يجمع المراقبون على معاناة ​الاقتصاد اللبناني​ من تباطئ هي اشبه بركود في هذه المرحلة المفتوحة على سلسلة متغيرات في المنطقة، وسط اجواء من الترقب والحذر الشديد لدى المستثمرين واصحاب المشاريع الكبيرة،وذلك  بوجود  عوامل عدة  تساهم في وضع العصي في عجلة تحركّه الى جانب اغفال كلي للحكومة عن خطة اقتصادية انقاذية  شاملة و طارئة  تواكب الظروف الحالية وتحرّر القطاعات الانتاجية من قيود بالية ومعقدة.

واذ ان مبدأ الاقتصاد الحر الذي اتسم به لبنان وكان من اسباب نجاحه في علاقاته مع دول العالم اعتماد سياسة الاسواق والاجواء المفتوحة امام المنتجات ، فان التشدد غير المدروس في بعض الاحيان في حماية الاقتصاد عرقل حركة الاستيراد والتصدير والتجارة ككل بشكل عام ، بسبب فرض اجازات معقدة، وشروط ومواصفات  تعجيزية ،غير قابلة للتطبيق. وكل المؤشرات تلحظ عدم قدرة الهيئات الاقتصادية على تحمّل المزيد من الخسائر بعد استنفاد كل مقومات الصمود خصوصا ً وان هذه التدابير الصارمة المعتمدة  تحت شعار حماية الصناعة الوطنية والزراعة  لا تصب  في مصلحة الاقتصاد الوطني.

وليس بعيدا عن الصعوبات التي يواجها الاقتصاد والحركة التجارية ما يشهده مرفأ بيروت من ازمات متنقلة؛  تارة مشكلة طمر الحوض الرابع وطوراً ازمة الخط الاحمر والتي  دون شك تترك تداعياتها في كل اتجاه.

الحوض الرابع

فعلى صعيد الحوض الرابع، الذي يبقى في دائرة التجاذبات السياسية ، فان الحركة فيه متوفقة اليوم وحتى محطة المستوعبات خارج العمل بانتظار نتائج المفاوضات القائمة بين طرفي النزاع ،اي الجهات المعترضة والتي يمثلها المطران بولس صياح من جهة ، وادارة مرفأ بيروت من جهة اخرى المتمسكة بالجدوى الاقتصادية لهذا المشروع.

وفي هذا السياق ،علم ان المحادثات تدور حول بعض الحلول الوسطية والتي تقضي بردم جزء من الحوض يفي بالغرض المطلوب منه دون الحاق اي ضرر باي جهة او اي مصالح.

وقد تشمل اعمال الردم  مساحة 200متر فقط من اصل 520مترا حسب ما لحظه المشروع المقدم من ادارة المرفأ والمرفوض كلياً . ومن المعلوم ان هذا الحل كان قد تقدمت به في نيسان الفائت نقابة الوكلاء البحريين عندما اعلنت الادارة عن نيتها في تنفيذ المشروع.

كما لحظت النقابة في اقتراحها انه مع عدم اكتمال كاسر الامواج لحماية  كامل محطة المستوعبات لا يمكن تبنّي الردم الشامل اذ من المفترض تأمين سير عمل السفن حتى خلال الطقس العاطل والعاصف . ولاجل هذا الغرض فان الاكتفاء بردم فقط  200 متر  سيساعد في حرية  دخول وانتقال سفن  شحن بضائع الجنرال كارغو التي تقصد الحوض الرابع الى جانب غيرها من السفن المنوي استقبالها.

كما ان تجهيز 16 متراً في الجزء المستحدث في كل من الرصيفين 15 و16  سيسهّل عملية استقبال البواخر التي ترسو عادة على الرصيف 15.

والجدير ذكره ان مذكرة ادارة المرفأ كانت قد لحظت تخصيص نصف  الرصيف 16 المنوي  انشاءه  مكان الحوض الرابع لنقل وشحن" الجنرال كارغو" والنصف الآخر لحركة المستوعبات بما يضمن مصالح جميع المتعاملين والعاملين في المرفأ وفق ما كانت تؤكده من تطمينات للمعترضين.

