بعد الاتفاق النووي دخل العالم مرحلة جديدة مختلفة تماما عن السابق وباتت الأنظار كلها  على أيران امكاناتها وسوقها والأستثمارات الواعدة فيها وباتت الشركات العالمية تتسابق ليكون لها موطيء قدم في أيران وبات الكل يخطط أو يفكر بالأستفادة من هذه المسماة"الكعكة ألأستثمارية الكبرى"  بعد  نزع الحظر و​لبنان​ من غير المنطقي أن يكون خارج هذه الدائرة:فما مدى أهتمام لبنان الرسمي والخاص بألأنفتاح الأقتصادي على أيران وما هي مجالات أفادة لبنان كل قطاع على حدى وهل هناك من اتصالات أو  مساع بدأت عند القطاع الخاص على الاقل؟ هل المأمول من أيران بهذا الحجم في الواقع ؟؟؟وفي المقابل ما مدى رغبة أيران بتوسيع أتفاقاتها ومبادلاتها مع لبنان؟

"ألأقتصاد"أستطلعت اراء وزراء وفعاليات أقتصادية من القطاع الخاص:وأتفق الجميع على أن أفادة لبنان لن تكون سريعة وليس قبل العام 2016 وربما أبعد طبعا باستثناء أنخفاض أسعار المحروقات الذي بدأ المواطنون يلمسونه من خلال الوفر في ثمن الوقود وأجمعت ألآراء أيضا على أن لبنان لن يكون من أول المستفيدين بل في المستوى الثاني أو الثالث و اتفقوا على أنه سوق استثماري كبير وواعد لكن أيجابياته لن تعم ألأقتصاد اللبناني دفعة واحدة بل ألأمر يعود لكل قطاع على حدى الكل اليوم  في مرحلة ألأستكشاف والدراسة لمعرفة بيئة الاعمال والاعباء التشغيلية والمنافسة والقوانين والحوافز التي تقدمها أيران للمستثمرين ألا أن   اللافت أن كل من تحدث للأقتصاد غير منتظر أي مساعدة أو تمهيد رسمي من الدولة  وفود رسمية وأتفاقات ثنائية أسوة ببلدان أخرى تعمل دبلوماسيتها على تعبيد الطريق أمام القطاع الخاص قالوا " دعوا دولتنا غارقة في أزمة النفايات وأزمة الماء والكهرباء تعمل على أضاعة أموال القروض والمشاريع وتهددنا بعدم القدرة على دفع الرواتب وألأجور":

حبيقة:

قال الخبير الأقتصادي د.لويس حبيقة أن لبنان يستفيد من خلال الشركات العاملة هناك، والشباب الذين يعملون في ايران بمختلف القطاعات. لكن الاستثمارات الايرانية في لبنان لن تكون سريعة، لأن ايران ستكون سوق استثماري ضخم، وذلك بسبب بعدها عن العالم العلمي أو المتطور خلال العقدين الماضيين. وبالتالي تحتاج اليوم الى استقطاب الكثير.

وأوضح أن اللبنانيين  كأفراد بامكانهم أن يستفيدوا من العمل مع الشركات الأوروبية أو اللبنانية التي باستطاعتها الاستثمار في ايران. والاستفادة ستكون على صعيد العمل في ايران، أو توسع بعض الشركات اللبنانية القادرة على الدخول الى السوق الايراني الكبير؛ علما أن معظم الشركات اللبنانية صغيرة.

ولفت الى أن اللبناني يعي أهمية هذا الموضوع اليوم وسوف "يطحش" بسرعة، لكن نأمل أن لا تعرقل السياسة هذا الأمر.

