أكد ​حاكم مصرف لبنان رياض سلامة​ أن المصرف ملتزم "بتطبيق القانون الأميركي ليس لأننا نخدم الأميركيين بل لأن مصلحة لبنان تقتضي ذلك".

جاء ذلك خلال غداء في فندق "Four Seasons" بمناسبة مرور 30 سنة على تأسيس تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين.

وقال سلامة "مصرف لبنان مستمر بهندساته النقدية بالتعاون مع المصارف لتحفيز الإقتصاد وتشجيع الطلب الداخلي وإيجاد فرص عمل للأجيال الصاعدة... مبدرتنا هي غير تقليدية، ولكن اليوم كل البنوك المركزية في العالم تقوم بمبادرات غير تقليدية – كلٌ تبعا لوضع أسواقه -، ولكن هذه التحفيزات التي قدمناها ساهمت بالنمو بالإقتصاد اللبناني، ونتوقع نسب نمو لهذا العام بحدود الـ2%، أكثر من نصفها سببه تحفيزات مصرف لبنان.

وأضاف "القروض المستعملة من المصرف المركزي عدى القروض المدعومة من الدولة وصلت تراكميا وتاريخيا الى حدود الـ9 مليار دولار .. والرزم التحفيزية التي تم تقديمها للمصارف بفائدة 1% وصلت تاريخيا وتراكميا الى 3.6 مليار دولار، وهذه السنة يبقى بحدود الـ685 مليون دولار لم تستنفذ، ولكن لدينا وقت لنهاية العام .. وأعتقد انها ستستنفذ كلها وإن لزم الأمر فنحن مستعدون لإضافة الرقم".

وتابع "الأولوية بالنسبة لنا هو الإستقرار بسعر صرف الليرة، والإستقرار بمستوى الفوائد، فنحن بالنسبة لنا مستمرون بالبرامج التحفيزية طالما لم تخلق هذه البرامج تضخم، ولم تهدد سلامة الليرة اللبنانية ولم تهدد الإستقرار المصرفي.. وقد قمنا ببعض المبادرات أخيرا لنضيف ونرفع من إحتياطات البنك المركزي بالعملات الأجنبية، فهنالك هندسات قمنا بها مع بعض المصارف، أدت الى زيادة موجوداتنا بالعملات الأجنبية بحدود الـ700 مليون دولار .. كما أنه بالتنسيق مع وزارة المالية قمنا بإستبدال سندات بالليرة اللبنانية بسندات بالدولار الأميركي صادرة عن الدولة اللبنانية بقيمة 2 مليار دولار ، وهذا يعني أننا أضفنا الى إمكانيات البنك المركزي بحدود 2.7 مليار دولار.. وأعتقد انه إذا تابعنا تطور هذه الهندسة التي ذكرتها في البداية سنرى أن هذه الأرقام ستفوق الـ3 مليار دولار".

وأكمل سلامة "كل ما ذكرته يطمئن الأسواق، ويطمئن حاملي الليرة اللبنانية، ويؤكد على أننا نمتلك القدرة على الإستمرار بتحفيز الإقتصاد وبنفس الوقت الحفاظ على إستقرار سعر صرف الليرة".

وأكد أن "قطاعنا المصرفي سليم، ولديه إمكانيات، ويتمتع برسملة جيدة تفوق رسملة عدة دول إستنادا الى مبادىء بازل 3، ونحن نعتقد بأن السياسة التي نتبعها بعدم قبول إفلاس أي بنك وأي مصرف، هي سياسة ناجحة وساعدت في نمو الودائع، والودائع من المنتظر أن تنمو بين 4 و 5% هذا العام، والذي يعتبر مبلغا كبيرا نسبة الى قاعدة الودائع الموجودة".

وقال سلامة "مصرف لبنان أيضا سعى ويهمه أن يبقى لبنان منخرطا بالنظام المالي العالمي، فمؤخرا أعلنت مؤسسة الغافي خلال جمعيتها العمومية التي إنعقدت في شباط من العام الحالي، أن لبنان إستوفى كل الشروط المطلوبة بما يتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".

