قد يمضي المرء اعواماً عدة خارج وطنه الى ان يدرك تماماَ ان لا عودة  للإنسان الاّ لجذوره..

سنعرض عليكم اليوم قصة رجل شعر بالمسؤولية تجاه لبنان بعد ما شهد معاناة ابناء وطنه في العام 2006.. بالرغم من عدم تواجده الفعلي حيث كان في بلاد الإغتراب...

سيطر عليه الإحساس بالمسؤولية ...

فعاد الى لبنان .. ليستثمر لا بل ليدعم رواد الاعمال الوطنيين والشركات الناشئة.. اكتسب خبرات في الخارج وساهم في إنشاء فرعاً لمنظمة عالمية في لبنان لدعم الطموحات والاهداف..

هو المدير العام التنفيذي لمنظمة "انديفور " في لبنان... طارق سعدي

كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع سعدي شرح لنا فيها عن محطات حياته المهنية وعن تطلعاته المستقبلية للوطن.

-بداية هل لك ان تصف لنا مسيرتك المهنية انطلاقا من حياتك الاكاديمية؟

تنقلت بين عدّة مدارس خلال دراستي في لبنان،بسبب ظروف الحرب آنذاك.

ومن بعدها اتجهت مع عائلتي الى لندن واستكملت دروسي، ثم قصدت الولايات المتحدة الاميركية لاتخصص في مجال العلوم السياسية الدولية والاقتصاد.

اخترت هذا الاختصاص بالتحديد لاني تأثّرت بالاوضاع التي عايشناها في لبنان.

وسنحت لي الفرصة ان اعمل في المكسيك في شركة للبث التلفزيوني، ومن بعدها عدت الى لندن وتابعت دراستي العليا "الماجيستير" بالشؤون والاستراتيجيات المالية.

وبعد تخرجي عملت في لندن ايضا، واسست شركة للإستثمار، الى ان حصلت الحرب في لبنان في العام 2006، ورغم اني كنت بعيدا عن البلد ولكني شعرت انه من الواجب عليّ القيام بأي أمر يساند وطني.

لذا بدأت مع مجموعة من الأصدقاء بما يسمى بـ"Lebanon United" وعملنا فيها على تأمين الاموال بهدف المساعدة في إعادة إعمار ما دُمّر في لبنان، وكنّا نقدم الاموال التي نجمعها للجمعيات اللبنانية التي لا تبغي الربح للقيام بهذه المهمة.

-كيف كسبتم ثقة المغتربين والمتبرعين خاصة ان جمعيات اخرى استغلت العمل الإنساني والإجتماعي لجمع ثروات شخصية؟

تميّزنا عن غيرنا واثبتنا نوايانا عبر تعاملنا المباشر مع اللبنانيين المغتربين من خلال تعزيز المواطنية لديهم وان كانوا في لندن فقمنا بنشاطات عديدة عن لبنان.

ومن احد المشاريع التي قمنا بها كانت "سهرة لمشاهدة الافلام اللبنانية" وبهذه الطريقة يكون المغترب قد ساهم في إعادة إعمار وطنه من خلال مبلغ التذاكر التي اشتراها.

كما قمنا بنشر كتاب عن لبنان.

-وكيف انتهى بك المطاف بالعودة الى الشرق الاوسط؟

كل هذه الامور دفعتني شجعتني اكثر للعودة .. في البداية  اتجهت الى دبي لفترة عام ونصف وعملت في شركة للإستثمار.

وفي العام 2009 قررت العودة الى لبنان، واسست شركة للإستثمار بإسم " MEVP" مع شركين آخرين.

وبدأنا بالإستثمار في لبنان.. وهنا تذكرت منظمة  "إنديفور" التي تعرفت عليها في المكسيك، والتي تعمل على دعم رواد الاعمال، والشركات الناشئة، لكي يساهموا في تطوير اقتصاد بلدهم.

وبدأنا في "إنديفور" لبنان..

ويتم دعم رواد الاعمال والشركات الناشئة من خلال العلاقات التي توفرها "إنديفور" لهم، خاصة ان المنظمة العالمية هي جمعية لا تبغي الربح، تعمل مع اهم رواد الاعمال في شتّى مجالات.

