"جازفي ولا تخافي مهما كانت العواقب. احتضني أنوثتك، وعبري عن رأيك". هكذا شجعت مؤسسة المدونة الالكترونية "Phatima’s Box"، فاطمة حكيمي، المرأة اللبنانية على التقدم والنجاح. وذلك في حديث خاص مع "الاقتصاد"، تمحور حول مسيرتها المهنية في مجال الانترنت، وفي الشركة العائلية، بالاضافة الى رؤيتها لواقع المرأة اللبنانية اليوم.

- أين كانت البداية ومتى؟

بعد تخرجي من "الجامعة اللبنانية الأميركية"، "LAU"، عام 2009، مع اجازة في الإدارة، بدأت بالعمل في شركتنا العائلية وانضممت الى فريق العمل. وكنت مسؤولة عن قسم الموارد البشرية والتسويق، كما بدأت بإطلاق أفكار جديدة لتعزيز أعمالنا. ومع الأيام، تمكنا من تحسين ثقافة الشركة، وبيئة العمل، وسياسات التغيير، واستطعنا تلبية كافة احتياجات العملاء وتوقعاتهم. وعلى الرغم من أنه صراع متواصل، لا تفشل في تحقيق أهدافنا والحفاظ على إرث والدنا وتعزيزه.

- لماذا قررت اطلاق "Phatima’s Box"؟

كشخص لديه العديد من الاهتمامات، قررت إطلاق مدونة الكترونية خاصة بي في 3 كانون الثاني 2011. و"Phatima’s Box" تشمل كافة الأمور التي تهمني، ولكن بصورة رئيسية تظهر شغفي لصناعة الخبز والأطعمة؛ اذ أردت تبادل وصفاتي مع الجميع.

- من يتابع "Phatima’s Box"؟ وكيف تواجهين المنافسة؟

صناعة الخبر والمدونة الالكترونية هما شغفي، لذلك لا أفكر أبدا بالمنافسة. أما بالنسبة الى متابعي المدونة، فهم من جميع أنحاء العالم، ومعظمهم من الولايات المتحدة. لكن هدفي الرئيسي هو السوق اللبناني؛ فمعظم المدونين اللبنانيين تعرفوا على مدونتي، انما الاحصائيات الرئيسية تظهر عدد كبيرا من المتابعين من الولايات المتحدة.

- ما هي أهم الصعوبات التي تواجهك خلال العمل في الشركة العائلية وفي المدونة؟

الشركة العائلية واجهت صعوبة أساسية تتمثل في تقلب الاقتصاد في لبنان، مع كل المشاكل السياسية التي نمر بها، بالاضافة الى انعدام الأمن. هذه الحالة تسبب الخوف للعملاء، وبالتالي تبطئ الأعمال. كما أن المنافسة تتزايد باستمرار، مما يؤدي أيضا الى بعض المضاعفات.

أما بالنسبة الى المدونة الالكترونية، فمن الصعب الحصول على عدد كبير من المتابعين، وتسويق المدونة. فالإنترنت هو عالم واسع جدا، وربما يكون هناك مليون مدونة، وخاصة عن الطعام. لذلك من الصعب حقا الوصول الى الجميع. لكن وسائل التواصل الاجتماعي تساعد كثيرا.

- هل تعرضت يوم الى أي تمييز في اطار العمل لمجرد كونك امرأة؟

ليس بالضرورة، لكن بعض الأشخاص يعتقدون أن النساء هن من الجنس الناعم، لدرجة ينسون أنه من الممكن أن تكون المرأة ذكية، وقوية، ومستقلة، وطموحة، وتخاطر مثل أي رجل أو زعيم.

- ما هي برأيك الصفات التي ساعدتك على النجاح؟

بمساعدة ودعم ما بدأ به والدي، حصلنا جميعنا على دفعة ومساعدة كبيرة للانطلاق. ولكن من أجل تحقيق ما نريد، في الحاضر والمستقبل، علينا أن نعمل كفريق واحد واستخدام مهارات كل شخص.

لا بد من القول أن صفاتي قد تختلف، لكنني بالأساس طموحة، قائدة، ومصممة، ومخاطرة.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

الخطط والأهداف المستقبلية هي بالأساس العمل على تنمية شغفي ومسيرتي المهنية، من أجل الوصول الى غد أكثر إشراقا.

