برعاية وزير المال علي حسن خليل ممثلاً برئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لمياء المبيّض بساط، أقيم اليوم الخميس في المعهد التابع لوزارة المال، الإحتفال الختامي لبرنامج اللقاءات العلمية المخصصة للكوادر العليا في الإدارة اللبنانية الذي وفّره المعهد على مدى ست سنوات، بالشراكة مع المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة (ENA)  وبدعم من المعهد الفرنسي (l’Institut Français) ومصرف "فرنسبنك"، وشارك في دوراته الستّ 116 قيادياً لبنانياً من 43 إدارة ومؤسسة عامة.

وحضر الاحتفال سفير فرنسا إيمانويل بونّ ومديرة المدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا ناتالي لوازو وعدد من

المديرين العامين والقضاة والمسؤولين الكبار، بينهم رئيس الهيئة العليا للتاديب القاضي مروان عبود، والدكتور جورج لبكي ممثلا رئيسة مجلس الخدمة المدنية القاضية فاطمة عويدات،  والسيد سمير نعيمة ممثلاً رئيس المجلس الأقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس.

خليل

وألقت بساط كلمة الوزير علي حسن خليل، فجددت "الامتنان لكل ما تقوم به فرنسا من أجل مساعدة لبنان ودعمه في كل المجالات، وخصوصاً في مجال تطوير الدولة والإدارة العامة اللبنانية".

وأضافت: "خلال الأعوام العشرين المنصرمة، تنوّعت أوجه الدعم والتعاون التقني الفرنسي –اللبناني في مجالات تحديث الإدارة العامة وتطوير سياسات المالية العامة وأنظمتها، لتلتقي مع أولويات الحكومة اللبنانية في تعزيز فاعليتها وأدائها من جهة، وتوفير خدمات أفضل للمواطنين في ظلّ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الملّمة بلبنان".

ورأت أن برنامج "اللقاءات العلمية المخصصة للكوادر العليا في الادارة اللبنانية"، الذي انطلق عام 2010 بالتعاون بين معهد باسل فليحان والمدرسة الوطنية للإدارة الفرنسية، وبدعم من سفارة فرنسا في لبنان، ومصرف فرنسبنك، له "مكانة خاصة، كونَه يتوجّه إلى القياديين في القطاع العام". ولاحظت أن "البرنامج نجحَ في استقطاب نُخبة من القياديين اللبنانيين وهُم  بامتياز رُسُل لتحديث أداء الدولة ومؤسساتها".  وأضاف" "هذاالبرنامد أسّس لمنتدى فريد من نوعه، فأصبح لدينا رُسُل تطوير منتشرون على الجزء الأكبر من خريطة الإدارة العامة، وعلى مستوى الأجهزة العسكرية والأمنية والقضائية. إنهم رسُل التغيير في إدارة الدولة، وبالتالي في سياساتها وأدائها".

وتابعت: "هؤلاء، وكلّهم ممن يُعَلِّمون، بما لديهم من علم وخبرة، ارتضوا أن يعودوا إلى مقاعد الصفّ طلاّب علم وخبرات جديدة، يستزيدون منها من خلال التفاعل مع غيرهم، ويضعون معارفهم وتجاربهم في تصرّف الآخرين أيضاً".

وأضافت: "إننا، في لبنان، نحتاج إلى مثل هذه النخبة القادرة على تجديد روحية الإدارة العامة، بحيث تكون قادرة على مواجهة التحديات التي تفرضها علينا حال عدم الاستقرار في المنطقة والعالم، وعلى استعادة ثقة المواطن بالدولة".

وهنأت المشاركين في دفعة عام 2015 "على اندفاعِهم والتزامِهم بالبرنامج"، وهنأت كذلك "إداراتِهم التي شجّعت مشاركتَهم والتي رأت في هذا البرنامج فرصة لتطوير مهاراتهم ومواكبة الجديد في مجالاتهم".

وأُثنت "على الدعم الذي وفرته المدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا، وشكرت لمصرف "فرنسبنك" بشخص رئيس مجلس إدارته عدنان القصّار، "التزامه ودعمه المتواصل لهذه المبادرة، والتي تحوّلت شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، في السعي نحو تحسين الأداء العام وبما ينعكس ايجاباً على النمو الاقتصادي والازدهار".

وأشادت أيضاً بفريق معهد باسل فليحان "لمثابرته في مسار تنمية القدرات ومواكبة التطوّرات العالمية في مجال التدريب المتخصص العالي الجودة، والإنتاج المعرفي المرافق له، كما والعمل المشترك بين من يجمعهم تصوّرٌ متجدّد لدور الدولة الحديثة".

وجددت الشكر "لفرنسا الداعمة للبنان باستمرار، في أحلك الظروف وأفضلها". وختمت قائلة: "عشرون عاماً مضت على بداية هذا التعاون التقني المميز، ونتطلع إلى سنوات عدة مقبلة مليئة بالأمل المتجدد والاندفاع في خدمة للبنان واللبنانيين".

