شركة "​ليبان بوست​" ومشاكلها التي لا تنتهي أبداً تظهر مجدداً، فبدلأً من أن هذه المؤسسة البريدية أنشئت لخدمة المواطن والحدّ من مشاكله والتسريع في إنجاز كافة معاملاته ، والحدّ من هدر الوقت خصوصاً للموظفين ، هي تفعل عكس ذلك وتجعله ينتظر في الطوابير الطويلة تماماً كما لو كان يقف  في دائرة رسمية لا بل في هذه الدوائر قد يستغرق الوقت أقل بكثير دون الوقوف لساعات حتى يصل دوره، وحبذا لو كانت المشكلة مع ليبان بوست تقتصر فقط على الانتظار بل مع هذه الشركة التي فرضت على المواطنين بالاكراه وليست إختيارية كما هو السائد في سائر الدول إذ أن معظم الجامعات والدوائر الرسمية  تفرض على المواطن إتمام معاملاته مع "ليبان بوست". من الممكن أن لا يحالفك الحظ وتفقد معاملاتك،  فعدد كبير من المواطنين يشتكي من فقدان طرودات أو محاضر ضبط وغيرها بسبب هذه الشركة!

مشاكل و تجاوزات الشركة المذكورة من ناحية الإهمال بحق معاملات المواطنين زادت عن الحدود، حتى أن بعض المواطنين دخل في سجالات مع المحاكم بسبب هذا الإهمال ، لا سيما في موضوع مخالفات السير وتأخر وصولها إلى المواطنين ما يؤدي إلى تحويلها إلى المحاكم الجزائية وهنا يقع المواطن ضحية إهمال وعدم مبالاة من الشركة المذكورة:

فقدان الطرود المرسلة.. وكل فرع يرميها على الآخر

نبدأ من حالة هالة موسى الكيال مواطنة لبنانية، قصدت فرع "ليبان بوست" في "سبينس" الحازمية منذ 9 أشهر، بهدف إرسال طرد فيه 7 كتب نادرة جداً وثمينة السعر إلى والدتها في "ديترويت" في أميركا، دفعت مقابل هذه الخدمة البريدية مبلغ وقدره 200 ألف ليرة تقريباً، حتى اليوم لم يصل الطرد، وحين راجعت الكيال فرع الشركة لمتابعة مجريات ومصير هذا الطرد رموا التهمة على الفروع الأخرى، وطلبوا منها  مراجعة الفرع الرئيسي في المطار، توجهت إلى هناك لكنها لم تحصل سوى "على رمي التهمة على الفرع الآخر"، وكذا تحول موضوع عدم وصول الطرد إلى "ديترويت"  إلى لعبة كرة الكل يقذف التهمة على الآخر، وتكون بذلك خسرت هالة 200 ألف ليرة بدل تكاليف الطرد، إلى جانب خسارتها 600 ألف قيمة الكتب السبعة التي إشترتها ولم تصل إلى "ديترويت".

محاضر السرعة و "فقدانها"

وفي سياق المشاكل ومسلسل التعذيب النفسي للمواطن من قبل "ليبان بوست"، تتفاقم من جديد مشكلة قديمة جديدة لا تنتهي فصولها، وهي فقدان محاضر مخالفات السير والسرعة (الرادار)، بحيث يصدر ضبط مخالفة سرعة زائدة بإسم المواطن ويتم تحويله من قبل الجهاز الأمني المختص إلى "ليبان بوست" الذي بدوره يتصل بالمواطن لإبلاغه وتحديد موعد معه لتسليمه المحضر، ما يحصل فعلياً مع غالبية المواطنين هو أنهم لا يتسلمون محاضرهم وتبدأ رحلة معاناتهم  مع الفرع الرئيسي للشركة في "المطار"، لمراجعة مصير هذا المحضر، ولكن دون الوصول إلى نتيجة.

