، فأي مواطن يقوم بجمع العبوات سيحصل على نسبة من الربح الذي سيتحقق.

والعامل الأساس في نجاح هذه الخطوة أنها لا تقوم على تنظيم المحاضرات والحملات الإعلاميّة، التي تحصل من خلال الصفحات الموجودة على ​مواقع التواصل الإجتماعي​، بل في أنها عمليّة سيستفيد من يشارك فيها مادياً، رغم أن المبالغ التي يجنيها ستكون زهيدة، وهو ما يفسر التجاوب الحاصل معها.

كيف تصف التجاوب مع المبادرة ؟ وهل هناك تفاعل إيجابي مع الفكرة ؟

في غضون اول 4 أو 5 ساعات من إطلاق الحملة تلقيت طلبين من مواطنين كانوا في الأصل يعملون على تجميع العبوات ولديهم ثقافة الفرز من المصدر، كما تلقيت العديد أيضا من رسائل التشجيع على الإستمرار. ونعمل أيضا على التعاون مع عدد من المطاعم والمقاهي لنشر الفكرة بشكل اكبر.

ولتسهيل هذه العملية، تسعى "Cash For Cans" إلى أن يكون لها مراكز في مختلف المناطق اللبنانية، بشكل يسهل على المواطنين تسليم الكميات التي يقومون بجمعها، عبر دعوة من لديهم محال تجارية للتعاون معنا مقابل الحصول على نسبة من الأرباح، بالإضافة إلى إعلان على صفحاتنا على مواقع التواصل الإجتماعي. كما نقوم بتوزيع مستوعبات خاصة للمطاعم والمحال التجارية والمقاهي لتجميع العبوات داخلها.

وبات لدينا الان مراكزَ عدّة في ​بيروت​ وزكريت و​البترون​ وزحلة، كما نجري مفاوضات مع أحد الأشخاص ليكون كمركز معتمد في ​مدينة صيدا.

ولمن يرغب في التعاون معنا، يمكنه متابعة صفحتنا على "فيسبوك​" لمعرفة كافة المعلومات الخاصة بهذا المشروع وأماكن وجود المراكز التابعة لنا.

هل تم التواصل معكم من قبل جهة رسمية للمساعدة على إنجاح هذه المبادرة ؟

لم يتم التواصل معنا معه من قبل أي جهة رسمية، ولكن في حال تم التواصل معنا فنحن لدينا خطة متكاملة لفتح مراكز في كل لبنان بطريقة سهلة وبسيطة وغير مكلفة للدولة.

فأساس هذه الفكرة هي التكافل الإجتماعي، والإثبات للمواطن أن أي فكرة مهما كانت بسيطة ستكبر بحال التعاون لتحقيقها، والهدف الاساسي لـ "Cash For Cans"ه بيئي بالدرجة الأولى، لأن المردود المالي لن يكون كبيراً، ولكن نحن نصر على مشاركة المواطن بالمردود المادي لكل لا يضيع تعب أي شخص يساعدنا.

وفي حال نجاح هذه الفكرة بشكل أكبر يؤكد أنه بحال النجاح سوف ينتقل إلى الكرتون والبلاستيك.