الخط الاحمر؟

والى جانب ازمة الحوض الرابع ، تبدو الظروف المواكبة للحركة التجارية عبر المرفأ معاكسة بدورها، خصوصا بعد استحداث خطوط عبور جديدة  للبضائع جمدت معظمها في مكانها وعملت على تكديسها في باحات غصّت بمستوعبات مختلفة نفذ معها صبر مستوردوها في انتظار استلامها. فالبضائع التي يستقبلها مرفأ بيروت مازالت اليوم تخضع للمرور عبر الخط الاحمر بنسبة 70%  فيما ان النسبة الباقية يشملها الخط الاخضر اي المرور السريع. ويحالف الحظ هنا السيارات الجديدة المستوردة والبضائع الصناعية فيما ان باقي التجار يعانون في اخراج ما يستوردون وفي الالتزام بمواعيد التسليم فضلا عما يلحق هذا التأخير من خسائر واكلاف اضافية سترتد حتما على المستهلك.

جارودي

ووفق رئيس نقابة الوكلاء البحريين حسن جارودي ان الحل الانسب اليوم لتفادي الازدحام القائم في المرفأ من جراء استخدام خطين احمر واخضر لاتمام عملية الكشف هو تحويل نصف البضائع الى الاول والنصف الآخر للثاني بما يضمن سلامة المراقبة ودقة الكشف في مواعيد محددة والاهم بما يساعد الطاقة الانتاجية للجهاز الاداري في الجمارك اللبنانية.

وفي المقابل، يقول جارودي عن حركة نقل البضائع الى الخارج : لبنان اليوم   وسط جزيرة محاصرة وان الاعتماد على اي عملية نقل  بحري هي مكلفة ، فيما انه بالامكان اتمامها بسهولة عبر النقل الجوي في حال تعذّر الشحن البري المرهون بالخضّات الامنية . وذكر انه في السابق عمل على تأمين نقل البضائع عن طريق البحر ولكنه ترتّب عن ذلك اكلاف كبيرة من رسوم  ومعوقات  للدخول الى بلدان الخليح عن طريق قناة السويس.وفي الماضي ، اخذت شركات الشحن البحري على عاتقها نقل البضائع بواسطة عبارات رغم الاكلاف المرتفعة ، الا انه مع اعادة فتح المعابر البرية فضّل المستوردون العودة اليها مع توافر التسهيلات المؤمنة،وباعتباردخول البضائع يتم من الباب الى البابDoor to Door" " . من هنا ولكل هذه الاعتبارات فان اللجوء الى الشحن البحري هو مغامرة بحد ذاتها بغياب اي نوع من التسهيلات المطلوبة .

الجدير ذكره هنا هو ان وزير الصناعة حسين الحاج حسن قد تابع مؤخرا  مع وفد من جمعية الصناعيين اللبنانين  دراسة الوسائل المتاحة أمام الحكومة لمساعدة المصدّرين اللبنانيين على شحن المنتجات الصناعية والزراعية بحراً وجواً، ودعم فارق الاكلاف مع الشحن البرّي التي تترتب عليهم، لا سيما بعد اقفال معبر نصيب على الحدود السورية – الاردنية والذي تمرّ عبره أكثر من 50% من الصادرات نحو الاسواق العربية والخليجية تحديداً. واكد الوزير الحاج حسن انه سبق له ان طرح القضية على مجلس الوزراء وأخذا حيزا من النقاش ،ولكن  يبدو ان " العين بصيرة واليد قصيرة".

مشاكل التجار والصناعيين كبيرة ولاتحصى. اما الاهتمام الرسمي بها فهو خجول ولا يلحظ حتى . هذا لان الصراعات السياسية تبقى الغالب والاقوى فيما ان المواطن يبقى اثير اهمال حكومات وقادة لا يتعظون من اي عبرة ولا يملكون اي رؤية.