أعلن وزير المال ​علي حسن خليل​ اليوم الأربعاء أن "وزارة المال سترفع خلال الـ48 ساعة المقبلة مشروع موازنة سنة 2017 إلى الحكومة"، داعياً إياها إلى أن "تبادر فوراً، رغم المشاكل التي تعانيها، إلى عقد جلسات متلاحقة من أجل إقرار هذه الموازنة في المواقيت الدستوريّة المحدّدة"، وحذّر، خلال رعايته الإحتفال بانتقال الدوائر الجمركية العاملة في المطار إلى مبنى الشحن الجديد، من "تعطيل آخر المؤسسات الدستورية العاملة في لبنان".

واستهل خليل كلمته بإبداء ارتياحه إلى "تعاون الوزارات بعضها مع بعض وتعاون الإدارات بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن".  وإذ وصف انتقال الدوائر الجمركية العاملة في المطار إلى مبنى الشحن الجديد بأنه "تجربة رائدة بين إدارة ​الجمارك​ وبين شركة طيران الشرق الأوسط ووزارة الأشغال"، أوضح أن هذه التجربة "انطلقت من تقدير الحاجة الضرورية والماسة إلى معالجة ثغرة أساسية في عمل الجمارك وفي عمل إدارة مطار رفيق الحريري الدولي، حيث إنّ التجربة الماضية رغم إنجازاتها وإخفاقاتها لم تكن بالقدر الكافي لتغطي متطلبات عمل إدارة الجمارك في مطار رفيق الحريري الدولي وكان هناك الكثير من الثُغَر التي دفعت باتجاه الإسراع في إنجاز" تدشين المكاتب الجديدة للجمارك.

ورأى أن "لهذا المشروع أكثر من بُعد. فبُعده الأوّل هو تفعيل عمل إدارة الجمارك في المطار وتطبيقها لأعلى درجات المواصفات المطلوبة عالمياً ومعالجة المشكلات التي نتجت عن ظروف بقاء المبنى القديم. والبُعد الآخر هو تأمين المتطلبات ليكون مطار رفيق الحريري الدولي بمختلف إداراته وتحديداً في إدارة الجمارك، ملتقياً مع متطلبات ظروف الشحن الدولي ونُظُمها العالميّة التي تبقينا على هذه الساحة بعيداً من الشوائب والمشاكل".

وأضاف: "نحن نحقّق اليوم هذا الانتقال لنقول لكل الذين يتطلعون إلى أنْ يروا مؤسّسات الدولة تتطور نحو الأمام، إنّ ثمّة أملاً في هذا الوطن وإنّ ثمّة قدرة على معالجة الثُغر، وإنّه رغم الظروف السياسيّة المعقّدة، ورغم تعطيل عمل المؤسّسات الدستوريّة التي نشدّد مجدداً على وجوب الخروج منه وعلى عدم الوقوع تكراراً في فخّه بتعطيل آخر المؤسسات العاملة في لبنان، نقول إنّ ثمّة أملاً لدى اللبنانيّين عندما يرون أنّ التطوير في إدارة من الإدارات هو قائم بفعل إرادة القيّمين والمسؤولين على هذا القطاع".

وذكّر بأن المطار "شهد بعضاً من الإنجازات المتميّزة في كشف عمليّات التهريب وغيرها" بفضل عمل الجمارك، لكنّه أبرز "الحاجة إلى إعادة نظر دوريّة للجهاز البشري العامل". وأَضاف: "هذا ما يفرض ويتطلّب منّا أن نقوم بتشكيلات دوريّة لكل العناصر والمسؤولين في إدارات الجمارك ليس في المطار فقط بل في كل الأماكن، حتى لا نؤسّس لمحميّات تتحول إلى مراكز تغطية لعمليات غير مشروعة ومخالِفة للقوانين". وتابع: "إنّ هذا الأمر يُعتبَر مسؤوليّة أساسية على عاتقنا سنعمل عليها مع إدارة الجمارك والمسؤولين حتى نُبقي أملَ الناس في معالجة الثُغَر قائماً". وإذ لاحظ أنّ "البعض ربما اعتقد أنّه خلال المرحلة القصيرة الماضية قد غُضّ النظر أو قد حصل نوع من التراجع في متابعة ملف الجمارك"، أكّد "لكل الذين ينظرون مثل هذه النظرة إنّ المسألة معاكِسة وسيرون إجراءات جديدة متجددة تدفع في اتجاه تفعيل الرقابة والمحاسبة والتشديد في تحميل المسؤوليات لكل المخالفين".

