أعلنت شركة "بي بي" أمس عن تراجع أرباحها بنسبة 91% فى الربع الرابع من العام الماضى، نتيجة هبوط أسعار النفط لأدنى مستوى فى أكثر من 10 سنوات.

وقالت الشركة فى بيان إن أرباحها المعدلة وفق البنود المتكررة لمرة واحدة والتغيرات فى المخزون بلغ 196 مليون دولار، وهو ما يقل كثيرا عن متوسط توقعات 10 محللين استطلعتهم وكالة أنباء "بلومبيرغ" عند 814.7 مليون دولار، وعن أرباح العام قبل الماضى عند 2.24 مليار دولار.

وانخفضت أسهم الشركة بعد هذه الأنباء بنسبة 5.1% فى الساعة الثامة بتوقيت لندن أمس.

وقالت "بلومبيرغ" إنه رغم تخفيض المدير التنفيذى للشركة بوب دادلى،  لمليارات الدولارات من الإنفاق، وتسريحه آلاف الوظائف، وتأجيله للمشروعات استجابة لانخفاض أسعار الخام، فإن التدفقات النقدية لـ "بى بى" لا تزال غير كافية لتغطية الإنفاق والأرباح الموزعة.

وكانت "بى بى" من بين شركات البترول الكبرى التى وضعت تصنيفهم وكالة "ستاندرد آند بورز" على النظرة السلبية، كما أدى هبوط سعر أسهمها إلى انخفاض قيمتها السوقية دون 100 مليار دولار لأول مرة منذ أزمة خليج المكسيك فى 2010.

وقال محلل البترول والغاز فى شركة أودو آند سى" أحمد بن سالم: "نتائج الأعمال مخيبة جدا للآمال، وكنا نتوقع انخفاض الأرباح بسبب الرياح المعاكسة فى السوق، ولكن لم نر الخسارة"، مضيفا أن الشركة ستتمكن على الأرجح من توزيع الأرباح العام الجاري، ولكن إذا استمر سعر البترول عند 30 دولارا، فسوف تضطر إلى خفض النفقات الرأسمالية أكثر.

وانخفضت أرباح الشركة على أساس سنوى لستة أرباع متتالية بسبب انخفاض أسعار البترول، وقفزت نسبة صافى الدين إلى حقوق المساهمين إلى 21.6% فى نهاية 2015، أى بزيادة بنسبة 5% عن العام الماضي.

وتوقع العديد من الخبراء بأن تخفض الشركات النفطية إنفاقها في 2016 بنحو 20% في مواجهة الهبوط المستمر في أسعار الخام وسيكون الجزء الأكبر من هذا الخفض في أمريكا الشمالية، بينما من المنتظر أن تعزز الشركات الشرق أوسطية والروسية ميزانياتها مع استمرار المنافسة بينها على الحصة السوقية.

ووفقا لـ"رويترز"، فإنه مع أسوأ هبوط تشهده صناعة النفط في ثلاثة عقود فإن الأزمة التي أطاحت بآلاف الوظائف وألغت مشروعات تزيد قيمتها على 200 مليار دولار العام الماضي لا تظهر أي علامة على الانحسار مع هبوط أسعار الخام صوب 30 دولارا للبرميل مسجلة أدنى مستوياتها في 13 عاما ومتراجعة بنحو 70% من مستوياتها في حزيران 2014.

وقال "بنك باركليز" في مسحه السنوي الذي شمل 225 شركة على مستوى العالم، إن شركات النفط والغاز العالمية تعتزم خفض الإنفاق على التنقيب والإنتاج بنحو 15% إذا تراوحت أسعار النفط الخام بين 45 و50 دولارا للبرميل لكن الخفض قد يقترب من 20% إذا الأسعار حامت حول 40 دولارا للبرميل.

ويأتي خفض الإنفاق هذا العام في أعقاب خفض بلغ 23% العام الماضي، وهذه هي المرة الثانية فقط منذ إطلاق المسح في عام 1985 التي تتقلص فيها الميزانيات لعامين متتاليين وكانت المرة السابقة في عام 1987.

ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت المستخرج من بحر الشمال 52.52 دولار للبرميل في 2016 بحسب استطلاع شمل 20  محللا.

وفي أميركا الشمالية -حيث أدت طفرة النفط والغاز الصخري إلى نمو مذهل في الإنتاج منذ 2008 - من المنتظر أن يكون خفض الإنفاق في 2016 الأشد إيلاما، إذ سيصل إلى 27% وفقا لـ "باركليز".

ومع خفض الإنفاق فإن معدلات الكفاءة وهبوط نفقات الخدمات أدت إلى انخفاض تكلفة الآبار 20% وهو ما يظهر أن إنتاج النفط الصخري في أميركا الشمالية أكثر مرونة مما كان يتوقعه البعض.

وأظهر المسح أيضا أن الأسواق خارج أميركا الشمالية مستمرة في التماسك بشكل أفضل حيث من المنتظر خفض الإنفاق العالمي 11% هذا العام.

ومن المنتظر أن تستجيب شركات النفط الوطنية التي تشكل 58% من الإنفاق العالمي بشكل مختلف في مواجهة الهبوط، حيث من المتوقع أن تخفض تلك الشركات في أميركا اللاتينية وآسيا الإنفاق بين 13.5 و18% هذا العام.

ومن المنتظر أن ترفع الشركات الوطنية في الشرق الأوسط إنفاقها 6% في 2016 بالرغم من أن الميزانيات في الدول النفطية الغنية تحتاج غالبا أسعارا للخام أعلى بكثير من تلك الحالية حتى تتوازن.

وتحتاج السعودية أكبر بلد مصدر للخام في العالم سعرا للنفط عند 100 دولار للبرميل للتوازن المالي لكن من المنتظر أن تزيد شركتها الوطنية "أرامكو" الإنفاق 5% هذا العام بحسب "باركليز".

وخارج أميركا الشمالية من المنتظر أن ينخفض الإنفاق على مشروعات الحقول البحرية التي تستغرق عادة ثلاثة إلى خمسة أعوام لتطويرها 20 إلى 25% في 2016 إلى نحو 72 مليار دولار بعدما هبط 16% العام الماضي.

وأفاد "باركليز" أن شركات النفط العالمية كانت تعاني بالفعل من تكلفة المشروعات حتى قبل تراجع أسعار النفط لكن الهبوط هذه المرة مستمر منذ 18 شهرا ولا تلوح له نهاية في الأفق وتجمدت ميزانيات التنقيب وتعثر تطوير الحقول البحرية وألغيت عقود استئجار منصات حفر للمرة الأولى.

لكن معظم إنتاج الحقول البحرية تحت سيطرة شركات وطنية أو شركات أميركية مستقلة أو شركات عالمية مثل "إكسون موبيل"، و"رويال داتش شل"، التي لا يوجد أمامها خيارات سوى تطوير الإنتاج الأعلى تكلفة في المياه العميقة.