يتم اليوم في 22 نيسان في قاعة الجمعية العامة للامم المتحدة  في نيويورك التوقيع على اتفاقية باريس لتغيّر المناخ . وتعتبر الاتفاقية  إطارا دوليا طال انتظاره وتم التفاوض بشأنه بهدف جعل الجهود التى تبذل للحد من انبعاثات الغازات، ملزمة قانونا . وسيشارك في التوقيع معظم الدول الكبرى المسببة للانبعاثات ومنها الولايات المتحدة الاميركية ، الصين ، اليابان وغيرها...

وقد دعي  رؤساء الدول والحكومات أو وزراء الخارجية أو غيرهم من ممثلي الحكومات الذين يملكون سلطة توقيع الاتفاق إلى طاولة بجوار المنصة، لكي يمهروا بتوقيعاتهم صفحات معينة من النسخة الأصلية الوحيدة من الاتفاق. ويشكل الاتفاق الأصلي وثيقة كبيرة الحجم، تحتوي النص الأصلي الكامل للاتفاق بجميع لغات الأمم المتحدة الرسمية الست، علاوة على صفحات مخصصة لتوقيعات جميع الأطراف في الاتفاق. كما ستعقد بعد توقيع الاتفاق جلسات منفصلة وتتاح فيها الفرصة للمشاركين للإدلاء بالملاحظات الوطنية.

في الواقع، سيساعد وجود اتفاق مناخي قوي مدعوم بالعمل على الأرض على تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالقضاء على الفقر وبناء اقتصادات أشد قوّة ومجتمعات أكثر أماناً وأفضل صحة وأصلح للعيش فيها في كل مكان.

وستنبثق عن مؤتمر باريس إعلانات عن تدابير جديدة تتعلق بالمناخ تبرز ما يقوم به المجتمع المدني والقطاع الخاص للسير قدماً على سبيل التصدي لتغيّر المناخ.

لقد أظهر برنامج عمل ليما – باريس، الذي صدرت عنه مئات الالتزامات والمبادرات الجديدة، أن التدابير المطلوبة لمواجهة تغيّر المناخ مماثلة للتدابير التي تتطلبها خطة التنمية المستدامة.

ما هي اضرار تغيّر المناخي؟

من المتوقع أن يفضي تغيّر المناخ في الفترة ما بين عام 2030 و2050 إلى نحو 250000 وفاة إضافية سنوياً من جراء سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري.

ولقد وصف  الدكتور كولن سامرهايس رئيس جمعية تكنولوجيا ما تحت الماء تغيّرالمناخ  بالكارثة الزاحفة.

واذا توّقع المفوض السامي السابق لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتييرز أن يكون التغير المناخي العامل الأكثر تأثيراً على النزوح القسري للسكان في المستقبل فان كلفة الأضرار المباشرة  للتغيّرعلى الصحة أي باستثناء التكاليف المترتبة في القطاعات المحددة للصحة مثل الزراعة والمياه والإصحاح هي  ما بين 2-4 مليارات سنويا بحلول عام 2030.

من جهته، لاحظ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن مواجهة التغيّر المناخي أمرٌ حيوي لإنجاح جهود محاربة الفقر، لأن آثار التغير المناخي كارتفاع درجات الحرارة وزيادة الجفاف تهدد جهود البرنامج في السنوات السابقة لتحقيق نجاحات في التنمية وتعرّض هذه الجهود للخطر. وهو يقوم حالياً بمساعدة الدول في مواجهة تحديات التغيّر المناخي ويعتبر أكبر مقدم للخدمات في هذا المجال في نطاق الأمم المتحدة حيث  يتم دعم أكثر من بلداً لتنفيذ مبادرات في مواجهة تغيّر المناخ. ولدى البرنامج . مليار دولار للتكيف مع تغير المناخ ولدعم الطاقة المستدامة.

