هو المهندس المثابر في عمله، والذي لا يضع هدفاً أمامه إلا ويصل إليه. علاقاته لم تأت من الفراغ، إنما من الثقافة والعلم والطموح.

حياة البساطة لم تكن إلا دافعا للتقدم والتطور في مجالات دراستة المتعددة، سواء على صعيد الهندسة أو الحقوق.

إنه اللبناني حمزة مغربي، الذي تربى في صيدا وأمضى حياته متنقلاً بين مختلف البلاد العربية وأميركا، عله يقدم للعالم العربي، ما طمح إليه منذ الصغر.

كانت رؤيته لوجود مصنع متكامل لإدارة النفايات الصلبة يجمع كافة التقنيات تحت سقفه السبب وراء انشاء شركة "IBC" بالإضافة إلى تأسيس شركة "IBC- SAL"، مركز علاج  إدارة النفايات الصلبة "MSW"، والذي بدأ العمل فيه في عام 2010.

عمل مغربي على الكثير من الدراسات البيئية المرتبطة بـ "MSW" ومياه الصرف الصحي في جيزان في السعودية، وفي حلب ، إلى جانب اربيد وعمان في الأردن والكويت بالإضافة إلى الكثير من المناطق اللبنانية.

أما بالنسبة لمهنته في مجال الهندسة المدنية فأسفرت عن انشاء 6 فنادق عالمية، بالإضافة إلى مراكز للتسوق والطرقات والطرق السريعة والمباني متعددة الطوابق في كل من الكويت وسلطنة عمان  والسودان ولبنان ومصر.

كما وأنه أشرف على بناء حوالي 60% من البنى التحتية الخاصة بالصرف الصحي في الكويت بحلول عام 1975، بما في ذلك خطوط أنابيب الضغط ومحطات الضخ. إضافة إلى ذلك، قاد بناء الطريق السريع بين أبوظبي وقطر في عام 1974 وكان مؤسس والعضو المنتدب لشركة صناعة مواد البناء في سلطنة عمان "CMI" لإنتاج الرمل والطوب والجير في عمان.

وكان للـ"إقتصاد" مقابلة خاصة مع مغربي للإضاءة على حياته الشخصية، وإنجازاته المهنية:

أين تلقيت دراستك الثانوية والجامعية، وما هي الخطوة الأولى التي أنجزتها في حياتك المهنية؟

درست المرحلة الثانوية في مدرسة الأمركان في صيدا ثم انتقلت إلى البحرين ومارست مهنة التعليم لمدة سنتين،ومنها ذهبت إلى الكويت وعملت كمحاسب فيها لمدة 5 سنوات.

وفي العام 1958 سافرت إلى أميركا وأكملت دراستي الجامعية في مجال الهندسة المدنية في "جامعة ولاية كولورادو".     

بعدها عدت إلى الكويت، وعملت في مقاولات الكويت ونفذت العديد من المشاريع منها مشروع في المجاري الصحية، وبناء بعض الفنادق بين الكويت، والبحرين والإمارات ومصر والسودان.

بعد هذه المرحلة سافرت إلى أميركا مجدداً ودرست الحقوق والشؤون السياسية، وتم انتخابي ثاني رئيس للجمعية العربية الأميركية لمكافحة التمييز خلفاً للمؤسس السيناتور جيمس ابو رزق.

لماذا اخترت إختصاص الهندسة المدنية؟

اخترت اختصاصي الجامعي عام 1958 ، وكان الطلب الأكبر في ذلك الوقت يرتكزعلى المهندسين، وكانت الكويت كما معظم بلاد العالم ، تعاني من نقص في أعداد المهندسين.

كما كنت أهدف لبناء سدود مياه وتشييد طرق ، وفعلاً بعد الإنتهاء من دراستي مباشرة ذهبت إلى الكويت وعملت على إنشاء بعض الطرقات الداخلية في بعض المناطق، في ذلك الوقت.