ولفت الى أن "لبنان ليس جنة ضريبية ولن يكون على أي لائحة سوداء، ووقعت وزارة المالية مع الـOOCDإتفاق لتبادل المعلومات الضريبية في الـ2018، وأصبح لبنان أيضا منخرطا بالنظام العالمي المتعلق بهذا الأمر".

وأشا الى ان "لا يجب أن نتوهم من هذا القانون، فنحن طبقنا قانون فاتكا، ولا أعتقد أن السوق اللبناني تأثر بهذا القانون .. والمبدأ الأساسي لقانون  الـOOCDهو أن الإنسان يدفع ضرائب في المكان الذي يقيم فيه.. ونحن أيضا متخذين موقفا واضحا بإحترام القوانين الدولية وقوانين الدول التي نتعاطى معها مصرفيا وتجاريا، وبما يتعلق بالقانون الأميركي الأخير، فإن مصرف لبنان أعلن بكل وضوح أن لبنان ملتزم بتنفيذ هذا القانون، ليس من اجل خدمة الأميركان، بل لأن مصلحة لبنان تقتضي ذلك... فأصدرنا قرار رسمي من المجلس المركزي، وهذا القرار يطلب من المصارف أن تلتزم بهذا القانون وأن تقوم بالتبليغ عن الحسابات التي سيتم إقفالها أو عن الحسابات التي ترفض بأن تفتحها.. ولجنة الرقابة على المصارف أصدرت المراسيم التطبيقية لهذا القانون، والهيئة الخاصة أصدرت إعلان أيضا الذي يلزم المصارف بتبليغ الهيئة عن الحسابات قبل إقفالها أو رفضها، والهيئة لديها مهلة 30 يوم للرد على المصرف، وفي حال لم يتلقى المصرف جوابا خلال المهلة المحددة، يتصرف المصرف على مسؤوليته".

وتابع سلامة "صحيح أن الأمور دقيقية فيما يتعلق بالقانون الأميركي، ولكنني أطمئنكم أن التدابير التي قمنا بإتخاذها، والأسس التي نعمل على أساسها، ستؤمن الإستقرار التسليفي في البلد، ونحن ننظر الى المستقبل بتفاؤل".

وبعد سؤال من أحد الحاضرين حول قيام بعض المصارف بإقفال حسابات لأشخاص غير واردة أسماءهم في اللائحة التي حددها القانون الأميركي، قال سلامة "أن هذا الكلام عن إقفال حسابات عشوائيا هو أمر مبالغ به، لأننا في الهيئة المصرفية لم يتم إبلاغنا حتى الساعة بإقفال حسابات، والإعلان الخاص بالهيئة المصرفية ينص بوضوح أنه يجب إبلاغ الهيئة بالحسابات المرغوب إقفالها، وهناك مهلة 30 يوما يبقى فيها الحساب مفتوحا ويعمل بشكل طبيعي.. لذلك لم نرى حتى الأن طلبات بإقفال حسابات".

من جهته قال رئيس تجمع رجال الأعمال فؤاد زمكحل "لمن دواعي سروري أن أرحب بكم جميعاً مجتمعين اليوم بهذا العدد الكبير حول غداء نقاش مع سعادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وذلك بمناسبة مرور 30 عاماً على تأسيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين.

يجب أن نكون فخورين بحمل إسم رجال الأعمال اللبنانيين، اذ أن رجل الأعمال اللبناني معترَف به عالمياً بأنه يشكّل النخبة في عالم الأعمال في جميع أنحاء العالم. يتمتّع رجل الأعمال اللبناني باستمرار بارادة شديدة للتطور مهما كانت الصعوبات للمكافحة من أجل البقاء والمثابرة، ولإيجاد الفرص المخفية وراء الأزمات ....ان رجل الأعمال اللبناني هو الأسرع في التكيّف مع جميع الظروف، حيث أن سرعة التكيّف لديه هي واحدة من أقوى مزاياه الرئيسية وهو يعرف جيداً كيفية عكس السيناريوهات لصالحه وسيعرف دائما كيفية تحويل المخاطر الى الفرص."

