تحت عنوان "كيف ينعكس حراك الشارع على الإقتصاد اللبناني"، استضاف برنامج "المجلة الإقتصادية" من تقديم وإعداد كوثر حنبوري، اليوم الخميس في 3 أيلول الجاري، مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية للشؤون الاقتصادية الخبير الاقتصادي غسان حاصباني، الذي أشار إلى أن هذا الحراك يؤثر على ثقة المستهلك أولاً "فالناس عندما تخاف من الوضع ينخفض مستوى استهلاكهم، علماً أن هذا المستوى لم يكن جيداً بالأصل. ثانياً، الحراك يؤثر على المنطقة التي يتخذ منها مكاناً فتتوقف الحركة فيها، ثالثاً، الموسم السياحي واستقطاب السياح الذي تأثر بحالة عدم الإستقرار الناتجة عن الحراك. كما أثر على ثقة المستثمر في لبنان، ان كان الإستثمار في الشركات، العقارات أو أي قطاع آخر، وهذه الثقة كانت منخفضة أيضاً".

وأوضح حاصباني أن للحراك أيضاً إيجابيات من الناحية السياسية التي ستنعكس على الإقتصاد في المدى اللاحق، وهذا في حال أدى إلى تحرك وحلحلة على المستوى السياسي تحت ضغط شعبي من ناحية الإنتخابات الرئاسية خاصةً، وانتخابات نيابية وإلى إعادة النظر في كل هذه المنظومة الديمقراطية التي لدينا لتطبيق الديمقراطية بطريقة حقيقية ولتطبيق الإلتزامات الدستورية، فسنشهد نتائج إيجابية بالتأكيد، تعوّض عن النتائج السلبية التي نشهدها اليوم.

وعن موضوع النمو، قال ان نسبة النمو المتوقعة لهذا العام هي بين 1 و1.5%، لافتاً إلى ان هذه النسب ليست نسب نمو حقيقي بل تراجع بالنسبة للبنان، "النسب الحقيقية للنمو في لبنان يجب أن تكون 5 و6% أو حتى على حدود الـ10%، والنسب 1 و1.5% هي نتيجة ضخ الأموال الإصطناعية من مساعدات وغيرها، وهذا امر ينذر بالخطأ لأننا إذا نظرنا اليوم الى الدين فهو ينمو بشكل أسرع من النمو الإقتصادي. اليوم العجز الموجود في مالية الدولة ينمو بوتيرة أسرع من النمو الإقتصادي، وعادةً عندما تستدين الدولة هي تستدين لينمو الإقتصاد عبر بناء المؤسسات الإنتاجية لدفع الدين من مردودها فيما بعد، ولكن ان لم تحسّن الدولة من انتاجيتها على المدى المنظور سيصبح عبء الدين كبير جداً لدرجة أنه سيصبح هناك علامة استفهام على قدرة الدولة لسد هذا العجز، إذا لم تتخذ خطوات كبيرة بإعادة النظر في استراتيجيتها الإقتصادية".

ومن جهة أداء الإقتصاد خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، لفت حاصباني إلى ان "مؤشر ثقة المستهلك مع الوقت كان يشهد هبوطاً هذا العام بعد أن وصل في العام 2014 إلى أعلى مستوياته 45%، والسبب هو عدم الإستقرار السياسي الموجود في البلد وحتى الآن لازلنا ننتظر حدثاً ايجابياً يدفع هذا المؤشر للارتفاع. الدين العام وصل لـ131% من الدخل القومي وهذه نسبة عالية، كما ان نسبة استدانة القطاع الخاص ليست مريحة بالنسبة لي وخاصة بنسبة استهلاك كالتي نشهدها اليوم". وأوضح أن ثقة الإستهلاك المنخفضة تشير إلى انه ليس هناك مبيعات مرتفعة للشركات، في الوقت الذي ترتفع فيه الإستدانة ما يعني ان الشركات أصبحت في مرحلة حرجة من استمراريتها. نسبة استدانة القطاع الخاص تشكل 89% من الدخل القومي وهي نسبة 45% مقارنة مع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهي نسبة مرتفعة جداً".

ومن جهةٍ ثانية تحدث حاصباني عن الحكومة الإلكترونية، موضحاً أن تنفيذها غير مرتبط بتطبيق اللامركزية إلا أنها تأخذ اللامركزية إلى أبعد بكثير من اللامركزية المناطقية أي إلى ما يسمى اللامركزية المواطنية حيث يصبح تعامل المواطن مباشرةً مع الإدارة، وقال: "الحكومة الإلكترونية تأتي باللامركزية إلى المواطن، حيث يصبح المواطن هو المركز". كما اكد ان العمل على المشروع لايزال مستمر جداً بوتيرة عالية مع اللجان المتابعة المنبثقة عن المؤتمر الذي انعقد في الصيف والأخصائيين الذين انهالوا بالتقدم للعمل على هذا الموضوع، "ونحن نعمل على خطّين، الأول هو مقترح القانون الذي تم طرحه في المؤتمر وهو في مرحلة التطوير، والثاني: نحن نعمل على المستوى التقني الذي نحاول ان نرى ما هي المشاريع التي يمكن القيام بها ضمن الحكومة الإلكترونية حتى قبل اقرار القانون داخل مجلس النواب".

وأضاف: "هدفنا من الحكومة الإلكترونية لم يكن بعيداً عما يطالب به الناس اليوم...اليوم لا يجوز تعميم الفساد على الجميع، كما ان الفساد ليس فقط على المستوى السياسي بل على المستوى الإداري والأفراد في الإدارة، وبالحكومة الإلكترونية يمكننا تخفيف هذا الفساد حتى نصل إلى إزالته كلياً".

كما تخللت الحلقة مداخلة للأمين العام للمؤتمر الدائم للامركزية الشاملة والفدرالية د. الفرد رياشي، الذي رأى ان الحراك على الأرض له تأثيرات سلبية على الإقتصاد منها التأثير على السياحة وعلى آليات العمل التي يمكن أن تتواصل أو تتجه نحو مشاريع جديدة، وتأثير سلبي آخر هو انتقال الودائع من البنوك اللبنانية إلى البنوك في بلدان أخرى أكثر استقراراً، بالإضافة إلى التصنيف الإئتماني الذي من الممكن أن يتضرر.

ومن ناحية ثانية، أشار رياشي إلى ان أي حراك كهذا له إيجابيات على المدى الطويل، خاصة إذا كانت المطالب محقة ومتعلقة بالشؤون الحياتية والإجتماعية.

ورداً على سؤال حنبوري عن أهمية اعتماد اللامركزية التي أثبتتها مشكلة النفايات، قال: "كنا من أوائل المنادين بتطبيق مفهوم اللامركزية الشاملة التي تصل إلى مركزية سياسية أو نوع من الفدرالية اللبنانية وهذا المشروع سيكون لنا مؤتمر صحفي لإطلاقه يوم الثلاثاء القادم. لبنان مرّ بأوضاع سياسية كبيرة من قبل تأسيسه حتى اليوم وهناك دول أخرى عانت من المشاكل نفسها ووجدت الحل باتباع هذا النظام... وبالوصول للشؤون الإجتماعية والحياتية، لو أن المناطق اليوم تعمل على إدارة مرافقها وشؤونها ومنها البيئية لم نكن لنصل إلى هنا، أي الى مشكلة النفايات"، لافتاً إلى أن المطامر ليست حلاً عملياً وصالحاً للبيئة وأنه مع الفرز وتوليد الطاقة من النفايات".