نقولا نحاس

وعن قدرات ​إيران​ الإقتصادية وسوقها الإستثماري الكبير وكيف يمكن للبنان أن يستفيد من ذلك، أوضح: وزير الاقتصاد السابق نقولا نحاس أن "إيران دولة كبيرة، ويجب أن نشكل وفودا لبنانية لزيارتها وبرأيي يجب أن نفصل بين السياسة والإقتصاد...ويجب التعاطي معها في كل شيء لا يؤدي بنا إلى الوقوع تحت أي منع دولي. ونحن لسنا بحاجة لأن نقول للبنانيين كيف بامكانهم استغلال الوضع فهم السباقين في ذلك".

ورأى ان الإيجابية الأكبر هي انخفاض فاتورة النفط والكهرباء وتوقع "ان يتراوح سعر النفط بين 45 و55 دولار لأنه سيصبح هناك وفرة في الكمية في السوق، والبطء في وتيرة النمو الصيني أحد أهم المستهلكين للطاقة وعدم وصول النمو في أوروبا إلى المتوقع يؤدي إلى انخفاض الطلب وارتفاع المعروض".

وعن ملف النفط والغاز والإستفادة من الخبرات الإيرانية، أشار إلى أن السياسات التي تم وضعها بحاجة إلى تعديل، لافتاً إلى أن هكذا ملف لا يجب أن يرعاه مسؤول وأن هيئة إدارة قطاع البترول التي تم تشكيلها صلاحياتها محدودة جداً ولا تمكّنها من لعب الدور المطلوب..

ربيع ياغي

من جهته الخبير النفطي ربيع ياغي أشار الى أن : "كل القطاعات في لبنان ستستفيد من الإنخفاض في أسعار المحروقات من مصانع إلى شركة الكهرباء التي من المفترض أن ينخفض العجز فيها من 2 مليار إلى مليار دولار.

وبخصوص العودة الإيرانية، رأى ياغي أنهم يحتاجون إلى وقت ليعودوا إلى مستوى الإنتاج السابق من النفط "كما يحتاجون إلى تطوير صناعتهم النفطية والاستعانة بخبرات أجنبية وإعادة تفعيل وتشغيل الصناعات التي كانت قد توقفت، وتطوير مرافئ التصدير وإمكانيات التخزين.

وعن السباق لتأسيس صناديق استثمار في إيران، أوضح ياغي أن تنفيذ المشاريع الكبرى من بتروكيماويات إلى مصافي إلى ما هنالك يحتاج إلى 400 مليار دولار، وهذا لن يتم خلال أشهر، لذا من لديه مشاريع دراساتها جاهزة هي شيء مغر للصناديق الإستثمارية العالمية "أوروبا لديها مصالح في إيران توازي مصالحها في الخليج، وإيران لديها عوامل تشجعها على التفاهمات من عجز مالي وعجز في العملة الصعبة-السيولة، لذا شروط التفاوض أسهل".

وتابع: "ومن جهة الطيران أيضاً، إيران تريد تحديث كل خطوطها والمرافئ والمصافي.

وزني

بدوره  الخبير الإقتصادي د. غازي وزني، أشار إلى أن الإستفادة الفورية للبنان ستكون على صعيد الكهرباء حيث تنوي ايران بناء معمل يبلغ إنتاجه 1000 ميغاواط، "كما يمكن توقيع اتفاقيات بشأن البنى التحتية"، إلا أن الإستفادة الحقيقية تحتاج إلى فترة سنوات لتظهر، مشيراً إلى العوامل السياسية التي يجب أن تتوافق مع تلك الإقتصادية.

ولفت وزني إلى ضرورة تحسين العلاقات التجارية مع إيران "مبادلاتنا التجارية اليوم أقل من مليون دولار" .

وعن القطاع المصرفي، أوضح ان القطاع المصرفي الخاص الإيراني ضعيف والقطاع المصرفي اللبناني سيلعب دورا أساسيا.

