من الملاحظ انه لبنان اليوم يرسو على  بر فيه مواجهة المخاطر المتنوعة ، وهو يراقب الفرص الاستثمارية المختلفة حينا ً ويحاول اقتناص البعض منها حيناً آخر. وفي رصيده جالية اغترابية تتفقده بين الحين والآخر، يعيش بعض افرادها حالة النزاع بين اعادة الارتباط بالجذور وبين الاكتفاء بالذكريات.

من مؤتمر الطاقة الاغترابية الى اليوم تم تسجيل تحركات عديدة في اتجاه اللبنانيين المقيمين في الخارج ، حركّت الحنين تارة و فتحت آفاق اعمال جديدة طوراً.

قائمة التعاون بين لبنان المقيم ولبنان المغترب كبيرة وطويلة.

والباب الجديد على ايران الذي فتحه الاتفاق النووي الاخير ادرج في لائحة الانفراج الاقتصادي في لبنان .

كيف يتحرك رجال الاعمال  لتوطيد  التقارب وبناء الشراكات مع الاغتراب؟

واي دور للاقتصاد  اللبناني  في سيناريو الاتفاق النووي مع ايران؟

زمكحل

يقول رئيس تجمع رجال الاعمال اللبنانيين د. فؤاد زمكحل " للاقتصا د ":نحن  كتجمع رجال اعمال لبنانيين وضعنا في اولويات برنامجنا تحقيق التواصل مع رجال الاعمال في الخارج في كافة بلدان الاغتراب بما يسمح بتوسيع التجمع . فهناك نخبة من رجال الاعمال اللبنانيين الذين  تركوا لبنان منذ عقود وبنوا شركات كبيرة ، وحققوا موارد ضخمة في كافة المجالات في بلدهم الثاني في الاغتراب .

وكما نلاحظ ان الانتشار اللبناني يتطور ويتوسع في بلدان كثيرة، ومن هنا اهمية خلق التآزر في ما بين رجال الاعمال اللبنانيين المقيمين والذين هم في بلدان الاغتراب ، حيث انه يمكن الافادة من خبرة هؤلاء لجهة معرفتهم في  طلب الاسواق العالمية ، في المشاكل التي يمكن ان تعترض الاعمال ، في كيفية الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتنوعة الموجودة في كل البلدان.

ومن المعلوم ان رجل الاعمال اللبناني جاهز للتأقلم  مع كل الازمات الناشئة ، ويمتلك الافكار وروح الابتكار، اضافة الى المامه باسواق التجارة والصناعة . وهو يتمتع بطاقة قادرة على بناء شراكات متضامنة داخل اسواق حديثة خصوصاً مع شركاء يتقنون نفس اللغة ويمتلكون نفس التراث.

ولا ننسى اننا في عصر العولمة ، ولا يمكن ان نكون مستقلين لا بل من الافضل الدخول في شراكات مع الخارج، ضمن مجموعات انتاجية متنوعة مما يسهّل وجودنا خارج لبنان.

ولعل التجربة الالمانية  الناجحة خير دليل في هذا المضمار على قوة وجود الشركات الالمانية خارج بلدها.

ويضيف د. زمكحل : لا يغيب عن بالنا ان اللبنانيين المغتربين عندهم محبة كبيرة لوطنهم ورثوها عن اجدادهم ، كما عندهم ارتباط عائلي مميّز، الا ان معرفتهم بمشاكل لبنان المتشعبة والاقليمية ابعدتهم عنه قسراً.

ويؤكد انه من واجب كل رجل اعمال لبناني  جذب راسمال شركات لبنانية قائمة ورائدة.

وووجوب  هذا التحرك يفرضه تنامي الدين العام في لبنان ووصوله الى 70مليار دولار في 2015، منها 55مليار دولار دين للقطاع الخاص ، اي ما يوازي 110% من الناتج المحلي.

ويقول :لا يجب ان ننسى انه في السنوات القادمة في 2016 و2017 موضوع الاستدانة سيصبح اكثر تعقيداً ، والمخاطر السيادية ستزيد بفعل زيادة هذه الديون .من هنا تأتي النصيحة بنقل قسم المديونية  الى  توظيف رأسمال ،اي جذب استثمارات خارجية في مختلف البلدان عن طريق شراكات مع الخارج لضخ السيولة وتحريك النمو.

