أكدت رئيسة مكتب "مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في لبنان" الرائد سوزان الحاج الى أن المكتب يتلقى  تقريبا حوالي 4000 شكوى سنويا.. وهي موزعة على 20 نوع جريمة تقريبا تبدأ من أبسط الامور مثل القدح والذم الى عمليات الابتزاز عبر الانترنيت التي تصل الى 450 حالة سنويا الا أنها لفتت الى أن النسبة المرتفعة جدا والتي تسبب خسارات مالية كبيرة جدا هي عمليات إعتراض البريد الإلكتروني للشركات اللبنانية التي تتعامل مع شركات أجنبية وتعتمد مبدأ الحوالات المالية للدفع حيث يدخل المقرصن الى عمل يتم بين الشركتين ويختار توقيت (لحظة الدفع) او لحظة التحويل.. وهنا يغير وجهة الحساب الى حسابه الشخصي كاشفة في حديث خاص للأقتصاد أن أكثر من 100 شركة لبنانية تعرضت الى قرصنة في أخر 18 شهرا وقد نجح المقرصن في الإستيلاء على الأموال... والخسائر تخطت الـ16 مليون دولار!!

وشرحت الرائد سوزان الحاج خلال المقابلة التي أجريناها في مكتبها أنواع جرائم المعلوماتية وطرقها وكيفية حماية المواطن منها وأين هي من التشريعات المتخصصة ضمن الحوار الأتي:

الأمور العادية جدا التي تمر مع كل شخص.. فاليوم كل الناس لديها حسابات على مواقع التواصل الإجتماعي، وبالتالي فإن أي شخص يريد توجيه قدح وذم لإنسان أخر، بإمكانه خلق حساب وهمي على وسائل التواصل والقيام بجرمه (وجرم القدح والذم هو جرم جزائي ينص عليه قانون العقوبات .. وهذه الشكاوى تحول من النيابة العامة الى مكتب جرائم المعلوماتية.

إذا تبدأ الشكاوى من أبسط الأمور المتمثلة (بالقدح والذم) وتصل الى عمليات الإبتزاز التي تحصل عبر الإنترنت نتيجة علاقات غرامية ربما أو أشخاص مقرصنين يعملون في مجال توريط الناس وإيهامهم بأنهم على علاقة سليمة وزواج من أجل الحصول على صور هدفه الحصول على المال والإبتزاز.

ونحن نواجه سنويا عدد كبير من حالات الإبتزاز تصل الى 450 حالة تقريبا. وفي الغالب تحصل هذه الجرائم مع رجال ويكون مرتكب الجرم من خارج لبنان، وفي الداخل تحصل مع نساء بمعظمها.

هناك أيضا بعض حالات التحرش الجنسي بالأطفال ولكن بنسبة قليلة جدا في لبنان.

نسبة الجرائم العالية جدا هي عمليات إعتراض البريد الإلكتروني للشركات التي سببت بخسارات مالية كبيرة جدا، وهو بإختصار الشركات اللبنانية التي تتعامل مع شركات أجنبية وتعتمد مبدأ الحوالات المالية للدفع.. المقرصن يدخل الى عمل يتم بين الشركتين ويختار توقيت (لحظة الدفع) او لحظة التحويل.. وهنا يغير وجهة الحساب الى حسابه الشخصي.. وقد حصل في أخر 18 شهر أكثر من 100 شركة لبنانية تعرضت الى قرصنة ونجح المقرصن في الإستيلاء على الأموال... والخسائر تخطت الـ16 مليون دولار ما إستدعى التعاون بيننا وبين مصرف لبنان لمعالجة هذه المسألة.. وهناك ورشات عمل تحصل بيننا وبين المصرف المركزي لمعالجة هذه المسألة كي نستطيع المتابعة بالإجراءات القانونية والملاحقات القضائية خارج الأراضي اللبنانية.. لأن التحويلات تصل الى حسابات موجودة في مصارف خارجية وليس ضمن الأراضي اللبنانية، إضافة الى رفع السرية المصرفية عن تلك الحسابات. هذه من الجرائم التي تعتبر نسبتها عالية.

