ولدت وتربت في فرنسا، حيث درست جميع أشكال الفنون، وتخصصت في التصميم والتصوير الفوتوغرافي، فأصبحت فنانة متعددة المواهب. بدأت حياتها المهنية باكرا في مجال الدراما والاخراج، ثم انتقلت إلى التصوير والتصميم، ونظمت عددا من المعارض، كما ابتكرت عملية طباعة جديدة وصفتها بـ"Painting with Light"، أي الرسم مع الضوء، وظهرت أعمالها في أكثر من 300 منشورة عالمية راقية. وهي العقل المبدع وراء شركتها، إذ كشفت مع الوقت عن موهبة كبيرة في الادارة.

تعاونت مع العديد من العلامات التجارية الفرنسية للأزياء لتقديم مجموعات مميزة وفريدة من نوعها، وأطلقت علامتها "Cindy Glass"، المتخصصة بالأحذية، عام 2005، والتي اشتهرت بتصميم حذاء على شكل برج ايفل.

هي متخصصة في تصميم الأحذية والأثاث، وتعمل حاليا على اطلاق 3 كتب من التصوير الفوتوغرافي. كما أنها حريصة جدا على المساعي الإنسانية والبيئية، إذ ساهمت في دعم العديد من الجمعيات الخيرية، وعملت على جعل علامتها التجارية صديقة للبيئة. انتقلت مؤخرا الى لبنان، وهي الآن تعيش وتعمل بين بيروت وباريس.

"الاقتصاد" التقت مع مؤسسة العلامة التجارية "Cindy Glass"، لايا رحمان، للحديث عن مسيرتها المهنية الطويلة في مجال تصميم الأحذية، وعن رؤيتها لواقع المرأة اللبنانية اليوم.

- أين كانت البداية ومتى؟

بدأت "Cindy Glass" عام 2005 في باريس، ولم يكن هناك العديد من العلامات التجارية للأحذية في ذلك الوقت، وكنا نواجه فجوة حقيقية في هذا المجال. إذ كان الاختيار يقع فقط بين العلامات التجارية باهظة الثمن، والأسواق الرخيصة. كما أن الأحذية كانت "جدية"، ومملة، أو مبهرجة للغاية. لذلك اخترت اطلاق علامة تجارية من شأنها أن تقدم مجموعة متوسطة، من حيث المنتج والسعر، وبلمسة أخف وأكثر سلاسة.

- لماذا اخترت "Cindy Glass" اسما لعلامتك التجارية؟

"Cindy Glass" كان بمثابة اشارة الى حذاء "سندريلا" الزجاجي. وكانت الفكرة الأساسية، تدمير الأساطير القائمة حول المرأة المصقولة 100%، وجميع الخرافات والأفكار المسبقة، وما يتوقع المجتمع من المرأة أن تقوم به، أو تريده، أو ترتديه. وكانت أيضا وسيلة ساخرة من أجل كسر جدية عالم الموضة. فهذه الأخيرة هي وسيلة للهو والفرح، لا للإملاء والفرض، وينبغي على المرأة أن تكون حرة، وقادرة على التعبير عن هذه الحرية من خلال مظهرها. فالفكاهة هي عنصر أساسي للحرية!

يمكن للشخص أن يقع في الخطأ، لكن المؤسف أن ينتشر هذا الخطأ عبر الأجيال، ويصبح حقيقة. مثل قصة سندريلا التي أفسدت العديد من الأجيال والزيجات، ولا تزال حتى اليوم! فالفتاة الصغيرة تنتظر مجيء الأمير الساحر لإنقاذها، وهذه العقلية لا تزال مترسخة في اللاوعي الجماعي.

- من أين أتيت بالتمويل اللازم للبدء؟

لم أبدأ مع أي دعم من الناحية المالية، وبالتالي أطلقت العلامة التجارية من خلال مدخراتي الخاصة. وبدأت برسم الأحذية في مطبخي، في شقتي الباريسية، وصديقاتي كن يعرضن المجموعات، وكنت بنفسي ألتقط الصور.

