في قلب المعركة الدولية التي تتصدى للارهاب وتنشط لإقتلاعه ، يتم التركيز على المناطق التي يتخذها الارهابيون قواعداً لهم، وعلى ممرات العبور التي يسلكون وصولاً الى البلدان المقصودة سواء للاستيلاء عليها وعلى خيراتها او لتنفيذ جرائمهم.

والبحر نافذة واسعة ووسيلة بالامكان الاعتماد عليها وتهديد العابرين منه وحركة النقل فيه.    

ومفهوم الأمن البحري يتضمن عناصرمختلفة، بدءا من حرية الملاحة، إلى القدرة على  التصدي للتهديدات التي تشكلها القرصنة، والإرهاب، والاتجار المخدرات، والاتجار بالبشر وانتشار أسلحة الدمار الشامل.

هذه المسألة العالمية أدت إلى إنشاء صكوك دولية محددة، في شكل معاهدات ومبادرات وقوانين غير ملزمة، في محاولة للتعامل مع واقع هذه التحديات المتعددة الأوجه. ومن ابرز الانجازات التى تحققت في هذا المجال: إتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار، اتفاقية قمع الاعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية والبروتوكول الملحق بها .

واليوم احتمالات تهديدات تنظيم داعش واخواته من التنظيمات الارهابية تدخل في حسابات مكافحة الارهاب من كل حدب وصوب. ولكن السؤال هل بالامكان تهديد النقل البحري الذي يؤمن اكثر من 80% من التجارة العالمية؟

ايلي زخور

يؤكد رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت ايلي زخور "للاقتصاد" ان تنظيم "داعش" لا يملك الامكانات اللوجستية التي تجعله قادراً على ارتكاب اعمال ارهابية في قطاع النقل البحري. فدولة هذا التنظيم القائمة على اجزاء داخلية من سوريا والعراق غير مرتبطة بمنافذ بحرية لتسهل لها الاعتداء على الممرات البحرية والقيام بعمليات القرصنة البحرية والاستيلاء على السفن، لكن هناك فصيلا من "داعش" يسيطر على نقطة بحرية على السواحل الليبية محاصر من قبل سفن حربية غربية ، تمنعه من التحرك بحرا.

ويلفت  زخور الى ان هذا التنظيم اقام دولته في اجزاء داخلية في سوريا والعراق، وهي لا تطل على البحار ولاتملك منافذ بحرية على البحر الابيض المتوسط او البحر الاحمر ، لذلك ليس من اي تأثير سلبي مباشر لوجود هذا التنظيم على قطاع النقل البحري والمسارات البحرية.

وتجدر الاشارة الى ان تنظيم داعش حاول توسيع نطاق دولته والتمدد نحو الحدود اللبنانية الشمالية بهدف السيطرة على ممر بحري في مدينة طرابلس على خط الساحل اللبناني الشمالي، لكن الجيش اللبناني تمكّن من القضاء على افراده ومنعه من تحقيق هدفه. كما حاول هذا التنظيم ايضاً الوصول الى الساحل السوري عبر اجتياحه مدينة كسب السورية التي لا تبعد اكثر من60كلم عن مدينة اللاذقية السورية، لكّن الجيش السوري تمكن من استعادة مدينة كسب وافشل مخططه.

ولا بد من التوضيح ان باستطاعة تنظيم "داعش" ارتكاب اعمال ارهابية في مرافئ وموانئ بحرية عربية او اجنبية في حال تمكن انتحاريون تابعين له من التسلل وتفجير انفسهم داخلها. لذلك نحن ندعو الى اتخاذ اقصى الاجراءات والتدابير الامنية للمحافظة على امن وسلامة هذه المرافئ والموانئ ومنع الارهابيين من تحقيق مآربهم.

قراصنة غير داعش

وعن احتمالات حدوث أي اعمال قرصنة يرى زخور انه لا خوف من حيث المبدأ بقيام تنظيم داعش بارتكاب عمليات قرصنة بحرية والسطو المسلح على السفن طالما ان دولته الحالية لم تستطيع التمدد والوصول الى ساحل البحر الابيض المتوسط او البحر الاحمر. علما ان الفصيل التابع لهذا التنظيم والمسيطر على نقطة بحرية على الساحل الليبي، محاصر من قبل دول الاتحاد الاوروبي، لا سيما دول جنوب اوروبا التي نشرت سفنها الحربية امام هذه السواحل للتصدي لأي عملية ارهابية محتملة يحاول هذا الفصيل ارتكابها.