زمكحل

ردا على سؤال  "ألأقتصاد"هل بدأتم بتحرك أو بخطوة ما  باتجاه السوق الايراني ما هي تدابير رجال الأعمال كم بالنسبة لإيران؟

قال رئيس تجمع رجال ألأعمال فؤاد زمكحل "يجب أن نؤكد أولا اننا نحن كرجال أعمال لبنانيين إحترمنا العقوبات من أول يوم لآخر يوم، نلاحظ أن التبادل التجاري بين لبنان و إيران منخفض (أو شبه معدوم) و حركة تنقل رجال الأعمال  منخفضة أيضاً جداً جداً –بالمقارنة مع بلدان اخرى تعتبر هذه الحركة منخفضة كثيراً- مع إحترامنا للعقوبات كُنا دائماً نقول أن في اليوم الذي ستترفع هذه العقوبات  سنكون من أول رجال الأعمال الذين سيزورون إيران لنتمكن من إستطلاع الوضع و نبحث عن أماكن للإستثمار بكل مجالات التجارة، الصناعة، المصارف، الخدمات، الفنادق و المطاعم، و هذا ما حصل من أول يوم وقعت إيران فيه الإتفاقية صرحنا بأننا مهتمين بإيران و نحن ننظر إلى إيران من الناحية الإقتصادية كسوق مهم لعدة أسباب فإيران تمثل لنا سوقا هامة  لا نعتبرها موقع سياسي ولا ديني و لاثقافي لكن إيران شريك إقتصادي مهم بلد يحتوي على فوق الـ 80 مليون شخص، بلد إستثماري بإمتياز، بلد لم يقدر أن ينمو بطريقة صحيحة  خلال سنوات العقوبات لمدة 35 سنة، في إيران مواقع إستثمار برأينا مهمة جداً، كما أن الشركات الإيرانية نعتبر أنها بحاجة إلى التطوير واللبناني قوياّ بهذا المجال، لذا برأينا  إنه سوق إستثماري بإمتياز  كما أنه سوق إستهلاكي لكون البلد يحتوي على 80 مليون شخص  فمن واجبنا أن نسعى وراء الفرص الإستثماريّة.

أما النقطة الثانية حول التصدير، و التصدير ليس فقط ينحصر بالسلع اللبنانيّة بل نتكلم عن تصدير الأفكار، تصدير إقتصاد المعرفة الذي دائماً نبني عليه عبر طريقة عملنا و طريقة إدارتنا و الموارد البشرية التي نملكها. و نحن نعتبر أن إيران اليوم بحاجة إلى إقتصاد المعرفة و خاصة التكنولوجيا اللبنانيّة لذا نعتبر أنها فرصة مهمة ويجب أن على الأقل زيارة هذا البلد لنتعرف أكثر على حاجاته.

إتجاهنا إقتصادي إنمائي بإمتياز و غير متعلق بالسياسة

هناك العديد من المواقع التي يمكن أن نستثمر فيها، كالإستثمار بشركات موجودة أو خلق شركات صغيرة و متوسطة في إيران أو الحصول على فرص لشراكات مع شركات أصلاً قائمة في إيران برأس المال على سبيل المثال و لكن لا يمكننا تحديد أي شيء لأن هناك  العديد من رجال الأعمال الذين يزورون إيران لأول مرة. و لكن أهم شيء نود توضيحه و تأكيده أن  إتجاهنا إقتصادي إنمائي بإمتياز و غير متعلق بالسياسة ولا بالدين فهي علاقة إقتصاديّة، إستثمارية و إنمائية بإمتياز.

و في نفس الوقت لا يمكننا التفاؤل كثيراً لأنمن  الواضح أن هذا الإتفاق الذي إستغرق 35 عاما تطبيقه لن يكون بـ 35 يوم بالطبع سيأخذ أشهر لا بل سنوات لكي يطبق و ينتج عنه إيجابيات على الوضع الإقتصادي، الإجتماعي، الأمني و السياسي. بالتأكيد علينا أن نكون بغاية الحذر كما لا يجب علينا التسرّع ، علينا أن نراقب السوق و أن ننتبه لأن إزالة العقوبات يحتاج لعملية طويلة ستمرّ بالكونغرس الأميركي و بعدها هناك ملاحقة معينة فقبل العام 2016 لأن تكون الأمور واضحة، لذا سنكون من اول الناس الذين سيزورون إيران لكن يجب أن ننتبه بأن لا نتسرع بالإستثمار و الشراكة مباشرة إلى أن تتبلور أمور تطبيق رفع العقوبات.

