في ظل الفوضى وفلتان الأمن وعدم الإستقرار السياسي والإقتصادي في لبنان، يستغل عدد من المواطنين وأصحاب المصالح هذه الأزمات لتحقيق مكاسب غير شرعية وليست من حقهم، وفوق تجاوزاتهم اللامنطقية يفرضون قوتهم على المواطن الضعيف لإستغلاله.

وضمن هذا الإطار، يستنكر عدد من المواطنين الذين يزورون عاصمة الجنوب "​صيدا​" تصرّف بعض أصحاب المقاهي المنتشرة قبالة الواجهة البحرية للمدينة، وهو تصرّف لا ينم إلا عن عملية تشبيح علنية على كل مواطن يريد أن يركن سيارته في مكان هو في الأصل مخصص للعموم وليس ملكاً لأحد، كونه بكل بساطة البلدية سمحت للمواطنين بإستخدام هذه النقط لركن سيارتهم.

على إمتداد الكورنيش البحري، فرزت البلدية أماكن لركن السيارات دون أي مقابل مادي وفي أي وقت، غير أن أصحاب المقاهي المتواجدين على الجهة الثانية من الكورنيش، لا يكتفون بالمواقف أمام محلاتهم، بل يعتدون على أملاك وصلاحيات ليست لهم، فمثلاً من يريد ركن سيارته أمام الكورنيش لا يمكنه ذلك (في حال لم يكن من إبن المدينة ويعرف قوانينها)، إذ يقوم عدد من جماعة ما يُطلق عليهم "فاليه باركينغ" بمنعه من توقيف سيارته، إلا في حال كان سيقصد محلاً معيناً من المحلات المنتشرة بالعشرات على الجهة المقابلة، ليس ذلك فحسب بل يأخذون منه بدل أتعاب "الفاليه"، الذي في الأصل هو من يكلّف نفسه بركن السيارة وأخذ مفاتيحها بحجة انه سيهتم بها وينقلها في حال أرادت سيارة أخرى الدخول أو الخروج، وطبعاً هذه الخدمة مقابل دفع "إكرامية" للشاب.

رئيس بلدية صيدا: أرفض تماماً ما أسمعه عن عمليات تشبيح على المواطنين من قبل "البلطجية"

هذه الحادثة الغير مقبولة تكررت مع عدد كبير من المواطنين، لدرجة ان مشاكل كبيرة وقعت لهذا السبب، إذ ان كثيرون يأتون إلى الكورنيش للتنزه دون رغبتهم بالجلوس في أي مقهى، لكنهم لا يجدون مكان لركن السيارة، وفي حال قام أحدهم بصفها على جانب الرصيف (الخاص بالكورنيش) يمنعه شباب هذه المقاهي، ومن يرفض نقل سيارته أو دفع مال يقع في مشكلة معهم، خاصة إذا كان هذا الضيف وجه غير مألوف عن المنطقة أي أنه لن يكون عارفاً بأن بلدية صيدا ورئيسها محمد السعودي أصدر قراراً منذ سنتين منع بموجبه أي مقهى في هذه المنطقة البحرية من سيطرتها على موقف الكورنيش البحري، وفرض قانون بذلك لتوقيف ما اسماهم "البلطجية"، بحسب ما قال في حديث مع موقع "الإقتصاد".

ويضيف السعودي قائلاً "هذه المواقف هي مجانية ليلاً نهاراً، وأرفض تماماً ما أسمعه عن عمليات تشبيح على المواطنين والزوار الكرام، فمن حقهم ركن سياراتهم متى يشاؤون، وكل مواطن يتعرّض لمثل هذه المحاولات من منع أو أخذ المال منهم لركن سياراتهم يتصل فوراً برقمي الشخصي وانا سأتدبّر الأمر بوجه السرعة، لأن هذا الحق مكتسب لكل مواطن وليس حكراً على أصحاب المقاهي، فهم لديهم اماكنهم أمام محلاتهم وهذا حقهم، لكن أن يتعدوا على الجهة المقابلة فهذا الأمر أصبح نصب وسرقة".

