اشار ​وزير المالية علي حسن خليل​ الى ان القوانين المالية التي اقرها المجلس النيابي هي تطورات تفرض التزامات قانونية يفترض التعامل معها بشكل جدي من خلال الآليات القانونية بما يتوافق مع الأهداف الدولية مع الحفاظ على عوامل الثقة والتميز التي لطالما اتصف بها القطاع المصرفي اللبناني.
 
جاءت كلمة خليل خلال رعايته منتدى "ماهية العقوبات والغرامات الدولية: آثارها وانعكاساتها على اقتصاداتنا ومصارفنا العربية" الذي يقيمه "الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب" في فندق فينيسيا.
 
ورأى خليل ان عقد هذا المؤتمر هو دليل وعي في الدرجة الأولى واستدراك لما يجب أن تكون عليه الأمور لتأتي مواكبة للتطورات الحاصلة على صعيد العمل المصرفي الدولي.
 
 
واضاف: "لم يكن لبنان هدفاً للإرهاب الدولي كما هو عليه حالياً، ولم يكن في المقابل قرار لبنان السياسي والمصرفي والاقتصادي في مواجهة هذه الظاهرة أكثر عزماً وثباتاً في مواجهة الارهاب ودرء مخاطره، الا أنه اذا كانت مواجهة الارهاب ومكافحة سبل تمويله تحتاج الى بناء قدرات متنوعة وذات فعالية للقضاء عليه والحد من قدراته وقدرات داعميه عبر الحدود فإن شروط ربح هذه المعركة تفترض التعاون الوثيق بين كل الهيئات على المستوى الدولي والمحلي وعلى مستوى كل العاملين في هذه القطاعات، لأن المعركة هي معركة واحدة تستهدف الجميع ولا تستثني أحداً على الاطلاق، وباعتبارنا في عين عاصفة الارهاب هذا فإننا معنيون بدرجة كبيرة في تنظيم تشريعاتنا وحشد مواردنا القانونية والسياسية والامنية من أجل استكمال هذه المعركة وتأمين كل شروط نجاحها".
 

ورأى "ان عنوان مؤتمر اليوم يسلط الضوء على واحدة من أبرز أخطار الارهاب وهي تبييض الأموال وإمكانية استخدام محصلاتها ونتائجها في تفاقم مخاطر هذا الارهاب على المستوى الوطني وعلى المستوى العالمي وما يهدد استقرار الدول واستقرار اقتصادياتها وفقدان التأثير على التنمية البشرية وعلى النمو في تأييد هذه الدول".

وقال: "لقد أصبح الأمر مقلقاً على مستوى العالم ويحتاج بالتالي الى تعاط استثنائي فرض الكثير من الاجراءات وفرض الكثير من الحاجة الى مواكبة هذا الأمر على مستوى التشريعات لكل دولة من الدول، وبما يلتقي مع مجموع التشريعات التي أقرت على المستوى الدولي لتأتي مكملة لها وتؤسس لأرضية مواجهة حقيقية نستطيع معها ان نطلق هذه العملية بأعلى قدر من المسؤولية والقدرة".

وتابع خليل: "إننا في لبنان ورغم تعقيدات الوضع السياسي والأزمة المتفاقمة والتي ادت بشكل او بآخر إلى تعطيل المؤسسات السياسية بدءاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية والذي مجدداً ندعو إلى الاسراع في خلق الظروف لانتخابه، وصولاً إلى تعطيل طويل لعمل المجلس النيابي والحكومة بعناوين واسباب مختلفة اننا رغم هذا استطعنا ان نلتقط اللحظة وان نقدم المصلحة الوطنية على ما عداها وبجهد استثنائي استطعنا ان نقّر جملة من التشريعات في المجلس النيابي ساعدت بل ومكنّت لبنان وإدارته الحكومية والسياسية والقطاع المصرفي من ان يخاطب العالم والهيئات الدولية والدول التي اصدرت تشريعات وقوانين ليقول لها ان لبنان ما زال ملتزماً في اطار القوانين والشرائع الدولية وفي اطار كل ما ينظّم عملية مكافحة الارهاب وتمويله ومكافحة تبييض الاموال وغيرها من الأمور التي تساعد على تعزيز مناخات هذا الارهاب على مستوى العالم. لقد أقر لبنان اربعة قوانين في غاية الاهمية تلتقي مع ما نواجه ونواكب ما هو مطلوب على هذا الصعيد وتساعد على ان تبقينا وتبقي قطاعنا المصرفي في موقعه المتمّيز على هذا الصعيد. لقد أدخلنا بموجب قانون الدول التعديلات اللازمة على قانون مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب وهي تعديلات اساسية عملنا عليها بما يتلاءم مع ما هو مطلوب على المستوى الدولي بإضافة جرائم جديدة تتعلق باستغلال المعلومات وافشاء الاسرار وعرقلة حرية البيوع والملكية المادية والأموال غير المشروعة وكل ما يتعلق بالتعديلات التي كانت قد اقرت على قانون مكافحة تبييض الاموال التي وقعنا عليه وأقريناه سنة 2001".

