بعد أن استجاب الكثيرون في لبنان لدعوات حملة "طلعت ريحتكم" التي جاءت بمثابة رد فعل على الأزمات المتراكمة في البلاد، وليس آخرها أزمة النفايات التي عمّت معظم شوارع لبنان لتعكس بدورها شيئاً بسيطاً من حالة الفراغ والاهمال التي تعيشها البلاد..
 
ومع استجابة الشباب اللبناني الى دعوات الحملة، توافد الآلاف بسرعة الى الاعتصام السلمي الجماهيري في وسط بيروت، وذلك في ظل تحذيرات من تواجد مندسين داخل المتظاهرين، حاول أحدهم إزالة الأسلاك الشائكة، مما دفع بالقوى الامنية لفتح خراطيم المياه بوجه المعتصمين، الامر الذي تسبب باندلاع بعض المواجهات بين المتظاهرين من جهة والقوى الامنية من جهة أخرى، ليتخلل ذلك تراشقاً بالعصي والزجاج والحجارة..
 
وفي ظل ما هو حاصل، كان لـ "الاقتصاد" حديثاً مع رئيس نقابة المؤسسات البحرية في لبنان ​جان بيروتي​، والذي قال: "نهنّئ أنفسنا اليوم بكل ما يحاول أن يقوم به اللبنانيون، ومن ذلك -بل وأهمه- المظاهرة التي تعتبر عملاً حضارياً كبيراً يفرّفنا عن كل ما يحصل في الوطن العربي.. هي "حرية الانسان" ووقوفه بوجه السلطة ليقول لها: أنتِ أخطأتِ.. محذراً من أنه "تتواجد اليوم جمعيات وهيئات وأحزاب تعمل على تشويه صورة لبنان من خلال الأعمال التي حصلت مع بداية الحراك الامني المشبوه، وفي اليوم الثاني منه كالحرق والتكسير والنهب والتخريب".
 
واضاف: "هذا كله يعمل على تشويه صورة لبنان.. فلم يكد ينتهي شهر رمضان المبارك حتى تم فتح كل الملفات في وجه المجتمع اللبناني، على رأسها ملفات الخطف، والقتل، وطبعاً ملف النفايات. هذا عمل ممنهج هدفه ضرب صورة لبنان حتى لا يكون خارجاً عن كل ما حوله من أزمات. لكن مع هذا، شهد بلدنا قيام مئة مهرجان ترافقت مع حضور لافت للبنانيين قدموا من الاغتراب باتجاه بلدهم".
 
وتعليقاً على بيان سفارة دولة الكويت في لبنان والذي دعا الرعايا الكويتيين الى مغادرة لبنان، لفت بيروتي الى ان "أي قرار تتخذه السفارات اليوم بخصوص رعاياها هي حرة فيه، إنما اللبنانيين الذين يفهمون لبنان وكيف تدار الأمور فيه، يدركون يقيناً أن هذا الامر ما هو إلا عمل محدود لا يمكن أن يكون أبعد من ذلك". وقال: "السياحة اليوم لا تتأثر بشكل مباشر من التحذير الذي أطلقته السفارة الكويتية أو غيرها، فرعايا هذه الدول أصلاً تأتي بأعداد دقيقة وقليلة جداً، في ظل السياسة التي نعيشها مع الوطن الخليجي كله. من هنا يوجد غياب كبير -مع الأسف- للسياحة السعودية والكويتية وغيرها.. إنما المكلف في الأمر هو الإمعان بتشويه الصورة الحضارية للمواطنين اللبنانيين، مع أن هذه الصورة هي التي تميزنا عن كل ما حولنا".
 
وأكد على أننا في وطن نابض بالحياة رغم كل الظروف التي نمر بها، مضيفاً: "نحن وطن نابض بالثقافة وطن حضاري وديمقراطي رغم السياسات القمعية التي مررنا بها. وما نزال قادرين على أن نقف في وجه كل مسؤول لنقول له لا. ونقول نحن معنا الحق وليس أنت..!! هذا ما يميزنا عن كل ما يدور حولنا في الوظن العربي. الكثير من الناس في لبنان يتمسكون بهذه الافكار، لكن هناك آخرون مُكلّفون بضرب هذه الصورة.. نجد هذا الامر واضحاً حين نرى أن الاعلام الخارجي كالـ (CNN أو Euro News) مثلاً، يتناول ما حصل بهذه الصورة غير المألوفة، فنعزّي أنفسنا ونتساءل ما الذي يحدث لنا؟!".
 
 
 
وهنّأ بيروتي الهيئات التي دعت الى اعتصام البارحة وعملت على تنظيمه ، مضيفاً: "أهنئهم كذلك لتراجعهم عن تنظيم مظاهرة جديدة تخوّفاً من استغلالها من قبل من يستغلونها ويستغلونهم". كما أسِف "لأن هذا البلد يدفع الأثمان بالنيابة عن مسؤوليه، فالنفايات مسؤولية الحكومة وليس أي أحد آخر، كذلك الكهرباء وما سبقها من أزمات والمياه أيضاً هي مسؤولية الحكومة". وتساءل "هل يصح في بلدنا أن يتم خطف اشخاص وينقذهم ذويهم من عند الخاطفين ، ثمّ يتم التعرف على الخاطفين بأسمائهم وأماكن تواجدهم، ومع ذلك لا تقوم السلطات الأمنية بعمل أي شيء حيال هذا الأمر!".
 
وتابع: "ما حصل البارحة كان من الممكن أن يكون أهم عمل حضاري لكن هناك من أراد وعمِل جاهداً على تشويهه.. ومع ذلك نحن اليوم وطن المئة مهرجان في ظل ما يدور في الوطن العربي ككل، ونحن مستمرون، والقطاع السياحي مستمر، طبعاً هناك كِلفة علينا في كل مفرِق، لكننا سنستمر لأن الشعب اللبناني في الداخل سيبقى نابضاً بالحياة، وكذلك في الاغتراب سيبقى نابضاً بالعودة الى لبنان".
 
ولفت بيروتي في حديثه لـ "الاقتصاد"، الى ان النزول اليوم صار مكلفاً أكثر من نتيجته، حيث سينزل أشخاص مندسون بكل تأكيد، لكن المهم أنهُ وبسبب هذا الاستمرار في الاعتراض، فقد أصبح المسؤول مُدرِكاً تماماً أن هناك شارعاً ضده، وعليه أن يقوم بحسابات ولا يمكنه أن يتغاضى أكثر عن مسؤولياته".
 
وختم قائلاً: "بعد أن أصبح الشارع جاهزاً للنزول الى مظاهرات بكل دقيقة، أصبح الحراك اليوم قادراً على أن يكون بغير صورة، بصورة لا تورّط البلد في مشاكل أكثر". آسِفاً "أن هذه الصورة يمعِن البعض في تشويهها"، معتبراً أن اللبنانيين هم المسؤولون عن هذا الأمر.