توسعة ​ميناء​"جوادر" ال​باكستان​ي مشروع ينال حيزا كبيرا من اهتمام الراي العام العالمي حيث اعتبره الخبراء والمحللين الاقتصاديين انه سيكون ​دبي​ جديدة ناشئة في المنطقة، نظرة تؤكد على تغير قواعد اللعبة الاقتصادية وعلى اعادة صياغة الاجندة الاقتصادية وعلى التأثيرالاستراتيجي لهذا المرفا على مكانة دبي في عالم المال وال​تجارة​ والسياحة وعلى قيام حربا اقتصادية بيضاء على خليج ​عمان​ بين مجموعتين من البلدان، باكستان و​الصين​ وقطر من ناحية و​الهند​ والامارات من ناحية اخرى، ومن الواضح ان التنافس الكبير بين الطرفين من شأنه ان يشهد المزيد من التصعيد في الفترة القادمة خاصة في ظل التدخلات الاميريكية والاوروبية المتزايدة الامر الذي ينذر بوجود تطورات كبيرة على الصعيد الدولي والاقليمي في المستقبل القريب .

يقع ميناء "جوادر" الباكستاني في جنوب غربي البلاد يطل على بحر العرب بالقرب من ​مضيق هرمز​ والذي تعبر منه ثلث تجارة النفط العالمية وفي السابق كان ال​مرفأ​ الباكستاني تحت سيطرةعمان منذ عام 1779 لكنه اصبح ملكا لبكستان مع حلول عام 1958 وظل معطلا حتى عام 2002 قبل بدء باكستان تشغيله مستفيدة من عمق مياهه وصلاحيته لاستقبال السفن الكبيرة ومع حلول عام 2013 أعلنت الصين عن إطلاق مشروع حزام واحد وطريق واحد , والمشروع عبارة عن عدة طرق بحرية برية عملاقة سيتم إنشاؤها بالتعاون مع 68 دولة والهدف منه إيصال البضائع الصينية مباشرة إلى ​أوروبا​ والعالم وتقدر كلفة ال​استثمار​ السنوي فيه بـ150 مليار دولار وينقسم المشروع إلى حزام بري وطريق بحري ويقع "جوادر" ضمن خطة الحزام البري الذي يتكون من 6 طرق رئيسية أشهرها طريق قطار لندن- الصين العظيم الذي يقطع 18000 كم مرورا بتسع دول .

248 مليون دولار دعم الصين لبناء ميناء "جوادر"ومخاوف كبيرة للهند و​ايران

وتكمن أهمية ميناء "جوادر" في موقعه الجغرافي الامر الذي جعله محط اهتمام كبير من الجانب الصيني يتجلى بقيام الاخيرة بتوفير ​الدعم​ الكامل لبناء الميناء بكلفة تخطت 248 مليون دولار نظرا الى ان الصين تسعى لربط نفسها ببحر العرب مرورا ببكاستان نظرا الى ان تصدير صناعتها الى ​الشرق الاوسط​وافريقيا و​اوروبا​ يتطلب نقلها اولا عبر البر الى موانئها الجنوبية ومن ثم تصديرها بحرا وبالتالي فان الاتفاق مع باكستان باستغلال منطقة "جوادر" وربطه ​بطريق​ بري بغرب الصين سيوفر على الصين الكثير من الوقت والمال حيث ستعبر تجارة الصين برا على طول جغرافيا باكستان وصولا الى "جوادر" ومن هناك الى بقية ​دول الخليج​ والشرق الاوسط .

ولذلك وفي عام 2015 استأجرت الصين ميناء "جوادر" لمدة 40 عاما كاملة في ​اتفاقية​ ثنائية مع باكستان أبدت الصين استعدادها لاستثمار 4.5 مليار دولار لإنشاء الطرق و​الفنادق​ والمطارات وغيرها من البنى التحتية في محيط "جوادر".

من المتوقع أن يتم وصول أول سفينة للبضائع في كانون الاول القادم بعد أن يكتمل الطريق الذي يصل بين غرب الصين وميناء "جوادر " الباكستاني المطل على بحر العرب، الطريق الذي تنفذه الصين الآن يحوي سكة حديد لعربات القطار، بالإضافة إلى أنابيب ​بترول​ و​غاز​ لاستخدامها كوسيلة أسرع في نقل ​البترول​ و​الغاز​ المستورد من دول الخليج العربي.

وتخشى الهند من مشروع مرفأ "جوادر" نظرا الى انه يمر من اقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان وبالتالي غان هذا الاقليم سيكون ممرا للصين وتحت حمايتها كما تخشى ​إيران​ أيضا من الشروع لذلك حاولت تعجيل تطوير ميناء "تشابهار " الذي يبتعد 165 كم فقط عن منافسه الباكستاني وقامتبتسليمه للهند بشكل كامل ضمن خطة ستكلف الهند 500 مليون دولار .

"جوادر" يختصر طريق تصدير واستيراد السعودية ودول الخليج مع الصين

كما من شأن مشروع "جوادر" ان يسهل عملية تصدير واستيراد السعودية والدول الخليج مع الصين حيث سيسهل عملية ​تصدير النفط​ والغاز حيث سيذهب مباشرة عبر بحر العرب الى ميناء جوادر الموصول برا عبر باكستان الى الصين مباشرة بدلا من أن يعبر بحر العرب إلى المحيط الهندي ومن ثم إلى ​بحر الصين الجنوبي​ .

ويدرك الجانب القطري اهمية مشروع مرفأ "جوادر" في اللعبة الاقتصادية حيث اعلنت الدوحة عزمها استثمار 15% من الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني وهو عبارة عن مجموعة من مشاريع البنى التحتية قيد الانشاء حاليا عبر باكستان.

ميناء"جوادر" صفعة اقتصادية كبيرة لدبي

عمدت دبي في الاونة الاخيرة الى ​الاستثمار​ في تطوير البنى لتصبح مركزا اقتصاديا عاليما نظرا الى انها تتميز بموقعها الجغرافي الامر الذي يشكل عامل جذب كبير للشركات كما يوجد في البلاد ميناءان تجاريان رئيسيان وهما ميناء "راشد "وميناء "جبل علي" ويعد الأخير أكبر ميناء في العالم ، وهو موطن لأكثر من 5000 شركة من 120 بلدا.

واعتبر الخبراء ان بناء ميناء "جوادر" من شأنه ان يشكل منافسا خطيرا لدبي وصفعة اقتصادية كبيرة للبلاد حيث يعد موقعاً استراتيجياً يعطي الصين ووسط آسيا نافذة ومدخلاً لمنطقة الخليج و​الشرق الأوسط​، وسيصبح الميناء البوابة البحرية الرئيسية لوسط آسيا، إذ سيختصر وقت نقل البضائع إلى وسط وغرب آسيا والصين حيث اشار نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو ياندونغ إن "الممر سيُسهم في تقليل الوقت المستغرق لنقل البضائع من ميناء "جوادر" إلى غربي الصين وأيضا إلى مناطق آسيا الوسطى بنسبة تبلغ حوالى 60 أو 70%".