استضاف برنامج "المجلة الإقتصادية" للمعدة والمقدمة كوثر حنبوري في حلقته الـ30 عبر أثير "إذاعة لبنان" الخبير  المالي والمحلل الإقتصادي د. ماجد منيمنة في قراءة تحليلية لأرقام موازنة 2015، وامكانية اقرارها مع أو بدون سلسلة الرتب والرواتب.

بداية، أشار د.ماجد منيمنة إلى أن غياب الموازنة وعدم القدرة على اقرارها يعني أن الإلتئام بين  المؤسسات الحكومية اللبنانية غير موجود وإشارة إلى عدم قدرة مجلس النواب ومجلس الوزراء على الوصول إلى اتفاق حول آليات تمويل الموازنة وتأمين تكاليفها، أهمها سلسلة الرتب والرواتب، والتي تشكل عاملا مهما كان يجب أن يُقر في الماضي، مضيفاً أن الموازنة لم تشهد اتفاقا على اقرارها في العشر سنوات الماضية وكانت التكاليف وأموال الوزارات  تؤمن وتصرف من دون وجود موازنة تنظم هذه التكاليف، الأمر الذي كان يستخدم ويستغل في الناحية السياسية، وكان له تأثير كبير على الوضع المالي والإقتصادي في البلد.

وأضاف منيمنة أنه يجب الإنتباه إلى أنه في الماضي، في ظل التضخم الذي شهده الإقتصاد اللبناني وارتفاع قيمة الدولار أمام الليرة الذي كان له تأثير كبير على الإقصاد اللبناني، كان هناك القدرة على القيام ببعض الخطوات في سبيل التصحيح المالي وإعادة انعاش الإقتصاد منها قيام المؤسسات والشركات الأجنبية بالإستثمار في لبنان إيمانًا بقدرته على تجاوز الصعوبات، إلا أن هذا الأمر اختلف حاليًا في ظل عدم التفاف هذه البلدان للبنان بسبب غرقها في مشاكلها الخاصة وفي الحروب والتغيير في الحدود الذي تشهده المنطقة.

وتابع أنه بجب التنبه أيضًا إلى ما صرح به وزير المال علي حسن خليل والذي يشكل مشكلة حقيقية، وهو أنه إذا لم يتم اقرار الموازنة في شهر أيار المقبل لن تتمكن الحكومة اللبنانية من دفع الرواتب والأجور في شهر أيلول المقبل، خاصة في ظل رفع عدد العناصر الأمنية وعناصر الدفاع المدني والذي سيترتب عليه زيادات ملحوظة في الموازنة، بالإضافة إلى الخلل وانعدام التوازن في تكلفة النفقات والإيرادات، والعقبة الأساسية التي تؤخر في اقرار الموازنة هي تأمين مصادر وواردات للإ نفاق.

ورداً على سؤال للمعدة والمقدمة كوثر حنبوري حول موضوع ضم سلسلة الرتب والرواتب في الموازنة، قال د.منيمنة أن تضمين سلسلة الرتب والرواتب في الموازنة أمر غير الزامي ويجب التركيز في المقابل على اقرار موازنة متوازنة بالطريقة الصحيحة للإبتعاد عن مشاكل الدين الذي يرتفع بنسبة 4% كل عام.

ولفت إلى أنه يجب العمل على تصويب موضوع السلسلة وحله عبر الحوار الهادئ وليس عبر التهديد، خاصة وأن اقرار السلسلة ومنح الأساتذة الزيادات على الرواتب سيؤدي إلى تضخم البلد بغنى عنه، فالمال الزائد الممنوح للأساتذة إما سيتم صرفه على شراء الإحتياجات غير الضرورية أو سيتم إيداعه في المصارف في حسابات توفير، مما سيدفع إلى انخفاض معدلات الفائدة خاصة وأن المصارف غير قادرة على تحمل المزيد من الودائع دون توظيفها بطريقة صحيحة، كل هذا سيسبب بتضخم أشبه بالتهام الأموال المزادة على رواتب الأساتذة.

وذكر منيمنة أنه يمكن اعتبار الموازنة لعام 2015 الحالي موازنة ضرائبية خاصة وأن الـ 19 بند المقترح من قبل الحكومة اللبنانية هي بنود ضرائبية أو تفرض ضرائب غير مباشرة على القطاعات التي تعاني من الركود وتراجع الأداء، الأمر الذي لن يؤمن المالية الضرورية لتمويل الموازنة ولن يوصل إلى النتيجة المرجوة.

وأشار، ردًا على سؤال حنبوري حول نسبة النمو الإقتصادي، 2%، التي توقعها "صندوق النقد الدولي"، أن هذه النسبة غير واقعية وحقيقية حيث أن القطاعات الإقتصادية الأساسية المحركة للنشاط الإقتصادي لا تقدم المستوى المطلوب لتحقيق نسبة النمو هذه، فكافة هذه القطاعات تعاني، من ضمنها القطاع المصرفي، الذي على الرغم من أنه القطاع الوحيد المتماسك حاليًا إلا أنه يعاني من انخفاض نسبة أرباحه.

وبيّن الخبير المالي د. منيمنة أهمية الإصلاح الإداري وترشيد النفقات كخطوات أساسية يجب أن تأخذها الحكومة في عين الإعتبار لتأمين التمويل للموازنة، فالإصلاح الإداري يتم عبر الحكومة الإلكترونية وربط كافة الوزارات ببعضها وتوفير الأرقام والإحصائيات الموحدة، الذي كلف غيابها تأخر الهبات الممنوحة للبنان لعونه في تحمل اللاجئين السوريين، الذي أدى وجودهم إلى ارتفاع معدلات الإستهلاك وانخفاض الدخل القومي، وكافة هذه الأمور ستساعد في مواجهة ومحاربة الفساد الذي يكلف الحكومة اللبنانية الكثير من الأموال التي قد تشكل دعمًا لتمويل الموازنة.

وأضاف أن مواضيع عديدة غابت عنها الدولة في مناقشات الموازنة ستساعد في تمويلها، منها فرض الضرائب على الشقق الفارغة مثل أي بلد في الخارج، وتنظيم عمل المولدات في محطات والجباية الصحيحة لأموالها، بالإضافة إلى توليها مهمة استيراد النفط لأن قيام الشركات الخاصة بهذا الأمر يُضيع على الدولة الكثير من الأموال، وبالتالي يمكن للحكومة اقتراح العديد من الأمور التي ستساعدها في حل مشروع  اقرار الموازنة، الذي يجب أن يرافقه خطة واضحة على المدى القصير والطويل.

وفي ما يخص تحويلات اللبنانيين المغتربين في دول الخليج، لفت منيمنة إلى أنه تم ممارسة بروباغندا في هذا الموضوع، حيث أن أعداد اللبنانيين الذين تركوا أشغالهم في الدول الخليجية لا يشكل 1% من نسبة الجالية اللبنانية المتواجدة هناك، وبالتالي لا يمكن القاء اللوم على هذه الدول التي لطالما وقفت إلى جانب لبنان في الأزمات ولها فضل كبير في فتح أبوابها أمام اللبنانيين واستقبالهم وتشغيلهم الأمر الذي يساند لبنان بتحويلات هائلة تدعم العائلات اللبنانية وتدعم الليرة والمصارف.

وأكد، في إجابة على سؤال حنبوري حول توقعاته للوضع السياحي خلال فصل الصيف، على ضرورة تهدئة الخطاب السياسي والذي في حال استمر كما هو الآن، لن يشهد القطاع السياحي انتعاشا ولن يتمكن لبنان من استعادة صورته في مجال السياحة.