"الأمل في الشباب" هي عبارة نرددها دائماً.. ولكن هل استمعنا إلى قصتها؟

قد يكون الإعتماد على شباب هذا الجيل محصور بالتطورات التكنولوجية ومواكبة آخر الصيحات...

ولكن في لبنان .. شبان عزموا على دمج ماضيهم بالحاضر وأعادوا إحياء تراثهم بلمسة معاصرة.

رفضوا أن يتخلوا عن قريتهم وأن يُزَجوا في ضجة حياة المدينة السريعة.. فأسسوا مشروعاً يستقطب الأجانب والمواطنيين من مختلف المناطق إلى قريتهم ليعيدوا لها طابعها السياحي.

عملوا بأيديهم.. وجمعوا الخرضوات و"الأنتيكا" من منازلهم ومنازل أجدادهم .. ليزخرفوا ذلك المكان القديم الذي يمثل هوية ابن القرية ونفضوا عنه الغبار.. فأسسوا أول بيت ضيافة في منطقة عين دارة، المشروع الذي تسعى وزارة السياحة إلى دعمه بكل قدراتها.

أبطال هذه القصة مجموعة من الشبان يبعثون الأمل في قلب كل لبناني. زارت "الإقتصاد"  الموقع وتعرفت إلى أحد مؤسسي بيت الضيافة "Vibes Guest House" في منطقة عين دارة.. دايفيد وهبي الذي شاركنا تجربته الخاصة في هذا المشروع وحدثنا عن مسيرته المهنية.

-من أين انطلقت فكرة مشروع "Vibes Guest House"؟

تخصصت في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا في بيروت "AUST"  هندسة الديكور الداخلية، ما ساعدني على اكتشاف مهاراتي وشغفي بالعديد من الأمور التي لم أفكر فيها قط. 

ما قادني في نهاية المطاف إلى تأسيس "Vibes Guest House" بالتعاون مع شركائي. 

- ما هو مصدر إلهام هذا المشروع؟

طرح العديد من الأفكار في البداية.. ولكن الهدف كان مشترك وهو تأسيس مشروع لبلدتنا، عين دارة، يعيد إليها الروح السياحية ولو بدرجة مقبولة.

 

لاحظنا وجود فكرة بيوت الضيافة في بعض القرى اللبنانية.. ولاحظنا أيضا دعم الوزارة لهذا النوع من المشاريع، وحاجتنا كلبنانيين بشكل عام إليه، كما يهمنا أن يتعرف السياح واللبنانيون إلى "الضيعة" التي ترعرعنا فيها.

لذا قدّم لنا  الأستاذ جورج بو فيصل هذا العقار، إيمانا منه بقدراتنا، وإستناذا الى رغبته في إنشاء مشروع قريته.

خوفا من أن تصبح عين دارة قرية مهملة، قمنا بالعديد من "الإختراعات"، لا شك أن الفوضى في المراحل الأولى كانت مسيطرة على المشروع نظرا لتشابك الأفكار وكثرتها، وللإندفاع المتزايد، إلا أننا في النهاية تمكنا من السيطرة على هذا الموضوع وبدأ العمل الجدي على الأرض .. كل يعمل بساعده ومهاراته و"أنتِكاته" .. فنحن "نجود بالموجود".

كل زواية من "Vibes Guest House" تمثّل هويتنا.. وطفولتنا .. فسرير الطفولة لأحد الأصدقاء تحوّل بعد تطويره إلى أريكة مريحة للحاضرين .. وثلاجة أحدهم باتت اليوم بعد تحديثها وزخرفتها خزانة مبتكرة للزبائن.

هنا يتلاقى الفن مع التراث ليتحول إلى بيت ضيافة معاصر يعكس الأجواء القروية ولكن بلمسة حديثة.

- ما هو سرّ فكرة مشروعكم "الشبابية – التراثية"؟

أنا أعتبر أن فريق العمل المتماسك والمتحد بالرؤية المشتركة بإمكانه إنجاز المعجزات، بالإضافة إلى تكريس الوقت والجهد الكافيين للمشروع.

لا شك أن الشهادات الجامعية تفيد، وتضيف إلى خبرات الفرد لكنها ليست الوحيدة .. فالفكرة تأتي أولاً.

