هل طمر ملف ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت  الى غير رجعة؟

يبدو أن الاعتراضات التي لاقاها مشروع ادارة مرفأ بيروت لردم الحوض الرابع وإنشاء مكانه رصيفا جديدا متعدد الاستعمال (multi purpose) واستحداث الى جانبه باحة اضافية قادرة على استيعاب الزيادة المنتظرة بحركة الحاويات، نجحت في توقيف أعمال الردم. وقد تبين في وقت لاحق أن قيادة الجيش درست المشروع وناقشته مع ادارة المرفأ وأبدت ملاحظاتها وتحفظاتها عليه، وقد اشارت الى  أن هذا الردم سيخفض من عدد الارصفة في مرفأ بيروت، وبالتالي سيخلق أزمة ازدحام ويعرقل رسو القطع الحربية التابعة لدول صديقة تزورالمرفأ، أو القطع الحربية الخاصة بالقوات الدولية (Unifil) العاملة في الجنوب اللبناني أو السفن الحربية التي ستستلمها القوات البحرية اللبنانية،الموجودة قاعدتها في الحوض الاول في مرفأ بيروت،من ضمن الهبة السعودية. ويبدو إن هذا الموقف دفع بادارة المرفأ الى إعداد مشروع معدل لردم الحوض أخذ بعين الاعتبار بتحفظات وملاحظات قيادة الجيش.ويقضي هذا المشروع بتطويل  الرصيف الرئيسي رقم 16 في محطة الحاويات من جهة الغرب ليصبح بطول 1250 مترا،وتطويل الرصيف رقم 15 الى 400 متر وتعميق غاطسه الى 14 مترا، واضافة مساحة حوالي 60 ألف متر مربع الى محطة الحاويات لاستيعاب الزيادة بحركة الحاويات، مع المحافظة على نشاط وعمل الارصفة الثلاثة 13، 14 و 15 التي تشكل الحوض الرابع، وقد أصبح هذا المشروع الجديد في عهدة قيادة الجيش اللبناني.

وهل أن حركة الحاويات الحالية تتطلب فعليا  هذه المساحة الاضافية؟

رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت قال " للاقتصاد" عندما أنشئت محطة الحاويات في مرفأ بيروت في العام 2005، بقدرة استيعابية تبلغ حوالي 650 ألف حاوية نمطية سنويا، اعتبر البعض أن هذه القدرة الكبيرة قادرة على استيعاب حركة الحاويات المتوقعة لمدة تفوق الـ10أعوام، لأن حركة الحاويات التي كان يسجلها المرفأ لم تكن تتجاوز الـ300 ألف حاوية نمطية سنويا. لكن هذه القدرة الاستيعابية لمحطة الحاويات تم استعمالها في فترة لم تتجاوز الثلاث سنوات، بعد أن تمكن مرفأ بيروت من استقطاب شركتين بحريتين عالميتين لاعتماده مركزا لعمليات المسافنة نحو مرافئ البلدان المجاورة. وقد أدت هذه الحركة النشطة الى ازدحام شديد على رصيفي محطة الحاويات رقم 15 و 16 وفي باحة المحطة، ما دفع ادارة المرفأ الى استعمال كافة الباحات الموجودة داخل الحرم المرفئى لتخزين الحاويات. كما بادرت الى تزويد المحطة برافعات جسرية ومساعدة اضافية لتسريع العمل في المحطة،وباشرت أيضا بإعداد مشروع جديد لتوسيع المحطة من جهة الشمال حتى مجرى نهر بيروت. وفي أقل من 5 سنوات على إنشاء محطة الحاويات بدأ مرفأ بيروت يسجل أرقاما قياسية بحركة الحاويات سمحت له أن ينضم الى لائحة المرافئ المئة في العالم التي تتعامل مع أكثر من مليون حاوية نمطية سنويا منذ العام 2011.

وفي الربع الاخير من العام 2013، تم إنجاز مشروع التوسعة من جهة الشمال، فارتفعت القدرة الاستيعابية للمرفأ الى حوالي 1.350 ألف حاوية  نمطية، في حين ارتفعت حركة الحاويات الى أكثر من 1.210 مليون حاوية نمطية في العام 2014.

مما تقدم، يتبين أن مشاريع التوسيع يجب أن تستمر في مرفأ بيروت ليظل لاعبا محوريا في المنطقة وقادرا على استيعاب الزيادة التي تنتظره مع عودة السلام والاستقرار الى سوريا والمباشرة الى إعادة إعمارها،فالمرفآن السوريان اللاذقية وطرطوسلن يكونا غير قادرين على استيعاب حركة البضائع المطلوب استيرادها لإعادة إعمار سوريا، وبالتالي لا بد من الاستعانة بالمرافئ المجاورة لا سيما مرفأي طرابلس وبيروت.

وعن سبب ارتفاع الصادرات بواسطة الحاويات عبر مرفأ بيروت يقول زخور :

إن مرفأ بيروت ما يزال يشهد حركة تصدير نشطة بواسطة الحاويات بسبب توقف حركة تصدير البضائع اللبنانية عبر المعابر البرية الى الدول العربية، وقد أدى استحداث محطة حاويات حديثة في مرفأ بيروت الى استقطاب معظم الشركات البحرية العالمية للتعامل مع المرفأ، ما مكّنه من التعامل مع معظم المرافئ العالمية ومن بينها المرافئ العربية، وأتاح للمصدّرين اللبنانيين من صناعيين ومزارعين من تأمين صادراتهم بحرا بواسطة الحاويات العادية والمبردة الى الدول العربية بعد إقفال المعابر البرية.

