لم يكن ينقص المزارعين في لبنان سوى موجة الحر الشديدة التي ضربت المنطقة في الأيام الأخيرة، حيث وصلت درجات الحرارة الى 40 درجة في البقاع و37 على السواحل. فجاءت هذه الظاهرة الطبيعية لتزيد من مأساة القطاع الزراعي الذي يعاني أساسا منذ إقفال المعابر البرية في سوريا من مشاكل كبيرة، إذ توفق التصدير الى الدول العربية بشكل كامل بعد سيطرة المعارضة السورية على "معبر نصيب" الواقع بين سوريا والأردن والذي كان يعد المنفذ الوحيد للوصول برا الى دول الخليج.

وجاءت والخلافات السياسية وشلل الحكومة لتزيد الطين بلة، حيث تقاذف الوزراء كرة التصدير عبر البحر فيما بينهم دون الوصول الى قرار حاسم في هذا الملف، ومازالت الأمور عالقة حتى اللحظة، وخسائر المزارعين تتزايد يوما بعد يوم.

فكم أثرت موجة الحر التي نشهدها حاليا على المحصول الزراعي خصوصا في منطقة البقاع؟ وأين أصبح ملف التصدير عبر البحر؟ وكم بلغت خسائر القطاع الزراعي منذ توقف تصدير المنتجات الى الخارج؟ ... أسئلة كثيرة أجاب عنها رئيس نقابة الفلاحين في لبنان إبراهيم ترشيشي في هذا الحديث مع "الإقتصاد".

- ما هو تأثير موجة الحر التي يشهدها لبنان منذ أيام على المزارعين؟ وهل هناك أضرار كبيرة في المحاصيل الزراعية؟

التقلبات المناخية التي يتعرض لها لبنان على مدار السنة، إن كانت برد قارس أو حرارة عالية، تؤثر على المزروعات والمزارعين وتكبد القطاع الزراعي خسائر كبيرة.

وبالنسبة لموجة الحر الشديدة التي تضرب لبنان منذ يوم السبت، فهي تساهم في تسريع نضوج الفواكه والخضار، فشجر "الدراق" مثلا بدأ ينضج بسرعة كبيرة، وهذا الأمر أثر على برامج المزارعين وأصبحوا مضطرين الى قطف كل الفاكهة الناضجة. وكذلك الأمر بالنسبة لأنواع الفواكه والخضار الأخرى التي وتنضج في هذه الفترة من السنة كالبطيخ والخوخ والعنب والبطاطا... وغيرها.

وهذا الأمر سيؤدي بالطبع الى زيادة كميات الفواكه والخضار المعروضة في السوق وكساد بعضها، خصوصا أن هذه الأصناف لا تصدر الى الخارج في الفترة الحالية بسبب عدم وجود معابر برية، وعدم توصل الحكومة الى حل نهائي لتصديرها عبر البحر.

- هل قام المزارعون بإتخاذ بعض الخطوات والإجراءات التي يمكن أن تخفف من هذا الضرر ؟

العوامل الطبيعية والربانية، يعجز الإنسان عن مواجهتها، فليس هناك أي وسيلة يمكن أن تخفف من الحرارة الكبيرة أو البرد القارس. لذلك طرحنا منذ فترة فكرة صندوق التعويضات الزراعية لتغطية الخسائر في هذه الحالات، ولكن لم يلتفت لنا أحد... فالدولة في وادٍ ونحن في وادٍ أخر.

- أين أصبح ملف التصدير البحري؟ وهل تتابعون الموضوع مع المعنيين كنقابة فلاحين؟

نحن نتابع الملف منذ بدايته ومازلنا نسعى لتنفيذه حتى الأن، ولكن أصابنا الملل في هذا الموضوع بسبب عدم الإتفاق على آلية تطبيق واضحة بعد إقرار الملف في مجلس الوزراء.

هناك مماطلة في هذا الموضوع، وعدم إكتراث بوضع المزارع اللبناني وبالمنتوجات التي يتم تلفها، وكأن هذه المشكلة موجودة في دولة خارج لبنان ولا تعني السياسيين اللبنانيين.

أسواقنا بدأنا نخسرها، والزبائن في الخارج تطالبنا بتنفيذ الإتفاقات الموجودة بيننا وبينهم، ولكن حتى الأن ليس هناك أي بوادر إيجابية تلوح في الأفق.

- كم بلغت خسائر القطاع الزراعي منذ بداية العام ومقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي؟

في العام الماضي صدر القطاع الزراعي حوالي 500 ألف طن من الخضار والفواكه، ولكن هذا العام لن تصل كمية البضائع المصدرة الى 300 ألف طن.

وبذلك نكون قد خسرنا 200 ألف طن، أي تراجع بنسبة 40% وخسارة قيمتها حوالي 300 مليون دولار.

- مع توقف التصدير بشكل كلي الى الخارج... كيف تقومون بتصريف المنتجات في السوق المحلية؟ وهل هناك تلف لكميات كبيرة؟

السوق المحلي لا يمكن أن يستوعب كل المحاصيل، فسوق بيروت مثلا تحتاج الى 50 طن من الدراق يوميا، وإذا قمنا بإرسال 150 طن ستنخفض الأسعار بشكل كبير. مع العلم أننا نقوم ببيع المنتجات بنصف كلفتها لعدم وجود طلب.

أضف الى كل ذلك مماطلة الدولة في إيجاد الحلول، وإغراق السوق المحلي بالمنتجات الخارجية والمهربة، وإقفال المعابر، وخسارة حتى السوق السوري الذي كان سوقا واعدا بالنسبة لنا كمزارعين.