استضاف برنامج "المجلة الإقتصادية"، من تقديم وإعداد ​كوثر حنبوري​ على "إذاعة لبنان"، في حلقته اليوم في حديث شامل يتناول كافة الملفات العالقة، وزير الإقتصاد السابق د. نقولا نحاس، كما تخلل الحلقة مداخلة من الخبير البيئي ناجي قديح موضوع أزمة النفايات والحلول المطروحة.

ورداً على سؤال حنبوري عن تعليقه على الحلول المطروحة لحل ملف النفايات قال الوزير نحاس: "اقتصادنا بغنى عن الأزمات، وأزمة النفايات من الأزمات التي لها تأثير حتمي مباشر وغير مباشر على الإقتصاد. موضوع النفايات يدل على عدم امكانية الطاقم السياسي معالجة أي من المواضيع الأساسية التي تعني حياة المواطنين من الكهرباء إلى المياه إلى الطرقات والنفايات، وذلك لأن التركيبة السياسية هي تركيبة عقيمة جداً لأنها تستأثر بإسم الطوائف والمذاهب بقرار الناس وهي تقوم بإخافتهم عندما تشعرهم أن مصيرهم على المحك وتقول لهم: ’دعوني أحميكم ولكن بطريقتي’. موضوع النفايات وللأسف، في كل بلدان العالم له حلول وكثيرة، ولكن الأمر يتطلب إدارة او هيئة مستقلة تدير هذا الشأن و ترعاه، تكون الناظمة له وتبعده عن المحاصصة السياسية والنفعية في هذا الموضوع، إذا كان هناك هيئة ناظمة مستقلة ستأتي بأصحاب الكفاءة والخبرة في هذا الموضوع بحسب الأصول وبعدة مسارات لمعالجة أزمة النفايات، وعكس ذلك تكون المعالجة خاطئة

ورأى نحاس أنه "عندما تضع الدولة دفتر شروط ولا يتقدم أي أحد لإدارة ملف النفايات في بيروت، هذا يعني أن هناك خللاً ما في الطرح نفسه ومصداقية الأمور، الأمر الذي دفع أصحاب الكفاءة إلى الإبتعاد عن الموضوع، وهذا هو أكبر عيب رأيناه قبل امتلاء الشوارع بالنفايات وهو دليل على عدم وجود إدارة سليمة للملف...عندما تكون المنافسة غائبة هناك أسئلة تطرح"، مضيفاً "أن الحل هو إيجاد الخلل وإصلاحه، والخلل هو أن السياسيين يضعون أيديهم على الملف...أزمة النفايات هي أزمة بلد وأزمة أخلاق وأزمة طبقة سياسية بأكملها".

وعن حالة الطوارئ القصوى لإنقاذ الوضع الإقتصادي، التي كان قد طالب بها أوضح أنه "ليس هناك خطة تتألف من بنود ولكن الخطة تبدأ بأن يعي المسؤولون خطورة الوضع، نحن في أزمة كبيرة وإذا استمر الوضع على هذا النحو وكأن الموضوع الإقتصادي لا يعني أحد، سنقع في مطب كبير بعد فترةٍ ليست طويلة جداً...لذا حالة الطوارئ تكون بالوعي السياسي للحالة الإقتصادية وهي أهم من موضوع التعيينات لأن التعيينات بالنتيجة تعتمد على الكفاءة الموجودة عند الجميع واليوم ليس وقت المحاصصة".

وأضاف: "رائحة العفن في معالجة الأمور وصلت إلى درجة غير طبيعية إن كان في موضوع النفايات أو الكهرباء أو الطرقات أو حتى المياه...نصف الدين اللبناني بسبب الكهرباء، وهذا لأن السياسيين يريدون الإستمرار في التحكم بالقرار لأسباب متعددة. ومن ناحية ثانية، طرقاتنا مهيئة لـ700 أو 800 ألف سيارة ولكن اليوم في لبنان هناك مليون سيارة أو أكثر، هل بدأ أحد بالتفكير في ذلك؟ لا. بالنتيجة، سيأتي يوم الحساب ولا بد من ذلك".

وعما إذا كان يوافق على ما تضمنه بيان الهيئات الإقتصادية من الحديث عن انهيار اقتصادي، أشار نحاس إلى أنه لا يوافق على هذا الموضوع لأن القطاع الخاص اللبناني قطاع قوي ولكنه لا ينمو ويتلقى خسائر ولكن هذا لا يدفعه إلى الإنهيار بل هو قابل للتحمل..."ولكن ما أخاف منه أنا هو أن تصل الدولة إلى مكان ما حيث يشكل الدين عبئاً عليها ولا تستطيع الإستمرار بالمعادلات التي وضعتها منذ 30 عاماً حتى اليوم، لذا الدين اليوم هو الخطر الحقيقي الذي يمكن أن يؤدي إلى تغييرات أساسية في التعاطي وفي البنية الإقتصادية التي اعتدنا عليها في هذه الأعوام والتي أدت الى نمو وصل إلى 10% و12%."

