كلنا نحلم بوطن افضل.. وفي بلد كلبنان عندما نقول بلد افضل نعني بها السلام.. كل هذا يبقى "كلام" و"احلام" ان لم يتم تنفيذه..

إمرأة تحلم مثلنا ولكنها تتميز بالعزيمة والإصرار.. فإحلامها لا تنحصر فقط "وقت النوم" بل تستيقظ كل يوم لتحققها..

احلامها هي احلامنا.. ومشروعها هو "مدينة السلام" ..

الذي سيتضمن مراكز تأهيل وإعادة تأهيل للأطفال الاحداث، مستوصف، مدرسة داخلية، تفعيل بطاقة ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها الكثير..

سيكون هذا المشروع بمثابة "ضيعة" بأجواء نظيفة للأطفال، النساء والافراد من كافة شرائح المجتمع ..

وراء هذا المشروع إمراة تعمل كل اليوم بجدّ لتبصر هذه المدينة النور ..

الحاصلة على لقب " المرأة النموذج" في العام 2010 والمرأة  اللبنانية التي دخل اسمها في كتاب "غينس" للارقام القياسية ورئيسة الجمعية اللبنانية للتأهيل وإعادة التأهيل ..دورا مكاري

كان  لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع مكاري زرنا فيه موقع المشروع.. وتعرفنا اكثر على شخصية هذه المرأة الحديدية..

-كان بإمكانكِ استلام مناصب عادية في شركة او غير ذلك لمَ اخترتِ هذا المسار بشكل خاص؟

في الواقع انا بدأت حياتي المهنية من بابها الروتيني اذ كنت معلمة في مدرسة، ومن بعدها قمت بإفتتاح مشروعي الخاص، ولكني لا اتأقلم مع الحياة الروتينية.. ذات النمط الواحد..

احب التعامل مع الافراد اكثر من الحياة العملية العادية.. فانا اعتبر ان الانسجام مع الانسان هو من اصعب، ادق وارقى المهمات في العالم.

في العام 1996 بدأت بتنظيم المهرجانات وبمبادرة فردية.. نظّمت معرض "اهدن" السياحي وحضرته الفنانة "صباح" ونخبة من الفنانيين والمعنيين.

وفي العام 1988 كنت اول من دخل الى السجون ليطلع على حالها ويحسّن فيها.. وبمبادرة فردية ايضاً .. كان هذا الامر بمثابة صفعة لرجال الامن فلم يكن حينها التعاون بين المجتمع المدني والقوى الامنية مألوفا ً ولم يدرك الطرفين اهميته.

كنت اول من ادخل التلفاز الى السجون ووسع ورمم .. من بعدها طلب مني الانضمام للعديد من الجمعيات ولكني اكتشفت اني لا ارغب القيود فانا "حرّة عقلي"..

ومن السجون انتقلت الى العائلة لانها عملية متكاملة بحاجة الى متابعة... كنت اعمل ايضا على معاملات السجناء لتسهيل امورهم وزيارة اهلهم ومتابعة احوالهم.

-هل لك ان تخبرينا اكثر عن سبب دخول اسمك في كتاب غينيس" للارقام القياسية؟

تدرجت الامور..ففي البداية حصلت على لقب " المرأة النموذج" من خلال "حملة الايادي البيضاء" في العام 2010، المنظّمة من قِبل الجامعة العربية ، وكانت حينها اوّل حملة تُنظّم وعرضت على اكثر من 70 قناة تلفزيونية في الدول العربية.. ومن خلالها دخل اسمي في كتاب "غينس" للارقام القياسية...

-ما هي ابرز الصعوبات التي واجهتكِ خلال هذه الرحلة؟

اعتبر العديد من الاشخاص ان اندفاعي الزائد نحو الافضل هو مدعوم من طرف ما وهنا بدأت حرب "الإلغاء"، ولكن اذا كان الانسان راضيا وواثقا بخطواته لن يُخفهُ شيئا.

