دخل موسم التفاح اللبناني في حالة من الكساد عملياً، بعد ان عجزت الحكومة اللبنانية عن تأمين اسواق خارجية لتصدير الكميات الموجودة .. فأكثر من 150 ألف طن من التفاح - لا يستهلك السوق المحلي سوى ثلثها تقريبا - بإنتظار إيجاد الحل لتصديرها إلى الدول المجاورة بعد إقفال المعابر البرية بشكل نهائي منذ حوالي السنتين.

ورغم سعي المزارعين منذ أشهر لتحريك هذا الملف وحث الدولة اللبنانية والوزارة المعنية على التحرك قبل الدخول في الأزمة، إلا أن حكومتنا وكعادتها لا تتحرك إلا بعد وقوع الكارثة ... فما هي الحلول اليوم ؟ وهل يمكن تأمين أسواق للتصدير في فترة 15 يوما ؟ خاصة أن التفاح يتساقط تحت الأشجار بحسب ما أكد المزارعون في الكثير من المناطق.

في هذا السياق أشار رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان حويك في حديث خاص لـ"الإقتصاد" إلى أن "الجمعية تنظّم غدا السبت تحركا لإيصال الصرخة والوجع الذي يعاني منه المزارع وخصوصا مزارع التفاح اليوم .. ونهدف للضغط على الدولة لإتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل إنقاذ مزارعي التفاح".

وأضاف "العمل الذي تقوم به الوزارة اليوم في هذا الملف كان يجب أن تقوم به منذ سنة .. فنحن رفعنا الصوت أكثر من مرة وطالبنا الوزارة بالتحرك لإيجاد أسواق جديدة قبل حصول الكارثة، ولكن لم يحرّك أحد ساكناً ... وبصراحة هناك صعوبة حاليا في إيجاد أسواق للتصدير بوقت قصير، فهذا يحتاج إلى مدى طويلة .. لذلك نحن نعتبر بأن الحل الوحيد هو دعم الدولة لمزارعي التفاح عبر دفع 8000 ليرة لبنانية عن كل صندوق".

وتابع حويك "لم يعد هناك أي بديل سوى التعويض على المزارعين .. وهذا يحتاج لإجتماع مجلس الوزراء وإتخاذ قرار سريع في هذا الأمر، وإن لم يكن هناك حل قريب للأزمة فنحن ذاهبون إلى التصعيد .. والتحركات لن تكون فقط في المناطق الجبلية بل ستصل للعاصمة بيروت".

ولفت إلى ان "بعض المزارعين عمدوا إلى قطع أشجار التفاح لأنهم فقدوا الأمل .. فهناك ألاف العائلات التي تعتاش من هذه الزراعة، وتعتمد على هذا الموسم لسداد ديونها خاصة في المناطق الجردية".

وختم "الحل الآني الوحيد هو دفع تعويضات للمزارعين وإنقاذ الموقف، وإلا فنحن ذاهبون إلى التصعيد".

من جانبه قال رئيس مصلحة زراعة جبل لبنان في وزارة الزراعة المهندس عبود فريحة أن "وزارة الزراعة أعطت كل إهتمامها لمزارعي التفاح في السنوات الخمس الماضية، وتمكنت من تحسين هذه الزراعة وزيادة الإنتاج وتحسين النوعية لتطابق المواصفات المطلوبة عالمياً، ولعدم رفض الإنتاج اللبناني عند تصديره".

وأضاف "المشكلة الحاصلة اليوم كانت مفاجئة، فمصر تستقبل سنويا 70% من إنتاج التفاح اللبناني الذي يصدّر إلى الخارج، والسوق المصري مازال مفتوحا، ولكن المشكلة هي في سعر صرف الجنيه، حيث أن مصر لا تدفع ثمن التفاح اللبناني سوى بالعملة المحلية، وسابقا كان كل دولار يساوي 5 جنيهات، في حين ان الدولار اليوم تخطى الـ13 جنيها .. وبالتالي ليس من مصلحة المزارع او التاجر التصدير بهذه الشروط.. أضف إلى ذلك ان الأردن لا تفتح السوق أمام الإنتاج اللبناني إلا في تشرين الثاني من كل عام .. ونحن نحاول التواصل مع القيادة الأردنية لفتح السوق مبكرا ... ومن جهة أخرى روسيا فرضت على كل طن من التفاح اللبناني رسم جمركي 300 دولار أميركي، في حين ان التفاح السوري يدخل للسوق الروسية بـ0% جمارك، وهنا تصبح المنافسة في هذا السوق مستحيلة".

وتابع فريحة "الوزارة تعتبر أنها في نفس الخندق مع المزارع والمصّدر أيضا .. وهي لا تتهرب من مسؤولياتها في هذا الموضوع لكنها ليست الوزارة الوحيدة المعنية، بل هناك وزارات أخرى كالخارجية والإقتصاد" .. مؤكدا ان "وزارة الزراعة تقوم بكل مهامها فنيا، وتحاول تطوير كل الزراعات المهمة ومنها زراعة التفاح، فقد قامت بترقيم كل المزارع الموجودة في لبنان، وإتبعت كل الطرق المتطورة من أجل مكافحة ذبابة الفاكهة وتحسين نوعية الإنتاج .. وتقدم كل الدعم الممكن للمزارعين من خلال توزيع المبيدات الضرورية وغيرها من الأمور الاخرى".

وفي سؤالنا عن إمكانية دفع تعويضات للمزارعين في حال لم يتم تأمين أسواق جديدة للتصدير لحل المشكلة قال فريحة "إن الوزارة رفعت للحكومة كتابا تطالب بدفع تعويضات للمزارعين، فالمزارع اللبناني بحاجة لكافة أنواع الدعم كي يبقى صامدا في أرضه ومناطقه، ونتمنى ان يجتمع مجلس الوزراء في أقرب وقت لإتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن .. كما نتمنى ان يتم التعامل في هذا الملف بطريقة إيجابية ومناقشة الحلول ضمن المنطق".