"النجاح لا ينتهي، والفشل ليس نهائي"، بهذه المقولة تتلخص مسيرة ندى روفايل المهنية. فقد غادرت ​لبنان​ من أجل الدراسة والعمل في ​كندا​، لكنها لم تنسَ يوما بلدها الأم وحبها له. ومن هنا، قررت في العام 2013 العودة للاستقرار فيه بشكل دائم، وإطلاق مشروعها الخاص "Tourleb"، بالشراكة مع صديقتها جويل صفير.

لم تتفانَ أبدا عن مواصلة رسالتها حتى في ظل أصعب الظروف. فقد استقت فكرة مشروعها، من جمال لبنان وثرائه وتاريخه الغني، ومن رغبتها في تعريف أكبر عدد ممكن من الأشخاص، الى مناطقه وقراه وآثاراته المتنوعة. وعلى مرّ السنوات، لم تمنعها أقسى العوائق، من استكمال هذه المسيرة.

الشريكة المؤسسة لشركة "Tourleb"، الإعلامية ندى روفايل، خصّت "الاقتصاد" بهذه المقابلة الحصرية:

من هي ندى روفايل؟ وكيف أسست "Tourleb"؟

أنا بالأصل صحفية ومصورة، تخصصت بين لبنان وكندا، واكتسبت غالبية خبراتي العملية في مجال الصحافة المسموعة، في كندا.

ولكن لطالما عمدت الى التعريف عن لبنان من خلال عملي؛ فأنا مغرمة حقا ببلدي الأم.

وذات يوم، قررت العودة الى لبنان بعد حرب 2006، من أجل تصوير وثائقي في ​جنوب لبنان​. وخلال العام 2010، نشرت كتابا باسم "همزة وصل بين ​الإسلام​ والمسيحية"، يتألف من 693 صفحة، ويُحاكي من خلال ​الصور​ والنصوص، كل ما يجمع بين الديانتين، كما يطمح إلى تغيير الصورة السائدة عن لبنان، وخاصة في الخارج، وإظهار الاتفاق الحاصل بين الأديان من خلال الأماكن والناس عبر الأزمان والعقود.

ومن خلال هذا المشروع، بات الناس يتواصلون معي بشكل أكبر، من أجل الاستفسار عن المناطق الموجودة في الكتاب، وكيفية الوصول اليها.

ومع الوقت أيضا، بدأ المغتربون يطلبون مني اصطحابهم الى لبنان، لتعريفهم الى البلاد. ومن هنا افتتحت بالصدفة، مع شريكتي جويل صفير، شركة "Tourleb".

وخلال ثلاث سنوات فقط، نجحنا في استقطاب 400 شخص الى لبنان. وبالاضافة الى ذلك، أصبح اللبنانيون المقيمون يطلبون مني اصطحابهم الى المناطق التي لا يعرفونها. ومنذ العام 2013، استقريت بشكل دائم في لبنان.

ما الذي شجعك على العودة للاستقرار بشكل دائم في لبنان في ظل الأوضاع الصعبة القائمة خلال السنوات الأخيرة؟

بصراحة​، لبنان يعتبر بلدا صعبا جدا للعيش، وبعد أن سافرت للدراسة والعمل في الخارج وعدت الى بلدي الأم، شعرت ببعض الصعوبة في التأقلم. ولكن في النهاية هذا بلدنا، واذا غادرنا كلنا من سيبقى؟

فالصعوبات موجودة في أي بلد في العالم، ولكن لو كانت جميع الأطراف اللبنانية تتحلى بالثقة ببعضها البعض، وتتعاون مع بعضها البعض، لكنا وصلنا حتما الى تحقيق نتائج رائعة.

ما هي المقومات التي أسهمت في نجاح مشروعكما وضمان استمراريته لكل هذه السنوات؟

أولا، الإرادة.

ثانيا، طريقتنا في التفكير وتدارك الأمور.

ثالثا، الحفاظ على الإيجابية، لأن المشاكل موجودة في أي مكان في العالم، ويجب على الانسان أن يحب ما يقوم به من أجل استكمال المسيرة.

رابعا، الاستماع الى الآخرين والتعرف الى كيفية التمييز بين المعالم ​السياح​ية المختلفة؛ من أجل الجمع بين القلب والعاطفة من جهة، والتاريخ والمعلومات من جهة ثانية.