وأضاف "منذ تأسيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين قبل 30 عاما،ً ورجل الأعمال اللبناني يحارب ويواجه أنواع عديدة من الصعوبات لكنه يبقى ويستمر "ويتعايش" من جديد مرة ثانية وثالثة... ألم يحن الوقت لمرة واحدة لكي نعيش بدلاً من ان نحاول البقاء على قيد الحياة باستمرار"ونتعايش" ؟ ألم يحن الوقت لنتمتّع  بنجاحاتنا وبالتطور الذي حققناه وبإنجازاتنا.؟...أمكتوب علينا السعي للبقاء على قيد الحياة والتعياش عوض أن نعيش في سلام وكرامة؟

منذ تأسيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين قبل 30 عاما،ً ونحن ندرك بابتسامة حزينة بأن الأسباب والأهداف التي دفعت إلى إنشاء هذا التجمع لا تزال قائمة اليوم وحتى انها ازدادت. بالفعل، فان المشاكل التي كان يواجهها رجال الأعمال قبل 30 عاماً لا تزال هي نفسها، أو بالأحرى تفاقمت. وما تزال المشاريع والصيغ المقترحة منذ 30 عاماً، والتصريحات أو المواقف المتّـخذة قبل 30 عاماً صالحة لغاية اليوم، اذ يكفي فقط تغيير التاريخ، وسوف تكون هذه المشاريع والمواقف والمطالب جاهزة ​​للاستخدام مرة أخرى كما هي ... .. والأهم من ذلك كله ربما انه حتى الأشخاص التي كانت موجَّهة اليهم هذه التصريحات هم الأشخاص نفسهم الذين يستمعون الى مطالبنا اليوم وربما سيعطوننا الإجابات المراوغة نفسها بالدبلوماسية المعتادة ......... هل ينبغي عيلنا أن نضحك أم أن نبكي؟ .... . أترك ​​لكم الخيار .... ولكن ردّنا واضح وحازم:  لن تضعف أبداً عزيمتنا ولن يضعف حماسنا، وسنستمر  بالمكافحة جسداً وروحاً، أو بالأحرى سندافع عن أنفسنا وعن شركاتنا وسنقف بشجاعة بوجه الأيادي الخفية التي تريد تدمير اقتصادنا وبلدنا. ان سر نجاح رجال الأعمال اللبنانيين يكمن بشكل رئيسي في مثابرتهم وعزمهم وشجاعتهم ... ان هذه الصفات ملك لنا ولن يستطيع أحد انتزاعها منّا!".

وقال زمكحل "نحن لم نتوقف أبدا عن تقديم مشاريع قوانين في محاولة لتحسين بيئة الأعمال : يحتفل أيضاً مشروع ضمان الشيخوخة الذي أعدّه تجمع رجال الأعمال اللبنانيين في عام 1993 بعيده ال 25 ... اقترحنا مؤخراً مشروع الشركات المساهمة المبسّطة، وكذلك مشروع الأسهم التفضيلية لشركات القطاع الخاص، ومشروع الضمانات العينية ومشروع الإفلاسات الجديد.. و هلمّ جراً...".

وتابع "عملنا بنشاط للتفاوض من أجل انضمام لبنان الى السوق المشتركة ميركوسورMercosurوتحالف المحيط الهادئ في أمريكا اللاتينية، ومنظمة التجارة العالمية(WTO)مع الحفاظ على حقوق رجال الأعمال اللبنانيين والدفاع عنها.

كانت اولويتنا في الآونة الأخيرة انفتاحاً أكبر باتجاه رجال الأعمال اللبنانيين في جميع أنحاء العالم: ترأسنا وفوداً الى الدول العربية وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، وكنا من بين أول من زار ايران بعد رفع العقوبات".

