"حقوق المرأة في لبنان هي بعيدة كل البعد عن الحقوق بالمعنى الشامل، أي الحرية والمساواة". هذا ما أشارت اليه المهندسة ومصممة المجوهرات والزجاج والمنحوتات، رنده الشويري رزق، في حديث خاص مع "الاقتصاد"، تمحور حول بداياتها في هذا المجال والعوامل التي ساهمت في نجاح أعمالها واستمراريتها، بالاضافة الى رؤيتها لواقع المرأة اللبنانية اليوم في ظل غياب الحرية.

درست الهندسة الداخلية والفنون الجميلة في "الجامعة اللبنانية الأميركية"، "LAU"، ثم تخصصت في مجال التصميم والزجاج والمجوهرات في الولايات المتحدة. وهي اليوم تعمل لحسابها الخاص في تصميم المجوهرات بعد رسمها ونحتها، كما تصنع الزجاج الملون الذي تستخدمه في كافة أعمالها؛ المجوهرات، أو المنحوتات، أو الديكور.

شاركت في العديد من المعارض في لبنان والخارج، مثل "Art of Living 3" في فندق "موفنبيك" في بيروت، و"Salon d’Aix-En-Provence" في فرنسا، و"Faraya Mza‘art Exhibition"، وغيرها. كما صممت الزجاج لكنيسة في زقاق البلاط.

- أين كانت البداية ومتى؟

الانطلاقة كانت عام 1994، عندما بدأت بعرض أعمالي في بيروت. وكانت تقتصر على تصاميم زجاجية ومنحوتات صخرية ممزوجة بالمعدن والنحاس والخشب والزجاج، مثل ديكور عيد الميلاد، والهدايا للشركات، والكؤوس... وكل هذه المنتجات مصنوعة يدويا 100%. ثم تعددت المعارض والمناسبات والابتكارات، وحصدت نجاحا بعد نجاح.

- لماذا قررت التخصص في هذا المجال؟

قررت العمل في مجال تصميم المجوهرات والهندسة الداخلية بعد أن طورت قدراتي في هذين المجالين. فالبداية كانت صعبة جدا، خاصة في ظل غياب ممول يدعمني في التصنيع أو التسويق. وبالتالي لم يساعدني أحد للوصول، بل نحت طريقي بنفسي، وثابرت وجهدت بدون أي مساعدة مادية أو مؤسساتية.

ولقد كان والدي مصدر الهامي والمثال الأعلى للعمل، اذ شق طريقه بنفسه دون مساعدة أي أحد، وتوصل الى افتتاح معمل تلبيس دواليب ومحلات الشويري في رأس النبع، ثم شركة "Choueiry Aramouni". ومن خلاله أصبحت أؤمن أنه يمكن الانطلاق من الصفر والوصول دون مساعدة أحد.

- ما الذي يميز تصاميمك عن غيرها؟ وكيف تواجهين المنافسة؟

ما يميزني هو جمالية تصاميمي وأفكاري المتجددة التي تنعكس ايجابا على اعجاب الزبائن بها وبالتالي شراءها.

ولا بد من الاشارة الى أنني لا أؤمن بالمنافسة، فلكل مصمم ميزاته وابتكاراته وذوقه؛ وبالتالي قد تُعجب تصاميمي شخص ما، وقد لا تلفت نظر شخص آخر.

- ما هي الصفات التي ساهمت في نجاحك؟

الحب للعمل والاتقان والكمال، بالاضافة الى الرغبة في الوصول الى الفن الصحيح. فأنا شغوفة بعملي الى أقصى الحدود، لذلك أبرع فيه؛ وعند ابتكار أية قطعة، أسعى الى أن تكون ممتازة ومفيدة، ويمكن استخدامها.

فالمصمم لا يمكن أن ينام ويترك الفن في داخله، ولهذا السبب أنا أعمل، وليس بهدف الربح المادي. اذ أسعى دوما الى التجديد في مجالات عدة، وأستخدم كل التقنيات، وأجمع في فني الثقافات المختلفة التي تعرفت عليها في الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان.