من أين استمديت فكرة بناء معمل معالجة النفايات الصلبة في صيدا؟

في العام 1995 توفيت والدتي، فعدت من أميركا ووجدت صيدا غارقة في النفايات، كما هي بيروت اليوم، وكنت أتطلع لأحقق رغبتي ورغبة أمي، لتقديم  إنجاز مهم يخدم صيدا وأهاليها، فكان القرار بأن أجد حل لموضوع النفايات، في الوقت الذي كانت فيه كل الدول الأوروبية قد منعت طمر النفايات، واتجهت إلى إعادة التدوير والتحلل البيولوجي اللاهوائي والهوائي.

عندما عدت إلى أميركا كان هناك انتخابات لرئيس جديد لبلدية دينفر، وعينت مستشار للرئيس الجديد.

وأثناء وضع الرؤية العشرينية لمدينة دينفر، كان أحد أهم المشاكل كما في كل البلديات، هي إدارة معالجة النفايات بأنوعها.

وركزت على وضع صيدا في ذلك الوقت حيث كانت النفايات في الشوارع، واتفقت مع جامعة ولاية  كولورادو ومستشارين آخرين، لوضع بديل لطمر وحرق النفايات. فالمواصفات الجديدة للنفايات في ذلك الوقت تجلت في عدم الطمر ولا الحرق ولا حتى الرمي في البحر ولا الأنهر.

عدت لبلدية صيدا عام 1999، ووقعت عقد معها لإقامة مركز لمعالجة النفايات المنزلية الصلبة لينتج عنها أسمدة عضوية وغاز الميتان لاستعماله في توليد الكهرباء مع تدوير بعض النفايات الغير عضوية.

ما هي الصعوبات التي واجهتك في بناء هذا المشروع وكيف تخطيتها؟

عندما بدأت بالمشروع كنت أفكر أن البلدية تتمتع بحكم ذاتي، لكنها في لبنان تابعة لوزارة البلديات والبيئة وأعمالها مرتبطة بوزارات أخرى مثل وزارة البيئة والداخلية والتنظيم المدني، ما استدعى ملاحقة مستمرة لمدة 4 سنوات -من الـ1999 حتى الـ2003 - للحصول على موافقة للمشروع.

وبعد الموافقة لم نجد مساحة كافية للأرض فاضطررنا لأخذ مساحة من البحر وبنيت المصنع .

هذا المشروع هو الوحيد في البحر المتوسط الذي يتماشى بنسبة 100% مع المعايير البيئية.

فالعوائق الأساسية لهكذا مشاريع في لبنان مرتبطة  بتدخل السياسة في الأمور البيئية وليس بتطبيق قوانين البيئة الموقعة من الدولة اللبنانية مع منظمات الأمم المتحدة والمنظمات البيئية العملية.

وبالتالي بدلاً من الإنتهاء من المصنع في الـ2007، تأخرنا لغاية الـ2009، ولم نستطيع أن نستمر فتوقفنا لمدة 3 سنوات، إلى أن أتى رئيس بلدية جديد في صيدا محمد السعوديالذي استطاع انجاز تسويات لمصلحة تشغيل المشروع وازالة جبل النفايات في صيدا.

بعيداً عن مشروع المعمل، هل واجهت صعوبات مادية خلال مسيرتك المهنية؟

واجهت بالطبع صعوبات مادية في حياتي، لكن المهم أن يتمتع الإنسان بالصدق والإيمان، فكيف يستطيع أن يستدين مال ما لم يجد أحد يصدقه بأنه سيفي ديونه.

كما أن لتخطي هذه الصعوبات، على الإنسان أن يحرم نفسه الكثير من الأشياء، فلكي يستطيع مساعدة أهله عليه حرمان نفسه من الكماليات.

لا يوجد إنسان لا يواجه هذه التحديات، وتخطيها  يتطلب معرفة الإدارة والتضحية، والصدق والأمانة.