وأشار الى انه بانتقال المكاتب الجمركية إلى المبنى الجديد "تنتفي الحاجة إلى كل المبرّرات حول الثُغَر التي كانت قائمة بفعل واقع المبنى القديم حيث إنّه وللأسف كانت بعض بوابات ذلك المركز مشرّعة أمام مخالفات تفرضها الوقائع". وقال: "لم تعد لدينا اليوم أيّ حجّة في أن نمارس أقصى درجات الضبط والمعالجة والمتابعة لكي نُبقي إدارة الجمارك ومطار رفيق الحريري الدولي، منارة حقيقيّة تؤكّد التزامنا كل المعايير الدوليّة، كل المعايير التي تُفرض في ما يتعلّق بالشحن الجوّي وفي مواصفات أمان هذا الشحن وفي تأمين الواردات الحقيقيّة التي يجب أن تكون للدولة اللبنانيّة".

وأضاف: "نحن نعوّل كثيراً على رفع وزيادة الواردات في الجمارك نتيجة عمليّات الضبط التي حصلت والتي يجب أن تحصل مستقبلاً في لبنان. هذا الأمر يشكل بالنسبة إلينا جزءاً أساسياً مما نعمل عليه في وزارة الماليّة، وأبرز ما نعمل عليه حالياً خلال هذه المرحلة هو استكمال تشكيل المجلس الأعلى للجمارك ليستطيع أن يمارس دوره كاملاً من دون أيّ وهن أو ضعف، وتكامل عمل المجلس الأعلى مع المديريّة العامة بالشكل الذي يسمح بأن يلعب هذا الدور بشكل صحيح وكامل ومُنتِج وفق ما نرى".

وتابع: "بما أننا في معرض الحديث على منبر يتّصل بواقع الماليّة العامة في لبنان، أقول إننا في وزارة المال سنرفع خلال الـ48 ساعة المقبلة مشروع موازنة سنة 2017 إلى الحكومة. وهذا ما يرتّب على هذه الحكومة رغم المشاكل التي تعانيها، أن تبادر فوراً إلى عقد جلسات متلاحقة من أجل إقرار هذه الموازنة في المواقيت الدستوريّة المحدّدة، ليتسنى لنا إقرارها بأيّ شكل دستوريّ يُسمح لنا". وشدد على أن "مثل هذا الأمر يشكّل أساساً ليس فقط لانتظام عمل المالية العامة في لبنان بل لرسم خطط وبرامج ربما تعطي دفعاً للمشاريع التي تساعد على الخروج من الأزمات الاقتصادية والمالية".

وتابع: "إذا كان البلد معطًّلاً على مستوى مؤسّساته الدستوريّة السياسيّة، يجب ألا نترك مثل هذا الأمر الذي يعطي ويجدّد التزام لبنان بمسؤولياته تجاه نفسه وتجاه المجتمع الدولي".

وخاطب  العاملين في إدارة الجمارك قائلاً: "عليكم مسؤولية وطنية كبرى، وأعرف أن الرقابة بمكن اختراقها، وأن المتابعة يمكن أن تضعف في بعض الأحيان، ولكن عليكم مسؤولية أخلاقية ووطنية في أن تمارسوا دوراً رائداً يعيد لهذا القطاع رونقه وجهده وموقعه في عمل المؤسسات العامة في لبنان، وهو موقع يجب أن يكون نظيفاً وبعيداً من الشوائب والمشكلات. نعرف  أن بعض هذا الكلام ربما لا يدخل في عقل بعض الناس الذين ينظرون إلى الجهاز نظرة مختلفة، ولكن أقول بصراحة ثمة شرفاء وثمة كوادر نزيهة وثمة كوادر تعمل بإخلاص في هذا الجهاز علينا ألا نسمح بتشويه دورها من خلال بعض العناصر التي تقع في الفخّ الذي يُسقطها على مستوى الإلتزام بالمسؤوليّة العامة".

واختتم خليل شاكراً للوزير لوزير الآشغال العامة والنقل غازي زعيتر "مواكبته عمل ودور طيران الشرق الأوسط بمساعدتها في إنجاز هذا المبنى لنكون معاً في معركة واحدة نحو تأمين كل المستلزمات التي تجعل من مطار رفيق الحريري الدولي مطاراً رائداً على مستوى المنطقة والعالم".