بعد أحداثٍ كثيرة في الأسبوع الماضي، من وفيات لبنانيين بعد الإصابة بفيروس H1N1 وفيروسات أخرى وربط الموضوع بمشكلة النفايات الوطنية، الى جلسات الحكومة التي انتهت بالموافقة على تثبيت متطوعي الدفاع المدني، إقرار إعطاء سلفة 50 مليون دولار لتمويل ترحيل النفايات، اقرار اعتمادات للجيش بكلفة خمسين مليار ليرة طلبها وزير الدفاع، وأخذ ورد وتنبؤات بشأن اقتراح الرئيس فؤاد السنيورة الشهير بفرض ضريبة 5000 ليرة لبنانية على صفيحة البنزين لتمويل الإنتخابات وتثبيت متطوعي الدفاع المدني، بالإضافة الى مؤتمر لندن بشأن سوريا حيث طرح لبنان احتياجاته لمواجهة اعباء النازحين السوريين، وقد قدرت بـ11 مليار دولار للسنوات الخمس المقبلة، على انه يحتاج هذا العام نحو مليارين و300 مليون دولار. وللإطلاع عل المزيد من التفاصيل بهذا الشأن كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة الأنطونية د. جورج نعمة:

- بالنسبة الى "مؤتمر لندن" الذي لم يعلن بعد عن حصة لبنان من المساعدات التي تمكن من جمعها، هل ترى أن الأمور ستكون جيدة ان لم نلق الموافقة على ورقة العمل 11 مليار دولار؟

حتى وان وافقوا على ورقة عمل الـ11 مليار دولار، حصة لبنان لاتزال غير واضحة، ثانياً ان الأمور الإجتماعية والإقتصادية في الداخل أصبحت تشكل ضغطاً كبيراً، عبء النازحين السوريين بات ضخماً على المالية العامة خاصةً على صعيد الخدمات العامة المدعومة من الدولة كالكهرباء والطحين والفاتورة الصحية (نحن ندفع 400 دولار عن كل نازح سوري)، ما يستنزف الخزينة التي تعاني من عجز أصلاً.

على كل الدول وخاصةً تلك التي تسيطر على القرار الدولي ان تساعد لبنان الذي يتحمل العبء الأكبر، أكثر من الأردن وتركيا، وعلى الحكومة اللبنانية ان تطالب ليس بحقها بل بواجب الأمم المتحدة.  لكن بالتأكيد النتيجة ليس مضمونة والرؤية ليست واضحة.

- ما رأيك بضريبة الـ5000 ليرة على صفيحة البنزين؟ وهل ترى ان هذه سياسة صحيحة او منطقية بأن تموّل أي أزمة من جيب المواطن.

طبعاً هذه الضريبة غير مقبولة، وخاصةَ في هذه الظروف. المواطن دفع ثمن صفيحة البنزين 38 ألف ليرة عندما ارتفع سعر البرميل 147 دولار في العام 2011، لذا ليس من المنطق الا ينعم بهذا الانخفاض للمحروقات.

وعلى أي حال مبدأ الضريبة ليس الزامي. الموازنة لا تخضع لمرسوم من مجلس الوزراء بل تحتاج الى قانون يقره مجلس النواب الذي يمثل الشعب، وهنا تأتي الكلمة لهؤلاء الممثلين.

كان هناك حلاً، لو ان الدولة لديها خطة أو رؤيا في موضوع فاتورة الطاقة لتتمكن من تحسين ايراداتها، كحد أدنى، وهو تثبيت سعر صفيحة البنزين عندما كان السعر مرتفع. هذه الحالة كانت ستكون مكلفة قليلاً على الدولة، لكنها كانت ستضع اللبناني بمنأى عن التغيرات في سوق النفط.

كان بالإمكان تثبيت سعر الصفيحة عند 25 ألف ليرة، ولا يزال بإمكاننا ذلك، لكن بشرط ان نستفيد من هذه الأموال وأن تبقى في صندوق سيادي كي لا تضيع بالهدر والفساد.

- انتشار فيروس H1N1 اليوم، كم سيؤثر على الفاتورة الصحية والمالية العامة؟

بشكل عام الوضع الصحي في لبنان متراجع بسبب كل الفيروسات وليس فقط H1N1 والسبب بالتأكيد النفايات المرمية على الطرقات، وخاصة بالنسبة للفقراء الذين ليس لديهم ضمان أو تأمين للطبابة، ما يستدعي من الدولة تولي مسؤولياتها.

مع الإشارة الى ان الدولة تتحمل تكلفة الطبابة عن كل مواطن لبناني بـ640  والسوري 400 دولار، والدولة لأنها لا تقدم أي خدمات أخرى فمن واجبها تأمين الخدمات الصحية للطبقة العاجزة فعلاً.

- ما هو المطلوب اليوم في هذا الوضع الذي نعيشه؟

المطلوب بالحد الأدنى هو الإستقرار السياسي، الإنفراج على مستوى الإستحقاقات الدستورية كانتخابات نيابية ورئاسية، تشكيل حكومة قادرة على ان تعطي الأولوية للشق الإجتماعي. لا يمكن ان ندير لبنان فقط بالسياسة الخارجية، لأنه ليس لنا وزناً كبيراً في المنطقة.

لا يمكن ان نستمر في ظل الظروف الحالية، من تعطيل وعدم اجراء الانتخابات. نحن في هذه الحالة منذ 20 شهراً. لدينا عامل ايجابي واحد فقط يجعلنا نتنفس الصعداء وهو انخفاض اسعار النفط، الأمر الذي ادى الى انخفاض الأسعار. كما لدينا أيضاً انخفاض فاتورة الإستيراد من 21 مليار دولار الى 19 مليار، والسبب اننا في لبنان نستورد 85% من حجم الإستهلاك والجهة الأساسية هي أوروبا التي تجاوزت مشكلة التضخم. لذا، على الدولة اليوم ان تضع سياسة عامة لتستفيد من هذا الظرف على المدى المتوسط والبعيد، حتى على المدى القصير لأنه لم يعد لدينا خططا قريبة كموازنة 2016 التي نتحدث عنها في شهر شباط، بعد غياب 10 سنوات.