بإمكان الشخص سواء كان إمرأة ام رجل ان  يفرض نفسه واحترامه على الآخرين، فكلنا نتعرّض لمعوّقات في مسيرتنا... وانا دائما اقول "في البداية سيستخفون بك، ثم سيستخفون بك ومن بعدها سيعتبرونك تتسلى حتى تبرهن لهم العكس.."

ولكن الإنسان ينهار فعلا في حالة واحدة وهي عندما تتغلب الـ"الانا" العليا على اهدافه.

-ما هو الشعار الذي تعتمدينه في حياتكِ المهنية؟

اعيش هاجس "العادية" .. فكل مشروع اخوضه اقول لنفسي "اريد ان اترك هذه الحياة ..مع بصمة مميزة.. "

فأنا اعتبر اني خُلقت لاقوم بفرض ما وأرحل..

-ماذا يميّز دورا مكاري عن غيرها؟

 

استطعت من خلال اعمالي السابقة نيل ثقة العديد من الافراد من كافة شرائح المجتمع سواء كانوا مسؤولين، ذوي احتياجات خاصة، او سجناء..

ولكن في لبنان بصورة خاصة نلاحظ ان فقط ازواج واقارب المسؤولين هنّ من يقمن بالاعمال الخيرية ولكني انا وبمبادرة فردية اقوم بمشروع تنموي سيكون الاول من نوعه في الشرق الاوسط ككل.

-ما هي الاستراتيجات الخاصة التي تستخدمينها في عملك؟

قد يستغرب البعض لكثرة المرافق التي اعمل عليها في الوقت عينه.. الا اني اعمل على تنظيم اموري وترتيبها.. ولكن الخطوة الاولى تبدأ بوضع الهدف الاساسي ومنها ننتقل الى "تشعيبه" كالاخطبوط، ويتم العمل على كل هدف فرعي على حدى بوضوح ليتم في نهاية المطاف تحقيق الهدف الاساسي بطريقة منظّمة.

-برأيك كيف يقوم الفرد بتطوير نفسه؟

ليس بالامر الصعب، فعندما "يعشق" الفرد هدفه سيسعى للوصول اليه بكافة الطرق وسيتعلم من الكتاب، التلفاز، الانترنت لا بل يمكنني القول انه سيبتكر الطرق والوسائل المؤدية الى هدفه والى تطوير مهاراته.

-كيف تواجهين العقبات المالية وصعوبة تأمينها لمدينة كاملة؟

بالطبع عندما نتعاون مع الدولة قد نواجه بعض العراقيل، لأن الدولة بوضع مالي لا تُحسد عليه.. لذا قررت تحقيق هذا الحلم بخطوات متتالية امتدت على مدى اكثر من 5-6 اعوام.

بدأ هذا المشروع بمبادرة فردية...

واذا اردنا الحديث بالتفصيل، فسيحظى المستوصف بهبات تتمثل بمعدات وادوية طبية للامراض المزمنة، وعبر بعض المعارف تمكنّا من تأمين بعض المعدات الطبية الاولية. كما سيحظى المركز بسيارة اسعاف لتغطية اي حوادث طارئة...

اما مراكز اعادة التأهيل فسيتضمن اطباء يدرسون كل حالة بحالتها، بحسب متطلباتها، ابعادها النفسية وارتباطها بالعلاقة مع الاسرة.

بالإضافة الى تفعيل بطاقة المعوقين وهو امر لا يتطلب الكثير لوجود قانون لها وعقد بروتكول خاص بها.

-هل لكِ ان تخبرينا اكثر عن خطوات المشروع ومرحلة البناء الحالية؟

كما نعلم ان المشروع لن يضم فقط مركز لإعادة تأهيل الاحداث بل ايضا سيضم مستوصف، مدرسة داخلية وحدائق.. لذا نحن نقوم اليوم بالحفر، لكي نحضّر الموقع.. الذي سيضم في المستقبل مجموعة من المباني وستتألف من 5 طبقات كل هذا رُسم بحسب شروط الامم المتحدة لحقوق الطفل.

