أحب مهنته فأعطاها.. لا بل نشرها بدروس وصفوف

تميّز بإخلاصه اللامتناهي لعمله لذا خصّته الدولة اللبنانية في أكثر من مرة بمنحٍ للخارج كي يُمثّل الخبرة اللبنانية ويتعلم المهارات والأليات الجديدة من الدول الأوروبية.

في رصيده كتب في مجال التدريب المهني –الميكانيك- ألّفها بنفسه.. وهي حصيلة خبرة وجهد وجديّة في إبتكار التمارين والتدريبات.

يُعرف في السوق بـ"رجل المهمات المستعصية"

هو أحمد الشوا المدير السابق لـ" المركز الوطني للتدريب المهني" –وهي مؤسسة تابعة للدولة اللبنانية- والمؤسس لـ"شركة أحمد الشوا وأولاده".

كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع الشوّا شاركنا فيها محطات حياته وخبراته المكتسبة..

-من اين انطلقت مسيرتك الاكاديمية قبل تعينك مديراً لـ " المركز الوطني للتدريب المهني " ؟

تخرجي من مدرسة المقاصد الواقعة في بيروت كان مرحلة محورية في حياتي .. اذ طلب مني والدي عندها مساعدته في عمله بـ"الملحمة" الخاصة به،  وبصراحة لم يكن ابي قادراً على تأمين اقساط تعليمي ولكني صممت على استكمال دروسي وساعدتني والدتي التي كانت الداعم الاول في حياتي.

وبدأت ابحث عن مدرسة الى ان صادفت تلاميذ يحملون مساطر الهندسة الطويلة قرب مدرسة الصنائع وهي مؤسسة تابعة للدولة، وقررت الانضمام اليها ولكن الإدارة طلبت مني الى جانب اوراق الدخول، امتحان باللغة الفرنسية.. في هذه الفترة  كانت لغتي الفرنسية ضعيفة، ولحسن الحظ كان جاري انطوان نايفي -الذي يكبرني سناً- ضعيفاً في مادة الحساب وقوياً في اللغة الفرنسية.. لذا اتفقنا على تدريس بعضنا البعض الى ان اجتزت الامتحان بسهولة.

في البداية درست في قسم النسيج ولكني كنت اتطلع للدخول الى قسم الميكانيك بهدف تأسيس "مصلحة" عند تخرجي،  وهذا ما حصل كنا نتلقى دروسنا قبل الظهر ونتمرن في المعمل بعد الظهر.

وبعد 4 اعوام حصلت على البكالوريا الفنية بمصلحة الميكانيك تحت اسم "شهادة الدروس الصناعية الفنية".

اما فيما يخصّ الشقّ الإجتماعي فلم يكن والدي راضياً عن هذا الأمر، ففي تلك السنوات كانت الوظيفة او "المصلحة" بنظر الكبار اهمّ من الدراسة..

لذا عملت مباشرة بعد تخرجي في "مخرطة" عند شخص في منطقة السان جورج،واللافت انه فور تسلمي مهامي أعطاني صاحب المخرطة المفتاح وترك العمل فجأة لمدة شهر، تسلّمت فيه جميع المسؤوليات والمتطلبات الفنية والمهنية والمالية الى حين عودته.. كنت اداوم من السابعة صباحا وحتى التاسعة مساءاً ولكني كنت فخوراً بتطبيق خبراتي الأكاديمية عملياً.

وعندما عاد صاحب العمل استغرب من الايرادات التي كنت قد حصّلتها ومن تدويني لأدقّ التفاصيل والتكاليف، واصرّ على وجودي معه، وبعد 4 اعوام اصبحت الزبائن تخصني بالطلب.

ومن الاعمال التي انجزتها كانت "المرداّت" للمطار وهي قطع تساعد الطائرة على الوقوف،  عملها دقيق جداّ فأي خلل او تزعزع لإحداها تسبب في عطل بباقي القطع.

وبعد 4 اعوام لاحظ ابي انتاجيتي وقرر ان يدعمني واشترى لي "مخرطة" وفتح لي محلاً، عملت فيه بنفسي على التمديدات الكهربائية وقمت بتجهيزه، وبعد عام من التحضيرات –رغم بقائي في عملي الأول- حصلت على رخصة من البلدية لمزاولة العمل وعندها بدأت تأسيس عملي الخاص.