في الواقع لا يوجد رقماً محدداً بعدد شكاوى المواطنين، لكن منذ حزيران حتى اليوم إرتفعت إلى فوق المئة، الكل مستاء من إختفاء محاضرهم، على سبيل المثال ما حصل مع المواطن (وسام.د) الذي تعرّض في مطلع حزيران الماضي لضبط مخالفة "رادار" على اوتوستراد إميل لحود بسيارته من نوع تويوتا ياريس تحمل لوجة 572177، علم الامر من إتصال تلقاه من فرع الشركة على طريق المطار، وأخبرته الموظفة بأنه بعد 3 أيام سيتم تسليمه المحضر وعليه دفع 5 ألف ليرة كخدمة توصيل، وأخذت منه العنوان بشكل مفصّل، وبعد أسبوعين لاحظ أن أحداً لم يتصل به، فراجع الفرع الرئيسي داخل مطار "رفيق الحريري الدولي" لتخبره المندوبة بانهم لم يفرزوا المحاضر بعد ولا يكمنها تسليمه اي محضر وهم سيتصلون به حين يجهز المحضر، وبعد 9 أيام عاود وراجعهم لمعرفة مصير هذا المحضر، وكأي معاملة في لبنان كان يترك عمله فقط لملاحقة مصير هذا المحضر وأيضاً لم يتمكن من الحصول على نسخة من محضره كي يدفعه تلقائياً في مفرزة سير بيروت.

ومنذ حزيران حتى الساعة لم يتصل به أحد من "ليبان بوست" ولا يعرف مصير هذا  المحضر المجهول.

تجدر الاشارة الى أن الامر نفسه سبق وتكرر مع الإعلامية في "المؤسسة اللبنانية للإرسال" غيتا قيامة والتي كتبت منذ فترة على صفحتها على موقع التواصل الإجتماعي انه "صوّر الرادر سيارتي منذ ثلاثة أشهر، وُنشرت المخالفة على الموقع الالكتروني لقوى الامن الداخلي وانطلقت عملية البحث و التحري، وتبين انه لا محضر لدى ليبان بوست، وقالوا لي ما بيّن مدام اتصلي غدا".

و بحسب قيامة التي كتبت على صفحتها الخاصة " أكد لي آمر سرية جونية تسلم موظف الشركة لملف كبير من المحاضر ، تحرك بعدها رئيس مفرزة سير جونية مشكورا و حصلت على لائحة المحاضر مع تاريخ تسلمها لشركة ليبان بوست السريعة الخدمات وارسلت الاثبات الى الشركة و بسحر ساحر وجد المحضر"، بحسب ما نشرته قيامة.

وختمت "اكد المسؤول في الشركة انه تم فتح تحقيق لمعرفة لماذا تاخر وصول المحاضر 3 اسابيع من جونية الى بيروت".

تعليقا على الموضوع قال المحامي محمد بركات للـ"إقتصاد" بأنه "اذا لم يبلغ المخالف عن مخالفته او لم يتسلم المحضر من ليبان بوست النشيطة يحوّل المحضر تلقائيا الى المحكمة الجزائية و ترتفع الغرامة المالية من الف ل. ل. الى مليون وتتقاضى لينان بوست رسم 10 الاف ل.ل. على كل محضر".

هذه عيّنة غيض من فيض فيما خص مخالفات السير ومخالفات "ليبان بوست" مع المواطنين، وهناك مئات الشكاوى المشابهة دفع أصحابها ضرائب وجزيات لتاخرهم تسديد محاضرهم وكله بسبب هذه الشركة.