ومن المفيد ان تبقى الاستثمارات في لبنان متجهة نحو الارتفاع المطرد، باعتبار أن بلدنا يعد بمثابة مختبر للافكار والتدريب والتجارب ومصدر إنطلاق للنمو في جميع القارات.

ويتابع : نحن بهذه الطريقة نكون قد ساعدنا اي مغترب لبناني  ينوي ويريد الاستثمار في لبنان  بعد ادخاله الى شركة لبنانية قائمة ، تملك ما يكفي من الشفافية .

ومن الملاحظ اليوم ان اكثرية المغتربين يرغبون في الدخول في قطاع العقارات نظراً للارباح السريعة المحققة ومحدودية المخاطر في هذه  السوق.

ونحن كتجمع رجال اعمال لبنانيين سعينا الى انشاء صندوق استثماري خاص بالبحر الأبيض المتوسط ،وذلك لربط رجال الاعمال ولتلبية الاحتياجات التمويلية للشركات الصغيرة والمتوسطة  المتخصصة ضمن منطقة البحر الأبيض المتوسط.

الانفتاح على ايران

اما بالنسبة لكيفية الافادة من عودة ايران على الساحة الدولية ، فيعتبر د. زمكحل ان الاتفاق النووي هو فرصة لكل العالم . فبعد انتظار دام حوالي 35 عاماً مع كل ما رافقه من تشنجات ومشاكل وازمات وعقوبات انعكست ارتدادات في كل المنطقة اتى هذا الاتفاق.

ولا شك ان المشاكل التي رافقت العقوبات بفعل تأزم الاوضاع مع ايران ستزول اليوم ، و المستفيد الاول هو اميركا، روسيا واوروبا وكل من وضع الاتفاق.

بالتأكيد هناك مصالح اقتصادية كبيرة تجمع هؤلاءالفرقاء. لبنان دفع وهو يدفع  دائما ً ثمن التشنجات . والاولوية اليوم ستكون لما يدور في المنطقة من ازمات اخرى في كل من  سوريا واليمن والبحرين ... من هنا فان لبنان سيكون في المرتبة الثالثة او الرابعة في اجندة الاهتمامات الدولية .

والقرار الذي ولد كما ذكرنا بعد 35 سنة لن ينفّذ في 3 اشهر وانما سيستغرق سنوات . وعلينا ان لاننتظر الحلول السريعة . ولكن في المقابل الاستعداد لتقصّي الامكانات الاستثمارية وتحديد الآلية المناسبة لتحقيق الشراكة والتطوّر.

فايران بلد كبير ذات كثافة سكانية وهو يؤمن سوقاً استهلاكية واسعة كمية، الطلب فيها غير قليلة على بضائع مختلفة. فبعد الحصار الدولي جاء الانفراج والانفتاح على الخارج، علما انه بقدر ما تم تطوير القطاعات الانتاجية فيها فانها ما تزال بحاجة الى الخارج والى الدخول في شراكات قائمة ، في مجال البورصة وغيرها...

ومن المعلوم انه بعض الشركات العالمية بدأ الدخول  الى السوق الايراني.

اما في لبنان، فالمصارف جاهزة وهي تمتلك السهولة لافتتاح الفروع  في الخارج كما هو حال شركات التأمين . والقطاع الخاص بكامله، و بقوته  المعهودة قادر على دخول اي سوق جديدة.

وانضمام  لبنان الى اتفاقية ميركوسوراي بلدان اميركا اللاتينية ترجم اهتمامه بفتح علاقات تجارية مميزة وتبادل الخبرات مع بلدان حوض البحر المتوسط؛ اذ من المفيد ان تبقى الاستثمارات في لبنان متجهة نحو الارتفاع المطرد، باعتبار أن بلدنا يُعد بمثابة مختبر للافكار والتدريب والتجارب ومصدر إنطلاق للنمو في جميع القارات.

وبالنهاية، رجل الاقتصاد القوي هو من يبحث و يذهب شخصياً حيث الفرص متاحة للاستثمار الناجح. وباختصار، الاتفاق فتح الابواب والنوافذ، ولكن التنفيذ يعتمد على المبادرة الفردية. و تبقى العبرة في اهمية المتابعة والملاحقة التي تشكل نسبة 70% من العمل.