ولانه لتغيُّر المناخ تأثيرات هامة على مستويات الفقر فان  مجموعة البنك الدولي  تسعى مع 130 بلدا لمساعدتها على تنفيذ خطط تنمية تراعي اعتبارات المناخ، وستزيد استثماراتها في تمويل المناخ نحو 29 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020 وهي زيادة بمقدار الثلث عن المستويات الحالية.

ماذا عن لبنان؟

رغم ان حصة  لبنان من إنبعاثات الغازات الدفيئة العالمية لا تعتبر ذات أهمية من حيث النسبة المئوية . فإنّ الإجراءات التي ينوي تنفيذها  من أجل تخفيض إنبعاثاته، والتي كان قد قدمها كمساهمات وطنية تعنيه أكثر على المستوى الوطني.

كما ان الارقام التي نشرتها وزارة البيئة بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي في تقرير جديد حول التداعيات الاقتصادية للتغير المناخي على لبنان تلحظ وصول  كلفة الاضرار على الاقتصاد اللبناني الى حوالي 17 مليار دولار في عام 2040 اذا لم يتخذ العالم تدابير سريعة وجدية لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة على الفور. وستحمل الحكومة اللبنانية والأسر اللبنانية هذه الاعباء الاقتصادية عبر تراجع الانتاجية والاستدامة في القطاعات المختلفة، على سبيل المثال ان انخفاض توفر المياه للري والاستخدام المنزلي والصناعي سيكلف الاقتصاد اللبناني 21 مليون دولار في العام 2020 وتصل الى الكلفة الى 320 مليون دولار في العام 2040.

ومن المعلوم، ان إزالة الغابات والتلوث وانبعاثات غازات الدفيئة وتجفيف الأراضي الرطبة والتغير المناخي والعولمة وعوامل الحياة العصرية الأخرى تقضي على الأنواع وتلحق الضرر بالنظم الإيكولوجية بمعدلات لم يسبق لها مثيل.وعندما تصاب الأرض بالضرر، فإن ذلك ينعكس ضرراً بالصحة ذاتها. فالبشر معرضون للخطر مثلهم مثل سائر الأنواع تماماً".

كثير من السياسات ومن الخيارات الفردية يمكن أن يقلل انبعاثات غازات الدفيئة وأن يحقق فوائد مشتركة صحية كبرى. فعلى سبيل المثال إن تعزيز الاستخدام المأمون لوسائل النقل العام والنشاط البدني في التنقل، مثل قيادة الدراجة أو المشي بدلاً من استخدام المركبات الخاصة، يمكن أن يقلل من انبعاثات الكربون، ويقلل من عبء تلوث الهواء المنزلي، الذي يسبب حوالي 4.8 مليون حالة وفاة سنويا، وتلوث الهواء المحيط والذي يسبب حوالي 3.7 مليون حالة وفاة كل عام.

منظمة الصحة العالمية

والجدير ذكره ايضاً انه في عام 2009 اعتمدت منظمة الصحة العالمية خطة عمل جديدة وضعتها بشأن تغيّر المناخ والصحة.

وفي 12 كانون الثاني  2015،وقَّع ممثلو 195 بلدا على اتفاق باريس التاريخي بشأن المناخ. وتعهَّد كل بلد بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ما يشكّل  نقطة تحوُّل في سعي العالم نحو ابطاء تغيُّر المناخ.

واليوم في 22 نيسان لبنان يتمثل في نيويورك برئيس الحكومة  لحضور اجتماع التوقيع على الاتفاقية التي سيستفيد منها بدون شك اسوة بغيره من الدول التي عندها اقل انبعاثات غازية ولكنها الاكثر تضررا . فهل ينجح هذه المرة على الاقل في اقتناص الفرصة بعدما اعتاد ان يكون  ملك الفرص الضائعة على مدى السنوات ؟

والعالم كله مجنّد للمواجهة فهل يكتفي لبنان بالتفرّج؟.