أكد رئيس الحكومة تمام سلام في حفل افتتاح "الدورة السادسة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين"، و"الدورة الرابعة لندوة الاستثمار" تحت عنوان "بناء حزام اقتصادي لطريق الحرير"، في فندق فينيسيا أن "الحكمة سوف تنتصر على عوامل التطرف والتقاتل، وأن الاعتدال والتوافق والانسجام ستغلب العدوانية والعنف. وهذا هو السبيل العقلاني الوحيد لتحقيق مصالح الجميع، والمسار الوحيد المؤدي إلى السلام الذي تشكل مبادرة طريق الحرير دعامة أساسية لبنيانه".
 
وقال:"أنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم في بيروت، بمناسبة انعقاد الدورة السادسة لمؤتمر رجال الأعمال العربي-الصيني، الذي يشكل ركيزة أساسية للتعاون بين العالم العربي وجمهورية الصين الشعبية. ويتضاعف سرورنا بهذا اللقاء، كونه يتزامن مع الذكرى الستين لتوقيع أول اتفاق تجاري بين لبنان والصين".
 
أضاف:"لقد أصبحت الصين منذ سنين، الشريك التجاري الأول للبنان ونحن نتوقع أن تتسع هذه الشراكة وتتعزز بفعل الآفاق الجديدة للتعاون، التي يفتحها المسار الاقتصادي لمشروع طريق الحرير. لقد أظهرت الحقائق الاقتصادية والسياسية في العقود الماضية، أن الشعوب والأمم باتت مرتبطة في ما بينها بشبكة متنامية من العلاقات. وهذا المناخ من شأنه أن يدفع تدريجيا في اتجاه تغليب المصالح المتبادلة وتعزيزها، بدلا من التناحر وصراعات النفوذ".
 
وتابع: "نحن متأكدون من أن الحكمة سوف تنتصر على عوامل التطرف والتقاتل، وأن الاعتدال والتوافق والانسجام ستغلب العدوانية والعنف. وهذا هو السبيل العقلاني الوحيد لتحقيق مصالح الجميع، والمسار الوحيد المؤدي إلى السلام الذي تشكل مبادرة طريق الحرير دعامة أساسية لبنيانه. إن لبنان يتطلع إلى دور مركزيٍ في المسارِ الاقتصادي لطريق الحرير، بسبب موقعه المميز كنقطة وصل مع العالم العربي والقارة الافريقية، وكمركز محوري بين الغرب ودول المشرق. وفي الواقع، فإن وجود جاليات لبنانية كبيرة وفاعلة ومتجذرة في جميع أنحاء العالم، يشكل مدخلا متميزا لنسج علاقات تجارية وصلات متنوعة متينة مع مختلف الدول".
 
وقال:"صحيح أننا نمر بمرحلة سياسية عصيبة، لكننا رغم ذلك تمكنا من الإبقاء على نسبة من النمو. وهذه الحقيقة، التي تؤكد قدرتنا على العمل في أصعب الظروف، هي ما يجعل من لبنان شريكا موثوقا. إن الرؤية التي طرحها الرئيس Xi Jinping والقيادة الصينية، تقوم على فكرة التقاء المصالح، التي تجمع الدول المنتشرة على طول طريق الحرير، في إطار من التعاون الشامل الذي يخدم مصالح الجميع. نحن في لبنان نريد أن نساهم في ترجمة هذه الفكرة، التي نتوقع أن تحقق منفعة كبيرة، ليس فقط في مجال تنمية التجارة، بل أيضا في تعزيز القطاعات الصناعية وتعزيز التعاون المالي، فضلا عن تحسين الترابط والتواصل الاقليمي، من خلال تحسين البنى التحتية والنقل، وتسهيل الاستثمار ومعاملات التخليص الجمركي. وهذه الأمور من شأنها أن تؤدي في النهاية، إلى ربط المنتجين بالأسواق في منطقة شاسعة من العالم".
 
واوضح "إن لبنان يعتزم أيضا الانضمام كعضو فاعل الى "البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية" الذي سيلعب، بلا شك، دورا رئيسيا في الهندسة المالية للمشاريع الكبرى على طول طريق الحرير. ليس من السهولة بمكان الإحاطة بجميع الفرص التي ستولدها مبادرة طريق الحرير. لكن الأكيد أن أهمها سيكون الوصل بين الثقافات، وبالتالي تحقيق التقارب بين الأمم والحضارات. رب قائل، إن هذا حلم مستحيل، بالنظر إلى ما نشهده هذه الأيام في هذه المنطقة من العالم. ونحن بدورنا في لبنان، نواجه قدرا من المشكلات. لكننا نبذل أقصى الجهود لصون المصلحة الوطنية عبر الحوار والتوافق، مهما كان هذا الطريق صعبا".
 
أضاف: "لقد شغر منصب رئيس الجمهورية منذ عام كامل، ولم يتمكن أعضاء مجلس النواب حتى اليوم من القيام بواجبهم الدستوري في انتخاب رئيس جديد. كما أن العقد التشريعي العادي للمجلس سينتهي بعد أربعة أيام، مما يعني أن البلاد ستحرم من الممارسة الديموقراطية الأكثر حيوية، أي التشريع. لكن هل نستسلم لليأس؟ بالتأكيد لن نفعل ذلك. وأحد الأسباب التي تحضنا على عدم الاستسلام، هو مناسبات مثل مؤتمركم هذا، الذي جذب شخصيات معتبرة لزيارة لبنان، وللاستثمار في لبنان، ولإقامة شراكات مع مؤسسات لبنان ورجال الأعمال اللبنانيين. وإذا كان للأمل من تعريف، أقول: حضوركم هو تعريف الأمل".
 
وختم الرئيس سلام :"إسمحوا لي في الختام، أن أوجه تحية خاصة إلى رجال الأعمال الصينيين والعرب الموجودين بيننا، الذين يثبتون مرة أخرى محبتهم لبلدنا وإيمانهم بفرص الاستثمار فيه، وقدرته على النهوض رغم كل الصعاب. أقول لهم: أهلا وسهلا بكم في لبنان. أنتم هنا في أيد أمينة، خصوصا أنكم في عناية رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية معالي الصديق عدنان القصار. لقد قال المفكر الصيني العظيم لاو تسو Lao Tzu إن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. نحن محظوظون بوجودكم هنا، أصدقاء وشركاء، لنسير جنبا الى جنب، خطوة بعد خطوة، على طريق الحرير...متطلعين جميعا إلى مستقبل أفضل".