ما هي المشاريع التي قمت بتنفيذها بعد الإنتهاء من مشروع معمل النفايات في صيدا؟

عام 2007 قدمت استقالتي من مركز معالجة النفايات الصلبة في صيدا، وبقيت فيه كمساهم فقط.

ثم  اتجهت لتكملة اشتراكي في دعم "المؤسسة العالمية لمساعدة الطلبة العرب" والتي تهدف إلى إعطاء قروض للطلاب المتميزين في العالم العربي، شرط  أن يعود الطالب للعمل على الأقل لمدة 5 سنوات في العالم العربي، بعد إنهاء دراسته.

والهدف من هذا الشرط هو استفادة العالم العربي من خبرات أدمغته البشرية.

تأسست الشركة في البداية في الكويت عام 1976، ثم انتقل مركزها إلى أميركا، ومنذ ثلاث سنوات وأنا أنقل مركزها إلى بيروت.

إضافة إلى هذا المشروع، وجدت أن الموظف عندما يتم توظيفه في أي شركة يكون ولاؤه للشخص الذي وظفه، وبالتالي سيسعى إلى إرضائه.

لذلك، لم يعد الموظف يقوم بواجباته لصالح المؤسسة، إنما يقوم بأعمال تخدم المسؤول عن توظيفه.

الأمر الذي دفعني إلى إقامة مشروع، بالإتفاق مع الجامعة الأميركية، تحت عنوان مهارات القيادة لموظفي الجمعيات الاهلية في لبنان، وأصبح لدينا 280 متدرب.

هل تنفذ حالياً مشاريع في أميركا؟

حالياً لا أنفذ مشاريع، لكن لدي العديد من المؤسسات في الولايات المتحدة أتابع العاملون فيها مثل "دايلو غروب" التي من شأنها حفظ حقوق العرب وحقوق الأقليات الموجودين.

ما هي مشاريعك المستقبلية في لبنان والخارج؟

لا يوجد لدي مشاريع مستقبلية كوني أصبحت في عمر متقدم، لكني مستعد لبناء 6 مراكز لمعالجة  النفايات الصلبة مماثلة لذلك الموجود في صيدا، وكل مصنع بسعة 600 طن خلال سنة واحدة، ولكن  ليس مع الدولة، إنما مع القطاع الخاص لتكون ملكية كل مصنع لمساهمة ما لا يقل عن 20% من اهالي البلديات المعنية.

كيف يمكن لشخص ما أن يبني علاقات مهمة في دول الخارج مع أشخاص في مراكز عالية؟

على الإنسان أن يحضر مؤتمرات، ففي اليوم الأول يكون شخص كغيره من الجمهور، لكن عندما يتكلم أما الجميع ليقدم مشروع مهم ذو قيمة عالية، يندفع الكثيرون للتعرف عليه والتقرب منه.

ما هي نصائحك للشاب اللبناني؟

الشاب اللبناني بالطبع سيكون على صراع مع الواقع، لكن عليه أن يؤمن بكفاءته وبوجدانه، وليس عليه أن ينجر وراء موجة الشباب الذين يشكون من قلة العمل، فإذا لم يكن هناك عمل عليه أن يخلق عمل.

فعندما لا يوجد عمل في مجال دراسته، ليس خطأ أن يبيع جرائد، بالتالي عليه أن يسعى لنفسه، ويكون صادق، ومنتبه لكيفية إقامة علاقاته مع الناس.

بالإضافة إلى ذلك، العلم لا ينتهي، فالإنسان يجب أن يثابر ليطور نفسه، كما عليه أن يبحث على الفرصة التي من شأنها أن تنجحه.

لم يخلق وفي فمه ملعقة من ذهب، لكنه تمتع بالإرادة والمثابرة والصدق والإصرار...

هي صفات مكنته من مواجهة صعوبات الحياة ليصبح رائداً في مجال الأعمال، ويترك بصمته في كل بلد عمل فيه.