هناك أيضا جرائم أخرى مثل تجارة السلاح على الإنترنت أو تجارة المخدرات... ولكن هذه الجرائم نسبتها تعتبر قليلة.. هناك مواقع للقمار، ونحن نعلم أن هناك حصرية فقط لكازينو لبنان في القمار، وكل موقع غير مرخص فهو مكان لسرقة أموال الناس وبطاقاتهم المصرفية.. وهذه المواقع غير آمنة.

نحن أيضا لا نعالج فقط جرائم المعلوماتية.. بل نلاحق الجرائم الفكرية .. حيث أن هناك بعض الخروقات للملكية الفكرية من قبل مقرصنين، مثل بعض الفيديوهات التي تعود لشركة إنتاج أو تسريبات لأعمال فنانين .. وغيرها من الأمور الأخرى. كل هذه جرائم أيضا موجودة ولكن بنسب قليلة.

يبقى موضوع إعتراض البريد الإلكتروني للشركات والإبتزاز الجنسي التي وصلت الى أرقام تفوق الأعداد الطبيعية.. وقضايا القدح والذم التي لا تنتهي لأن مواقع التواصل الإجتماعي أصبحت مكان لتصفية الحسابات من خلال حساب وهمي.

- نلاحظ أن التجارة الإلكترونية ليست رائجة جدا في لبنان بسبب خوف المستهلك من عمليات النصب التي قد تحصل... فلا ضمانات للمواطن.

أنا لا أوافق على أن التجارة الإلكترونية غير رائجة.. بالعكس التجارة الإلكترونية في لبنان تتزايد يوما بعد  يوم .. واليوم إذا أراد أي شخص فتح تجارة عبر الإنترنت فهو بحاجة الى موقع الى مكان الى تكاليف وغيرها... ولكن اليوم أي شخص يريد البدء بعمل يمكنه إنشاء حساب مثلا على إنستاغرام او فيسبوك وبيع المواد أو المنتجات بدون أي كلفة أجر محل أو موظفين الى ما هنالك شئنا أم أبينا التجارة الإلكترونية ستزيد... وشئنا أم أبينا هناك الكثير من المحلات التجارية التي تروج لمنتجاتها عبر الإنترنت... وهناك أيضا الكثير من الحسابات التي تروج لبضائع عبر الإنترنت ولا تملك محل تجاري فعلي...

اما الحديث عن الخوف من السرقة عبر الدفع من خلال البطاقات الإئتمانية فهذا الأمر غير دقيق... لأن هذه الطريقة أمنة الى حد كبير ونسب الشكاوى الموجودة لدى مكتب جرائم المعلوماتية حول هذا الموضوع منخفضة جدا... لان دائما تأمين المصرف هو من يتكفل بالتغطية عن عمليات السرقة. ولا يوجد أي مصرف يقوم بالتبليغ عن قرصنة لبطاقات إئتمان تابعة له وذلك خوفا على إسمه وسمعته في السوق. دائما يتحمل المصرف السرقة دون التبليغ عن الموضوع.

ولكن الأمر يختلف بالنسبة لإعتراض البريد الإلكتروني والتحويلات المالية ... وذلك لأن هذا الجرم وقع ضحيته مواطن لبناني قام بتحويل الأموال مباشرة الى المقرصن بدلا من تحويله الى الشركة.. وهنا البنك لا لا علاقة له، لانه يعتبر بأن الشخص قام بتحويل الأموال بإرادته الى حساب أخر. ويعتبر بأنه تلقى أمرا بالتحويل ونفذ أمر التحويل فقط.

فيما يخص بطاقات الإئتمان .. تكون دائما نسب الأموال المحولة قليلة ... وعند أي عملية سحب أموال من البطاقة يصل رسالة نصية الى صاحب هذه البطاقة الذي يقوم مباشرة بتعطيلها من خلال الإتصال بالمصرف والإبلاغ عن الأمر.

