عادت الحياة الديمقراطية الى لبنان عبر بوابة الإنتخابات البلدية التي شارفت على البدء.. وذلك بعد غياب دام لسنوات في ظل فراغات متتالية في المؤسسات الدستورية كافة، فقصر بعبدا مازال فارغا من رئيسه .. والمجلس النيابي الممد له أصلا "عاطل عن العمل" ... والحكومة تسير بعض الأمور بمعجرات.

إلا أن هذا المشهد الديمقراطي الذي تجلى من خلال الحملات الإنتخابية في كافة القرى والمدن اللبنانية، وخاصة في العاصمة بيروت، أعاد بصيص من الأمل بأن لبنان مازال متمسكا بنظامه الديمقراطي على الرغم من المشاكل السياسية والإقتصادية الداخلية، والعواصف الإقليمية التي لم تهدأ منذ سنوات.

فهل لهذا المشهد الديمقراطي إنعكاس إيجابي على الإقتصاد ؟ وهل يمكنه إعادة ترميم ثقة المواطن بدولته؟ كيف حركت الحملات الإنتخابية بعض القطاعات؟ وكيف كان أداء القطاعات الإقتصادية بشكل عام في الربع الأول من السنة ؟ هذه الأسئلة وغيرها اجاب عنها الخبير الإقتصادي د. لويس حبيقة في هذا اللقاء مع "الإقتصاد".

- مع عودة الحياة الديمقراطية من بوابة الإنتخابات البلدية .. هل سينعكس هذا إيجابا برأيك على ثقة المواطن بالدولة وبالتالي على الإقتصاد بشكل عام؟

لا شك أن هذا الإستحقاق يحسن صورة لبنان، ويعطي إنطباع إيجابي في الخارج بأن لبنان بلد ديمقراطي ومازال مستمرا في ديمقراطيته، كما يُشعر المواطن أيضا بنوع من الطمأنينة.

اما بالنسبة لتحريك العجلة الإقتصادية وإعادة ثقة المستهلك والمستثمر، فهذا الأمر بحاجة الى وقت أكثر ولا يرتبط فقط بالإنتخابات البلدية.. فما يعيد الحركة للعجلة الإقتصادية ويدفع المستثمرين للعودة الى لبنان هو إستكمال الإنتخابات البلدية بإنتخابات نيابية ينتج عنها مجلس جديد، ثم إنتخابات رئاسية تنهي الفراغ في قصر بعبدا.

ولكن أكرر، الإنتخابات البلدية هي خطوة إيجابية تثبت بأن لبنان بلد ديمقراطي فعلا، ولا يدعي الديمقراطية ... كما أن هذا الحدث المهم يثبت بأن القوى الأمنية اللبنانية قادرة على ضبط الإنتخابات، وهنا تنتفي حجة الأمن التي كانت تقف بوجه الإنتخابات النيابية، لذلك نأمل أن تستكمل هذه الخطوة بإنتخابات نيابية جديدة خلال فترة قصيرة... لان ذلك هو السبيل الوحيد لعودة الحياة الى المؤسسات وبالتالي الى الإقتصاد الوطني.

وهنا يجب التنويه الى أن فترة التحضير للإنتخابات البلدية كانت فترة إيجابة، حيث لم نشهد أي مشاكل فردية كانت أو جماعية، والتناس ياخذ منحى حضاري بإمتياز.

- هل تحرك الحملات الإنتخابية الحاصلة في المدن والقرى عجلة بعض القطاعات ؟ وكيف؟

الحملات الإنتخابية والتحضير للمعارك الإنتخابية في المدن والقرى تحرك بدون شك بعض القطاعات الإقتصادية، ولكن هذه الحركة لا يمكن أن يعول عليها لأنها آنية وستنتهي بمجرد إنتهاء الإنتخابات البلدية.

فالوضع الإقتصادي بشكل عام مرتبط بعوامل سياسية داخلية، وبمشاكل إقليمية كبيرة.. وبالتالي هو بحاجة الى أحداث إيجابية أكبر لتحدث فيه تغيير جذري.

- كيف تقيم أداء القطاعات الإقتصادية في الربع الأول من 2016؟ وهل ستؤثر الأزمة مع دول الخليج برأيك على الحركة السياحية مع بداية موسم الصيف؟

أعتقد أن العوامل السلبية التي أثرت على الإقتصاد اللبناني في السنوات الماضية مازالت موجودة، وبالتالي لا يوجد أي تحسن في أداء القطاعات الإقتصادية ككل، وإذا أردت أن أعطي الإقتصاد علامة فهي لن تتخطى الـ10/20.

أما بالنسبة لموسم الصيف، فهو بالطبع سيتأثر بغياب السياح العرب بسبب الأزمة مع دول الخليج .. وأملنا الوحيد هو في المغتربين اللبنانيين الذين يأتون لزيارة أهلهم خلال العطلة الصيفية .. قهم الأمل الوحيد اليوم لصيف جيد بالحد الأدنى.

- توقع صندوق النقد الدولي نمو 1.0% للإقتصاد اللبناني في 2016 على أن ترتفع الى 2.0% في 2017 ... هل توافق على هذه الأرقام ؟ 

لا يمكن التعليق في الفترة الحالية على أرقام تقرير صندوق النقد، فالسنة مازالت طويلة وهناك العديد من العوامل التي قد تتغير للأسوأ أو للأفضل، مما سينعكس إيجابا أو سلبا على نسب النمو.

ولكن إذا إستمر الوضع الداخلي والإقليمي على ما هو عليه في العام 2016، فأعتقد بأن 1.0% هو رقم منطقي نوعا ما، ويبقى أفضل من النمو السلبي .

وعلى كل حال، الإقتصاد اللبناني يحتاج الى نسب نمو أكبر بكثير من الأرقام المذكورة ليعود الى السكة الصحيحة من جديد، وهذه النسب يبج أن لا تقل عن 7 الى 8%.