وفي ردٍ على سؤال حنبوري عن اثر الانعكاسات على لبنان بعد الإتفاق النووي الإيراني والتغيرات السياسية والإقتصادية عديدة، قال: "تاريخياً، بعد الإتفاقات الكبيرة، دائماً هناك تكاليف. هذا الإتفاق يثبت قدرة إيران ويمكّنها من لعب الدور الذي تريده وبالتناغم والتوافق مع باقي الفرقاء ومع السياسات الكبرى والقوى الكبرى في المنطقة، و برأيي الشخصي هذا الموضوع من المبكر أن نقرأه ولكن في حال أردت التوقع، فمن الواضح أن هناك تعارض بين هذه القدرة والرغبة وبين الفريق الآخر، لا أريد أن أقول العربي ولكن من الواضح أن العرب باتجاه وإيران وحلفاؤها باتجاه آخر، وأعتقد أن هذا التشنج سيزيد ويتفاقم وسيكون صعب لأن من لديه القدرة على رعاية هذه التوازنات، الولايات المتحدة، جالس ويرفض التدخل، هي وضعت أولوياتها وما المطلوب من كل فريق ولكن هذا لا يعني أنها تتدخل مباشرةً، لذا اللعبة بدأت الآن وستزداد والجميع سيستخدم أدواته لتثبيت موقعه."

وعن قدرات إيران الإقتصادية وسوقها الإستثماري الكبير وكيف يمكن للبنان أن يستفيد من ذلك، أوضح: "إيران دولة كبيرة، ويجب أن نشكل وفودا لبنانية لزيارتها وبرأيي يجب أن نفصل بين السياسة والإقتصاد...ويجب التعاطي معها في كل شيء لا يؤدي بنا إلى الوقوع تحت أي منع دولي. ونحن لسنا بحاجة لأن نقول للبنانيين كيف بامكانهم استغلال الوضع فهم السباقين في ذلك".

وفي سياقٍ متصل، رأى ان الإيجابية الأكبر هي انخفاض فاتورة النفط والكهرباء وتوقع "ان يتراوح سعر النفط بين 45 و55 دولار لأنه سيصبح هناك وفرة في الكمية في السوق، والبطء في وتيرة النمو الصيني أحد أهم المستهلكين للطاقة وعدم وصول النمو في أوروبا إلى المتوقع يؤدي إلى انخفاض الطلب وارتفاع المعروض."

وعن ملف النفط والغاز والإستفادة من الخبرات الإيرانية، أشار إلى أن السياسات التي تم وضعها بحاجة إلى تعديل، لافتاً إلى أن هكذا ملف لا يجب أن يرعاه مسؤول وأن هيئة إدارة قطاع البترول التي تم تشكيلها صلاحياتها محدودة جداً ولا تمكّنها من لعب الدور المطلوب.

وقال "يجب أن نعيد صياغة دور هذه الهيئة واعطاءها الإستقلالية المطلوبة، وحددنا بدقة موضوع الصندوق السيادي وحددنا كيف نبني خبرات لبنانية، وكيف نستفيد من الإكتشافات التي نقوم بها تباعاً ونرفع الأسعار، ومن وجهة نظري انه بأسعار الغاز الموجودة اليوم، الموضوع ليس مشجعاً".

وفي موضوع النفايات أيضاً، تخللت الحلقة مداخلة للخبير البيئي ناجي قديح، الذي أوضح أن ما وصلنا إليه في لبنان كان نتيجة "الخيارات الإستراتيجية الخاطئة والإدارة السيئة والمتابعة اللامسؤولة وغياب الرقابة وأن الجميع يقيم بما يريد بحسب مصالحه بمعزل عن المصلحة الوطنية وبمعزل عن حماية البيئة التي هي ثروة يجب أن نستثمرها ونعيش فيها ونحافظ عليها برموش عيوننا للأجيال القادمة".

أما عن المعالجات فأشار إلى أنها يجب أن تكون نقيض المسار الذي أوصلنا إلى الكارثة البيئية التي نعيشها، بعد أن تم انفاق مئات ملايين الدولارات على هذا الملف في السابق، واليوم أوصلنا إلى كارثة. نحن اليوم نحتاج إلى المراجعة والمحاسبة على الخيارات الخاطئة، اليوم نحن بحاجة لأن نعيد النظر في الاستراتيجية.