إعتراض البريد الإلكتروني معدلها الوسطي يبلغ 70 الى 80 ألف دولا تقريبا، وهذا معدل مرتفع جدا للخسارة.

والمشكلة أن صاحب الشركة اللبناني الذي يتعرض الى قرصنة لا يمكنه معرفة ذلك في نفس اللحظة... بل بعرف بعد شهر تقريبا عندما لا تصل البضائع التي دفع ثمنها.

لذلك لا خوف على أن التجارة الإلكترونية ... لأنه بحكم التطور الحاصل فالتجارة الإلكترونية هي المستقبل.

- يقال أن هناك إطار قانون يعنى بالشبكة العنكبوتية ... ولكنه بحاجة للتحويل الى الهيئة العامة من أجل إقراره في العام 2016....

نحن لدينا مشروع قانون حتى الأن .. وهناك لجنة المعلوماتية والإتصالات .. وهي لجنة منبثقة عن مجلس النواب ... ولديهم إطار ونحن كمكتب جرائم معلوماتية موجودين كعضو داخل هذه اللجنة لإعداد مشروع قانون لجرائم المعلوماتية، للتجارة الإلكترونية، للفضاء الإلكتروني ... وغيرها من الأمور.

ولكن مازال مشروع قانون، وهو بحاجة الى مزيد من الوقت لكي يتم أقراره.

- بالنسبة للسرقة التي تحصل عبر الإنترنت ... كيف يتم الحكم عليها... هل تعتبر كالسرقة العادية؟

نعم تعتبر هذه السرقة كسرقة عادية ... فنحن نلقي القبض على أشخاص ونحيلهم الى القضاء ويصدر بحقهم مذكرات توقيف، وهذه العملية تسير من خلال القوانين العقوبات العادية .. ويعتبرون السرقة عبر الإنترنت كالسرقة العادية التي تحصل.

الإبتزاز عبر الإنرنت أيضا هو كالإبتزاز العادي، ويحاكم صاحبه على أساس المواد الموجودة في قانون العقوبات ... وكذلك الأمر بالنسبة للمنافسة غير المشروعة وغيرها من الأمور.

فنحن "نلزّم" المواد الجرمية على ما ينص عليه قانون العقوبات اللبناني.

- هناك بعض الحالات التي يتم توقيفها بسبب "Post" على حسابه الرسمي.. ويتم التعامل مع الأمر على أنه جرم جزائي. لماذا؟

ما يحصل بالنسبة للـ"Posts" عبر فيسبوك هو التالي: إذا تضمّن  الـ"Post" مواد فيها قدح أو ذم ... او إساءة سمعة او تشهير بشخص أخر.. فللشخص المتضرر الحق بممارسة حقه القانوني بتقديم شكوى.. وبعد تقديم شكوى في النيابة العامة، تقوم الأخيرة بتحديد نوع الجرم ومن هي الجهة الصالحة بالتحقيق بالموضوع... فتحوله الى المكتب الإختصاص (مكتب جرائم المعلوماتية) ... نحن بدورنا نأخذ إفادة الشخص ونفتح تحقيق بالحادثة ... ونتأكد من وجود جرم أو لا، وفي حال وجود جرم يمكننا محاسبة المجرم.

نحن لا نتحرك الا إذا كان هناك قضية، وإذا قام شخص بممارسة حقه القانوني وتقديم شكوى ضدد شخص أخر... ولكن في حالات معينة عندما يكون الشخص المدعى عليه ناشط إجتماعي أو سياسي، يقوم بتحويل الأمر الى قضية حرية تعبير وما الى ذلك ... ولكن حرية التعبير تتوقف عندما تمس حرية الأخير... فمثلا هناك قضية متعلقة بأن بشخص تم تناوله على أنه يسرق أموال الدولة وعلى أن هناك شكوى ضده ودعاوى بالنيابة العامة المالية .. وبعد التدقيق تبين انه لا يوجد أي شكوى بحق هذا الشخص .. وتبين أن الورقة التي تم نشرها وإرفاقها مع الخبر مزورة. إستدعينا الناشط الذي نشر الخبر لنساله عن مصدر المسندات وعن أصل الموضوع فكانت ردة فعله على أننا نقمع حرية التعبير .. وكأننا نعيش في ظل نظام يسمح لأي ناشط بإصدار أحكام وإتهامات بحق أشخاص أخرين .. وممنوع محاسبتهم.