وقد اخذت الرسوم الهندسية بعين الإعتبار نوعية العمارة المطلوبة بحسب الشروط، فهناك ما يسمى بـ"عمارة الاحداث" الذي سيكون ضمن مدينة السلام.

وللأسف هذا النوع من العمارة نفتقره في المراكز اللبنانية، فالمركز الاول الواقع في سجن رومية مخالف للقانون المعتمد بالتعاون مع الامم المتحدة، اما الإصلاحية الواقعة في منطقة الفنار فهي بحاجة الى العديد من المؤهلات اثر نقص في الماديات.

-كيف استطعتِ تأمين الأرض المناسبة للمشروع؟

قدمت لنا الرئاسة العامة المارونية ارض بمنطقة بعشاش في زغرتا، مساحتها 15 الف متر مربع، وتتميز هذه الرقعة بموقعها المميز الواقع بين طرابلس وزغرتا.

-ما هي مميزات هذا المشروع عن باقي الإصلاحيات ومركز التأهيل وإعادة التأهيل الاخرى غير طريقة العمران؟

اولا تطابق هذا  المشروع مع كل شروط عقد البرتوكول مع الامم المتحدة، ثانيا توفير البيئة الحاضنة والمناسبة لأطفال الاحداث التي ستدعم خطواتهم المستقبلية عبر توفير المدرسة ضمن المدينة ومراكز تعليم المهن الحرفية، الحدائق العامة، الملاعب الرياضية والمسابح.

حتى هذه المرافق الترفيهية سيهتم بها وبرعايتها الفرد وبهذه الطريقة سيكتسب ميزتي الإكتفاء الذاتي والإعتماد على النفس.

كما ان القاضي هو من سيزور مدينة السلام لكي لا يتأثر الطفل نفسيا عند توجهه للمحكمة وتكبيل يديه .

انا ارى هذا المشروع كـ"ضيعة صغيرة" مخصصة لهم .. سيتخرجون منها كمواطنين افضل في المجتمع.

هدفنا هو إنشاء إصلاحية حضارية وعصرية.

-من اين تتلقون الدعم المادي الاكبر ؟

نحن نعمل على تأمين كل متطلبات الارض والمشروع لكي يكون جاهزا للمموّل.

وانا اثق باللبنانيين المغتربين وبإصرارهم على دعم المشاريع اللبنانية... وبكل من يتطلع الى لبنان افضل وجيل صاعد سليم.

- ماذا ينقض مشروع "مدينة السلام" اليوم؟

انا على ثقة تامّة بأن مشروع كهذا لن يتم عرقلته بالامور المادية لان مضمونه الجوهري واهميته تتخطى القيم المالية.. الا انه ينقصنا الجديّة في التعامل مع بعض الاطراف..

-متى ستبصر "مدينة السلام" النور؟

قمنا بآخر عشاء في صالة السفراء في "كازينو لبنان" بطرح المشروع من الالف الى الياء بحضور نخبة من الامنيين، الوزراء، السفراء، القضاة،والمنظمات وكل الملمين بالمشروع .. وليس "الممولين" لاني لا اسعى الى هذا الامر لاني مدركة انه بديهي .. وسيأتي بمفرده.. وانما  هدفي هو تسهيل الطريق للمشروع.. والا تتم عرقلته .. فأغلقت ابواب كثيرة في وجهي الا اني في كل مرة استطعت ايجاد وسيلة افضل من ذي قبل..

بدأنا بالحفريات حاليا وسنبدأ بالملاعب، والحدائق من بعدها .. وسنتدرج رويدا رويدا في المشروع لكي يكون على اكمل وجه..