بونّ

أما السفير بونّ، فشدد في كلمته فشدد على أهمية دور مسؤولي الإدارة العامة اللبنانية "في هذا الظرف السياسي الصعب" نظراً إلى أنهم "يحافظون على الدولة ويحضّرون للمستقبل".

وإذ أثنى على التعاون بين المعهد وفرنسا، وعلى برنامج لقاءات الكوادر، قال إن "فرنسا تقدّر للبنانيين صداقتهم لها" وتمسكهم باللغة الفرنسية "في بناء المستقبل".

وإذ أشار إلى الإحتفال غداً الجمعة بعشرين عاماً من التعاون بين فرنسا ولبنان، ذكّر بثلاثة التزامات فرنسية تجاه اللبنانيين، أولها "الحفاظ عل التميز في التعاون الفرنسي اللبناني"، والثاني "وقوف فرنسا الى جانب لبنان لتعزيز وتمتين مؤسساته، ليس فقط لمساعدته على الصمود في ظل الأوضاع الراهنة المتمثلة في النزوح السوري والمشاكل السياسية والأمنية، ولكن أيضاً للتحضير للمستقبل". وقال: "في ظل الظروف الراهنة، القياديون في القطاع العام هم الأمل في المستقبل، لأن اللبنانيين  يريدون دولة فاعلة ومنتجة ومتجردة وفي خدمة الجميع، ونحن ملتزمون مساعدة لبنان في بناء هذه الدولة". وأشار إلى أن "الالتزام الثالث هو عدم اقتصار التعاون بين البلدين على الجوانب التقنية، بل الحرص على أن يكون تعاونا يعكس التاريخ المشترك بين البلدين وصداقتهما والقيم التي تجمعهما".

لوازو

وتحدثت أيضاً مديرة المدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا  ناتالي لوازو فقالت: "هذه اللقاءات محطة مهمة في شراكتنا مع لبنان، الهادفة إلى تعزيز فاعلية الدولة اللبنانية". وشددت على أن دور القياديين "مهم واساسي أكثرمن أي وقت مضى، وخصوصاً في ظل الصعوبات والتحديات التي يواجهها لبنان والإدارة العامة اللبنانية".

ووصفت القياديين في الإدارة العامة اللبنانية بأنهم "أبطال"، إذ "اختاروا البقاء في بلدهم، واختاروا الوظيفة العامة فيه".

ولاحظت أن "المواطنين في دول العالم كلها  باتت لديهم توقعات كبيرة من الادارة العامة، وينتظرون منها أن تكون فاعلة  وحاضرة في ظل التحديات الجديدة". وأضافت: "أكثر من اي وقت مضى، المواطنون في كل مكان ينتظرون الحماية من الدولة. فهم يتوقعون منها الحماية من العنف والقلق، والحماية من مشاكل البيئة والطاقة والمخاطر الصحية وسواها". 

وشددت على أن "الإدارات العامة يجب ان تلبي هذه التطلعات وخصوصاً أن الناس باتوا متعلمين وواعين أكثر وتالياً أكثر تطلباً، لكنهم في الوقت نفسه باتوا أقل استعداداً لدفع ثمن العمل العام". واعتبرت ان "عمل الإدارة العامة اليوم وغداً يجب أن يكون أقل كلفة واكثر فاعلية، بحيث يلبي تطلعات المواطنين وفي الوقت نفسه يضبط الإتفاق من دون التأثير على خدمات الدولة في المجالات الأساسية".

ورأت أن "المرحلة الراهنة فرصة لاعادة النظر في الوظيفة العامة ووسائلها وأساليبها". وقالت إن  "العالم يتغير بسرعة وعلى الادارة ان تتغير بالسرعة نفسها وحتى ان تستبق التغيرات". وأشارت إلى أن "التحديات التي تواجهها الإدارة العامة في لبنان هي نفسها في كل مكان".

القصّار

وألقت دانيا القصّار كلمة رئيس مجموعة "فرنسبنك" الوزير السابق عدنان القصّار، فأكدت أن المصرف بفخر بتعاونه مع المعهد والمدرسة الوطنية للإدارة والمعهد الفرنسي لتوفير برنامج لقاءات الكوادر العليا، مشددة على أن "هذه المبادرة تندرج في إطار المسؤولية الإجتماعية والمواطنية للبنك، وتهدف إل تقوية مؤسسات الدولة وتالياً الدولة اللبنانية نفسها".  وأكدت استعداد "فرنسبنك" للاستمرار "في الإسهام في بناء المؤسسات وفي قيام روح اجدد وتقدم شخصي لدى المسؤولين في الإدارة العامة اللبنانية".

كلمة دورة 2015

وألقت جومانا كبريت كلمة باسم المشاركين في دورة 2015 فاعتبرت أن اللقاءات أتاحت للمشاركين فرصة تطوير أنفسهم وتعميق معارفهم وتحسين قدراتهم الإدارية. وأشادت بأسلوب العمل التشاركي في الدورات، وبالمواضيع التي تناولتها الدورات.

