استضاف "مصرف لبنان" في مقره الرئيسي يوم الأربعاء الماضي يوم الشمول المالي وذلك بالتعاون مع "صندوق النقد العربي" وبحضور ومشاركة مصارف لبنانية. وكان لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة كلمة أكد فيها ان ما حصل في لبنان والدول المجاورة  يظهر اننا لازلنا نتمتع بمناعة وقدرات مهمة لحماية الإستقرار رغم الظروف الصعبة مشيراً الى ان هذا الأمر يجب ان يشجع اللبنانيين لزيادة تعاطيهم مع القطاع المصرفي.

وللإطلاع على المزيد من التفاصيل المتعلقة بالشمول المالي وعلى وضع لبنان من حيث الشمول المالي كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع عميد كلية إدارة الأعمال والاقتصاد في "جامعة الحكمة"، البروفيسور ​روك أنطوان مهنا​:

- ما هي أهمية الشمول المالي بالنسبة للمصارف والإقتصاد الوطني؟

الشمول المالي مهم للإقتصاد وهو المفتاح الأساسي لانخفاض الفقر وزيادة الإزدهار. الشمول المالي يزيد امكانية الحصول على التمويل لكل شرائح المجتمع من مؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم، ويساعد المصارف على زيادة شريحة الزبائن لديها، الأمر الذي يمول الإقتصاد ويزيد النمو، كما يقلل من نسبة المخاطر لأنه يؤدي الى الإختلاف في نوعية الزبائن من حيث القطاعات التي يعملون بها.

- الى اي درجة من الشمول المالي وصلت المصارف اللبنانية؟

للأسف لازلنا بمستوى ليس جيداً ولا حتى مقبول، ليس هناك استفادة من الثروة المصرفية والحجم المصرفي الهائل في لبنان الذي هو أكثر بنسبة 3.5 أو 4 مرات من حجم الإقتصاد اللبناني وذلك لأن المصارف تفضل الربح السريع والمضمون.

مصرف لبنان يقوم بمبادرات جيدة، كحزمة المليار دولار الأخيرة للقروض الميسرة، لكنها لا تصل لجميع الشرائح أي انها لا تنوّع مخاطرها لأنها تجد ربحية أكبر في تدوير دين الدولة. بشراء سندات الخزينة على المدى المتوسط والمدى الطويل، تجد المصارف في ذلك آلية مربحة وذات مخاطر منخفضة جداً ما يدفعها الى التخلي عن دورها التقليدي بتسليف القطاعات كافة وتنويع المنافسة وقاعدة الزبائن.

أمرٌ جيد ان تكون السياسة النقدية محافظة بل خطأ ان تكون هذه السياسة غير شاملة لكل الفئات. مع الإشارة الى ان الشرق الأوسط لا يزال حتى اليوم أقل منطقة في العالم لديها شمولية بالرغم من أنها منطقة الدخل فيها متوسط.

- ما هي التحديات التي تواجه القطاع المصرفي خاصة في ظل هذه الظروف؟

حقيقة غياب الشمول المالي هو بسبب التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي على صعيد الهيكيلية: أولاً: المصارف اللبنانية كبرت جداً (too big to fail) والدولة لا تسمح لها بالفشل لأن حجمها اصبح أكبر من حجم الإقتصاد الوطني وهذا أمر غير صحي. ثانياً: غياب قوانين المنافسة ومنع الإحتكار الذي يهيمن على الإقتصاد اللبناني. وأود الإشارة هنا الى خطورة اندماج المصارف الذي تؤدي الى زيادة حجم المصارف الكبيرة حين تندمج مع أخرى فيصبح لدينا تفاوت كبير بأحجام المصارف وهذا ما نلحظه مؤخراً. دمج المصارف المتعثرة شيء جيد ولكن ليس ان تصبح عادةً لاحتكار بعض المصارف الكبيرة...كما هي الحال في احتكار مؤسسات قليلة في معظم القطاعات وهذا ليس جيداً..لذا فإن الأفضل هو مراقبة عملية الدمج لتفادي التفاوت بين قلة كبيرة وأكثرية صغيرة. ثالثاً، لدينا هامش بين الفائدة على التسليف (القروض) وفائدة الإيداع التي يجب الا تكون أكثر من 2%، وهو أمر متعارف عليه دولياً، الا ان المصارف اللبنانية بحكم احتكارها للسوق تتخطى هذا الهامش بأربعة وخمس نقاط حتى انها تتخطى انضباط المخاطر فيها وتزيد الربحية بالتأكيد لكنها توقف عجلة الإقتصاد من خلال عدم تسليف المؤسسات الصغرى والمتوسطة والأفراد. رابعاً، عالمياً عند اعطاء التسليفات المؤشر يكون مؤشر الليبور العالمي أما في لبنان فإن جمعية المصارف تعتمد منذ سنوات مؤشر "Beirut Reference Rate" (هو أعلى من "الليبور+") الأمر الذي ينتج عنه ربحية أكبر للمصارف على حساب المواطنين والمؤسسات. وأخيرا هناك تحدٍ يتعلق بتركيبة مجالس الإدارة التي تعتمد على مالك المصرف وأقاربه وأصدقائه.

وهنا أدعو المصارف للعودة الى دورها التقليدي وهو تسليف الأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأن لا تصب تركيزها على اقراض الدولة.

- تحدث تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية عن اعتبار لبنان جنة ضريبية، ما هي صحة هذه الأخبار؟

هذا الأمر غير صحيح، هناك الكثير من دول الجوار التي فيها عدد كبير من شركات الـ"offshore" ولكن هذا لا يعني انها تعمل في تهريب الأموال والنشاطات غير القانونية الأخرى، ليس بالضرورة أبداً.

لبنان ليس جنة ضربية، لبنان لديه ضوابط ويتّبع المعايير الدولية الى حدٍ كبير، والدليل اقرار القوانين الأخيرة المتعلقة بالتصريح عن نقل الأموال وتبادل المعلومات، الخ...

تقرير "لوموند" جاء استناداً الى اوراق بنما السابقة للقوانين التي أقرها مجلس النواب اللبناني .