دخل التجميل على اختلاف مستوياته الجراحية منها وغير الجراحية، على خط السياحة اللبنانية من بابها العريض وصار هدفا أساسيا يلجأ إليه عدد كبير من السياح الذين يقصدون لبنان بهدف تحسين المظهر الخارجي. ولم خفياً على أحد بان هذا القطاع يساهم بنسبة كبيرة في تنشيط السياحة التي تكبدت الخسائر في قطاع الفنادق والمرافق بسبب تردد السياح من المجيء إلى لبنان في ظل الاوضاع المتوترة في المنطقة.

وخير دليل على هذا الواقع زيادة عدد مراكز التجميل بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إضافة إلى ظهور وكالات خاصة تتولى تنظيم الرحلات التجميلية إلى لبنان وتأمين كل متطلبات الرحلة. كذلك وفي المقابل يلعب الإعلام العربي والأجنبي دورا بارزا في هذا الإطار في إلقائه الضوء على هذه الظاهرة والتركيز على أهم الابتكارات والنجاحات قد ساهمت إلى حد كبير في توسيع دائرة السياحة التجميلية في لبنان.

جميع المراكز تنشط رغم عدم شرعية بعضها

من بين آلاف مراكز التجميل المنتشرة في البلد هناك 34 مركزاً مرخصاً فقط.   ومن بين مئات خبراء وخبيرات التجميل، فقط 136 شخصاً لديهم إذن مزاولة مهنة التجميل. مع ذلك يبقى لبنان "بلد السياحة التجميلية" إنما غير المرخصة، المخالفة للمعايير الطبية والمتماشية مع معايير السوق الاستهلاكية التي تضع الأرباح فوق كل اعتبار، بحسب  ما يقول مصدر من وزارة الصحة لموقع "الإقتصاد".

وهذه العمليات التي جعلت من لبنان يتربع على عرش "التجميل"، لم تعد حكراً على النساء. فإذا كانت نسبة اللواتي يهرعن لإجراء العمليات تجميلية تتراوح بين 60-65%، فإن نسبة الرجال أصبحت مرتفعة أيضاً. ومعظم رواد عمليات التجميل هم من لبنان والعراق والأردن ومصر وبعض السيدات تأتين من دول الخليج.

في حديث مع موقع "الإقتصاد" يقول جراح التجميل إبراهيم شديد إن أكثر العمليات انتشارًا تلك التي تتعلق بتجميل الأنف وتتكلف ما بين 1500 إلى 3000 دولار،  ثم يليها عمليات إزالة الدهون التي تكلف 5000 دولار تقريبا ً وشد الوجه بتكلفة تصل إلى 7000 دولار.

ويضيف "هناك عمليات بسيطة لا تحتاج إلى جراحة تامة مثل حقن الجبين والخدود والشفاه بالبوتوكس والفيلر، وهذه تصل أسعارها من 600 إلى 1200 دولار أميركي، وهذه الترميمات وليس عمليات تكون كل ستة أشهر أو سنة حسب ما يرى الطبيب وضع الحالة".

لا ينكر شديد كما غيره من الأطباء أن هذه العمليات تجني الأرباح للطبيب وللفنادق حيث ينزل السائح العربي، ووجود هذه العمليات تساهم في تنشيط الإقتصاد ولو بشكل بسيط أو مؤقت".

مكاتب سياحية متخصصة في ترويج "للسياحة التجميلية"

وتجدر الإشارة إلى أن معظم أطباء التجميل لديهم شبه إتفاق مع فنادق محددة تساعد السائح على النزول فيه، وعادة ما تقوم شركات السياحة في الخارج ( دبي –العراق – الأردن ) بالتعاقد مع الطبيب اللبناني والفنادق وهذه الشركة هي من تتكفل بالحملة السياحية التجميلية تماماً كما هو حاصل في مراكز زرع الشعر المنتشرة بكثرة في تركيا ولها شركات منتدبة في لبنان.

ومن جهة أخرى يعكس مثلا "مركز نادر صعب" للتجميل الواقع في منطقة النقاش في جبل لبنان، نموذجا واضحا ومتطورا على ظاهرة السياحة التجميلية اللبنانية.

