وضعت نتائج الاستفتاء التي أدت إلى خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي نهار الجمعة الماضي الأسواق العالمية تحت الخطر.إلا أنه لم يكن كارثياً كما كان الوضع مع ليمان براذرز في ايلول 2008. ورغم حركة الاسعار المتقلبة للجنيه الاسترليني، تستعد الأسواق الأميركية لمواجهة تداعيات انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي بطريقة مادية أفضل من الأسواق المالية العالمية الأخرى. ومع ذلك، لا تزال الرياح المعاكسة كبيرة، استناداً إلى نظائرها التاريخية.

و نهار الجمعة الذي أعقب عملية الاستفتاء في بريطانيا، أفقل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" منخفضاً بنسبة 3.6% فيما انخفض مؤشر "داو" الصناعي 3.4% أو 610 نقاط. ومنذ السنة السابعة لبداية الأزمة المالية العالمية في آذار 2009، حصل هذا الأمر ثماني مرات وأنه يفيد العودة إلى الماضي، ورؤية ما حصلواكتشاف سبب اختلاف وضع شركة "ليمان اخوان" الاميركية عن وضع خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي وتأثيرها على الأسواق المالية العالمية في الوقت الحالي.

مارك توين: التاريخ لن يعيد نفسه ولكن الأمور قد تتشابه

عندما أعلنت شركة "ليمان براذر" عن الإفلاس للحماية في صباح الخامس عشر من شهر أيلول 2008، كان مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في موضع متأزم حيث كان قد هبط أكثر من 20%. وبحلول نهاية ذلك اليوم، انخفض هذا المؤشر 4% إضافية. أما اليوم وتحديداً نهار الخميس الماضي، كان مؤشر "ستاندر آند بورز 500" مرتفعاً بنسبة 1% إضافة الى رؤوسأموال المصارف التي ارتفعت بأكثر من ذلك بكثير، والنفوذ المالي كان أقل مما كان عليه عام 2008 بكثير، و كان المشهد المصرفي مملاً جداً.

السباق هو الحاسم عند تفسير حركات الأسواق، حيث إن الأسواق المرتفعة تتاجر بطريقة مختلفة عن الأسواق المالية المنخفضة بطبيعة الحال. وعلى الرغم من اضطراب السوق الماليةحالياً، لانزال في إطار السوق المالية المرتفعة،و قد تتحول إلى الأسواق المنخفضة.

الماضي هو مقدمة

في 15 آب 2011 وخلال أزمة سقف الديون، وقبل يوم واحد من تخفيض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" دين الحكومة الأميركية، كان هذا المؤشر عند عتبة الـ5% عند بيعه. و قد قضت واحداً وستين يوماً للتداول به،أي ما يقارب ثلاثةأشهر تقريباً للوصول إلى الأساس، ويستغرق أكثر من سنة ليصعد إلى كل ما هو جديد.

وبالمثل، ضربت أزمة "Flash Crash"  التي عرفت الأسواق الأميركية في السادس منأيار 2010 والتي عرفت بخسارة 3 تريليون دولار في وقتها، وانخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" على أثرها 8.7%. و لكن بفضل الإستثمارات الضخمة التي جرت في نهاية ذلك النهار؛أغلقت الاسواق على خسائر بنسبة 3.2% وهي أقل بقليل من الخسائر التي سجلت في ليل الجمعة الذي تلى خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي . و مع ذلك، فإنه من المفيد دراسة تداعيات هذه الأزمة لأن تأثيرها على المعنويات هو نفسه في يومنا هذا.

في ذلك الوقت، استغرق الوصول الى الحقيقة ستة وخمسين يوماً (اي ما يقارب ثلاثةأشهر) وكل ارتفاع مسبق للأسهم، يتم حجبه لمدّةمئة وإثنين وتسعين يوماً.

و هنا بيت القصيد: الاستعداد لمدة لا تقل عن أشهر عدة قبل للوصول إلى الإنخفاض النهائي للأسهم. هذا ويشغل التجار الأسواق المالية وليس المستثمرين،لأنهم الفئة التي تقدم السيولة لها،كما سيكون في الفترة المقبلة بعض الأيام المخيفة، وسيختبر مؤشر "ستاندرد اند بورز 500" المستوى 1850 المحتمل والتي هي أقل بـ10%. وعند هذه النقطة يمكن للتجار أن يقوموا بما يحلو لهم في الأسواق المالية.

بعد "جريان الدم في الشارع"، سيتم تحسين الشعور من خلال تحفيزات اقتصادية ايجابية عدة،وتتم إعادة التفكير بعدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ملياً. الأساسيات لا تهم، والسيولة ستعود إلى الأسواق مرة جديدة ليتم سحبها مرة أخرى في أول تطور سلبي.

هذا وقد خسرت الأسواق العالمية الجمعة الماضيةما يصل إلى 2.1 ترليون دولار، إثر تداعيات قرار بريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي، ويُعد ذلك أكبر مبلغ يتبخر من الأسواق المالية في يوم واحد مقارنة مع أي وقت مضى، وفقاً لشركة مؤشرات "S & Pداو جونز" للأسهم الأميركية.

ويطغى ذلك على خسارة 1.9 ترليون دولار في التاسع والعشرين من أيلول عام 2008، عندما صوت مجلس النواب الأمريكي على رفض خطة إنقاذ "وول ستريت،" وتعكس الخسائر الأكبر في تداعيات استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والذي أصبح يُعرف إعلاميا بـ"Brexit"، الشكوك حول قرار الخروج وانقسام الشعب حول القرار الذي فاجأ المستثمرين.

وقال كبير الاستراتيجيين العالمي في صناديق بنك "JP Morgan"، ديفيد كيلي: "بريكسيت هي مشكلة شديدة التعقيد ولها آثار على البيئة السياسية والاقتصادية والمالية."

يُذكر أن الجنيه الإسترليني انخفض الجمعة الماضيةإلى أدنى مستوياته منذ واحدٍ وثلاثينعاماً، ، بعد تصويت الأغلبية بنسبة 51.8 في المائة لترك الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء التاريخي الذي عُقد الخميس الماضي.

إذ انخفض الجنيه الاسترليني أمام الدولار الأميركي في جلسة التداول بعد الإعلان عن نتيجة الاستفتاء، حيث سجل سعر الجنيه الاسترليني أمام الدولار الأميركي 1.32 دولاراً، وهو مستوى لم يشهده منذ عام 1985، كما انخفض اليورو مقابل جميع العملات الرئيسية في العالم.