خامسا، الشغف. فالانسان يقضي حوالي 80% من حياته في العمل، وبالتالي لماذا سيتحمل هذا الحمل وهذه المسؤولية، إن لم يشعر بالشغف والحب تجاهه؟

وأنا شخصيا، عملي هو عشقي وغرامي، ومن هنا، أحاول قدر الإمكان إيصال ما أحبه الى غيري. اذ لا أسعى الى بيع منتج معين، بل أعمد الى تقديم الجوانب الجميلة التي أحبها في بلدي، الى الناس؛ وهذا ما يتيح لنا الاستمرار.

ما هي الصفات التي تميزك كرائدة أعمال؟

أولا، أنا شخص عنيد، وعندما أقرر الوصول الى هدف ما، لا بد من القيام بالمستحيل لتحقيق هذه الغاية. وحتى ولو "فتت بالحيط" 60 مرة، سأحاول مجددا وأكمل الطريق.

ثانيا، من الصعب أن تنطلق المرأة في عالم ريادة الأعمال في لبنان. ولكن اليوم تغيرت النظرة، جزئيا، الى المرأة، ولم يعد المجتمع يرى أنها غير قادرة على التواجد في مراكز القيادة والرئاسة.

ثالثا، يجب مواصلة المسيرة قدر الإمكان، والاقتناع 100% بما نقوم به لكي نتمكن من تحقيق النجاح المنتظر. فعندما تغيب القناعة، تنتهي المسيرة.

في ظل التراجع الحاصل في عدد السياح القادمين الى لبنان خلال السنوات الأخيرة الماضية، من يطلب خدماتكم الأكثر؟ وهل أن ​السياحة​ الداخلية قادرة وحدها على تعويض هذا النقص؟

بصراحة، منذ انطلاقة الشركة في العام 2013، مررنا بعام واحد صعب، وهو العام 2016. في حين أن بقية السنوات كانت أكثر رائعة، ولم نتوقف يوما عن العمل، أكان مع السياح الأجانب أو المغتربين أو حتى اللبنانيين المقيمين.

فالناس يثقفون بنا، ما يتيح لنا الاستمرار بنشاطاتنا على مدار السنة، وحتى في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة؛ وهنا "لازم ندق على ​الخشب​" فعلا!

من قدم لك الدعم في مسيرتك؟

لم أتلق الدعم من أحد، وبالأساس لا أقبل الدعم من أحد! فقد بدأنا من "لا شيء" واجتهدنا حقا من أجل الوصول الى ما نحن عليه اليوم.

كما أن شريكتي جويل تخصصت في التاريخ والجغرافيا في لبنان، وقدمت الكثير للشركة. فنحن لا نهتم بالسياسة أو الربح المادي أو الشهرة، بل نحب بلدنا ونسعى الى التعريف عنه أكثر.

وأعتقد أن الناس يحبون التواجد معنا بسبب سعينا الدائم والمتواصل للاستكشاف.

ما هي مشاريعك المهنية المستقبلية؟

طموحاتنا ومشاريعنا كثيرة، فمؤخرا بدأنا بتنظيم الرحلات الى خارج لبنان. ولكن عندما نسافر، لا ننسى بلدنا الأم، بل نقوم دائما بنوع من التقارب أو المقارنة، ونركز على مفهوم الإنسانية.

فلبنان هو بلد جميل للغاية، وللأسف هناك فئة كبيرة من اللبنانيين الذين لا يقدرونه ولا يعرفون قيمته الحقيقية.

ما هي نصيحة ندى روفايل الى المرأة في لبنان؟

أتمنى أن تفهم كل سيدة لبنانية أنها قادرة على تحقيق الكثير لنفسها ولمجتمعها ولبلدها أيضا. كما آمل أن تعي يوما ما،أن عملها لا يقتصر على تربية الأولاد والاهتمام بالمنزل فحسب، بل من حقها متابعة أحلامها وأهدافها. وذلك مع العلم أن نشاط ربة المنزل صعب للغاية ويخدم غاية سامية، لكنه ليس مفروضا على كل سيدة.

بل إن المطلوب منها والمفروض عليها أن تلاحق أهدافها وطموحاتها. فكلنا نتمتع بالقدرة على تحقيق شيء ما في هذه الحياة، والحق في العثور على السعادة، والقيام بما نحبه!