عند تعرّضك لحادث ما، أو لانتكاسة صحيّة في الليل أوالنهار، يتبادر إلى الذهن فوراً الاتصال بمسعفي الصليب الأحمر اللبناني، الجنود المتطوّعين حتى التفاني في أولى المنظّمات الإنسانية في لبنان، من حيث الفاعلية الميدانية، والسرعة في التحرّك، وتنوّع الخدمات الاجتماعية. هذه الجمعية الوطنية التي تأسست عام 1945، تحظى باحترام وتقدير جميع اللبنانيين، وتتبنّى مبادىء: الانسانية، عدم التحيّز، الحياد، الاستقلال، الصفة الطوعية، الوحدة، العالمية. كما تعتبر مرجعاً موثوقاً على الصعيد الدولي، لما تتحلّى به من انفتاح،وتجرّد، ومرونة.

انتشار الصليب الاحمر

بالاضافة إلى المركز الرئيسي في بيروت – سبيرز، تنتشر مراكز الجمعية على معظم الأراضي اللبنانية، وتقوم بنشاطاتها وخدماتها عبر اللجان والمراكز والمعاهد والأندية الآتية:

- 32 لجنة محلية ( فروع )

- 43 مركزاً للاسعاف والطوارىء

- 44مركزاً للخدمات الطبية الاجتماعية

- 15 مستوصف نقال

- 34 مركزاً ونادياً للناشئين والشباب

- جامعة و3 معاهد للتمريض

- 11 مركز نقل دم ( بنوك الدم )

- 4 غرف عمليات

- مشغل واحد للأطراف الاصطناعية.

يفيد الأمين العام للصليب الأحمر جورج كتانة "الاقتصاد" في حديث خاص " أن عدد المتطوعين يبلغ حالياً سبعة الاف، من بينهم 2700 مسعف، موزّعون على كافة المناطق اللبنانية، ويتنقلون بـ 293 سيارة اسعاف مجهّزة لتلبية حاجات جميع المواطنين والقاطنين على الأراضي اللبنانية من دون تمييز".

الطوارىء والاسعاف

ويقول كتانة: " نحن جاهزون للتحرّك لتلبية أي نداء. ورقم الهاتف المجاني 140 موضوع لهذا الغرض." ويوضح " أن 65 إلى 70% من نشاط الصليب الأحمر يقوم على الإسعاف والطوارىء، ولكن هناك مهمات انسانية واجتماعية أخرى لا تقلّ أهمية عن الاسعاف تتعلق بمراكز نقل الدم، الخدمات الطبية والاجتماعية ( المستوصفات )، خدمات إدارة الكوارث ( بما فيها مساعدة اللاجئين السوريين )".

يدعو كتانة " الاقتصاد "إلى التركيز على أهمية القاء الضوء على كافة نشاطات الصليب الأحمر وعدم حصرها بالاسعاف رغم أنه بدأ شخصياً عمله كمسعف وتدرّج في المناصب إلى مدير الاسعاف، وصولاً إلى الأمانة العامة. ويكشف " للاقتصاد " أنه وضع هدفاً يطمح من خلاله إلى " توسيع مهام الصليب الأحمر الاسعافية لتغطي نسبة 80% من مجمل عمليات الإسعاف على كامل الأراضي اللبنانية، علماً أنها تغطي حالياً نحو 60% من مجمل هذه العمليات التي تتولاها أجهزة الاسعاف العامة ( وزارة الصحة، الدفاع المدني... ) والخاصة والتابعة للجمعيات والمنظمات الانسانية والاجتماعية على اختلافها".

مصادر التمويل

هذه البرامج الكبيرة تتطلب موازنة ضخمة، وقدرات تمويلية وتشغيلية هائلة لن يشكل حجمها عائقاًأمام تحقيق هذه الأهداف النبيلة التي وضعها الجمعية. يتموّل الصليب الأحمر من اشتراكات الأعضاء المتطوعين في الجمعية، ومن البدل الرمزي عن بعض الخدمات الأساسية، ومن الحملة المالية السنوية ( مساهمة الجمهور )، ومن الهيئات والوصايا والمساعدات من الأفراد والشركات والمؤسسات ، ومن البرامج المموّلة من الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر – جنيف، ومن اتفاقيات العمل مع القطاع العام اللبناني، ومن البرامج المموّلة من المؤسسات الدولية.

علمت " الاقتصاد " أن مساهمة وزارة الصحة العامة في تغطية بعض نشاطات الصليب الأحمر تبلغ حوالى أربعة مليارات ليرة لبنانيةسنوياً.وهذه المساهمة ضئيلة جداً إذا ما قورنت بحجم مصاريف الصليب الأحمر التشغيلية المقدّرة سنوياً بما يفوق العشرين مليون دولار أميركي.

مليون خدمة في السنة

ويشدّد مدير قسم العلاقات العامة والاعلام في الصليب الأحمر اللبناني اياد منذر " للاقتصاد" على أن " عملنا دائم من أجل التطوير لتعزيز ريادة الصليب الأحمر واستدامتها كجمعية وطنية لا تبغي الربح، تمهيداً لمواصلة دورها الانساني الأول على الساحة اللبنانية".