لقد استخدمت الدهاء في العديد من أشكال الفن، وفعلت معظم الأعمال بنفسي. وكنت أنتج المجموعات الأولى في الهند، لكنني لاحظت بعدها صعوبة هذا الأمر، فانتقلت إلى لبنان، الذي كان أفضل، ولكن لا يخلو من التحديات.

ولا بد من الاشارة الى أن العلامة التجارية انطلقت ونجحت لوحدها، ومن دون أية مساعدة على الإطلاق. وذلك لأنها تقدم شيئا مختلفا وجديدا، وتصاميم ساحرة وجريئة.

- من هم زبائن "Cindy Glass"؟ وكيف تواجهين المنافسة الموجودة اليوم في هذا المجال؟

لا أعلم ما الذي يميز تصاميمي عن غيرها، ولكن جدي كان يقول: "العالم كبير بما يكفي لاستيعاب الجميع، لذلك فإن المنافسة ضرورية".

أما زبائني فهم نساء من أوائل العشرينات وحتى أواخر الخمسينات، ممن لديهن شخصية قوية وذوق متقدم وراقي. "Cindy Glass" تتوجه الى المرأة التي تحب أن تكون مختلفة ومميزة.

زبائني الباريسيين هم الأكثر حماسا وإثارة، اذ لم يخجلوا يوما من إظهار عشقهم لهذه العلامة التجارية، وواظبوا على متابعة كل خطواتها والتفاعل الحقيقي معها، وكأنها صديقهم المفضل!

- كيف استجابت السوق اللبنانية لتصاميمك؟ وهل تمكنت من ايصال أعمالك إلى الأسواق الخارجية؟

لدي عدد كبير من المشجعين في لبنان، لكن الأمر مختلف تماما هنا، بسبب غياب ثقافة الأزياء الحقيقية. فالمرأة اللبنانية، بشكل عام، لديها نهج أكثر برودة، وما زالت تعيش في ظل عقيدة الأزياء. وتميل الى استهلاك العلامات التجارية الكبرى، كونها أكثر أمانا، برأيها. لكن هذا الواقع يتحسن ببطء مع مرور الأيام.

"Cindy Glass" تتواجد في لبنان منذ 3 سنوات فقط، وكنت أبيع التصاميم في متجر واحد فقط. لذلك لا أستطيع الكلام كثيرا عن الاقبال في الأسواق اللبنانية.

كنت أعمل في السابق مع الأسواق الأوروبية فقط، أي باريس، لندن، المملكة المتحدة، موسكو، واسبانيا. لذلك فإن الشرق الأوسط هو جديد بالنسبة الي.

- من أين تستوحين الأفكار الجديدة لتصاميمك؟

أستوحي من كل شيء؛ الأفلام، اللوحات، التاريخ، الألوان، والمواد،... لا حدود لإلهامي، وأحيانا أغرق في أفكاري.

- ما هي الصعوبات التي تواجهك في هذا المجال؟

على نطاق دولي، تكمن الصعوبة في البقاء في خضم المنافسة الشرسة، وأجندات الأزياء الصارمة، والحفاظ على مستوى معين من الإدارة والتمويل...

المشكلة تطرح نفسها في كل مكان، لأن مجال الأزياء هو عمل مكلف، ويتطلب العديد من الاستثمارات كي يكون مربحا. ومن ثم يأتي الجانب التقني: الإنتاج. والصعوبات موجودة في كل مكان، لأنها صناعة مبنية على التحدي.

- هل تعرضت يوما لأي تمييز في اطار العمل لمجرد كونك امرأة؟

لا أبدا، وهذه الفكرة تبدو مقتبسة من كتاب العصور الوسطى. فأنا أقدر وجودي كامرأة، وليس لدي أي مصلحة أو نية في أن يعاملني الناس مثل الرجل. وذلك على الرغم من أنني أعتبر أحيانا أن المرأة تعيش تحديا كبيرا في ما يتعلق بالتنسيق بين المسيرة المهنية، والأمومة، والأنوثة في الوقت نفسه.