أما عن المشكلة الثانية، والتي تسيء أيضاً إلى سمعة المدينة بسبب بعض المتطفلين، وهي أن بعض المقاهي الشعبية داخل السوق القديم في المدينة تعمل على سرقة الناس بطرق أخرى، إذ أن هذه المقاهي تقدّم عادة بعض المأكولات والمشروبات، ومن البديهي أن يكون هناك "لائحة أسعار" لكل صنف على الزبون الإطلاع عليها ليختار ما يناسب ميزانيته، إلا أن هذه المقاهي وبعض المطاعم الصغيرة لا تمتثل لقانون وزارة السياحة فيما يخصّ هذا الشأن، فلا يبرزون اللائحة والسبب أنهم يسعون إلى "لطش" المواطن بفاتورة غير منطقية، وهذا ما حصل مع عدد من الزائرين الذين صدموا من قيمة فاتورة مقابل طلبيات بسيطة، وهذه القيمة ممكن ان تكون داخل فندق فخم في وسط بيروت وليس داخل حي شعبي، وبعد جدال طويل مع صاحب أحد هذه المقاهي إعتذر من زواره بحجة أن "الشاب الذي كتب الفاتورة بخط يده (وهذا ممنوع) تلخبط في عملية الجمع"، وهذه الجملة يقولها صاحب هذا المقهى لكل من يرفض قيمة الفاتورة الباهظة، وبعد إعتذاره يقوم بحسم مبلغ منها ورغم ذلك تبقى غير منطقية.

هذا الأسلوب يعتمده عدد من أصحاب هذه المقاهي والمطاعم داخل حي "السرايا" في المدينة.

عن هذا الموضوع يبدي رئيس البلدية محمد السعودي إمتعاضه الشديد من هذه التصرفات الغير مسؤولة والتي تسيء لسمعة المدينة بسبب بلطجة هؤلاء الأشخاص ويقول "منذ سنتين وانا اكافح هذه الآفة، وتمكنت من القضاء عليها، وفرضنا على كل المطاعم عمل لائحة أسعار وان تكون هذه الأسعار منطقية مع مستوى المحل، كونه سابقاً كان البعض يستغل غياب المراقبة فيبدأ بلطش المواطن".

ويضيف "يبدو أن هناك بعض الأشخاص لا يريدون الكفّ عن سرقاتهم، لذا أطلب من كل مواطن يقع في مشكلة مشابهة أن يتصل بي وبوزارة السياحة لعمل الواجب مع كل مخالف وبلطجي".

وبحسب وزارة السياحة، فيقول مصدر من الوزارة لموقع "الإقتصاد" أن كل مواطن وفي أي منطقة لبنانية كان، يقع في مشكلة لها علاقة بزيادة على الفاتورة او عدم تقديم لائحة أسعار للزبون، او محاولات للنصب عليه، يجب ان يسارع للإتصال بالشرطة السياحية أو الذهاب إلى الضابطة السياحية في الوزارة ويقدّم تقرير بحق صاحب هذا المقهى أو المطعم".

ويضيف المصدر"المواطن عادة هو المقصّر في المطالبة بحقوقه، كونه لا يسأل ولا يلاحق ويقول (أي المواطن) أن الأمر لا يستحق هذا العناء، وهذا الإستخفاف بالحقوق يدفع الآخرين بالتمادي في نصبهم وسرقتهم".

تجدر الإشارة إلى أن عمليات النصب المذكورة (من ضرب الفواتير والفاليه باركينغ) ليست مشكلة ضمن نطاق صيدا فحسب، بل انها مشكلة حقيقية تمتد إلى صور وطرابلس وعدد من مناطق لبنانية في الجبل وعلى الساحل، غير أن سكوت المواطن عن حقوقه في كل شيء هي الدافع الرئيسي لهذه التجاوزات.