وأكمل "قمنا بكل فخر بتوقيع مذكرات تفاهم مع رجال الاعمال اللبنانيين في المكسيك، وفي فرنسا(HALFA, وفي البحر الأبيض المتوسط​​(IPEMED)وفي دول عربية .. وسوف نظل نجول العالم رافعين بيد وبكل فخر العلم اللبناني وباليد الآخرى علم الريادي اللبناني الموجود في كل ركن من أركان العالم. وسوف نستمر في السفر حول العالم للحفاظ على بلدنا على الساحة الاقتصادية العالمية على الرغم من الفراغ الدستوري الذي يؤثر سلباً على شرعيتنا ويضرب بشهرتنا العالمية.

سيكون خطابي حقاً ضعيفاً وغير مكتمل إن لم أذكر زملائنا وإخوتنا، ورجال الأعمال اللبنانيين في جميع أنحاء العالم. لقد غادر معظمهم وطنهم للأسباب نفسها التي ما تزال تدفع الشباب المبدعين والأدمغة والمواهب لدينا الى الهجرة. نحن نذكّرهم يومياً ان السبب الذي جعلهم يغادرون ديارهم لا يزال قائماً وصالحاً ولم يتغيّر حتى الآن ...... بدأوا جميعاً دون استثناء من الصفر، وتمكنوا من بناء الامبراطوريات في جميع المجالات. ووفق سلطات البلدان المضيفة لهم،  يساهم المغتربون اللبنانيون في 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا، و 19٪ من الناتج المحلي الإجمالي في أميركا اللاتينية.

قاموا ببناء "لبنان" صغير في كل بلد أو قرية حيث استقرّوا ... وهنا نقوم بتدمير لبنان الحقيقي، هذه الجنَّة التي هي بين أيدينا".

وقال زمكحل "أود هنا اللجوء الى كلمات الرئيس المكسيكي السابق أدولفو لوبيز ماتيوس في عام 1962 الذي قال في احد خطاباته الشهيرة "ان لم يكن لديك صديق لبناني فاذهب وابحث عنه.... "

اليوم 30 أيّار 2016، وتقديرا لإنجازات رجال الأعمال اللبنانيين في العالم، وفي الذكرى ال30 لتأسيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين ، وبدعم من سعادة حاكم مصرف لبنان ومن جميع الحاضين، وباسم مجلس الادارة يشرّفني ويسعدني أن أعلن عن إنشاء تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم(RDCL Word)".  

وتوجه الى حاكم مصرف لبنان قائلا "رياض سلامة تعلّمنا منذ البداية ومنكم بوجه خاص، وجوب فصل دائماً الاقتصاد عن السياسة، والابتعاد عن الرمال المتحركة والهروب من مزالق السياسة الضيقة ولكن للأسف اختبرنا بوضوح أننا عندما نهرب من السياسة المحلية، تلحق بنا السياسة الإقليمية وعندما ننجح بالابتعاد عن السياسة الإقليمية، تاخذنا السياسة الدولية بين مخالبها... بصفتنا رجال أعمال لبنانيين، نحن نحسد بلاد مجاورة معيّنة وكنا نرغب ان يكون لدينا مثلهم حلفاء اقتصاديين وحلفاء ورعاة ماليين لمساعدتنا، وحمايتنا اقتصادياً ومالياً والوقوف الى جانبنا في فترات الأزمات والصعوبات والضغوط المحلية والإقليمية والدولية".

وختم "سعادة الحاكم، كنا دائما إلى جانبكم، وها نحن اليوم الى جانبكم بفخر وسنظل كذلك في المستقبل بكل وفاء في أي مركز تشغلونه لبناء يداً باليد جبهة اقتصادية قوية ومتحدة ومتضامنة لمواجهة كل العواصف او بالأحرى كوارث التسونامي التي تهزّ بلدنا واقتصادنا."