*تعينه مديرا لـ "المركز الوطني للتدريب المهني":

وبعدها قصدني استاذ من مركز التدريب المهني –الذي كنت اتلقى فيه دروسي- طالباً مني الإنضمام الى دورة تدريبية جديدة بغية إفتتاح مركز للتدريب سيعلم فيه قدامى الخريجيين تحت إشراف لجنة اجنبية.

وبعد إفتتاح المركز الجديد إستلمت مهام التدريس ليس فقط لطلاب بل لعمال مصانع تعلموا المهنة عن طريق اصحابها ولكن من دون الإطلاع على الشق الاكاديمي والحسابي فيها.

وبعد عامين من العمل قبل مغادرة الخبراء الأجانب عُينت رئيساً للفروع في المركز - رئيس الاشغال-، وفي فترة لاحقة اي ما يُقارب الاشهر حصلت على منحة الى ايطاليا  (عام 1963) لمدة 6 اشهر في المركز الوطني للتدريب التابع لجنيف.

ومن ايطاليا انتقلت شهر الى فرنسا زرت فيه المصانع ومعامل التدريب المهني.

وبعد رجوعي الى لبنان تسلّمت الى جانب منصب رئيس الفروع ، مهمة تدريس الطلاب ما تلقيته في الدورة الإيطالية.  ومع الوقت عُينت مديراً للمركز... كانت مرحلة مليئة بالتجارب سواء في التعامل مع التلاميذ، الاساتذة، تحضير الصفوف وتأمين المستلزمات كلها كانت خبرات اضافت الى مسيرتي المهنية.

في هذه الفترة حصلت على منحة أخرى باللغة الانكليزية الى تورينو تحت عنوان "Training System Design and Audio" كان فحوى الدورة اسلوب تدريب التلاميذ والتقنيات المطلوبة في مجال الميكانيك. ومن تورينو انتقلت الى لندن بهدف زيارة مراكز التدريب المهنية.

ومن ثم أتاح لي خبير بلجيكي الفرصة للذهاب الى بلجيكا و الإطلاع على المراكز التدريبية في البلاد لمدة شهر.

وعند بلوغي الـ64 من العمر قدمت طلب إستقالتي لمجلس الإدارة قبل ان يحين الوقت الرسمي للتقاعد...

ورغم كل هذه الأعوام التي عملت فيها في المركز الوطني كنت أداوم كل يوم بعد الظهر في مؤسستي الخاصة.. ولكني بصراحة في هذه المرحلة ندمت على إهمالي مؤسستي الخاصة وإنشغالي في قطاع التعليم والتدريب.

لذا عندها أعدت النظر في هيكلية وإستراتيجية عملي في المؤسسة، وبعد فترة من العمل قصدني العديد من الزبائن من جديد .. خاصة اني كنت مديراً في المعهد فكانت المهمات الصعبة من اختصاصي في السوق..

- ما هو العنصر الأساسي لتحويل فكرة مشروع ما الى مؤسسة او شركة ؟

الخبرة هي الدافع الأوّل للتأسيس، والعمل على هذا الهدف يتطلّب العنصر المكمّل وهو المادي.

ولكن المعادلة تبدأ بالخبرة بالطبع.

مع أني تلقيت المساعدة من والدي في البداية الا اني من خلال خبرتي على سبيل المثال استطعت شراء آلالات وأدوات لمؤسستي تساوي 3 اضعاف ما قدّمه لي والدي وهذا يعود للخبرة التي سمحت لي بجمع المردود المادي.

- برأيك ما هي صفات رجل الأعمال الناجح ؟

السمعة الطيبة والعمل بأمانة على كل الأصعدة كالنوعية والجودة والدقة في الوقت..

فإذا وعدت الزبون بإستخدام مادة البولاذ عليّ الإلتزام بوعدي ولو سأخسر.. و هذا ما يميزني عن الآخرين في السوق.

-بماذا تنصح الشباب العازمين على تأسيس مشاريعهم الخاصة؟

انصح الشباب ان يتأكدوا من خبراتهم ومعرفتهم في مجال عملهم قبل تأسيس اي مشروع. وان يتعاملوا مع مشاريعهم والاشخاص العاملة معهم سواء كانوا زبائن، عمال، ام مزودي بضائع بجدية.