وكلما تطوّرت هذه الافراد والشركات كلما ساهموا في تأمين فرص عمل اكثر داخل البلاد.

نحن ندعم 20 الآن شركة ولكني واثق من ان هنالك العديد من الشركات القوية في لبنان، على عكس ما يقول المتشائمون "ما في شي بهيدا البلد" ولكن على الإنسان ان يسعى وان يكون شغوفاً في مجال عمله .. وان يثبت جدارته وقدرته على القيام بأي شيء يساهم في نجاح وتطور الشركة.

-ما هي اسباب صمودكم واستمراريتكم رغم انكم جمعية غير ربحية؟

نحن نعتمد على تبرعات لبنانية خاصة، فكلهم رجال اعمال من هذا الوطن نجحوا في حياتهم وآمنوا بقدرات لبنان ..وهم اليوم يعملون على رد الجميل عبر مساعدة رواد اعمال جدد...

كذلك يدعمنا بعض رواد الاعمال لاننا نساعدهم على النمو والتطور بدورنا.

كما نقوم بحملات تمولية، بالإضافة الى المساعدات التي نحصل عليها من بعض الشركات مثل "Beirut Digital District" التي تدعمنا في امور عديدة لا تقتصرعلى الشق المادي فحسب. 

-ما هي ابرز العقبات التي واجهتموها في "إنديفور لبنان"؟

يمكننا تلخيص العقبات عبر نقطتين، الاولى عندما يهاجر  رواد اعمال اقوياء وذوي خبرة، هذا الامر يؤثر على عملنا بطبيعة الحال لأننا نعمل معهم لدعم الشركات.

كما ومن ضمن مهامنا تحفيز الشركات والافراد على المشاركة فيما بينهم، ولكن بالطبع لا يتمتع الجميع بنفس طريقة التفكير والاسلوب في العمل والتعامل. 

-برايك ما هي الخصائص التي تميّز الشخص الناجح؟

ان لا يتردد من العمل بجدّ.. فلا يوجد مهمة اقّل من قيمة الفرد او تقللّ من مقامه بمعنى آخر فعلى سبيل المثال انا على الصعيد الشخصي عندما يجتمع فريق عملي احضّر القهوة لهم بنفسي.. وإن كنت مديرا فهذا لا يعني ان اجلس وراء مكتبي بفوقية..

بالإضافة الى تعاون فريق العمل الواحد والثقة المتبادلة فيما بينهم، فإن لم اتمكن من حضور اجتماع ما قد يقوم فريق عملي بهذه المهمة عنيّ لاننا نتبادل نفس الاهداف العملية والاهم من ذلك ..الثقة!

المثابرة على النجاح بنظري هي من العوامل الاكثر اهمية .. فلا يمكن للمرء ان يتراجع ..يستسلم.. او يختبئ من اي عقبة صغيرة قد يواجهها.

وفي لبنان بشكل خاص نفتقر اهمية وضرورة المصداقية والسمعة في مجال العمل .. قد يتلاعب الانسان على القوانين او على شركائه ويربح مرة او اثنين ولكنه سيخسر مصداقيته مدى العُمر..

-ما هي تطلعاتكم المستقبلية؟

نعمل على تطوير ملفات الشركات التي نعمل معها "Portfolios "، كما نعمل على توسيع شبكة  المدربين والخبراء ، كوننا ضمن جمعية عالمية لدينا 3000 مدرب في الخارج وحوالي الـ 150 مدرب في لبنان ، ولكنني نسعى الى التوسّع والتطور اكثر.

كذلك نسعى الى ترويج لبنان كبلد مُشجّع للإستثمار.

-اخيراً ما هي الرسالة التي تود توجيهها الى الشباب اللبناني؟

عليكم العمل جاهدا للوصول الى احلامكم.. فمن جيل الى آخر يقلّ ايمان اللبناني ببلده و هذه هي الحقيقة القاسية..  في نهاية المطاف هذا بلدنا ولن ننتمي الى بلد آخر لو مهما سافرنا ودرسنا في الخارج.. فأنا امضيت اعواما عديدة بعيدا عن وطني ولكني عُدتُ مع احساس بسيط بالمسؤولية وبضرورة ردّ الجميل للبنان.