ويتابع زخور: "لكن هناك قراصنة غير تابعين لهذا التنظيم يرتكبون القرصنة البحرية والسطو المسلح على السفن في مناطق عدة في العالم، كخليج عدن وساحل العاج وحوض الصومال والمحيط الهندي والقرن الافريقي والشرق الاقصى. فهذه المناطق تشهد عمليات قرصنة بحرية. فلا يمر يوم دون ان نقرأ أو نسمع خبرا عن قيام قراصنة باختطاف سفينة أو الاستيلاء على ناقلة، فيسرقون محتوياتها وحمولتها ويخطفون بحارتها لطلب فدية، كما يعمدون احيانا الى الابحار بهذه السفن والناقلات الى سواحل بحرية تحت سيطرتهم، ولا يفرجون عنها الا بعد الحصول على عشرات الملايين من الدولارات، علما ان بحارة كثيرين فقدوا حياتهم خلال قيام هؤلاء القراصنة بالاستيلاء على السفن.

ولكن عدد عمليات القرصنة البحرية مستمر بالانخفاض وذلك يعود الى تواجد اساطيل بحرية تابعة لدول عدة والتي ترافق السفن خلال ابحارها قرب السواحل التي تشهد نشاطا كبيرا للقراصنة الذين يعودون ادرجاهم فور مشاهدتهم لهذه الاساطيل.

قوة بحرية عربية لمواجهة

وعن دور الاتحادات العربية للنقل البحري يشير زخور الى انها  ناقشت موضوع القرصنة البحرية وفي مقدمها الاتحاد العربي لغرف الملاحة البحرية الذي اصدر توصيات لمكافحة القرصنة البحرية في خليج عدن والبحر الاحمر. ورفعها الى جامعة الدول العربية وتضمنت تلك التوصيات الدعوة الى التنسيق الامني والعسكري بين الدول العربية والاساطيل البحرية المتواجدة في المنطقة. وكانت جامعة الدول العربية قد اقترحت تشكيل قوة بحرية عربية لمواجهة اعمال القرصنة البحرية ، ولكنه  لغاية تاريخه، لم تظهر تلك القوة الى الوجود.

ويضيف زخور ان اكثر من80%من التجارة العالمية تشحن بحرا وبالتالي يعتبر قطاع النقل البحري الشريان الحيوي والمركزي للاقتصاد العالمي، مضيفاً ان شركات الملاحة البحرية تستثمر مليارات الدولارات سنويا لبناء احدث السفن واضخمها لتأمين شحن التجارة العالمية بصورة آمنة وسليمة، علما ان ايرادات هذا القطاع تفوق الى500مليار دولار سنوياً.

واعتبر زخور حصة العالم العربي من حجم التجارة العالمية ما تزال ضئيلة لا تتجاوز 6%.

اما مرتبة لبنان في التجارة العالمية فهي86بين204بلدان والمرتبة14بين19دولة عربية.

وبالنسبة لحجم التجارة العالمية والتجارة اللبنانية بين الدول العربية يوضح زخور  ان  البيانات الصادرة عن المنظمات الدولية المعنية بالاقتصاد العالمي لا سيما التقرير السنوي للتجارة العالمية سجل  ان حجم التجارة العالمية  قد بلغ37,65تريليون دولار في العام2013، وتوزع على الشكل التالي:

حجم الصادرات العالمية:  18,78تريليون دولار و حجم الواردات العالمية:18,87تريليون دولار.

وبلغ حجم التجارة العربية:2,1تريليون دولار أي ما نسبته5,6% من حجم التجارة العالمية. وتوزع حجم التجارة العربية في العام2013على الشكل التالي:

حجم الصادرات العربية:1,2تريليون دولار اي ما نسبته6,4%من حجم الصادرات العالمية والبالغ18,78تريليون دولار . و حجم الواردات العربية: بلغ0,9تريليون دولار أي ما نسبته4,77%من حجم الواردت العالمية والبالغ18,87تريليون دولار.

كما اشارت تلك التقارير الى ان حجم التجارة البينية بين الدول العربية بلغ0,243تريليون دولار (243مليار دولار) أي ما نسبته11,6%من حجم الاجمالي للتجارة العربية والبالغ2,1تريليون دولار (2100مليار دولار).

وفي غضون ذلك،بلغ حجم التجارة اللبنانية الخارجية27,2مليار دولار في العام2013فاحتل لبنان المرتبة86بين204دول في العالم وفي المرتبة14عربيا بين19دولة عربية.

ويذكر ان74%من الواردات اللبنانية تمر عبر مرفأ بيروت مقابل43%من الصادرات اللبنانية كما ان مرفأ بيروت دخل الى  لائحة المرافئ المئة الاولى في العالم، التي تتداول اكثر من مليون حاوية نمطية سنويا وذلك للعام الخامس على التوالي، علما ان اكثر من31%من حركة الحاويات في مرفأ بيروت هي برسم المسافنة نحو مرافئ الدول المجاورة.

يشار اخيراً الى ان رسوم التأمين على البواخر والنقل البحري في المرافئ السورية واليمنية قد زادت بنسبة كبيرة بفعل وجود تنظيم داعش .