ويمكن القول أن وجود هذه المحطة أنقذ القطاعين الصناعي والزراعي من كارثة كبيرة، إذ أفادت مؤسسة "إيدال" أن تراجع الصادرات الزراعية اللبنانية لم يتجاوز الـ2 بالمئة في الخمسة أشهر الاولى من العام الحالي، عما كانت عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي، وأنا على يقين أن هذه الصادرات ستسجل زيادة خلال الاشهر القليلة القادمة.

إنشاء الهيئة العامة للنقل البحري

وحول  الحاجة الى إنشاء الهيئة العامة للنقل البحري؟ وماذا يؤخر إنشاءها؟

يرى زحور إن السبب المباشر لتؤخر إنشاء الهيئة العامة للنقل البحري هو التدخل السياسي الذي يعرقل ليس فقط إنشاء الهيئة العامة للنقل البحري بل كافة الهيئات والمجالس والتعيينات في كافة مرافق ودوائر الدولة. لذلك نقول للسياسيين كافة إرفعوا أيديكم عن مرافق الدولة واسمحوا بتطبيق الأنظمة والقوانين وقيام الدولة العادلة التي تخدم شعبها وترعى مصالحهم.

وفي ما يتعلق بوضع سياسة للنقل البحري في لبنان على ضوء تطورات وحاجات لبنان والمنطقة العربية، و العناوين العريضة التي يجب أن تتضمنها هذه السياسة يوضح زخور :

إن وضع سياسة للنقل البحري في لبنان مرتبط بصورة مباشرة بإنشاء الهيئة العامة للنقل البحري التي من أهم مهامها وضع هذه السياسة لتكون مسؤولة عن حماية البيئة البحرية من التلوث البحري والتفتيش البحري للسفن في المرافئ اللبنانية والمياه الاقليمية اللبنانية والمنطقة الاقتصادية اللبنانية. كما أنها ستكون مسؤولة عن تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. ومن مهامها أيضا تحديد الادوار للمرافئ اللبنانية وتفعيل دور الاسطول التجاري اللبناني عبر توفير القروض المصرفية بفوائد ميسّرة ومدعومة لأصحاب السفن اللبنانيين ليتمكنوا من تحديث سفنهم أو شراء سفن جديدة.

و يشرح  زخور السبب المباشر لانخفاض أجور الشحن البحري باستمرار تدفق السفن العملاقة التي تتراوح سعة الواحدة منها ما بين 14 ألف حاوية نمطية و 18 ألف حاوية نمطية، ما أدى الى خلل بالتوازن بين العرض والطلب. فقد أصبحت السعة الاجمالية للاسطول التجاري العالمي أكبر بكثير من حجم التجارة البحرية العالمية. إن هذا الخلل دفع الخطوط البحرية العالمية الى ممارسة سياسة المضاربة بأجور النقل البحري، فقد شهدت هذه الاجور انخفاضا غير مسبوق بسبب الركود الذي يسجله الاقتصاد العالمي ولا سيما الاقتصادي الصيني الذي أصبح الاقوى في العالم.

مما تقدم، يتبين أن انخفاض سعر النفط لم يكن له تأثير على أجور الشحن البحري لكنه ساهم في التخفيف من الخسائر التي تسجلها الخطوط البحرية العالمية.

الى أي مدى يؤثر اليوم الالتزام بالخط الاحمر على عملية إخراج البضائع من مرفأ بيروت ويؤثر بالتالي على حركته؟

يعتبر زخور إن اعتماد ادارة الجمارك الخط الاحمر الالزامي لكافة البضائع المفرغة أدى الى عرقلة العمل في مرفأ بيروت وعلى عملية إخراج البضائع، لكن هذه الادارة اضطرت الى التخفيف من الالتزام بالخط الاحمر نظرا لانعكاساته السلبية على حركة تسهيل إخراج البضائع والأعباء المالية الاضافية التي أصبح المستوردون يتكبدونها كرسوم خزن وتأخير على تفريغ الحاويات (Demurrage).

أما عن نسبة البضائع التي ما تزال تمر عبر الخط الاحمر، فهي ما تزال أكبر من تلك التي تمر عبر الخط الاخضر، علما أن منظمة التجارة العالمية دعت الى تيسير التجارة وتسريع حركة البضائع والتخليص عليها وانسياب البضائع عبر الحدود.

الخط الاحمر وتراجع الواردات الجمركية!

ويبقى السؤال هل هناك من بضائع برسم الخط الاحمر لا يتم إخضاعها للتفتيش؟

نعم ،هناك بضائع تم إعفاؤها من المرور بالخط الاحمر وهي كناية عن المواد الاولية المستوردة للمصانع أو المواد الزراعية، بالاضافة الى السيارات الجديدة وبضائع بعض كبار التجار الذين يمثلون ماركات عالمية.

ولا بد من الاشارة أخيرا، الى أن ما دفع وزارة المالية الى اعتماد الخط الاحمر الالزامي والتشدد في الكشف والتدقيق على البضائع الواردة هو لوقف الهدر والرشوة والفساد، لكن هذه السياسة لم تعط النتائج المرجوة منها، إذ تبين أن مجموع الواردات الجمركية والضريبة على القيمة المضافة (VAT) تراجع في النصف الاول من العام الحالي الى 1962 مليار ليرة مقابل 2033 مليار ليرة للفترة ذاتها من العام الماضي، أي بانخفاض قدره 71 مليار ليرة ونسبته 3.50 بالمئة.

اما بعد فأين القطبة المخفية ؟؟؟