- ما هي برأيك الصفات التي ساعدتك على التقدم والنجاح في مهنتك؟

لم يساعدني شيئا، بل أنا ساعدت نفسي، من خلال العمل الجاد والمتواصل. في الحياة، على الانسان أن يحدد ما يريد تحقيقه، ويضع نفسه على الطريق الصحيح، ويبدأ الرحلة! فلا كتب، ولا اقتباسات، ولا نصائح، ستحدد الاتجاه الذي سيسلكه المرء. بل عليه بنفسه أن يعرف موهبته ومهاراته.

- ما هي رؤيتك للمستقبل؟

أسعى الى تنمية وتوسيع نطاق عمل "Cindy Glass" في جميع أنحاء العالم. وعلى الصعيد الشخصي، أطمح أن أصبح أول رئيسة لدولة في الشرق الأوسط، مثلا لبنان، وتحويله الى جنة! علما أنه ليس لدي أي اهتمام بالسياسة على الإطلاق، بل تهمني الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

- على صعيد حقوق المرأة، ما هي برأيك المعوقات التي تقف في طريق تقدمها؟

الرجل اللبناني ليس مفتول العضلات وذكوري على الاطلاق، اذا قارناه مع بعض الرجال الأوروبيين! لذلك فإن المعوق الأساسي هو التعليم، ثم التعليم، ثم التعليم. أولا التعليم الذي نحصل عليه في المنزل، والقيم التي نتربى عليه، والتي من شأنها أن تصقل وجهة نظر الشخص وطريقة تفاعله مع العالم لفترة طويلة. وثانيا هو تعليم الكتاب، الذي يحصل في المدرسة، ويتيح للشخص اكتشاف كل شيء تقريبا، ويكون بمثابة جواز السفر الى عالم العمل. وثالثا التعليم الذي يقدمه كل شخص لنفسه، والذي يجب أن يكون متواصلا، لأنه ينمي طاقات الانسان. لذلك فإن الحياة رحلة طويلة متواصلة! لكن المرأة اللبنانية ليست في حالة سيئة بالمقارنة مع بقية الدول العربية، على الرغم من وجود بعض القوانين المروعة، والتي عفا عليها الزمن، ولا بد من تغييرها؛ مثل قدرة المرأة على تمرير جنسيتها، والسفر بحرية مع أولادها،...

- كيف تقيمين دور الرجل في مسيرتك المهنية؟

دور الرجل مثل دور المرأة تماما، فأنا لا أفرق أبدا بين الجنسين. ونصيحة الرجل تميل أكثر الى الواقعية، بينما نصيحة المرأة تصب دائما في خانة العاطفة والحدس. لذلك نحن بحاجة إلى جميع وجهات النظر.

- هل تؤيدين وجود كوتا للمرأة في المجلس النيابي؟

لا أنا أؤمن بمبدأ الحصص في كل شيء، لأنه ينبغي على المرأة أن تحتل منصبا ما إذا كانت مؤهلة فقط، وليس لمجرد كونها امرأة، وبالتالي علينا إعطائها "منصب رحمة". فرض الكوتا هو تمييز حقيقي، لأنه من الممكن أن نكون قد انتزعنا هذا المركز من شخص كفوء، لمجرد تمريره إلى امرأة. وبالتالي يجب أن تكون المنافسة مفتوحة أمام الجميع.

وأنا ضد الحصص في الجامعات أيضا، ويجب أن تكون هويات الطلاب مخفية ومجهولة، وأن يتم تقييمهم بحسب معلوماتهم ومهاراتهم، لا انتمائهم العرقي أو الجنسي.

- نصيحة الى المرأة.

"أنت لست بحاجة للقتال من أجل الفوز، بل بحاجة فقط الى الإقناع".