على الرغم من دوامة النار التي تلف محيطنا من باب المندب الى البحر المتوسط، وعلى الرغم من ثقافة الدمار والقتل والتقسيم والتشريد التي إجتاحت اليمن وسوريا والعراق، وعلى الرغم من خلافاتنا الداخلية بدءا من كرسي رئاسة الجمهورية وصولا الى عرقلة تعيين ضباط في الجيش اللبناني وموظفين في الإدارات العامة من أجل مصالح شخصية وفئوية ومذهبية .... مازال هناك في لبنان أشخاصٌ يعملون ليل نهار لإظهار الصورة الحضارية ورسالة الثقافة والسلام التي لطالما حملها لبنان واللبنانيون في كافة أنحاء العالم... وفوز مدينة جبيل "عاصمة الحرف" بلقب عاصمة السياحة العربية لعام 2015 خير دليل على أن هذا البلد سيبقى دائما كطائر "الفينيق" الذي ينتفض من تحت الرماد في أصعب الظروف والمحن.

ويأتي الإعلان عن فوز مدينة جبيل بهذا اللقب مع إنطلاق موسم الصيف الذي يعول عليه الجميع، عله يعيد بعضاً من الحركة التي كانت تزين لبنان في كل صيف، ويعوض بعض الخسائر التي منيت بها المؤسسات السياحة والفنادق والقطاع ككل، والذي إنعكس سلبا على معدلات النمو كونه يشكل نسبة كبيرة من الناتج الوطني الإجمالي.

وللحديث بالتفصيل عن الموسم السياحي لهذا العام، وعن التوقعات في ظل الظروف الإقليمية والداخلية التي يمر بها لبنان، وكذلك تزامن شهر رمضان المبارك مع إنطلاق موسم الصيف ... كان لـ"الإقتصاد هذا الحديث الخاص مع الوزير السابق للسياحة فادي عبود.

- بعد فوز مدينة جبيل بلقب "عاصمة السياحة العربية 2015 ... هل تعتقد أن هذا سيساهم في إجتذاب عددا أكبر من السياح؟

الكل يعلم أن السياحة مرتبطة إرتباطا مباشرا بالوضع الأمني، وبالتالي بقاء الأمن على ما هو عليه اليوم سيؤثر كثيرا على الموسم السياحي القادم.

ولكن لا شك أن هذا اللقب الذي حصلت عليه مدينة جبيل هو لقب تاريخي، ونحن كلنا فخورين بهذا الأمر، كما ان القرار بهذا الشأن لم يتخذ اليوم بل إتخذ عندما كنت سابقا في الوزارة. لكن لن يكون لهذا الموضوع برأيي أي تأثير إيجابي ملموس على وضع قطاع السياحة ككل.

وبلا شك يجب الإشارة الى أن قيمة مدينة جبيل السياحية هي قيمة دولية، وجبيل "أم الحرف"، وموجودة على كل الكتيبات السياحية في العالم، ولكن لسوء الحظ الوضع الأمني الموجود لا يسمح للبنان بزيادة عدد السياح بأرقامٍ تذكر.

- ما هي توقعاتك للموسم السياحي الحالي في ظل الظروف الإقليمية وخصوصا الحرب السورية ومعارك القلمون من جهة ... والظروف الداخلية المتمثلة بالوضع الأمني والشغور الرئاسي والخلافات السياسية من جهة أخرى؟

كما قلنا سابقا، الوضع الأمني الداخلي والإقليمي له تأثير مباشر وكبير على القطاع السياحي في لبنان، ولكن هناك بوادر خير تمثلت مؤخرا بالمؤتمر الخاص بالمغتربين الذي نظمته وزارة الخارجية، والذي أعتبره على السكة الصحيحة خصوصا أنه إجتذب أكثر من 1000 لبناني مغترب.

ولكن هناك أمور أخرى اليوم تتطغى على كل المبادرات والمحاولات وهي المقاطعة الخليجية القاسية للبنان، إضافة الى المعارك القريبة من الحدود اللبنانية في القلمون والتي تشكل خطرا كبيرا على لبنان.

- هل هناك أي سعي من "لبنان الرسمي" لتخفيف التوتر مع دول الخليج وفك الحظر لعودة الخليجيين؟

هناك بعض المساعي التي يقوم بها القطاع الخاص اللبناني، والتي تمثلت بزيارة الهيئات الإقتصادية الى دول الخليج مؤخرا، والتأكيد على أفضل العلاقات معهم، ودعوتهم للإستثمار والدخول في مشاريع مشتركة في لبنان والخارج.

ولكن على المستوى الرسمي، ليس هناك على حد علمي أي محاولة أو تحرك بهذا الإتجاه، على الرغم من أن المرحلة تتطلب السعي لتخفيف التوتر وتحسين العلاقات.

- يتزامن شهر رمضان المبارك هذا العام أيضا مع بداية الموسم السياحي... هل سيؤثر هذا الأمر برأيك؟

العادات والتقاليد في غالبية الدول العربية تقتضي بقاء المواطنين في بلدانهم وقضاء شهر رمضان الكريم مع عائلاتهم، وبالتالي لم يعول لبنان يوما على الحركة السياحة خلال شهر رمضان، ولكن بعد نهاية الشهر هناك عيد الفطر الذي يمكن أن يعوض بعض الشيء.

ونأمل ان تتحسن الأوضاع الأمنية والسياسية ولو بشكل بسيط في الفترة القادمة علها تنعكس إيجابا على الموسم السياحي.. على الرغم من أن الواقع الحالي لا يبشر بأي تحسن في الوضع الأمني على المدى المنظور.

عبود: للتركيز أكثر على المغترب اللبناني

- هل ستقتصر السياحة في الموسم الحالي على المغتربين برأيك؟

هذه توقعات معظم المحللين، وأعتقد أن هذه هي الصورة الأقرب للواقع، لأن المغتربين اللبنانيين سيتواجدون في لبنان على الرغم من الوضع الحالي، وسيقتصر تواجد الأجانب على بعض رجال الأعمال. كما أن الأرقام لهذا العام لن تختلف كثير عن الأرقام المحققة في السنوات الأخيرة.

ويجب الإشارة الى أنه لا يجب الخلط بين الوافدين الى مطار بيروت وبين السياح، خصوصا أن مطار بيروت اليوم يلعب دورا مهما مكان مطار دمشق ومطار بغداد الى حد ما، وبالتالي فإن الأرقام لا بد أن ترتفع.

وفي النهاية أتمنى كل الخير للموسم السياحي الحالي، خصوصا أن التحضير للمهرجانات قد بدأ، وهناك الكثير من المبادرات والمحاولات، ولكن أتمنى أن يتم التركيز أكثر على المغترب اللبناني لأنه الأساس في هذه المرحلة.