على سبيل المثال، شريكي وصديقي فيصل أبو فيصل، لم يتخصص في مجال هندسة الديكور الداخلية لكنه أغنى مشروعنا بالعديد من الأفكار النيرة والمبدعة.

الأفكار المتعددة في فريق العمل الواحد تعطيه رونقاً خاصاً، فلكل منا خلفيته الخاصة، إجتمعت هذه الثقافات الشخصية لتكوّن "Vibes Guest House" كمشروع سياحي يجمع كل الفئات العمرية والإنتماءات المناطقية.

اذ يضم "Vibes Guest House" حانة – Bar- يجتمع فيه أبناء القرية مع الوافدين من المناطق الأخرى، كذلك سطح المبنى الذي حولناه إلى مطعم..

تأسيسنا لهذا المشروع أضيف إلينا شخصياً .. فاكتشفنا لذة الإنتاج الشخصي وأهمية أن يعمل المرء "بيده" خاصة إذا كان يحب عمله أو مشروعه ومؤمن بأهدافه.

- ألم تعتبر هذا المشروع "مخاطرة" وتضحية غير مضمونة في الوقت؟

بالطبع كل خطوة جديدة تعتبر مخاطرة، فلا يمكن لأحد أن يضمن النتيجة النهائية. لكن فكرتنا كانت أقوى وأسمى من هذه الشكوك.. ربما لأننا نعيشها كل يوم ونتنفس من هوائها ونأكل من خيراتها.. فكرتنا هي قريتنا .. عين دارة.. ألا تستحق المخاطرة؟

كما أنني لا أؤمن بمبدأ هدر الوقت.. كل دقيقة مرت ستتحول إلى خبرة مكتسبة فيما بعد. ولكن إذا لم يقتنع الإنسان بمشروعه، وبأهميته وأهدافه لن يبصر مشروعه النور من الأساس..

-كيف استطعتم كشباب جدد في هذا المجال أن تنالوا دعم وزارة السياحة؟

إتجهنا أولا إلى البلدية التي شجعتنا كثيراً، وبالإستعانة ببعض الأشخاص تمكنا من الوصول إلى الشقّ الإداري وإتمام معاملاتنا الرسمية، لنتواصل مع الوزارة التي تشجع حالياً هذا النوع من المشاريع.

حصلنا على الرخصة في فترة وجيزة، كما أن الوزارة تُعد دورات تدريبية لمؤسسي المشاريع نتعرف فيها أكثر إلى الأصول المتعارف عليها لإدارة بيوت الضيافة بالإضافة إلى هويّتنا في التعامل كـ"Vibes Guest House".

- برأيك ما هي مقومات الشخص الناجح؟

الشخص الناجح هو الذي يحب ما يعمل ويتمم مهامه على أكمل وجه.. بشغف..

أما ثانيا، فردود الفعل الإيجابية من الأشخاص هي الناجح الأكبر لهم.. والتي اعتبرها أرقى من الربح المادي، لأنها ضمانة مستقبلية لديمومة المشروع.

- ما هي الرسالة التي توجهها لأبناء جيلك؟

أتمنى أن تصل رسالتي لأبناء القرى، خاصة الذين انتقلوا للعمل أو السكن في بيروت.

من الجميل أن يعود الإنسان إلى أرضه وجذوره.. وأن يسعى إلى تطويرها عبر تكريس الوقت الكافي للأرض التي حملته.

تبدأ الفكرة بشخص أو اثنين لتستقطب العديد من المجموعات..

- أخيراً ما هي مشاريعكم المستقبلية؟

نخلق حاليا العديد من العروض التحفيزية، بالإضافة إلى وضع اللمسات الاخيرة على موقع المخيم القريب من النهر.

أما على المدى القريب، فنحن بصدد تحضير برنامج شتوي مخصص سيتضمن حانة داخلية –Indoor Pub-  يجمع الحاضرين، لكي يعيشوا الأجواء القروية الشتوية.

وعلى المدى البعيد، نسعى للتعاون مع محمية أرز الشوف بهدف تحويل "Vibes Guest House" إلى محطة للسياح والمواطنين، خاصة أولئك الذين يقومون بنشاطات في المنطقة وبحاجة للراحة والاستجمام بين المحطات.

وبهذه الطريقة نكون قد دعمنا المنطقة وعرّفنا أكبر عدد ممكن من المواطنين والأجانب إلى قريتنا.