قال وزير المالية علي حسن خليل "بداية اود أن أتوجه بالشكر لجميع الدول المشاركة في هذا اللقاء وللبنك الدولي بشكل خاص والضيوف الكرام على مشاركتهم في هذا اللقاء الذي يكتسب أهمية استثنائية في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به وطننا لبنان والعالم بشكل عام حيث تحدي الارهاب يتوسع مما يفرض علينا جداول عمل مختلفة عن ما كان يعمل خلال المرحلة الماضية . إنا بداية ولأن اللقاء مرتبط بشكل أو بآخر بمسألة النزوح فإننا الى استنكارنا وإدانتنا لكل أعمال الإرهاب التي تحصل على مستوى العالم وآخرها ما حصل في فرنسا من اعتداء، يشكل ضربة لكل القيم والمبادئ والأخلاق والأديان برمتها والتي تستنكر وتدين وترفض مثل هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية . إن المطلوب منا اليوم الكثير وأوله كيف نستطيع أن نخلق البيئة الملائمة لاستيعاب حجم الأزمات الكبيرة كأزمة اللاجئين والنزوح السوري إلى لبنان والأردن وغيره من الدول".

واضاف خليل في كلمة القاها في افتتاح الاجتماع الاول للجنة التوجيهية لمبادرة التمويل الجديد "إن وجود ما يقارب 1.500.000 نازح سوري في لبنان وقرابة 500.000 فلسطيني أيضاً على أراضيه يجعل المجتمع الدولي كله ملزماً وليس مخيراً برأينا عليه الوفاء بالتزاماته تجاه بلادنا التي تحملت أكثر بكثير من قدرة أي دولة على التحمل. إن وضع لبنان هو استثنائي بهذا المعنى حيث أن عدد النازحين يتجاوز ثلث المقيمين على أرضه وبالتالي فان التحدي وصل إلى مرحلة لم يعد يستطيع ان يتحملها لوحده بمعزل عن التزامات أكيدة وجدية من المجتمع الدولي."

وتابع "لا يغيب عن بالكم أيها السادة أن وطننا لبنان يمر أيضاً بأزمة سياسية عميقة بغياب انتخاب رئيس للجمهورية وعدم انتظام لعمل المؤسسات الدستورية من مجلس نيابي وحكومة.

وان يستطيع  بلد بمثل هذه الأزمة السياسية ان يستمر وان يعالج قضاياه بنوع من القدرة الخارقة والاستثنائية فهذا أمر أيضاً يرتب مسؤولية اضافية علينا جميعا ان نكون منخرطين انخراطاً جدياً في الوقوف الى جانبه. لقد استطاع لبنان ان يؤمن استضافة لاخوته النازحين السوريين والعمل على تلبية الكثير من احتياجاته الطبية والمدرسية الى مستوى أوصلت العبء اللاحق بلبنان منذ العام 2011 ولغاية الـ 2015 متجاوزاً 13 مليار دولار أميركي بموجب الكثير من التقارير التي أعدّت ومنها تقارير أو تقديرات البنك الدولي".

واردف "اليوم إسمحوا لي أنْ أعبّر عن صدمتنا وعن عدم رضانا بالكامل عن المواكبة الدولية للبنان في محنته وفي مسؤوليّته في استيعاب النازحين.

إنّ هذه المواكبة لم ترتق إلى مستوى الشراكة الفعليّة وتحمّل المسؤوليّة كما يجب أن تكون، مع التقدير الكبير لكل ما قُدّم وكل ما عُمل على هذا الصعيد.

اليوم إنّ وجودنا معكم هو تأكيد على أنّه قد حان الوقت، فلقد وصلنا إلى المرحلة التي يجب أن يعبّر كل واحد منّا عن التزامه الأكيد والمباشر واتّخاذ القرارات الجريئة والقرارات المسؤولة والتي تعبّر عن المساعدة الفعليّة للبنان من خلال مشاريع القروض المدعومة أن الـCFF التي نحن في صدد مناقشتها اليوم."

وشدد على ان "إنّ المسؤوليّة تقتضي عليكم جميعاً، وأسمح لنفسي بالكلام المباشر هذا انطلاقاً من المسؤوليّة المشتركة وكفريق واحد معنيين بمعالجة هذه الأزمة حتى لا تتوسّع أكثر ويزداد انعكاسها سلباً على كثير من دول العالم البعيدة أكثر من الدول القريبة.

نعم أتمنى ألا تؤجّلوا قراراتكم لمؤتمرات أخرى لأننا قد استمعنا إلى التزامات في مؤتمرات أوسع والمطلوب أن نعمل على اتّخاذ القرارات المباشرة لإنفاذ المشاريع الجاهزة التي ستقوم وزارة المالية بعد قليل بعرضها التفصيلي عليكم وفق أولويّات قرّرتها الحكومة اللبنانيّة بالأمس حيث إنّه، وربّما من المرات الأولى، التي تجتمع الحكومة اللبنانيّة لتناقش بالتفصيل المشاريع وأولويّات هذه المشاريع وتقرّر ما هو مطلوب على صعيد الاحتياجات للمجتمعات المضيفة ومدى القدرة على تلبية المشاريع الضروريّة لها."