خدمات الشركة

اما الشركة فتقول على موقعها الإلكتروني إن معدّل المعاملات الحكومية، التي تعالجها سنوياً، يبلغ 8 ملايين معاملة تشمل عشرات الخدمات التي تقدّمها الإدارات الرسمية مثل السجل العدلي، رسوم تسجيل الجامعة اللبنانية والتعليم العالي والمهني وإفادات من المديرية العامة للتربية، تجديد رخص السوق وبدل عن ضائع ورسوم السير السنوية، وبراءات ذمة من الضمان الاجتماعي للسيارات العمومية والشحن والأوتوبيس. بالإضافة إلى خدمات تتعلق بمديرية التعبئة في قيادة الجيش، ومعاملات في وزارة الصحة، وفي وزارة الطاقة ووزارة الخارجية، والكمّ الأكبر من المعاملات مع وزارة المال من تصاريح مالية وضريبية مختلفة.

"تبرعات الزامية" وتكاليف خدمات غير"واضحة"

ويأتي موضوع التبرع الالزامي ليزيد الشكاوى من أداء هذه الشركة فمنذ أيام أثار موضوع "التبرع الإجباري" بـ500 ليرة لبنانية لصالح جمعية "حماية" الكثير من التساؤلات، لا سيما أنه تبيّن من خلال مصادر متابعة للموضوع بأن المدخول اليومي الذي جنته "ليبان بوست" من  هذا التبرع هو 500 ألف ليرة لبنانية وهو مجمل معاملات يومية، خاصة في معاملات تسجيل طلاب الجامعة اللبنانية.

وكان السؤال من قبل المواطنين "كيف يحقّ لشركة ليبان بوست إضافة هذا المبلغ على المواطن من دون أن تأخذ موافقته؟".

أثارت هذه الحادثة ضجّة كبيرة في أوساط إدارة الجامعة اللبنانية والطلاب ما دفع إدارة "ليبان بوست" إلى الإيعاز لموظفيها لاحقاً بتوجيه السؤال للزبون عن رغبته في التبرّع بهدف إخفاء ما كانت تقوم به على مدى الأشهر الثلاثة الماضية. وقبل ذلك بأشهر كان بعض مكاتب الشركة يفرض على الطلاب السوريين شراء كتب وتذكارات مع كل إيصال يتعلق برسم التسجيل. ظنّ الطلاب السوريون أنها كتب وتذكارات إلزامية، إلى أن اكتشفوا العكس.

هذا النمط ليس سلوكاً حديثاً لدى الشركة ولا يقتصر على طلاب الجامعة اللبنانية، بل يشمل كل الزبائن. فالشركة عمدت منذ سنوات إلى تقديم خدمات إضافية تبيّن لاحقاً أن الزبائن يدفعون ثمنها من دون موافقتهم ومن دون أن يعلموا بأنها خدمات اختيارية وليست إلزامية، مثل خدمة "الديليفري بلاس"، التي ارتفعت كلفتها إلى ثلاثة آلاف ليرة، وخدمة الرسائل النصيّة، التي بلغت ألف ليرة، وخدمة التذكير بألفي ليرة، بالإضافة إلى خدمة "كومبو"، التي تكلّف ثلاثة آلاف ليرة.

"ليبان بوست" .. لا جواب ولا تعليق

بعدما رصد موقع "الإقتصاد" مجموعة من شكاوى المواطنين مع "ليبان بوست" حملناها محاولين التواصل مع المستشار الإعلامي للشركة روني ألفا، لمعرفة الحقائق والترتيبات التي ستتخذها الشركة بحق المقصرين في هذه المؤسسة، لا سيّما أن هناك الكثير من الطرودات المفقودة حتى الساعة، كما ان هناك مواطنين تعرضوا لأحكام جزائية وملاحقات لدرجة منعهم من السفر وتوقيفهم في المطار حتى دفع المبالغ المتراكمة كون عليهم محاضر ضبط لم تُدفع بوقتها،  وتبين ان الملامة لا تقع  عليهم بل على "ليبان بوست" التي لم تسلمهم هذه المحاضر. كل هذه الطروحات كانت موجهة إلى المسؤول المعني إلا ان الأخير لم يكن لديه الوقت الكافي للرد، بحكم الإجتماعات المتتالية وأحياناً عدم الردّ على هاتفه.