- كيف تمكنت من التنسيق بين عملك وحياتك الخاصة؟

العمل هو العمل والحياة الشخصية هي حياتي الشخصية، وبالتالي لا يجب مزجهما. لكن علينا أن نتعلم ترك حياتنا الخاصة في المنزل عندما نكون في مكان العمل، ونسيان العمل عندما نكون في المنزل.

- على صعيد حقوق المرأة، ما هي برأيك المعوقات التي تقف في طريق تقدم النساء في لبنان؟

لبنان ومعظم الدول العربية، هي بمثابة مجتمعات يسيطر عليها الذكور؛ وهذه هي أكبر عقبة تواجهنا. تعتبر المرأة في هذه البلدان كرمز للجنس، أو ربة منزل يجب أن تبقى وراء الأبواب المغلقة كي تطبخ، وتنظف، وتنجب الأولاد، وتربي؛ أي اتباع الأوامر فقط.

المرأة التي تحاول الخروج من هذه الشرنقة، لا تؤخذ على محمل الجد، وتتعرض في معظم الأحيان للسخرية. فالبعض ينسى أن المرأة متساوية مع الرجل، وقد تكون أحيانا أفضل منه.

- كيف تقيمين وضع المرأة اللبنانية اليوم من ناحية الحقوق؟

قطعت المرأة شوطا طويلا، وخصوصا في لبنان، اذ وقفت المنظمات والجمعيات إلى جنب المرأة، وخاصة تلك المعنية بالعنف والاساءة. كما أن تمرير القانون ضد العنف الأسري، يشكل خطوة كبيرة إلى الأمام. وحتى الاتفاقية التي أطلقتها مي شدياق لتعزيز المساواة بين المرأة والرجل، كانت مثيرة للإعجاب.

للمرأة الحق في إعطاء رأيها، والوقوف شامخة للتعبير عن رأيها، خاصة عندما تتعرض للقمع. أتساءل أحيانا، لماذا الرجل يضطهد المرأة؟ فجميعا نعلم جيدا أن كلا الجنسين لا يمكن أن يعيشا دون بعضهما.

لا يمكن الجزم أن الرجل هو أقوى من المرأة، أو المرأة ذكية أكثر من الرجل. عندما نتحدث عن المساواة، نعني أن يعامل كل انسان باحترام وتقدير، بغض النظر عن جنسه.

- هل كان "الرجل" داعما لمسيرتك المهنية؟ وكيف تصفين دور الرجل بشكل عام في لبنان؟

يسيطر الرجل في لبنان على الثقافة والمجتمع، مما أعطاه الفرصة لتنمية غروره. فبعض الرجال يعتبرون أنهم أكثر ذكاءا، وشجاعة، وطموحا، أو حتى أقوى لمجرد أنهم رجال. لكن لا يمكن التعميم في هذه المرحلة. اذ يمكن لبعض الرجال أن يفتخروا باستقلالية المرأة ونجاحها، كما يمكن للبعض الآخر أن لا يقدر هذا النجاح، أو حتى يخاف منه. لا يوجد تقييم ملائم، لأن كل رجل يختلف عن الآخر. هناك رجل يمد يد العون الى المرأة، ورجل آخر ينتظر أن تفشل كي يثبت أنها لا تمتلك مكانا في المجتمع.

- هل لديك طموح سياسي؟ وهل تؤيدين اقرار الكوتا النسائية في المجلس النيابي؟

ليس لدي طموح سياسي، لكن أعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك حصة للنساء في البرلمان، كي نتمكن من سماع أصوات وآراء النساء المضطهدات. كما أن السياسيات سوف يهتممن أكثر بمواضيع تخص المرأة مثل اساءة المعاملة، ونشر الاحترام والمساواة بين الجنسين، وتشجيع حقوق المرأة، ودعم المرأة في المجتمع...

- نصيحة الى المرأة.

"جازفي ولا تخافي مهما كانت العواقب. احتضني أنوثتك، وعبري عن رأيك. لا تسمحي لأحد أن يقلل من قدراتك. كوني امرأة مستقلة وقوية من أجل أحبائك ومجتمعك، وعندما تريدين القيام بأي شيء، قومي به بحب وعاطفة".