واشار الى "إنّ تجاوبكم اليوم معنا سيكون له أبعاد إيجابيّة كثيرة.

أوّلاً أنّه سيُلبي إحتياجات المجتمعات المضيفة بما يسمح لها ويؤمّن قدرتها على الاستمرار في تقديم الخدمات للنازحين واستيعابهم وهذا أمر مهم.

والبعد الثاني أنّ لبنان بشكل أو بآخر سيكون أقوى على الصمود والاستمرار والاستفادة من هذه المشاريع على المدى المتوسّط وعلى المدى البعيد بعد عودة النازحين إلى بلادهم وبعد انقشاع وتبيان أفق الحل السياسي المطلوب في سوريا.

أما البعد الثالث، واسمحوا لي أنْ أكون صريحاً في هذا الموضوع، فهو بأنّكم عندما تساعدون لبنان في هذه المشاريع إنّما تساعدون على تأمين الاستقرار في دول العالم وعلى تأمين مساحة من الأمان  لكل الدول التي تستهدف بطريقة أو بأخرى من حضور أوسع للنازحين. إن لبنان متمسك بالمطالب التي عرضها في مؤتمر لندن والتي كانت واضحة لجهة جملة المشاريع المقترحة، لكن اليوم نحن نتحدث عن أولويات جاهزة للتنفيذ وبالتالي اذا ما حددنا عددا قليلا من مشاريع اليوم - هذا لا يلغي مطالبة لبنان وتأكيده على جملة المشاريع التي تم عرضها في مؤتمر لندن وفي لقاء جدة – ما يعرض اليوم  ويؤكّد عليه فهو يطال كل القطاعات والنواحي التي تتّصل باستقرار ومستقبل لبنان من جهة وتتّصل من جهة أخرى بتأمين عيش كريم للنازحين على أرضه.

إننا مع التأكيد على الالتزام واتّخاذ القرارات نشدّد على ضرورة وضع آليات واضحة وإطار ثابت أيضاً لآليّة مساعدة لبنان في المرحلة المقبلة."

وقال "نحن اليوم نتحدّث عن مشاريع قروض ولكنّنا لن نتجاوز مطالبتنا الدائمة بتقديم هبات مباشرة للبنان لكي يستطيع أيضاً أنْ يخفّف قدر الإمكان من الأعباء المطلوبة على هذا الصعيد، بالإضافة إلى وضع نظام وآليّات متكاملة لكيفيّة تطبيق هذا الأمر.

إنّ بلدنا لبنان يثمّن عالياً مشاركتكم جميعاً ومتابعتكم، ويثمّن ويؤكّد حسن انتظام علاقته مع البنك الدولي ومع المؤسّسات الماليّة المانحة الأخرى لاسيّما البنك الإسلامي شريكنا في هذه المهمّة وهذا المشروع.

واكد "أنّه وعلى الرغم من الأزمات السياسيّة فإن لبنان  سيلبي دستورياً هذه الحاجة من خلال انعقاد مجلسه النيابي وقراراته الحكوميّة، تماماً كما كان على مستوى المسؤوليّة أواخر العام الماضي يوم كان التحدي هو إقرار مجموعة من المشاريع المتّصلة بعمل البنك الدولي أو المؤسّسات المانحة الأخرى.

لهذا ورغم كل العوائق الدستوريّة والسياسيّة في لبنان، فإنّ القوى السياسيّة مجتمعة وأنا أكّدت على هذا الأمر في الأمس خلال مجلس الوزراء، كل الكتل السياسية اليوم في لبنان ملتزمة التزاماً وثيقاً بأنه عندما يكون هناك حاجة لاتّخاذ قرارات جدّية وعقد جلسات للمجلس النيابي أو الحكومة فإنها ملتزمة بالحضور وإقرار مثل هذه المشاريع".

وختم قائلاً "أعود مجدداً لأؤكّد على تقديري العميق وشكري لكل الذين يساهمون اليوم في تخفيف هذا العبء عن لبنان ولكل الذين ينخرطون معنا في معركة تأمين استقراره الداخلي عبر تأمين فرص عيش أفضل للنازحين السوريّين على أرضه من جهة، وعبر تأمين مقوّمات إطلاق مشاريع تنموية حقيقية على أرضه.

مثل هذا الأمر سيكون بمثابة هدية كبيرة للبنان هذا البلد الصغير الذي استطاع ربما في تاريخ البشرية ككل أن ينوب عن العالم في تحمّل أعباء أكبر عدد من النازحين يستوعبهم  على أرضه، بالمقارنة مع عدد سكانه".