وقال: "من جهة أخرى ورغم اقرار هذه القوانين وبعدها سارعنا كوزارة للمالية إلى ارسال احالة للحكومة بمجموعة مشاريع وتعديلات ضريبية لتنسجم مع هذه القوانين وتساعد على تطبيقها، وهذه التعديلات تناقش اليوم في المجلس النيابي وكل هذا الأمر يعكس مؤشراً واضحاً على إصرار لبنان على الالتزام بالقوانين والمعايير الدولية وان يكون منسجماً مع القرارات التي توائم بين حفظ سيادة لبنان الوطنية وبين كونه جزءً من المنظومة الدولية لمكافحة الارهاب وتمويله ومكافحة تبييض الاموال وجزء اساسي من النظام المصرفي العالمي ومنسجم مع نظمه والآليات المستخدمة على هذا الصعيد".

وأكد "أننا على ثقة كبيرة ان قطاعنا المصرفي والمالي مارس رقابة ذاتية خلال العقود الماضية عززت ثقة المستثمر اللبناني وعززت ثقة المودع اللبناني والعربي والعالمي. وساهمت هذه الثقة في تطور قطاعنا الى الحد الذي اصبح يشكل الركيزة الاسياسية في اقتصادنا الوطني وربما اقتصاديات أخرى. هذه الثقة وهذه الممارسة المسؤولة للقطاع المصرفي يجب ان تستمر وان تستفيد من الثغرات والمشكلات التي وقعت في السابق لكي نتجنب تعرّض هذا القطاع لأي اهتزاز يؤثر على استقرارنا العام كلبنانيين وكقطاع مصرفي بشكل خاص. ان هذه الرقابة الذاتية التي مارستها المصارف اليوم تكتمل مع مجمل هذه التشريعات ومع انسجامها ايضاً مع القرارات والتشريعات العابرة للدول التي تحدثنا عنها في البداية".

وأضاف: "نحن مؤمنون ان لبنان رغم كل التحديات التي نعيش على المستوى الاقتصادي والمالي مع بعض، كما اننا مؤمنون رغم المصاعب الجمة التي جعلت النمو بنسبة محدودة  في العام المنصرم ان يستعيد دوره الأساسي على مستوى المنطقة وعلى مستوى العالم من خلال حفظ قطاعنا المصرفي بشكل اساسي ومن خلال اعادة دورة الحياة السياسية اليه بما يعيد عجلة النمو الاقتصادي لنصل الى مستوى من النمو افضل بكثير ليعيد حالة الانفراج ويفوق حالة الاختناق القائم اليوم على هذا الصعيد".

وأضح: "ان هذا الملتقى مدعو اليوم الى رسم خطط وآليات لتحديد الملامح الأساسية التي يجب ان تعتمد في مواكبة ما يحصل على مستوى العالم من تشريعات، وعليه أن يقر مجموعة من الخطوات التي يجب اتباعها لكي نحمي أدوار مؤسساتنا واستمرارها والتكييف في اطار القوانين مع ما يحصل".

ولفت الى ان "الدولة اللبنانية على مستوى المجلس النيابي وعلى مستوى الحكومة وعلى مستوى القطاع الخاص قد بادرت الى اطلاق تحرك على المستوى الدولي من اجل توضيح موقفها وموقعها في معركة مكافحة الارهاب وتمويله، وهو تحرك لا يستهدف أحداً ولا يستهدف قانوناً او تشريعاً بعينه بقدر ما يريد ان يصل الى حقيقة الامور ويريد ان يوصل حقيقة الموقف اللبناني بشكل واضح في الانخراط في معركة منع تمويل الارهاب او تبييض الاموال، وهذا أمر في غاية الاهمية خلال المرحلة التي نعيش. اننا في عين المواجهة وبقلب المواجهة مع الارهاب على المستوى العسكري وعلى المستوى الأمني ونحن في عين المواجهة وقلبها على المستوى المالي وغيره. لكن علينا ان ننتبه الى المحافظة على الخيط الرفيع الذي يحمي سيادتنا واستقلالنا ويحمي اقتصادنا وماليتنا وهذا ما نصبو اليه".

وختم خليل: "نحن نعيش في أجواء اقتصادية ومالية صعبة ولقد عبّرت في اليومين الماضيين في مجلس الوزراء عن طبيعة هذه الأزمة لكنني في نفس الوقت قلت أننا لسنان أمام انهيار في الوضع المالي وأن الأمور مازالت تحت السيطرة على هذا الصعيد، لكن الامر يحتاج الى جملة اجراءات اصلاحية جدية تجعلنا نحافظ على قانونية ادارتنا المالية وفي الوقت نفسه على التوازن الذي يحفظ استقرارنا وهذا الامر يتطلب ارادة سياسية جدية ويتطلب في الوقت عينه احساساً بدرجة عالية من المسؤولية تجاه خطورة الأوضاع . اذا كان هناك من فرصة للانقاذ الان علينا الا نفوتها وان نساهم في اقرار سلسلة من الامور التي يمكن أن تحصل الا  بإعادة احياء مؤسساتنا الدستورية".