النقطة الأخرى، كما نعلم أن المستفيد الأول بهذا الإتفاق هو من وقّع على الاتفاق أي الأشخاص المعنيين، فحن نعلم أننا لن نكون من الدرجة الأولى من الأولويات، إيران بالتأكيد هي المستفيد الأول و ستحصل بالطبع على سيولة كبيرة فكل هذه الأموال التي كانت متوقفة في بلدان و مصارف خارجية من ضمن العقوبات الذي يُحكى أنها تفوق الـ 150 إلى الـ 200 مليار سوف يُفرج عنها رويداً رويداً و سيكون هناك سيولة كبيرة في إيران. و المستفيد الأول أيضا سيكون أميركا و أوروبا لأنهم هم من وضعوا الإتفاق بطريقتهم التي لا نعرف كل تفاصيلها و بالطبع لهم أولويية بالإستثمارات و البنية التحتية و المشاريع الكبرى  بالطبع روسيا لها جزء مهم. فإذاً نحن على دراية من هو المستفيد الأول نعلم أيضاً أننا في الدرجة الثانية أو الثالثة و لكن اكيد يجب أن نستغل هذه الفرصة.

أما النقطة التالية التي يجب أن نشدد عليها، حتى من ضمن العقوبات كانت هذه البلدان التي ذكرتها على علاقة تبادل تجاري مع إيران، التصدير من إيران بعام 2014 يقدر بـ55 مليار فمن المعروف أن الحركة الإقتصاديّة دائماً موجودة حتى من ضمن العقوبات بين هذه البلدان و إيران. من المهم جداً أن نفصل  نهائياً بين الشقّ السياسي و الشقّ الإقتصادي على كل حال علاقنا مع إيران أو غير أي بلد . و أحب أن نستخدم المثل الفرنسي أن اليوم الذي قام فيه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بزيارة سياسية لإيران و بعدها بيومين وفد إقتصاد فرنسي بزيارة إيران فنلاحظ أن حتى الفرنسيين يفرقون بين الشق الإقتصادي و الشق السياسي و هذا ما نطمح للقيام به، أكيد دراستنا و زيارتنا و التبادل سيكون له طابع إستثماري إقتصادي إنمائي و لكن بحذر حينما نرى تطبيق هذا الإتفاق كيف سيتمّ و بأي سرعة لأن هنالك العديد من الأسئلة يتوجب علينا سؤالها كوضع المصرف، نقل الأموال، اللغة و العديد من الأمور المهمة و أكرر واجبنا أن نذهب للنرى الوضع على الأرض و نراقب العلاقات.

و أضاف زمكحل: بدأنا نبحث مع رجال أعمال إيرانيين و لدينا علاقة واضحة و شفافة مع السفارة الإيرانية و السفير و الملحق التجاري لنتأكد من جميع المعلومات و سنشكلّ وفدا و لكن ليس  لدينا تاريج معيّن.

لا شك أن الإتفاق و رفع العقوبات عن إيران هي فرصة كبيرة أمام العالم و فرصة مهمّة لرجال أعمال لبنانيين بدون أن ننسى أن إيران بعيدة فقط ساعتين، هذا التقارب بالمسافات و طريقة العمل، فرصة يجب أن ندرسها بطريق جديّة جداً و بحذر إلى أن تتبلور الأمور.

وختم بالقول :نحن نتفائل بالخير و هذه فرصة يجب أن لا نضيعها بل  يتوجب علينا العمل على أساسها من الناحية الإقتصادية بكل شفافية و تنسيق مع السفارات الأميركية و الاوروبيّة لأن بالنهاية يهمنا أن تكون علاقتنا وطيدة معهم و ممتازة.