تداول اسم شخص بشكل مسيء وبأنه سارق أو مرتش بدون أي إثبات ... هو أمر غير مقبول، ونحن كمراقبين وقائمين بالتحقيق نرى بأن الفساد هو بالمشهرين بالناس وسمعتهم دون وجه حق.

اما كل الأمور المتعلقة بتبييض الأموال ... هناك تنسيق بيننا وبين مصرف لبنان بهذا الخصوص.

- كيف يمكننا حماية المواطنين والأفراد من عمليات الإحتيال والقرصنة؟

نحن دائما نقوم بحملات توعية .. وكلما نتكتشف جريمة يزيد عددها بشكل غير طبيعي.. نبدا العمل على صعيد وطني من اجل المعالجة.

فمثلا عندما بدانا العمل في قضايا إعتراض البريد الإلكتروني للشركات اللبنانية .. تعاونا مع مصرف لبنان وقمنا بدعوة كل المصارف، وسنصدر دليل إرشادي بهذا الخصوص لكي تأخذ كل الناس إحتياطاتها.

في موضع الإبتزاز الجنسي .. شاركنا في المعرض الأمني بالبيال ووزعنا كتيبات على كل الناس التي زارت المعرض.

ونحن نتعاون دائما ودوريا مع الجامعات والمدارس ... ونقوم بحملات توعية ونعرض قصص حقيقية أمامهم .. ونعلمهم كيف يجب حماية أنفسهم وهواتفهم وحواسيبهم .. وكيف يجب على الأهل متابعة أولادهم ومراقبتهم.

فنحن نقوم دائما نقوم بحملات توعية لأننا نعرف بأن الإنترنت هو شيء جديد على الاهل، حيث أنهم لا يعلمون طرق مراقبة أو حماية اولادهم.

وهناك تطورات جديدة تحصل كل يوم في عالم الإنترنت نحن كمسؤولين علينا متابعة هذه التطورات .. فوجود وسائل التواصل الإجتماعي وضعت حياة الإنسان الشخصية في خطر، ووجود التجارة الإلكترونية وضعت أموال الناس في خطر .. الإقتصاد الرقمي أصبح الحدث والمستقبل، وبالتالي يجب أن نلعب كدولة دورنا فيما يخص الأمن الوقائي، وليس فقط التحقيق عند وقوع الجريمة.

- هل تستخدمون وسائل تكنولوجية معينة لحماية الناس؟

نحن ليس لدينا الإمكانية للتحكم بشبكة الإنترنت ... ولكن دائما نطلب من مزودي خدمات الإنترنت التأكد من الـ (parental control) "الرقابة العائلية"، وأن يكون هناك نظام لحماية الأطفال .. وإذا تبلغنا بـ"Virus" جديد قد يدخل الى لبنان .. نقوم بتبليغ مزودي خدمات الإنترنت بالأمر لأخذ الإحتياطات اللازمة من اجل حماية المواطن اللبناني.

نحن نتعاطى معهم بشكل دائم لان الأجهزة موجودة لديهم وغير موجودة معنا... ولكن بحسب ما نُبلغ من الإنتربول من خارج الأراضي اللبنانية أو بسبب جرم وقع حاليا أو عملية قرصنة، نبلغ مزودي خدمات الإنترنت بالإجراءات التي يجب إتخاذها للحماية.

- هناك عدد كبير من الشكاوى حول أعمال فنية أو أدبية تم تسريبها قبل وقتها وتسببت بخسائر مادية، أو كتاب أو مقال لشخص تم نسبه الى شخص أخر ... مواقع الأفلام التي تبث أفلام مازالت جديدة وموجودة في السينما ... وكل هذه الحالات يتم ملاحقتها.