استطلاع

وكانت بساط استهلت الإحتفال بكلمة ترحيب، أشارت إلى أن "116 قيادياً لبنانياً من 43 إدارة ومؤسسة عامة شاركوا في هذا البرنامج على مدى دوراته الستّ، من العام 2010 إلى العام 2015  ووقعوا شرعة القياديين"، مشيرة إلى أن عدد طلبات المشاركة بلغ 215.

وأفادت بأن نسبة المشاركات في هذه الدورات من النساء تقارب نسبة الرجال، إذ بلغت 45 في المئة، في حين بلغ متوسط أعمار المشاركين 52 عاماً.

ورأت أن "هذه الأرقام تظهر مدى انفتاح القياديين اللبنانيين، سواء أكانوا موظفين كباراً أو قضاةً أو ديبلوماسيين أو ضباطاً في الأسلاك العسكرية والأمنية، ورغبتهم في التعلّم والتعمّق في مواضيع معاصرة تتعلق بالإدارة العامة وتحديث الدولة".

ولاحظت أن المشاركين في الدورات الستّ اجتمعوا حول الطموح إلى "بناء وظيفة عامة لبنانية فاعلة ومنفتحة وديناميكية، ودولة يحترمها مواطنوها".

وأبرزت أهمية هذه الدورات للكوادر "المدعوين إلى قيادة الإصلاحات والتغيير، واستنفار فرق عملهم حول أهداف مشتركة، وكذلك إلى التشريع ووضع السياسات العامة". واعتبرت أن هؤلاء "يواجهون اليوم مزيداً من التحديات المعقدة" في ظل "وضع استثنائي هش"، وفي ظل وجود "عدد من النازحين السوريين يوازي نصف عدد الشعب اللبناني، وأزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة"، مما يجعل الإدارة العامة مضطرة "إلى مواجهة متطلبات تفوق طاقتها". وأضافت: "أكثر من أي يوم مضى، يقع استمرار الدولة ومستقبلها على كاهل هؤلاء القياديين".

وشددت على أن أبرز نتائج برنامج لقاءات الكوادر العليا تتمثل في "جعل القرارات مستندة إلى معلومات، وتطوير أساليب الإدارة، وانفتاح الإدارات بعضها على بعض، وإرساء حوار وتعاون بين الوزارات".

وعرضت لنتائج استطلاع شمل المشاركين في الدورات، وأبرزها أن نسبة رضى هؤلاءعن البرنامج هي 72 في المئة، لجهة اكتساب معارف جديدة، أو تعزيز معارفهم، أو الإطلاع على الممارسات الدولية الجديدة، وخصوصاً الفرنسية منها. وأشار 30 في المئة من المستطلًعين إلى أنهم اكتسبوا مهارات إدارية وقيادية جديدة، وخصوصاً في مجال التواصل وتحفيز فريق العمل وإدارة التغيير.  وقال 79 في المئة إنهم طبقوا ما اكتسبوه من معارف في المجال الإداري، في حين طبق 66 في المئة ما اكتسبوه في مجال الإدارة المالية. كذلك أشارت إلى أرقام إحصائية أخرى تتعلق بأهمية الدورات على مستوى التشبيك وتوثيق العلاقات بين مسؤولي الإدارات والمؤسسات العامة.

وأشارت بساط إلى أن المشاركين في الدورات شددوا على ضرورة وجود "إدارة استراتيجية وحديثة للموارد البشرية"، وعلى أهمية توافر "سياسة تدريب تتوافق مع الحاجات الفعلية"، داعية إلى "إعادة النظر في معايير توظيف القياديين وحركيتهم وترقياتهم"، و"إعطاء الأولوية لمواكبة القياديين الشباب".

وأملت في "حوار وطني في شأن هذه المواضيع بين السياسيين والمسؤولين الكبار في الإدارة العامة والجهات الإقتصادية وكذلك المواطن، سعياً إلى مشاركة الجميع في بناء وظيفة عامة للمستقبل".

وشكرت بساط المدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا "التي أوفدت 17 خبيراً لإحياء الدورات الست، إضافة إلى عشرة خبراء لبنانيين". كذلك شكرت المعهد الفرنسي والسفارة الفرنسية في لبنان والسفراء المتعاقبين، ومصرف "فرنسنبنك" وخصوصاً رئيسه الوزير السابق عدنان القصّار، معتبرة أن التعاون مع "فرنسبنك" نموذج ناجح للشراكة بين القطاعين العام والخاص في خدمة المصلحة العامة.

إفادات ودروع

وتم عرض شريط وثائقي عن اللقاءات، ونتائج الدراسة حول كفايات الكوادر العليا في الإدارة العامة في لبنان.

وختاماً، تم توزيع إفادات مشاركة ودروع تقديرية للمشاركين في دفعة  2015، وهي الأخيرة من البرنامج.