وهنا لا بد أن أشكر أهلي لأنهم كانوا وراء نجاحي ووصولي الى ما أنا عليه اليوم، من خلال تشجيعي على الدراسة. كما أشكر ابني الذي يساعدني دوما في التسويق والاعلانات، وزوجي الذي يقف الى جانبي ويتفهم التضحيات التي أقوم بها. فأنا شخص ينشد بالكمال في المنزل والعمل.

- هل تمكنت من ايصال أعمالك الى خارج لبنان؟

تمكنت من عرض مبتكراتي وتصاميمي في أوروبا والولايات المتحدة ودبي. كما أعمل حاليا على مشروع في دبي ومصر ونيويورك.

- ما هي الصعوبات التي تواجهك في هذا المجال؟

لا يوجد ابتكار بدون صعوبات مهنية؛ فالصعوبة تكمن في التصنيع، اذ هناك احتكار وعدم مهنية، وفي أغلب الأحيان لا توجد أخلاقيات في التعامل. كما أننا نواجه مشكلة أساسية هي التقليد وسرقة التصاميم، خصوصا مع تطور وسائل الاتصال الاجتماعي. اضافة الى عدم الاستقرار الذي نعيشه في لبنان، فالأمان يساعد ويشجع على العمل.

- كيف تمكنت من التنسيق بين عملك وعائلتك؟

إن التنسيق بين العمل والحياة العائلية والخاصة هو أمر صعب للغاية، اذ هناك تضحية يجب تقبلها. فالعمل مهم لتحقيق الذات، والحياة الخاصة مهمة أيضا، لأنها تعطيني نوعا من الدفع والتحفيز للابداع في العمل.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

مشاريعي المستقبلية كثيرة انما للأسف هي خارج لبنان بسبب الحالة الاقتصادية وضيق السوق المحلي لهذا النوع من العمل. فأنا لدي حلم أريد تحقيقه، وهو أن أكون معروفة عالميا، وأتمكن من افتتاح متاجر في كافة أنحاء العالم، وعرض تصاميمي في أرقى المعارض العالمية.

- على صعيد حقوق المرأة، ما هي برأيك المعوقات التي تقف في طريق تقدم النساء في لبنان؟

لا أرى معوقات تقف في طريق تقدم النساء، فكل امرأة تستطيع ان تكون مميزة اذا أرادت ذلك وثابرت على تحقيقه، واذا تمتعت بالشجاعة الكافية للمواجهة والتقدم.

- كيف تقيمين دور الرجل في لبنان؟

الرجل اللبناني نرجسي، ويعتقد أنه يمتلك قدرات أكثر من المرأة. لكنني أؤمن بأن للمرأة قرارات قد تكون أهم وأشمل من الرجل، فالموهبة الأهم التي تمتلكها هي قدرتها على الابتكار والعطاء، وفي معظم الأحيان بدون مقابل.

- ما رأيك بالتقدم الذي حققته المرأة في لبنان على صعيد الحقوق؟

أعتقد أن حقوق المرأة في لبنان هي بعيدة كل البعد عن الحقوق بالمعنى الشامل، أي الحرية والمساواة. لذلك هناك عمل يومي يجب المثابرة عليه من أجل اكتساب حقوق أكثر، بدونها قد تكون الاستمرارية في العمل والحياة اليومية، مستحيلة.

- هل لديك طموح سياسي في لبنان؟

أن لا أؤمن كثيرا بأن الشعب اللبناني يتلقى تمثيلا صحيحا، لذلك يجب تطوير مفهوم الحرية، وما قد تولده من تمثيل للشعب. لكنني لا أحب السياسة، بل أفضل أن أكون سفيرة.

- نصيحة الى المرأة.

أنا أنصح كل امرأة أن تعمل باستمرارية وجدية للوصول الى هدفها، فلا شيء صعب في الحياة.