الأجهزة التي تتصل فيما بينها، حتى الآن،  تقوم بمهام مراقبة حاويات الشحن، صنابير مكافحة الحرائق، البقر... فيما أعلنت شركة الاتصالات الهولندية "KPN" أنها انتهت من تغطية هولندا بشبكة إنترنت الأشياء اللاسلكية. وهي كالشبكة الخلوية التقليدية، ولكنها أقل تكلفة وتطلباً للطاقة بكثير. ويمكن لشبكة "KPN" هذه ربط أجهزة الاستشعار لمراقبة كل شيء من مفاتيح السكك الحديدية في محطة أوتريخت المركزية للمسابير التي تقيس اعماق المياه في ميناء روتردام ولماكنات نقل الأمتعة في مطار شيبول.

و تظهر حركة مماثلة لانتشار شبكات إنترنت الأشياء في فرنسا وألمانيا وكوريا الجنوبية، وأماكن أخرى في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يبقى السؤال قائماً عما اذا كان هناك ما يكفي من أجهزة دفع الرسوم يجري وصلها، لتغطية تكلفة بناء هذه البنية التحتية. (اذ أن رقم 32 مليار دولار يعد رهاناً ضخماً من قبل شركة "ARM" على شبكة إنترنت الأشياء.)

عمال "KPN" في هولندا يبنون شبكة لإنترنت الأشياء:

حتى الآن، قامت "KPN" بابرام عقود لوصل 1.5 مليون جهاز، وفقا للمسؤول التنفيذي عن خدمات الهاتف النقال في "KPN" جايكوب غروت. وليست كل الـ1.5 مليون متصلة بعد، على حد قوله، وحتى عندما تصبح على اتصال، فإن ذلك لن يكون كافيا ليكون لها تأثير مالي كبير على الشركة، والتي كانت حققت عائدات سنوية في عام 2015 بلغت نحو 7.72 مليون دولار.

ويقول غروت، إن "KPN" ترى فرصا مع مجموعة متنوعة من الزبائن:

1- الحكومات، التي تستخدم أجهزة استشعار في إنترنت الأشياء لمراقبة البنية التحتية، مثلاً لمعرفة ما إذا كانت السدود في المناطق النائية تصبح رطبة جدا ما يهددها بالانهيار.

2- الشركات، مثل  Ziut، وهي متخصصة في الإضاءة، ومراقبة حركة المرور، والأمن، والتي تستخدم أجهزة الاستشعار في إنترنت الأشياء لتقنيات السيطرة على كثافة الإضاءة على امتداد مسارات الدراجات في روتردام.

3- المستهلكون، الذين يمكنهم أن يعلقوا سلاسل على دراجتهم أو حيواناتهم الأليفة لمراقبة موقعها.

تتحمل "KPN" تكلفة بناء الشبكة، على الرغم من أنها لا تريد أن تصرح كم استثمرت حتى الآن. ويقول خبراء ان المبلغ المستثمر لبناء انترنت الاشياء يبقى أقل من المليارات التي تصرف على كلفة الترخيص وكلفة الأجهزة المرتبطة بزرع شبكات 4G  واسعة النطاق. كما تعمل شبكة انترنت الاشياء على ترددات لا رخص لها. ولاسترداد استثماراتها، تأخذ”KPN”  تعرفة مقابل الاشتراك لأي جهاز على الشبكة، وهي حاليا بين 4.50 دولار و16.50 دولار سنويا، اعتمادا على متطلبات البيانات.

"ويفيد العضو المنتدب لـ"Clickey"، بيدرو دي سميت أن "المشكلة تكمن في ان الإيرادات لا تحصل الا عندما تصبح الشبكة جاهزة"،  ويضيف "بالفعل شهدت "Clickey"  تناميا ملحوظا في المبيعات منذ أعلنت “KPN” التغطية على نطاق دولة هولندا في نهاية حزيران. وسميت هو مصمم أجهزة لـ”KPN”  ولشبكات أخرى تعمل في مجال انترنت الاشياء.

"وحتى يتسارع النمو"، يتابع دي سميت، "هناك بعض الامور الضرورية. الأولى تتمثل بتفعيل شبكة  "KPN" الميزات التي ترتكز على تحديد الموقع، والتي من شأنها مثلاً أن تسمح بتعقب حاوية شحن أثناء الترانزيت على امتداد البلد، وهي من المتوقع تشغيلها قبل نهاية عام 2016. والثانية هي تغطية انترنت الأشياء للمواقع خارج حدود الدولة. علماً أن "سيمنز"، "شيمانو"، وغيرها من الشركات الكبيرة يبدون اهتماماً بالغاً في الوصول إلى شبكات انترنت الاشياء، ولكن فقط عندما يكون هناك امتداد وافٍ للتغطية الجغرافية". ويردف دي سميت "هذا قد يستغرق بضع سنوات".

"KPN"  ليست الشركة الوحيدة التي تؤسس للعمل بانترنت الاشياء. فالشركة الفرنسية الناشئة " SigFox" تدعي أن شبكتها اللاسلكية التي تغطي فعلاً 340 مليون شخص في أنحاء 22 دولة تجعلها منافساً في هذا المجال. وقد خصصت الشركة ما يزيد عن 100 مليون دولار للاستثمار في عام 2015 فقط، ويستخدم المال للتوسع بأسرع وقت ممكن.

والهدف، وفقاً لنائب الرئيس التنفيذي للاتصالات في" SigFox " ، توماس نيكولز هو الدفع بأسرع وقت ممكن بسعر الاشتراك لكل جهاز متصل الى أدنى مستوى ممكن، للجذب الباكر للمستخدمين الجدد الى الشبكة وباعداد كبيرة. ويصل أكبر رسم اشتراك الى دولار بالسنة للجهاز الواحد، وهي تشكل نسبة كبيرة من الاشتراكات الـ 7 مليون المسجلة التي جمعتها "SigFox " حتى الآن. كما أنها تغطي تكلفة بناء الشبكة الوطنية في بلد مثل فرنسا، ألمانيا أو إسبانيا، ما يتطلب "بضعة ملايين" من الاشتراكات فحسب، وفق تقدير نيكولز.

ومن بين المتبنين مؤخراً لهذا الخيار على سبيل المثال، شركة أمن الوطن " Securitas Direct"، والتي لديها مليون جهاز مكافحة للسرقة متصلة بأنظمة "SigFox"  في إسبانيا، و 200 ألف جهاز آخر على شبكتها الفرنسية. وهناك زبائن آخرين لـ "KPN" و"SigFox" وصلوا أجهزة تتبع الأبقار وحاويات الشحن وصنابير مياه الإطفاء على الأنظمة.

ولكن الامر سيستغرق المزيد من الوقت، والمزيد من الشبكات، قبل أن نعرف ما إذا كانت أجهزة انترنت الأشياء وغيرها نحو 30 الى 100 مليار من الأشياء المتصلة بالمنظومة، ستصبح موصولة على شبكة الانترنت في عقد من الزمان وفقما يتوقع الخبراء.