عاشت لفترة طويلة في لندن حيث تخصصت في مجال التغذية في جامعة "St George's University of London"، كما حازت على ماجستير من جامعة "King's College London"، وتخرجت بدرجة ممتاز. وستحصل بعد بضعة أشهر على شهادة الدكتوراه من "King’s".

عادت الى لبنان منذ حوالي 4 سنوات، وأسست في العام 2014 مركز التغذية العيادي "British Light Bites" في منطقة انطلياس.

"الاقتصاد" التقت مع أخصائية التغذية جوزيت بيطار للحديث عن مسيرتها المهنية ومراحل تأسيس العيادة، اضافة الى رؤيتها لواقع المرأة في لبنان اليوم.

- لماذا قررت العودة الى لبنان لتأسيس عيادتك الخاصة؟

أنا من أصل لبناني ولطالما أردت العودة الى جذوري، لذلك اتخذت هذا القرار ورجعت منذ حوالي 4 سنوات. اذ أردت أن أرى كيف هو لبنان، وأن أبدأ بالعمل فيه، وبتقييم حالة قطاع التغذية.

سلّمت شركتي في لندن الى شخص، وأقصد كل فترة المدينة للتحقق من حسن سير العمل، وأيضا لمتابعة ندوات وحلقات دراسية بهدف الاطلاع على دراسات جديدة في مجال التغذية. لذلك فإن عملي ينقسم بين بيروت ولندن.

- من يقصد "British Light Bites"؟

أشخاص من كل الأعمار يقصدون عيادتي. كما أعاين الأمهات الحوامل، والأولاد حديثي الولادة، من أجل متابعة نظامهم الغذائي، في حال واجهوا مشاكل في التغذية، أي عدم تقبل الطعام أو عدم التمكن من أكله...

- ما الذي يميز "British Light Bites" عن غيرها من العيادات الموجودة في لبنان؟

عندما كنت أعيش في مدينة لندن، اكتسبت خبرة في القطاع الطبي، اذ عملت مع مرضى السرطان، وأشخاص في غيبوبة... وكنت أقدم لهم نظاما غذائيا يتناسب مع حالتهم. لذلك فإن خبرتي كبيرة في الممارسة الطبية.

كما أنني أقوم كل فترة بتحديث معرفتي من خلال الندوات التي أشارك فيها. اضافة الى أن الشخص الذي يعيش خارج لبنان، يتعلم التواصل مع كل أنواع الأشخاص؛ ففي لبنان نتفاعل فقط مع اللبنانيين، انما في لندن أتواصل مع لبنانيين، وألمان، وبريطانيين، وإسبان... وبالتالي أتعمق في عدد كبير من الشخصيات.

- ما هي الصعوبات التي تواجهك خلال العمل في هذا المجال؟

المنافسة كبيرة جدا في لبنان، والأشخاص لا يحبون تجربة الأمور الجديدة، بل يفضلون البقاء مع القديم، مثلا التعامل مع أسماء تعمل لفترة طويلة في السوق.

لكن من خلال النتائج التي يحصلون عليها، بدأوا مع الوقت بالاعتياد على خدماتي وطريقة عملي، وحمياتي الغذائية، وعلى التقنيات الجديدة التي تعلمتها في لندن.

- هل تعتبرين أن المنافسة هي عامل ايجابي أو سلبي في العمل؟

المنافسة هي عامل ايجابي جدا، لأنها تشكل دفعة الى التقدم. ومن دونها، تخلو الحياة من التحديات. فاذا حصلنا على كل الأمور بسهولة، سوف نفقد الارادة للتقدم نحو الأفضل، واختبار الأمور الجديدة، وبالتالي تحقيق الأهداف التي نحلم بالوصول اليها. أنا شخصيا أحب المنافسة كثيرا، وبدونها لن ينجح أحد.

- هل وقعت يوما ضحية للتمييز الجنسي والجندري في اطار العمل؟

في لندن تعمّ المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، انما هنا في لبنان تختلف الأمور قليلا. ولكن عندما ينسون شكل المرأة الخارجي، وفكرة أنها امرأة، ويتواصلون معها كسيدة أعمال، سيعلمون أنها قادرة على تحقيق النجاح والسيطرة على العمل.

- ما هي برأيك الصفات التي ساهمت في نجاحك المهني؟

في البداية، تلقيت المساعدة من أهلي، اذ شجعوني على الاستمرار في الدراسة والعلم. فالانسان قد يبتعد قليلا عن التعليم في وقت ما، للسهر والمرح مع الأصدقاء، لكن عندما يكون لديه سندا ويتلقى تشجيعا من عائلته، يعود الى الطريق الصحيح.

وأيضا عندما تزوجت، ساعدني زوجي كثيرا لافتتاح العيادة، ولا يزال حتى اليوم الى جانبي في كل ما أقوم به.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

أسعى الى الاستمرار في تقديم نظام غذائي ممتاز لكل من يقصدني. كما أطمح للتوسع في لبنان، اذ وصلنا الى مرحلة تعتبر فيها التغذية بمثابة دواء. فلن يتكل الشخص على الأدوية عندما يتغذى بطريقة صحيحة، تجنّبه كافة المشاكل الصحية في ما بعد. لذلك فإن هدفي المستقبلي يختصر بتعليم كل شخص أن التغذية هي الأساس.

- كيف نجحت في التنسيق بين عملك وعائلتك؟

تحقيق التوازن هو أمر صعب قليلا، لكن يجب تقسيم الوقت بين 50% للعمل و50% للعائلة. فأنا أم لولدين صغيرين، وأتلقى المساعدة من أهلي، لكنني أتواجد الى جانب أولادي بشكل كبير، ولا أدعهم يشعرون بغيابي.

كما أنني أترك العمل في العيادة، وعندما أعود الى المنزل أصبح امرأة عادية وأم وزوجة. فأنا لست شخصا مدمنا على العمل.

- كيف تقيمين وضع المرأة اللبنانية اليوم من ناحية الحقوق؟

لا شك في أن المرأة تقدمت بشكل كبير من هذه الناحية، وأصبحنا نتعرف أكثر فأكثر على العديد من النساء اللبنانيات القويات والناجحات مثل الرجال. فالنظرة تغيرت الى حد كبير في لبنان، وأصبح للمرأة حقوقا مثل الرجل تقريبا.

- هل كان "الرجل" في حياتك داعما لمسيرتك المهنية؟

أهلي ووالدي وإخوتي وزوجي ساعدوني كثيرا، ووقفوا الى جانبي، ولا يزالون حتى اليوم. اذ لا يمكن القول أنه بامكان المرأة أن تعيش لوحدها، فنحن بحاجة الى وجود الرجل في حياتنا، كما هو بحاجة الينا. والحياة منقسمة بين 50% للمرأة و50% للرجل.

- في النهاية، ما هي النصيحة التي تقدمينها للمرأة؟

أقول لكل امرأة: "لا تشكّي بقدراتك على تحقيق أكبر النجاحات، بل ضعي هدفا، وثابري للوصول اليه. فنحن نساء قويات، والمرأة في الشرق الأوسط حصلت على القوة مثل الرجل، لذلك قفي، وارفعي الصوت، وأظهري حقوقك، ولا تستسلمي أبدا، حتى في ظل مواجهة أصعب العوائق. حاربي من أجل حقوقك ولا تتخلي عن التعليم".