ربيع دمج

في عصر النمو التكنولوجي أصبح للجريمة والأعمال الإرهابية منافذ سهلة  للوصول إلى الأهداف وضربها، فجرائم الإرهاب خرجت من الإطار الكلاسيكي سالكة طريق التطوّر التقني، ولا شك أن 90% من الجرائم في العالم مؤخراً ولدت ونشأت في العالم الإفتراضي لتنفّذ مهامها على أرض الواقع.

الشاب اللبناني عماد قاشقجي (من الشمال اللبناني)  كاد اليوم أن يكون أميراً لداعش أو إنتحارياً لصالح جبهة النصرة بكل بساطة،  لولا سقوطه في تشرين الثاني من العام 2015 بقبضة مخابرات الجيش اللبناني بعد الإشتباه به  بكمين مفاجئ في منطقة غزير بينما كان ينتقل داخل فان ركّاب آتياً من طرابلس نحو بيروت.

في جلسة الإستماع إلى أقواله اليوم في المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت إعترف عماد أن "ال​سكايب​" كان السبب لتعرّفه على أحد كبار الإرهابيين في صفوف "داعش" بمحافظة الرقّة بسوريا، وأنه من خلال البرنامج المذكور كان يتواصل معه لساعات إذ تمكّن  الإرهابي السوري الملقّب بـ"أبو قتادة" بإقناعه للإنضمام إليهم وتجنيد شباب من شمال لبنان والهرب من عرسال بغية هذا الهدف المميت فيسبيل الله كما أوهمه، فقام عماد بإختيار لقباً حزبياً له وهو "أبو بكر"،  وعلى هذا الإسم أنشأ صفحة رسمية له على "الفايسبوك" وبدأ بإضافة أسماء شباب من طرابلس وعرسال وإيهامهم بأنهم سيذهبون إلى سوريا لنصرة دين الله وقبض رواتب مقبولة تتراوح بين الـ 800 إلى الـ1500 دولار أميركي، بما أن معظم هؤلاء الشباب بلا عمل ولا يجدون ثمن علبة دخان.

في المقابل يؤكد عماد أنه شارك ببعض المعارك التي جرّت بين أبناء باب التبانة من جهة وبين جماعة علي عيد في جبل محسن من جهة أخرى، لكنه بعد ذلك ندم جداً وأن والدته وبعدما ارتبطت بشخص أردني غير والده، طلبت منه تحضير جواز سفر للّحاق بها للعمل هناك في مجال النجارة، وبالفعل سافر هو إلى الأردن، ثم عاد إلى لبنان ليقرر السفر إليها مرة ثانية ولكن في هذه المرة وبينما كان آتياً من طرابلس متجهاً إلى المطار وقع في كمين الجيش على طريق غزير، وبعد التحقيق معه إعترف أنه كان يحاول السفر إلى عمان ومن هناك يدخل خلسة إلى درعا.

وامام رئيس المحكمة العسكرية العميد الطيار خليل إبراهيم إعترف عماد بخطئه،  وحين سأله إبراهيم عن سبب وجود صور وفيديوهات لعناصر من "داعش" و"النصرة"  أثناء قيام عناصرهم بإعدام أحد العسكريين وبتعذيب آخر، صمت المتهم للحظات قبل أن يُجيب: "أؤكّد لك سيدي القاضي أنّني لم أعد أحبّهم، كنت مجنوناً.. (جنّيت لمدة شهر) وتبت عن غلطي وساعدني في يقظتي دخول والدتي المستشفى وشعوري بألمها".

وفي هذا الصدد فقد لفت مصدر أمني رفيع المستوى في إتصال مع موقع "الإقتصاد" إلى موضوع التسميات الغريبة التي يختارها البعض لإنشاء حسابات وهمية على "الفايسبوك" او "التويتر" وهذه الحسابات يتم إكتشافها بأن معظم أصحابها إما لصوص او إرهابيين يستدرجون الشبان المراهقين وتحريضهم على الإرهاب وإغرائهم بالمال والنساء في حال سافروا للمشاركة في "الجهاد"، كما أن عدد من تلك الحسابات يكون ورائها نساء متواطئات مع "داعش" تعمل على بث الإغراء في نفوس هؤلاء الشبان وبعد محادثات طويلة تقنعه الفتاة بالسفر إليها إلى سوريا أو العراق والإلتحاق بالـ"مجاهدين" ( كما يعتبرون أنفسهم)، فيكون مصيرهم الموت أو القبض عليهم في لبنان او البلد المتوجهين إليه.

ولفت المصدر إلى أن بعض الأسماء التي تحمل لقب مثل "الوردة الحزينة – أبو بكر الكبير- الزهرة الدمشقية – المجاهد المحارب - الفارس المتمرّد" وغيرها الكصير والكثير من الأسماء المشبوهة هي حسابات غير حقيقية وستؤدي بالشخص الذي يقبل صداقتها إما القبض عليه من قبل الأمن أو الموت بالرخص مع الإرهابيين.