تحتفل 92 دولة في العالم غداً بيوم العمال العالمي تكريماً للأشخاص المنتجين، ويأتي العيد هذا العام بظل وضع اقتصادي متردٍّ في لبنان، بغياب رئيس الجمهورية ودور المؤسسات. ويحتفل العمال في لبنان هذا العام أيضاً في ظل التجاذبات السياسية حول موضوع "سلسلة الرتب والرواتب" الذي لايزال عالقاً منذ سنوات. وفي هذه المناسبة كان لـ"الإقتصاد" هذا الحديث مع المحامي بالإستئناف، والمستشار القانوني المعتمد لدى "منظمة العمل الدولية"، د. شربل عون:

ما هو سبب البطالة والضيقة الإقتصادية في لبنان؟ وهل قوانين العمل في لبنان تحمي الأجير اللبناني من الأجير الأجنبي في المهن الأساسية؟ علماً أنه هناك عدداً كبيراُ من الأجراء السوريين ينافسون العامل اللبناني في غالبية المهن.

بدايةً، ان قانون العمل اللبناني والمراسيم والقرارات المتممة له تحمي بشكل أو بآخر الأجير اللبناني من الأجراء الأجانب فيما يتعلّق بالمهن الأساسية. فإذ لا يجوز قانوناً لأي عامل أجنبي أن يعمل داخل الأراضي اللبنانية إلا بعد الحصول على إجازة من قبل وزارة العمل وإقامة من قبل الأمن العام اللبناني، وهذه الإجازة لا تعطى من قبل الأمن العام إلا بعد احترام قرار حصر المهن الذي يصدر كل سنة عن وزارة العمل ويؤدي إلى حصر غالبية المهن الأساسية باللبنانيين.

قانوناً يمنع إعطاء أي إجازة عمل لأي أجير أجنبي إلا بعد الأخذ بعين الإعتبار قرار حصر المهن. وفي العام 2014، صدر عن وزير العمل قرار حصر مهن، أي تم تجديد القرارات السابقة التي تصدر كل سنة ولكنه استثنى بقراره الأجراء السوريين في ما يتعلق بثلالث مهن وهي البناء والنظافة والزراعة، أي أنه أصبح قانوناً بموجب هذا القرار يحق للأجير السوري العمل بهذه المهن ولكن شرط حصوله على إجازة من وزارة العمل.

لذا يمكننا القول بأن قرار حصر المهن الاخير والمشار إليه أعلاه يحمي الأجير اللبناني من الأجير الأجنبي وبشكلٍ لا بأس به من الأجير السوري الذي هو فقط المقيد يثلاث مهن، ولكن المشكلة في لبنان لا تكمن فقط بالقوانين والقرارات الوزارية بل هي تتعلق بالتطبيق لأنه يوجد هناك عدد كبير من الأجراء السوريين الذين ينافسون الأجراء اللبنانيين في المهن الأساسية، أي أن الأجراء السوريين يعملون بقطاع الهندسة والمحاسبة وغيرها من المهن الأساسية وان هؤلاء لا يتوجهون أساساً لوزارة العمل للحصول على إجازات بل انهم يعملون دون ذلك، وهنا دور كبير للحكومة اللبنانية ووزارة العمل من أجل إصدار عقوبات بحق أرباب العمل الذين يوظفون أجراء أجانب غير حاصلين قانوناُ على إجازة عمل. نحن هنا لسنا بصدد التهجم على وزارة العمل الحالية لأن تلك الأخيرة تعاني نقصاً كبيراً بالمفتشين وهي لا تستطيع القيام باللازم لإجراء التفتيش الدقيق، أي أنه ليس لديها الإمكانيات للقيام بما هو مطلوب قانوناً. أما الحل فيقضي أولاً بزيادة عدد مفتشي الوزارة ومخصصاتها لكي تتمكن من القيام بعملها وفقاً للقوانين فضلاً عن أن جزءاً كبيراُ من الحل سياسي ولا يمكن التخلص من تلك المشكلة الإقتصادية أو البطالة بشكل نهائي إلا بعد انتهاء الأزمة السورية وعودة المواطنين السوريين إلى بلدهم.

ماذا عن قانون العمل اللبناني؟ هل هو بحاجة إلى تعديل؟ أي بنصه الحالي هل يحمي الأجير اللبناني ويحسم له حقوقه؟

هذا القانون صدر عام 1946، طرأت عليه بعض التعديلات، إلا انه بحاجة إلى تعديلات أساسية وجذرية لم يتطرق إليها المشترع حتى تاريخه، على سبيل المثال: الإجازة السنوية، بحسب قانون العمل الحالي هي 15 يوماً فقط وأن هذه الإجازة لا يمكن ازديادها بحسب سنوات الخدمة، هذه الحالة بحاجة إلى تعديل لتصبح الإجازة قابلة للإزدياد بحسب سنوات الخدمة.

ماذا عن نزاعات العمل الفردية؟ لماذا البطء في سير المحاكم؟ وما هو دور وزارة العمل في هذه النزاعات؟ وهل هذا الدور فعال؟

قانوناً، في حال حصول أي نزاع بين رب العمل والأجير، يمكن للأجير اللجوء إلى وزارة العمل أولاً، وإلى مجلس العمل التحكيمي (محكمة العمل) ثانياً. بالنسبة لوزارة العمل، إذا لجأ إليها الأجير في حال حصول أي مشكلة فهي تلعب دور الوسيط وتحاول تقريب وجهات النظر، لأنه قانوناً ليس لديها سلطة على رب العمل. وفي هذه الحالة، الأجير ملزم باللجوء إلى محكمة العمل، حيث هناك بطء نعم، ومعدل صدور الحكم من تاريخ تقديم الدعوى هو بين 3 و5 سنوات، وذلك يعود للعدد الكبير للدعاوى المقدمة في بيروت وجبل لبنان معظم الأحيان (قد تصل إلى 700 أو 800 سنوياً)، الأمر الذي يستدعي زيادةً في عدد القضاة والموظفين لدى محكمة العمل.

ومن ناحية ثانية، نشر ثقافة القانون لدى أرباب العمل من شأنه أن يخفف عدد الدعاوى.