وقال: "لامس عدد الخدمات والمهام الانسانية التي قدّمها الصليب الأحمر بمختلف فروعه ومراكزه خلال العام 2014 سقف المليون، وتحديداً 994344 خدمة ومهمة على الشكل التالي:

- خدمة الاسعاف والطوارىء 244065 مهمة

- الخدمات الطبية والاجتماعية 451381 خدمة

- توزيع وحدات الدم 27057 وحدة دم

- اشعاع 4249 وحدة دم

- استجابة للكوارث 150000 مستفيد

- برامج الناشئين والشباب 108788مستفيد

- تعليم اسعافات اولية وتمريض 6203 مستفيد

- بث ونشر 2601 شخص

مساهمة الصليب الاحمر في تخفيف عجز الموازنة العامة

استفسرت "الاقتصاد" من أحد أصحاب سيارات الاسعاف الخاصة عن الكلفة التي يتقاضاها عن نقل المريض. فأوضح أنهيتمّ تحديدها بحسب المسافة بين المستشفى ومنزل المريض. وقال: " تتراوح الكلفة بين حدود المئة دولار أميركي في نطاق بيروت والضواحي الجنوبية والشمالية للعاصمة. وترتبط الكلفة أيضاً بالتوقيت ( ليلاً او نهاراً ). وترتفع حتماً إذا كانت عملية نقل المريض من عكار او الجنوب او البقاع الى بيروت لتصل الى 250 و 300 دولاراً".

إذا كان الصليب الأحمر يغطي نسبة 60% من عمليات الاسعاف ونقل الجرحى والمصابين، وأجرى العام الماضي 244 ألف عملية من هذا النوع، فهذا يؤشر إلى أن مجمل عمليات الاسعاف يصل إلى 407 الاف عملية سنوياً. وإذا كان معدّل كلفة نقل المريض بسيارة اسعاف خاصة تبلغ 100 دولار، فهذا يعني أن الكلفة الاجمالية التقديرية تصل إلى 40 مليون دولار اميركي سنوياً تقريباً، وترتّب على الصليب الأحمر أكلافاً بقيمة 25 مليون دولار سنوياً. ولمّا كانت مساهمة وزارة الصحة في موازنة الصليب الاحمر لا تتعدى مليونين وسبعماية الف دولار سنوياً، فهذا يعني أن الصليب الأحمر يتحمّل 22 مليون دولار أميركي سنوياً كلفة اسعاف وطوارىء، وهو بالتالي يؤمّن وفراً على خزينة الدولة العامة بالقدر ذاته. وهذا الوفر محصور في هذا القطاع من الخدمات فقط، من دون اعتبار الخدمات الطبية والاجتماعية ( المستوصفات والصيدليات الخاصة بالصليب الأحمر... )

تنامي دور الصليب الأحمر وتعاظمه على الصعيد الوطني، دفعه إلى عقد تفاهمات مع عدد كبير من الجمعيات المماثلة التي أبدت استعدادها لتوفير الدعم له، للتخفيف من الأعباء الكبيرة الملقاة على عاتقه. ومن بين هذه الجمعيات الصليب الأحمر في كل من النمسا وبلجيكا وبريطانيا والدانمارك وكندا وفرنسا واليابان والمانيا وهولندا والنروجواسبانيا وسويسرا، كما مع الهلال الأحمر في كل من الجمهورية الاسلامية الايرانية والعراق والكويت، اضافة الى الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

السياسة العامة

يحدّد الصليب الأحمر السياسة العامة التي ينتهجها، والقائمة على هدف " جعله الجمعية التطوعية الانسانية الأكثر فاعلية على الصعيد الوطني من خلال تعزيز طاقاتها البشرية التطوعية ومواردها المالية وقدرتها على تعبئة قوة الانسانية في المجتمع وتركيز جهودها وخدماتها نحو الفئات الأكثر ضعفاً بهدف صون الكرامة الانسانية والمساهمة في المحافظة على التوازن في الجتمع مع التركيز على تعزيز الروح الوطنية الانسانية لدى الشباب".

واجب التحية

ان الاحترام الذي يكنّه اللبنانيون لضباط وعناصر الجيش اللبناني، يوازيه احترامهم وعطفهم وتقديرهم لمتطوّعي الصليب الأحمر اللبناني الذين يعرّضون حياتهم للخطر لإنقاذ حياة الآخرين. وكم هي المرّات التي نجحوا فيها ولا تسمع أحداً منهم يتباهى. بل تسمعهم يتناقلون انزعاجهم الكبير عند اقدام أحد السائقين باللحاق بسيارة اسعاف في مهمة مستعجلة، محاولاً بهذه الطريقة تجاوز زحمة السير. ويسألون ألا يفكر هذا المتحاذق بأنه قد يسبّب الحادث له وللآخرين بهذه الطريقة؟ وهل يجرؤ على اللحاق بموكب يعجّ بالمرافقين، أو يقف جانباً حتى مرور الموكب؟