وما ساهم في تميز هذا "الفندق الاستشفائي" هو موقعه الجبلي على تلة مشرفة على البحر وفي بلدة تتميز بفخامة المباني الموجودة فيها ومناخها الصحي. وفي هذا الإطار يقول صعب للـ"الإقتصاد" إن السرية  تلعب دوراً مهماً  في نجاح عملنا، واستطاع هذا المركز أن يوفر للمرضى هذه الناحية النفسية من خلال الطابع العام الذي تميز به، إن لناحية التقسيم أو لناحية الهندسة العامة، إضافة إلى سبعة مداخل خاصة تسهل على المريض الدخول والخروج سرا إذا أراد ذلك".

ومن الناحية الطبية فكل عمليات التجميل متوفرة في المركز، ويتولى صعب بنفسه إجراء معظم عمليات التجميل، ويساعده في ذلك فريق عمل مؤلف من أطباء مساعدين، إضافة إلى عدد من الممرضات.

ويقول صعب" نعمل في هذا المجال على تشجيع السياحة التجميلية كي نسهل الأمر على المريض ونبعد عنه أي مشكلات قد يواجهها، فنرسل إليه سائقا خاصا لإحضاره من المطار إلى المركز بعدما نكون قد حجزنا له غرفة وحددنا له موعدا لإجراء العملية في غرفة العمليات الموجودة داخل المركز والمجهزة بأحدث المعدات الطبية وأهمه"،  مشيراً  إلى ارتفاع عدد المواطنين العرب والخليجيين الذين يقصدون هذا المركز.

هذا الكلام يؤكده طبيب التجميل هراتش فاتيكيان، فهو يعتبر في حديث مع "الإقتصاد" أن " رواده من لبنان ومن خارجه، وحتى من أسماء كبيرة لامعة في عالم الفن والإعلام، وهذا القطاع ينشط منذ سنوات طويلة في لبنان ويحقق مداخيل مهمة نظراً لثقة الزبائن العرب والمحليين بالتجميل اللبناني".

وعن الأرباح التي يجنيها الطبيب في هذا القطاع، يفضل فاتيكيان عدم الخوض في الأرقام ولكن يؤكد أن لكل عملية سعرها وحسب الحالة ولكن ما يشدد عليه هو أنها تؤمن مردود مادي ينعكس أيضاً على حركة الفنادق وحتى المطاعم والمقاهي بإعتبار ان السائح  بهدف التجميل يخرج أحياناً لتمضية الوقت بعد مثول وضعه للشفاء.

ويرى ان موسم  الربيع والصيف ترتفع فيه السياحة التجميلية ، لا سيما ان معظم الموظفين يأخذون عطلهم السنوية فيقصدون لبنان لهذه الغاية.

من جهته يقول مدير "مركز الحازمية الطبي" الدكتور إلياس شماس إن 40 % من زبائن المركز هم من الدول العربية وأوروبا مقابل 60 %، وإن 30% منهم من الرجال مقابل 70% من النساء.

ويرى ان نسبة 40 % من الزبائن هم من الخارج هي نسبة جيدة نوعاً ولولا توتر الأوضاع في لبنان والمنطقة لكنا هذا العدد أكثر بكثير، ولكن نأمل تحسن الوضع الامني في لبنان كي نرفع هذه النسبة كونها تنعكس أيضاً على كافة القطاعات الاخرى وليس فقط على مجال الطبي التجميلي.

أما بالنسبة لوزارة السياحة المعنية في حركة الفنادق فقط، وليس بعمليات التجميل، فيقول مصدر من داخلها لموقع "الإقتصاد"، بانهم لا يستطعون كوزارة معرفة ما إذا كان هؤلاء الوافدين إلى لبنان ياتون من أجل النقاهة والتبضع أو من أجل عمليات التجميل، ولكن بالوقت ذاته تصلنا بعض المعلومات عن أن حركة إشغال هذه الفنادق هي بسبب السياحة التجميلية.