لم تعد قضية معمل الزوق والمشكلة البيئية التي تسببها الإنبعاثات الصادرة عنه قضية مناطقية تخص أهالي منطقة كسروان الفتوح فقط، بل أصبحت قضية شاملة يمكن من خلالها تحريك ملف قطاع الكهرباء برمته في بلدٍ محرومٍ من الكهرباء منذ عام 1975.

وشهد مؤخرا هذا الملف تطورات كبيرة بدأت بالتحرك السلمي الذي قام به أهالي منطقة كسروان أواخر الشهر الماضي وقطعوا خلاله الطريق الرئيسية في الزوق لمدة 10 دقائق، وأمهلوا المسؤولين "15 يوما لرفع الضرر عنهم"، مهددين بـ"اتخاذ خطوات تصعيدية في حال عدم التجاوب معهم"، ووقف الى جانب المواطنين كافة فعاليات المنطقة، كما قامت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بإطلاق حملات دعائية من أجل تحريك عجلة الإنماء.

وفي ظل هذه التطورات عقد وزير الطاقة والمياه أرثيور نظريان يوم الجمعة الماضي مع المدير العام لمؤسسة كهرباء ​لبنان​ كمال حايك مؤتمرا أكد فيه أن المعمل بني في منطقة مصنفة صناعية، وأن التمدد العمراني هو الذي وصل إليه. وأبقى نظريان على سياسة الابواب المفتوحة للوصول الى أفضل حل ممكن. أما حايك فأكد خلال المؤتمر أن المعمل أصبح مطابقا للمعايير الدولية بعد التحسينات والمعالجات التي تمت خلال السنوات السابقة، والتي أدت إلى تخفيض 63% من الغبار الملوث، وتخفيض 80% من أكسيد الكربون الـ CO ، وتخفيض 10% من أكاسيد النيتروجين والتي من غير الممكن أن تنخفض نسبتها من دون تأهيل المعمل ووضع " Low nox burners"، بالإضافة الى تخفيض ثالث أكسيد الكبريت نسبة 90% .

ولكن أهالي منطقة كسروان الفتوح يرون أنهم المتضرر الأكبر من الوضع الحالي لمعمل الزوق، وعلى الرغم  من كل التأكيدات بأن المعمل يطابق المعايير الدولية، فهناك ضرر بيئي وصحي كبير وواضح على أهل المنطقة بحكم قرب المعمل من أماكن سكنهم.

نوفل: لم نفتح قضية سموم معمل الزوق لكي تقفل مجددا بوعود واهية

وفي حديث خاص لـ"الإقتصاد" قال رئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح المحامي نهاد نوفل أن الاجتماع الذي جمعهم مع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أسفر عن مبادرة لتشكيل لجنة وزارية مصغرة تتألف من وزراء الطاقة والصحة والبيئة ورئيس مجلس الانماء والاعمار لايجاد الحل المناسب. مؤكدا على ترحيبه بسياسة الأبواب المفتوحة التي يعتمدها وزير الطاقة للوصول الى حل في هذا الموضوع.

وفي موضوع التلوث الصادر عن المعمل أشار نوفل الى أن الاتحاد والبلدية سابقا ومؤخرا طرحا حلولا واضحة لم تلق التجاوب العملي، وهذه الطروحات والمطالب معروفة لا سيما لجهة تحويل المعمل الى الغاز، وتمنى ان يكون "كلام الوزير نظاريان عن تخفيف التلوث بنسبة تفوق 80% دقيقا وأكيدا، علما ان التقارير الاخيرة للجامعة الاميركية والمستشفيات لا توحي بذلك على حد قوله.

وأضاف أنهم لمسوا في الأيام الأخيرة نيات حسنة ومقبولة في الحد الادنى من جانب الوزارة المعنية، على الرغم من المسافة الكبيرة التي ما زالت تفصل بين الجانبين في سبل المعالجة المستدامة.

وفي سؤال عن الخطوات المقبلة التي يمكن أن يتخذها الإتحاد في حال عدم التوصل الى حل يرضي أهالي المنطقة قال نوفل أن الإتحاد سيبحث في جلسته المقبلة نتائج الاتصالات والتحركات الجارية، وبعد تقييمها ودرسها سيضع المواطنين في الصورة، مؤكدا أن الإتحاد لم يفتح قضية سموم معمل الزوق لكي تقفل مجددا بوعود واهية كما في السابق، فالهدف هو الوصول الى نتيجة وطنية وانسانية وبيئية واضحة.

قباني: الحل الأمثل هو بناء معمل جديد يعمل على الغاز

من جانبه قال رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه محمد قباني في حديث خاص لـ"الإقتصاد" أن اللجنة تتابع ملف معمل الزوق، وتتابع كل الكلام والتصريحات حول هذا الموضوع، مؤكدا أنهم حريصون على صحة المواطنين سواء كانوا في منطقة كسروان حيث معمل الزوق، أو في أي منطقة لبنانية أخرى.

وأضاف أن المشكلة تكمن بأن "معمل الزوق" هو معمل قديم العهد، وأي عملية تأهيل له قد تخفف من درجة التلوث، ولكنها لا تقضي على المشكلة. مضيفا أن تكلفة إعادة تأهيل المعمل بشكل كامل توازي تكلفة بناء معمل جديد، لذلك فإن الحل الأمثل هو بناء معمل جديد يعمل على الغاز. وهذا يتطلب وضع خطة متكاملة لبناء معامل على الغاز بأسرع طريقة ممكنة.

وفي سؤال عن رأيه بتصريح وزير الطاقة بأن المعمل موجود على أرض صناعية وأن التمدد السكاني هو الذي وصل إليه، قال قباني أن هذا الكلام صحيح، ولكن لا يمكن إعادة الزمن الى الوراء وهدم الأبنية التي أنشئت، بل يجب التعامل مع الواقع الحالي كما هو لأن المنطقة أصبحت سكنية. ومن هنا يجب التفكير في حل لهاذا الملف والحل الأقرب هو بناء معمل جديد يعمل على الغاز، والسعي الى تخفيف الإنبعاثات المضرة الصادرة عن معمل الزوق الى حين الإنتهاء من تأهيل المعمل الجديد الذي يحتاج الى حوالي 3 سنوات لإنجازه.