تباطأت مكاسب التوظيف الاميركية أكثر من المتوقع خلال شهر كانون الثاني الماضي في شكل فجائي وغير متوقع، الا ان ارتفاع الرواتب ومعدل البطالة المنخفض طيلة 8 سنوات ادت الى ان تكون الاصلاحات لاسواق المال حازمة.

أعلنت وزارة العمل الاميركية ان عدد الوظائف غير الزراعية زادت بمعدل 150 الف وظيفة فيما انخفض معدل البطالة 10 نقاط الى 4.9% في ادنى في ادنى مستوى له منذ شهر شباط 2008. وكان الحصول على الوظائف قد انخفض من 231 الف وظيفة خلال العقد الرابع.

الى ذلك، اعلن كبير الاقتصاديين في شركة "IHS" في ولاية مساشوسيتس الاميركية ناريمان يبرهافيتش ان حقيقة انخفاض مؤشر الوظائف في الولايات المتحدة لا يشكل مؤشراً سلبياً بالضرورة ومضيفاً ان معظم المؤشرات في اميركا تسير على اسس متينة ومحسنة.

وقال اقتصاديون ان الجمع بين الرواتب المرتفعة وانخفاض البطالة ادى الى اقتراح زيادة  على اسعار الفائدة خلال شهر آذار المقبل من قبل المصرف المركزي الاميركي والذي لا يمكن استبعاده.

وكان الدولار الاميركي قد ارتفع مقابل سلة من اكبر 6 عملات رئيسية بعد تباطؤ استمر لـ15 اسبوع  كما انخفضت اسعار السندات الحكومية الاميركية الا انها قلّصت الخسائر على الاسهم في وول ستريت وواصلت تراجعها.

بدوره، قال كبير الاقتصاديين في شركة "ناردوف للمستشارين الاقتصاديين في بنسلفانيا ان تراجع معدل البطالة وارتفاع الاجور لا يفعل شيئاً ومضيفاً انه لا يزال هناك المزيد من الشكوك مما كانت عليه عندما رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة في شهر كانون الاول الماضي وألمح إلى أنه قد تكون هناك أربع زيادات هذا العام  ولكن سوق العمل على الاطلاق ليس واحدا من هذه الزيادات.

هذا واشارت شروط ودلائل السوق المالية الى ان كل من الاقتصادات المحلية والعالمية كانت تتباطئ الامر الذي ادى الى عدم رفع اسعار الفائدة في الشهر المقبل كما خفضت من احتمال تشديد السياسة النقدية الاميركية هذا العام.

ورفع البنك المركزي الاميركي اسعار الفائدة على المدى القصير في شهر كانون الاول الماضي منذ نحو عقد من الزمن.

هذا ولفتت رئيسة المصرف المركزي الاميركي جانيت يالين الى ان الاقتصاد الاميركي بحاجة الى انشاء اقل من 100 الف وظيفة  شهرياً لمواكبة نمو عدد المواطنين الذين هم في سن العمل.

وخلال شهر تشرين الثاني المقبل، سيكون الاقتصاد، وخاصة تصورات الناخبين حول فرص حصولهم على وظائف، مادة دسمة خلال الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة.

الى ذلك، اشاد الرئيس باراك اوباما بالتقدم الحاصل في سوق العمل حيث اشار الى ان هذا التقدم بدأ يترجم في الاجور العالية ومضيفاً الى ان بلاده باتت تمتلك اقوى اقتصاد والاكثر دواماً على الاطلاق.

بدوره، قال رئيس اللجنة الوطنية في الحزب الجمهوري الاميركي رينس بريبوس ان الاقتصاد الوطني افشل الملايين من الاميركيين الذين قاموا بالتخلي عن البحث عن عمل.

وكانت مكاسب العمل الخفيف قد اظهرت ليونة في شهر كانون الثاني الماضي حيث عززت التوظيف في القطاعات الحساسة كالبناء واما وظائف سعاة البريد والمرسلين فتراجع عددها خلال شهر كانون الثاني بعد ان كان مدعوماً في شهري تشرين الثاني وكانون الاول الماضيين بسبب قوة المبيعات الخاصة بعطلات الاعياد.

هذا وارتفع الاقتصاد بنسبة 0.7% كمعدل سنوي في الربع الرابع من العام الماضي فيما استطاع الصمود امام  العاصفة التي تضمنت الدولار القوي اضافة الى المجهود القوي الذي تبذله الشركات لبيع مخزونها.

كما اشار تقرير منفصل اصدرته وزارة التجارة الاميركية الى ان الدولار المزدهر في سوق القطع للصادرات خلال شهر كانون الاول الماضي، ادى الى عجز تجاري بلغت نسبته 2.7% حيث وصل الى 43.4 مليار دولار.

وادى دخول الناس الى اسواق العمل في الولايات المتحدة بقوة الى انخفاض في معدل البطالة خلال شهر كانون الثاني الماضي وارتفع معدل المشاركة في القوى العاملة او حصة الاميركيين الذين يعملون او يبحثون عن عمل الى 62.7% .

كما ان المشاركة المنخفضة قد تقلص نمو فرص العمل في البلاد حيث ان الوظائف المعروضة في مرحلة انكماش واستحوذ القطاع الخاص على كل قطاعات التوظيف حيث زاد 158 الف وظيفة.

أما قطاع الخدمات فأنشأ 118 ألف وظيفة في 10 اشهر لان وظائف خدمات المساعدة المؤقتة انخفضت 25200 ألف وظيفة فيما تراجعت وظائف التشغيل والمرسلين 14400 وظيفة حيث ان عمليات التوظيف لهذه المهام تحصل خلال فترات الاعياد.

وأما على الصعيد التعليمي ففقد 38500 شخص وظائفهم فيما تم اضافة 57700 وظيفة في قطاع التجزئة. اشارة الى ان عدد التوظيفات في هذا القطاع قد يتباطأ خلال الاشهر المقبلة بحسب ارقام عدد من تجار التجزئة بما في ذلك اعلان شركتي "وول مارت" و"ميسي" اقفال عدد من متاجرها الكبرى.

على صعيد آخر، أضاف قطاع الصناعات التحويلية 29 الف وظيفة بشكل مفاجئ في الوقت الذي سرح قطاع التعدين 7 ألاف موظف حيث انخفضت وظائف قطاع التعدين 146 الف وظيفة منذ ان بلغت ذروتها في أيلول 2007. يشار الى ان معظم خسائر التوظيف في تلك الفترة اصابت قطاع التعدين الاميركي.

هذا ومن المرجح ان تظهر المزيد من الخسائر في الوظائف الاميركية خاصة بعد ان اظهر تقرير ان شركات النفط تخطط لتسريح 20246 موظف بسبب انخفاض اسعار النفط عالمياً خلال ال 18 شهراً الماضية واضطرار هذه الشركات الى خفض عدد موظفيها مثل ما قامت به شركة "شلمبرغر" النفطية.

أما على صعيد قطاع البناء فارتفعت الرواتب 18 الف خاصة بعد اضافة 146 الف وظيفة اليه في الربع الاخير من العام الماضي فيما انخفض التوظيف الحكومي 7000 وظيفة.