رغم صغر سنه وكل الصعوبات التي مرت بها عائلته، أصر على استكمال دراسته ليلمع في البرازيل. دخل سوق العمل في الـ12 من عمره، مستفيدا من قانون لم يكن يمنع عمالة الأطفال.

فتنقل من عمل عائلي، إلى شركات إعلانية متعددة ليصبح بعدها صاحب واحدة من أهم الشركات الإعلانية في أميركا اللاتينية.

إنه ​روبيرتو دويليبي​، مصمم ومنفذ إعلاني، مغترب من أصل لبناني من مدينة زحلة.

ولد عام 1935 في عائلة متواضعة مرت بظروف صعبة جدا، ويعرف تماما أن اللبنانيين المغتربين ناضلوا كثيرا لأجل الحياة واستطاعوا تثقيف أولادهم وتعليمهم.

"بيونس ايرس" الإذاعة الوطنية في ريو دي جينيرو شكلت المحفز الأول الذي جعله دويليبي  يتأثر بمجال الإعلانات في شبابه ليخوض غماره لاحقاً.

كان يمضي معظم وقته أيام الطفولة في متجر خاص بالعائلة وفي متاجر أخرى تخص أنساب عائلته.

وبرغم الأوضاع الحرجة والصعبة التي مرت بها عائلته، لا يزال يعتبر أنه عاش طفولة سعيدة ورائعة للأولاد.

بدأ بالعمل في سن الـ12 تقريبا، في متجر كان يملكه عمه، وقد تم قبوله للعمل هناك ليتعلم المهنة، إذ إن القانون لم يكن يمنع القاصرون من العمل آنذاك.

كان يدرس، ويذهب للعم لبضع ساعات ليتقاضى أجراً بسيطا لم يكن يكفي للكثير من الأساسيات.

ولأن والده كان يتردد كثيرا إلى ساو باولو، انتقلت عائلته للعيش هناك، وانتقل معهم بكل ما يملك من أحلام عازم على تحقيقها.

حاز على شهادة دراسات ىعليا بالإعلانات، وعمل في الكثير من الوكالات الإعلانية، كـ"سي آي إن"، "ماك آند إيركسون".

وتنقل من وكالة إلى أخرى لأن مجال الإعلانات يجعل الشخص غير مستقر في مكان واحد، بل إنه تستهويه كثرة التجارب ، خاصة عند تلقي الموظف دعوات من وكالات أخرى، تؤكد أن ما يقوم به من عمل جيد يستحق التقدير.

وبمجمل أعماله في مجال الوكالات، كان متخصصا في القسم الإعلاني لمختلف الوكلات التي عمل فيها.

أما في عام 1968 عندما كانت البرازيل تعاني من وضع إقتصادي صعب ولم يكن أحد يدفع ما عليه من مستحقات مالية، اضطر للقيام بالكثير من الأعمال المستقلة.

وعلى الرغم من أنه كان يعتبر من أصحاب الأجور العليا في البرازيل، إنتقل للعمل في وكالة "ستاندر أوغيلفي" وتولى منصب نائب رئيس الخدمات الإبتكارية.

وقتها، كان مشاركا جديا في الأعمال الإدارية، علما بأنه كان أمرا يتعارض مع طبيعته، فهو يحب الإبتكار لا أن يكون مديرا.

كانت و"التا زاراغوزا" و"بيبتي" تملكان ستديو صغيرا باسم "مترو 3" ، وكانوا  يبحثون عن شخص مبدع، ليكون شريكا، فتم اختيار دويليبي لهذه المهمة.

ولأن الأوضاع الإقتصادية لم تكن جيدة بحث الموضوع مطولا مع زوجته خوفا من الفشل أو الوقوع في خسارة تدخله في ضائقة إقتصادية.

لكن الزوجة استطاعت إقناعه بمنا أنها كانت تملك مدخرات لمدة 3 سنوات، الأمر الذي شجعه على الدخول في هذه الشراكة، علما بأنه كان قرارا صعبا للغاية.

بدأ مع زبائن عاديين وبأعداد قليلة، لكنه حقق مكاسب منذ البداية-بالرغم من أنها كانت قليلة- كانت تكفي لسد الإحتياجات المعيشية.

ثم بعد ثلاث سنوات من العمل المتعب حصل على زبون ضخم ومهم جدا، كان بنك "ايتاوو" الذي كان حينها ثاني أكبر مصرف في البرازيل.

كلك تم تغيير إسم الشركة إلأى "دي بي زي" وهي اليوم أفضل شركة للإعلانات، ليس فقط على صعيد البرازيل، إنما في أميركا اللاتينية أيضاً.

أما أهم المشاريع التي حققها على مدى 43 سنة، فهي صنع علامات تجارية، كذلك بعض المنتوجات. لكن الإنجاز الأكبر، كان في تغيير طريقة تفكير الشعب البرازيلي بالنسبة للمنتوجات.

لأنه عندما انطلقت أعماله في هذا المجال كان هناك الكثير من الأفكار المسبقة ضد شراء السلع، وضد العيش، كذلك ضد ارتداء ألبسة جيدة.

بالتالي فإن إنجازاته الكبرى تمثلت في المساهمة الفعالة في صنع إعلانات إحترافية وبذوق جيد، بدلا من الصراخ الذي كان سائدا لمنادات الناس لشراء سلع.

كذلك استطاع توزيع الأدوار بشكل منظم في الإعلانات، من نصوص وموسيقى وتسلسل جيد، إذ إن هذه المميزات كانت أكثر إقناعا للمبيعات، على خلاف الإعلانات القاسية والعدائية التي كانت سائدة.

يؤمن  وشركاؤه بشعار "الحقيقة.. والإبتكار.. الذوق الجيد والأخلاقيات" إذ إنه يعتبر أن الأهم في هذا الشعار هو الصدق، كما أن وكالتهم معروفة كوكالة صادقة.

فهي لا تعطي معلومات خاطئة للآخرين، بالمقابل تسعى للبقاء فقط من خلال الكفاءة والصدق، كما لا تزال حتى اليوم متمسكة بشعارها ومبادئها.

هم 3 شكاء، أحدهم هو من أهم الفنانين التصويريين في البرازيل، وثانيهم يلقب يلقب بالعبقري أما دويليبي  فقد ساهم بالشركة ككاتب للأفكار التميزة والشعارات.

يرى أنه في بعض الأحيان، كلمة واحدة قد تكون كافية للإبتكار وإخراج فكرة رائعة وفريدة، لكنه يصر على التخطيط كثيرا، كذلك الإطلاع على الأبحاث بشكل دائم، إضافة إلى الإيمان بالحدس.

أسس دويليبي جامعة التواصل في ساو باولو، كما انتخب مرتين كرئيس للجمعية البرازيلية لوكالات الإعلانات، كذلك مستشار لمؤسسة "بي.ان.ال" في ساو باولو، ورئيسا للمؤسسة الثقافية للجيش البرازيلي.

كل هذه النجاحات التي حققها لبناني الأصل روبيرتو دويليبي والتي تركت أثرا في كل أنحاء أميركا اللاتينية، لم تثنيه عن القيام بأعمال مجانية من أجل المصلحة العامة، فهو عندما يرى أن ثمة مشسكلة معينة في مكان ما، والأفراد لا يملكون أموالا لإعلان جيد، يتبرع لآداء عمله دون مقابل.